القاهرة- ألقت الأزمة الاقتصادية بظلالها على كرة القدم المصرية، حيث أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" (FIFA)، منتصف الأسبوع، إيقاف قيد 7 أندية بسبب وجود قضايا ضدها تتعلق بتراكم الديون عليها وتشمل مستحقات متأخرة وغرامات.

ويعمّق القرار جراح عشاق تلك الأندية التي تعاني من صعوبات جمة في البقاء في قائمة الدوري المحلي أو محاولة العودة إليه مجددا؛ بسبب عدم قدرتها على شراء وقيد لاعبين جدد سواء كانوا محليين أو دوليين.

وذكرت مواقع محلية أن الأندية هي: نادي مصر المقاصة، إيسترن كومباني، الإسماعيلي، ‏مودرن سبورت، أسوان، نجوم المستقبل والبنك الأهلي، ما يحرمها من قيد أي لاعب جديد.

في المقابل، خرج نادي الزمالك أو ما يعرف بالفارس الأبيض، أحد أكثر النوادي شعبية، ونادي المصري البورسعيدي من قائمة الحظر بعد الوصول إلى تسويات وحل القضايا العالقة وسداد المستحقات المتأخرة عليهما.

هذا الإيقاف الذي يهدد مستقبل هذه الأندية ويؤثر على نشاطها وشعبيتها، يأتي في وقت شهد فيه سعر الجنيه المصري تراجعا كبيرا مقابل الدولار بجانب ارتفاع معدلات التضخم إلى مستويات قياسية خلال العامين الماضيين.

علاقة الأزمة الاقتصادية بواقع الكرة

يطرح قرار الاتحاد الدولي تساؤلات عديدة حول العلاقة بين أزمة الديون التي تعاني منها الحكومة المصرية وأزمة الديون التي تعاني منها أندية كرة القدم، وكيف تؤثر هذه الأزمات مجتمعة على الاقتصاد المصري بشكل عام وعلى الرياضة المصرية بشكل خاص.

ويعد سوق الانتقالات أحد أبرز الروافد التي تمد نوادي كرة القدم حول العالم بلاعبين جدد ويشهد صفقات ضخمة تحقق عوائد مالية وفيرة للكثير من الأندية وتضمن لها المنافسة في قائمة الدوريات المحلية والقارية والدولية.

فيفا يرفع حظر القيد على نادي الزمالك المصري (الجزيرة)

بحسب موقع الاتحاد الدولي على الإنترنت "حقّقت الانتقالات الدولية رقما قياسيا جديدا بلغ 11 ألف انتقال (أكثر من 6.4 مليارات دولار) خلال فترة الانتقالات النصفية لعام 2024، وهو ما يمثّل زيادة بنسبة 4.9% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2023".

ووصف المدرب السابق لمنتخب مصر للشباب، الكابتن محمد الصيفي، قرار الاتحاد الدولي بأنه "ضربة موجعة لتلك النوادي ويعكس تدهور الأداء الرياضي في كرة القدم بشكل عام، والتي تأثرت بشكل مباشر بتراجع قيمة الجنيه وارتفاع تكاليف التعاقد، ويؤشر على تلاشي بريق بعض الأندية المحلية نتيجة تراجع الدعم المالي والجماهيري".

لكنه أشار في حديثه، للجزيرة نت، إلى وجود بُعد آخر للأزمة، يتمثل في سوء الإدارة المالية للأندية، والصفقات الخاسرة، وعدم وجود خطط استثمارية طويلة الأجل، مشيرا إلى أن نظام الاحتراف في مصر يبقى غير ناضج.

وقال "العالم يلعب في دوري جديد ونحن ما زلنا في دوري العام الماضي ولم يحدد بعد موعد الدوري الجديد".

ودلّل الصيفي على حديثه بخروج أندية شعبية كبيرة من حسابات المنافسة على المربع الذهبي للكرة المصرية مثل نادي المقاولون العرب والإسماعيلي وغيرهما، ما يؤثر بشكل مباشر على قوة الدوري المصري ويجعل المنافسة عشوائية ومحصورة في عدد أندية أقل.

ودعا إلى ضرورة عودة الجماهير إلى الملاعب لإعادة الزخم إلى كرة القدم المصرية، ودخول رجال أعمال على خط النوادي المحلية والاستثمار فيها والحفاظ على تلك الأسماء من التلاشي.

وتعاني مصر من أزمة اقتصادية خانقة منذ فبراير/شباط 2022، وسمحت للعملة المحلية بالتراجع مجددا إلى حوالي 49 جنيها للدولار بدلا من حوالي 31 جنيها كجزء من اتفاق مع صندوق النقد الدولي في مارس/آذار الماضي.

غياب الجماهير والحرمان من الموارد

أرجع الناقد الرياضي أحمد سعد، صدور قرار من "فيفا" بحظر القيد في بعض الأندية المحلية إلى "تبعات الأزمة الاقتصادية الكبيرة التي تمر بها البلاد والتي انعكست على جميع القطاعات بما فيها قطاع كرة القدم، وانخفاض سعر الجنيه المصري أمام الدولار بشكل حاد خلال فترة وجيزة".

غير أن الأزمة ليست وليدة اليوم، بحسب تصريحات سعد للجزيرة نت، بل هي موجودة منذ فترة بعد حرمان خزائن الأندية من إيرادات رئيسية مثل تذاكر حضور المباريات، والإعلانات والبث التلفزيوني واستئثار الشركة المتحدة (التابعة للدولة) بكل تلك الحقوق.

أندية كرة القدم المصرية تعاني ماليا (الجزيرة)

وظهرت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية بشكل لافت عام 2016 وأصبحت في وقت قصير أكبر شركة إنتاج فني وإعلامي بمصر. وتقول الشركة على موقعها الإلكتروني إنها تمتلك أكثر من 40 شركة رائدة في مختلف المجالات الإعلامية بما فيها خدمات الحقوق الرياضية وتسويقها.

وأضاف سعد أن بوادر الأزمة كانت تلوح من وقت لآخر، مشيرا إلى أن الاتحاد الدولي للاعبين المحترفين (فيفبرو) أصدر بيانا العام الماضي حذر فيه اللاعبين من الانتقال إلى الأندية المصرية بسبب وجود شكاوى من عدم دفع الرواتب والسلوك التعسفي مثل، "مصادرة جوازات السفر والابتزاز والتزوير".

وأوضح الناقد الرياضي أن الأزمة الاقتصادية طالت الأندية الكبيرة بما فيها الزمالك والأهلي حيث أدى شح الدولار وخفض الجنيه إلى عدم التعاقد مع لاعبين أجانب جدد في العديد من الألعاب الأخرى لتوفير العملة الصعبة، مضيفا أن تراجع الجنيه أحدث فجوة بين ما يتقاضاه اللاعبون الأجانب وبين ما يتقاضاه المحليون الذين طالبوا بدورهم بزيادة أجورهم.

ورأى سعد أن الأزمة الاقتصادية تؤثر في أداء الأندية المصرية على المستوى المحلي والقاري والعالمي، وقال إن تأثير ذلك واضح على الجماهير ويتسبب في فقدان الثقة بالأندية.

وأضاف "نحتاج إلى تطوير نظام احتراف متكامل، وتحسين الإدارة المالية للأندية، وزيادة الاستثمارات في البنية التحتية الرياضية إلى جانب دعم الأندية ماليا وإداريا، وتشريع قوانين تحكم عمل الأندية، ومكافحة الفساد".

ويرى البعض أن إنقاذ الكرة المصرية يتطلب حلولا جذرية وشاملة، تبدأ بإصلاح النظام الاقتصادي وتحسين الإدارة المالية للأندية، وتكاتف الجهود بين الحكومة والاتحاد المصري لكرة القدم والقطاع الخاص لإيجاد حلول مستدامة لهذه الأزمة، حتى تستعيد الكرة المصرية مكانتها المفقودة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الأزمة الاقتصادیة کرة القدم المصریة الاتحاد الدولی

إقرأ أيضاً:

"فيفا" ينتصر لاتحاد الكرة المصري.. وفيتوريا يستأنف

أكدت وسائل إعلام مصرية أن اتحاد كرة القدم المحلي حصل على دفعة معنوية هائلة في أبرز أزماته في الفترة الماضية.

قال الإعلامي مدحت شلبي على قناة إم بي إسي مصر إن الاتحاد الدولي لكرة القدم وجه صدمة إلى المدرب البرتغالي روي فيتوريا بشأن أحقيته في الحصول على مستحقاته كاملة لعقده مع منتخب مصر.

خاص.. مدحت شلبي يكشف بالمستندات سر خلاف حسام حسن مع اتحاد الكرة بسبب مستحقاتهم لدى المصري ويوجه رسالة لكامل ابو علي

يعرض الآن مجاناً على شاهدhttps://t.co/OeCcshTnaL #يا_مساء_الأنوار#MBCMASR pic.twitter.com/8D6Su2EErT

— MBC مصر (@mbcmasr) September 14, 2024
وأوضح: "رفضت لجنة اوضاع اللاعبين في "فيفا" قبول دعوى فيتوريا، والتي طالب فيها الاتحاد المصري لكرة القدم بكامل عقده والبالغ قيمته 4 ملايين يورو والتي كانت امام قاض اسباني، بينما ترافع من الجانب المصري عن اتحاد الكرة المستشار محمد الماشطة المستشار القانوني لاتحاد الكرة المصري".
وأشار إلى أن المدرب البرتغالي لم يتوقف عند هذا الحد، وقرر الاستئناف ضد قرار الاتحاد الدولي متمسكاً بالحصول على مستحقاته.
يذكر أنه الفترة الماضية شهدت أزمة بين الاتحاد المصري لكرة القدم مع البرتغالي روي فيتوريا المدير الفني السابق لمنتخب مصر الأول بسبب المستحقات المالية عقب رحيل البرتغالي عن تدريب "الفراعنة" عقب نهائيات كأس الأمم الأفريقية الماضية.
وتقدم فيتوريا بشكوى لدى الاتحاد الدولي ضد اتحاد الكرة مطالبا بمستحقاته كاملة، وكان اتحاد الكرة قام بإرسال 3 أشهر من راتب فيتوريا قيمة الشرط الجزائي خلال الفترة الماضية وفقًا لاتفاق سابق بين الطرفين، إلا ان اتحاد الكرة تأخر عن ارسال المبلغ في وقته المحدد ما أدي لمطالبة فيتوريا بالحصول على قيمة عقده كاملة والتي تقدر بنحو ما يقرب من 200 مليون جنية.
وكان الاتحاد المصري لكرة القدم قد فسخ عقد فيتوريا بعد توديع منتخب مصر لبطولة كأس الأمم الإفريقية 2023 من دور 16.

مقالات مشابهة

  • إسماعيل: أزمة “المركزي” بلغت ذروتها والأوضاع الاقتصادية ستزداد قسوة
  • الأهلي المصري يحذر الجميع مبكراً في «أبطال أفريقيا»
  • عمرو الفقي يتحدث عن التجربة المصرية في صناعة الإعلام بمؤتمر Ibc الدولي بأمستردام
  • عصام عبد الفتاح: التحكيم المصري في «كابوس» مند 3 سنوات.. والأندية الجماهيرية السبب
  • النائب عادل اللمعي: توطين صناعة السيارات فرصة نجاة من تداعيات الأزمة الاقتصادية
  • شنيشل يتحدى الاتحاد العراقي: صراع قانوني محتمل بعد تراجعه عن استقالته!
  • "فيفا" ينتصر لاتحاد الكرة المصري.. وفيتوريا يستأنف
  • الاتحاد الدولي لكرة القدم يكرم الحكم المغربي خالد حنيش في افتتاح مونديال الفوتسال
  • الأورومتوسطي لحقوق الإنسان: إسرائيل تنتهك بشكل يومي القانون الدولي الإنساني
  • عثمان ميرغني: هنالك اتجاه جديد من قبل المجتمع الدولي للتعامل مع الأزمة السودانية، بوضعها على مسار التدخلات الأممية