لبنان ٢٤:
2025-02-03@06:15:52 GMT
الجنوبيون ينزحون.. تدفق سكاني يعيد توزيع الأهالي في المناطق اللبنانية
تاريخ النشر: 6th, September 2024 GMT
لا تزال التوترات التي تشهدها قرى الجنوب على حالها ما يدفع الأهالي إلى النزوح وترك منازلهم وسط التخوف من أن تطال الصواريخ والمدفعية الإسرائيلية منازلهم، علمًا أن أكثر من 100 ألف نازح تركوا أملاكهم ومنازلهم منذ أكثر من 7 أشهر، واستقروا في مناطق قريبة من الجنوب كصيدا، أو اتجهوا نحو بيروت، أو مناطق الجبل.
بشكل عام، فإن معظم القرى التي استهدفتها إسرائيل مباشرة، أي تلك التي طالت الساحات والشوارع والمنازل، تضررت بنسبة أكثر من 50%، إذ إن الوحدات السكنية تهدمت، بالاضافة إلى تعمّد العدو تدمير البنى التحتية، كما وإحداث أكبر قدر ممكن من الأضرار في الشوارع وذلك في محاولة لشلّ الحركة، حسب مصادر محلية.
وتلفت هذه المصادر لـ"لبنان24" إلى أن العدو لم يفرّق بين منزل ومدرسة ومؤسسة رسمية أو صحية، إذ إن الإستهداف المباشر تركّز في الشق الأول منه على المنازل التي يعتقد العدو الإسرائيلي أنّها تشكّل خطرًا على المستعمرات التي تواجه القرى الجنوبية. وترى المصادر أن العدو اعتاد خلال حروبه على لبنان أن يستهدف منازل هذه المناطق، بغض النظر ما إذا كان قد انطلق بالقرب منها صواريخ أم لا، فالاهداف بالنسبة للعدو عشوائية، وهو قادر أن يطال أي منزل بناءً على عقيدته التدميرية التي تهدف إلى إنزال أكبر نسبة ممكنة من الخسائر بحق الجنوبيين.
ويشير المصدر المحلي إلى أنّ الشق الثاني من الاستهدافات تركّز على البنى التحتية وتحديدًا اعمدة الكهرباء وغرف التحكم، بالاضافة إلى محطات المياه والآبار، وأبراج الاتصالات، بالاضافة إلى الطرقات حيث أحدث فيها ضررا كبيرًا.
فعلى سبيل المثال، شهدت بلدة يارون معارك طاحنة دمّر العدو خلالها قرابة 40 منزلا بشكل كلي، وأصيب أكثر من 120 بأضرار جزئية، هذا عدا عن استهداف المنازل الأثرية داخل البلدة، بالاضافة إلى استهداف واحدة من أقدم الكنائس. كما ولم يوفر الاحراج والأشجار، إذ تم القضاء على أكثر من 640 دونما، عدا عن اقتلاع الأشجار المعمرة بالقذائف الصاروخية، لتكون يارون بذلك مثالا على مدى ضراوة المعارك في المناطق المواجهة لنقاط التجمع الإسرائيلي.
يارون لم تكن الهدف الوحيد، إذ إنّ العدو لم يوفّر من جهته الوصول إلى القرى الجنوبية الأخرى، والأضرار في العديد منها مشابهة لما حلّ من كوارث في يارون وكفركلا وغيرها..
كل ذلك، دفع بحسب آخر تقرير للمنظمة الدولية للهجرة العالمية بنزوح حتى أواخر شهر آب 113,792 نازحا، فكيف توزعوا على المناطق؟
حسب التقرير الذي اطّلع عليه "لبنان24"، استقبلت محافظة الجنوب النسبة الأكبر من النازحين، الذين بمجملهم لجأوا إلى منازل أقاربهم في المنطقة، خاصة في بلدتي النبطية وصور. ووفقاً للأرقام الواردة في التقرير، فإنّ 28,645 نازحا توجهوا إلى منطقة صور، في مقابل نزوح قرابة 21 ألفا إلى النبطية، أما صيدا التي احتلت المرتبة الرابعة، فقد نزح إليها قرابة 12 ألف نازح، في حين استقبلت بعبدا، التي احتلت المرتبة الثالثة، 12,681.
وأتت أرقام النازحين بالنسبة للبلدات الأخرى تفصيليا على الشكل التالي:
5- بيروت: 7,850
6- عاليه: 7,324
7- بنت جبيل: 5884
8- المتن: 4278
9- الشوف: 3564
10- بعلبك: 2865
11- جبيل: 2070
12- مرجعيون: 1940
13- حاصبيا: 785
14- البقاع الغربي: 588
15- زحلة 495
16- كسروان: 455
17- عكار: 414
18- الهرمل: 358
19- راشيا: 246
20- زغرتا: 175
وبمقارنة سريعة مع أرقام الاشهر الماضية، فإنّ هذا التقرير يظهر أن نسبة النزوح ارتفعت 2% بين 20 آب و27 آب، على الرغم من خطابات التهدئة التي أكّدت أن لبنان لن يشهد حربا شاملة.
وحسب التقرير، فقد توزع النازحون على 518 قرية وحي، ضمن 429 قطعة أرض في كل أنحاء ومحافظات لبنان. وتُشير الأرقام إلى أن 5 مناطق فقط تستوعب 72 في المئة من النازحين، وهي على وجه التحديد: صور، النبطية، بعبدا، صيدا، وبيروت.
وبالعودة إلى ارتفاع نسبة النزوح بنسبة 2% خلال أسبوع واحد (من 20 آب إلى 27 آب)، يشير التقرير إلى أن الأرقام رصدت 2200 حالة نزوح من الجنوب نحو 18 منطقة مختلفة، توزعوا على 83 عقاراً. وحسب التقرير، فإن هؤلاء الأفراد قد يكونون قد نزحوا للمرة الأولى، أو يخضعون لحركة نزوح ثانوية مؤقتة.
ويلفت التقرير إلى أن 94 في المئة من النازحين هؤلاء ينحدرون من 3 مناطق تمتد على طول الحدود الجنوبية. فعلى وجه التحديد يشكل نازحو بنت جبيل النسبة الأكبر والتي وصلت الى 68 في المئة ثم مرجعيون وصور، في حين كانت الوجهات الخمسة للنازحين الجدد هي صور (19%)، النبطية (15%)، عاليه (8%)، الشوف (8%)، والمتن (7%).
وتفصيليًا توزع 2200 نازح خلال الاسبوع المذكور على الشكل التالي:
1- صور: 407
2- النبطية: 324
3- عاليه: 186
4- الشوف: 177
5- المتن: 162
6- جبيل: 158
7- بيروت: 146
8- بعلبك: 145
9- بنت جبيل: 137
10- صيدا: 127
11- بعبدا: 124
12- عكار: 30
13- كسروان: 25
14- الهرمل: 25
15- زحلة: 10
16- جزين: 10
17- المنية: 5
18 البترون: 2
مقابل ذلك، لفت التقرير إلى عودة 80 نازحا حتى 27 آب، وقد عاد هؤلاء الأشخاص من منطقة عاليه والمتن وبيروت.
كيف يعيش النازحون؟
يوضح التقرير أن حوالي 78 في المئة من النازحين يعيشون في أماكن مضيفة، في حين اختار 19 في المئة منهم استئجار منازل، وانتقل 2 في المئة إلى مساكنهم الثانوية، في حين قرّر 1 في المئة الانتقال إلى 15 ملجأ جماعيا.
ويتشارك قرابة 28 ألف نازح منازل مع أسر نازحة أخرى، بينما يقيم قرابة 60 الفا بشكل منفصل.
أعمار وجنس النازحين
يظهر التقرير أن نسب النزوح بين الذكور والإناث متقاربة، إذ بلغت نسبة الذكور الذين نزحوا 49 في المئة والإناث 51 في المئة.
وتشير الأرقام إلى أن 35 في المئة من النازحين هم أطفال (أقل من 18 عاما)، مقابل 34 في المئة من الإناث البالغات، مقارنة بـ31 في المئة من الذكور البالغين. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: بالاضافة إلى أکثر من إلى أن فی حین
إقرأ أيضاً:
الجنوبيون يقاومون بالخيام المنتصبة على الركام: هذه منازلنا الآن (صور)
عادوا إلى الجنوب، كما اعتادوا أن يفعلوا في كل مرة تحاول آلة الحرب أن تقتلعهم من أرضهم. لم تكن العودة خيارًا، بل كانت فعلًا غريزيًا، أشبه باستجابة الجسد لنداء الروح. حملوا أمتعتهم القليلة، لكن الأهم أنهم حملوا إرادتهم الصلبة، غير آبهين بحجم الدمار الذي تكلمت عنه وسائل الإعلام، والذي كانوا يرفضون تصديقه حتى رأوه بأعينهم. منازل مهدّمة، أرزاق محروقة، شوارع تغيّر وجهها بفعل القصف، لكنها لم تفقد روحها، كما لم يفقدها أهلها.. لم يكن الاحتلال الإسرائيلي، الذي استمرّ بخرق وقف إطلاق النار عبر عمليات النسف والتفجير، سببًا كافيًا لبقاء الجنوبيين بعيدين عن أرضهم. كما لم تكن الغارات التي شُنّت في الأيام الماضية عائقًا أمام تلك الخطوات الثابتة التي سارت وسط الركام. فهؤلاء الذين خَبِروا الحرب وعاشوا تفاصيلها، يدركون أن الأرض ليست مجرد مساحة جغرافية، بل ذاكرة وهوية وكيان. لذا، كان قرارهم محسومًا: العودة، مهما كان الثمن.لم يكن حجم الدمار الذي رآه العائدون إلى الجنوب مفاجئًا فحسب، بل كان صادمًا إلى حدّ جعل البعض منهم يرفض التصديق. لكن هذه الصدمة لم تُضعفهم، بل على العكس، زادتهم تمسّكًا بأرضهم. فالمعادلة بالنسبة إليهم كانت واضحة منذ اللحظة الأولى: الدمار يمكن إصلاحه، لكن الأرض إن ضاعت، لا تُستعاد بسهولة.
منذ مراحل النزوح الأولى، رفض الجنوبيون فكرة الابتعاد عن قراهم وبلداتهم، وأصرّوا على العودة مهما كانت الظروف. ومع استمرار الاعتداءات والخروقات، قرروا أن يكونوا هم السبّاقين في تثبيت وجودهم، فكانت الخيام أولى خطوات التحدي. نصبوا تلك الخيام في أراضيهم، ليس فقط كمأوى مؤقت، بل كرمز للصمود ورسالة مباشرة للمحتل ولمن يقف وراءه، مفادها أن الأرض ليست للبيع، ولا يمكن أن تُنتزع بهذه السهولة. فهنا، حيث الجذور ضاربة في الأرض، لا مكان لمحتل، ولا مستقبل لمن يعتقد أن القصف والتدمير قد يُنسي أصحاب الحق حقهم.
فؤاد، ابن بلدة الوزاني، المزارع الذي لم يفارق الجنوب منذ أن تفتحت عيناه على هذه الدنيا، يروي قصة عودته بعد أن نزح إلى إحدى القرى الجنوبية. يقول فؤاد لـ"لبنان24" أنّ العدو نسف منزله الذي بات اليوم ركامًا لا معالم له. ويؤشّر لأرضه التي هي بقرب منزله.. أرض كان يزرعها سنويًا ويستفيد من 27 شجرة زيتون، تنتج له زيت الزيتون الجنوبي، إلا أنّ الـ27 شجرة التي اعتنى بها منذ أكثر من 35 عامًا لم يبق منها إلا بضعة أغصان بعد أن اقتلعها العدو الإسرائيلي وأحرق بعضها الآخر.
يقول فؤاد أنّ أرضه، وكما هو واضح، كانت قاعدة عسكرية استقر فيها جنود العدو، ولعل الطعام الذي ترك خلفهم خير دليل على ذلك.. ينظر فؤاد إلى أرضه، مصدر رزقه الوحيد ويتساءل:" من سيعيد لي الأرض.. تكلفة إعادة استصلاحها تحتاج لعشرات الآلاف من الدولارات". اليوم يعيش فؤاد في خيمة بيضاء صغيرة، ينام فيها منذ أن عاد إلى منزله، ويشير إلى أنّ عائلته لا تزال موجودة داخل أحد مراكز النزوح، فهم لا يستطيعون العودة بعد أن سوّي منزلهم بالأرض.
وفي مشهد جديد من مشاهد الصمود، قام أهالي بلدة كفركلا بنصب خيمة على طريق الخردلي عند مفرق دير ميماس – القليعة، قرب محطة مرقص، مؤكدين عزمهم البقاء فيها حتى خروج جيش الاحتلال من بلدتهم. أما في بلدة الطيبة، فقد عادت الحياة تدريجيًا مع دخول الأهالي إليها، وتمكنهم من دحر الاحتلال واستعادة جزء من يومياتهم رغم الدمار.
وفي مارون الراس، أصرّ الأهالي على العودة إلى قريتهم لتفقّد منازلهم، غير أنّهم واجهوا اعتداءً جديدًا، حيث تعرّض المتجمعون لإطلاق نار، كما استُهدفت سيارة إسعاف تابعة لـ"كشافة الرسالة الإسلامية" عند مدخل البلدة، في انتهاك واضح لكل المواثيق الإنسانية.
في المقابل، شهدت منطقة المفيلحة، غرب بلدة ميس الجبل، تراجعًا لقوات الاحتلال خلف السواتر الترابية، في خطوة تعكس تبدّل المشهد الميداني لصالح الأهالي والمقاومة.
"هذه الخيمة هي منزلنا الآن"، يقولها أحد ابناء كفركلا، بكلمات تختصر كل معاني الصمود والإصرار. ففي وجه الاحتلال، لم يعد المنزل مجرد جدران وسقف، بل بات كل شبر من الأرض هوية، وكل خيمة وُضعت في العراء عنوانًا للصبر والتحدي. هنا، حيث ترتفع رايات التمسّك بالحق، تتجسّد حقيقة واحدة: الأرض وحدها هي الوطن، والإرادة الشعبية لا تُقهر، مهما اشتدّ العدوان. المصدر: خاص لبنان24