لا شك أن الحوار الوطنى كان حالة ضرورية تحتاجها مصر فى ظل الظروف والتحديات التى تواجهها الدولة المصرية والقضايا الملحة والملفات الهامة التى تحتاج إلى حوار جاد يشارك فيه كافة فئات وطوائف المجتمع من أجل التوافق على رؤى وحلول، سواء كانت قضايا سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية.

على مدار الأسابيع الماضية شهد الحوار الوطنى الذى دعا إليه الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية، مناقشات ثرية فى جلسات لجان المحور السياسى مثل المحورين الآخرين الاقتصادى والمجتمعى، وكان النظام الانتخابى المقترح لانتخابات مجلسى النواب والشيوخ أحد أبرز الملفات التى شهدت مناقشات مستفيضة بمشاركة مختلف الأحزاب والقوى السياسية والسياسيين والخبراء الدستوريين والقانونيين.

ولأن الاختلاف سنة الحياة كانت هناك وجهات نظر متباينة حول النظام الانتخابى، وجميع المشاركين طرحوا رؤيتهم بشأنه، وسط اقتناع تام بأن الاختلاف لمصلحة الوطن دون وجود أى مساحة للخلاف، والمناقشات انتهت إلى اقتراح ثلاثة أنظمة انتخابية، الأول هو الإبقاء على النظام الحالى بانتخاب 50% من أعضاء مجلسى النواب والشيوخ عبر القائمة المطلقة المغلقة على 4 دوائر بالجمهورية، والنظام الثانى يتم بانتخاب كل الأعضاء بالقائمة النسبية غير المنقوصة عبر 15 دائرة على مستوى الجمهورية، والاقتراح الثالث هو انتخاب 50% من الأعضاء بالنظام الفردى و25% بنظام القائمة المطلقة و25% بنظام القائمة النسبية.

ورغم هذا الاختلاف إلا أنه كان هناك توافق بين عدد كبير من المشاركين حول إجراء الانتخابات بنظام 50% فردى و50% قائمة مطلقة مغلقة، مرجعين ذلك إلى أنه النظام الانتخابى الأفضل الذى يناسب الظروف والحالة السياسية الحالية فى مصر، ولعل ما يعزز ذلك هو وضع معظم الأحزاب السياسية فى مصر، والتى تحتاج إلى إعادة هيكلة وتقوية وتفعيل دورها وأن يكون لها تواجد حقيقى وفاعل ومؤثر فى الشارع بين الجماهير، حتى يأتى اليوم الذى تستطيع فيه أن تنافس فى انتخابات تجرى بنظام القائمة النسبية، وتضمن وجود تمثيل حقيقى ومتنوع ومتوازن لكافة الفئات، وكذلك تفعيل الاستحقاق الدستورى الذى خصص نسبة 25% من مقاعد مجلس النواب للمرأة ويلزم بتمثيل مناسب للفئات الأخرى مثل الشباب وذوى الإعاقة والمصريين بالخارج والمسيحيين، وكذلك النسب المقررة للمرأة وتمثيل هذه الفئات فى مجلس الشيوخ.

كل ذلك يعزز أفضلية النظام الانتخابى الفردى والقوائم المغلقة المطلقة أيا كانت النسبة وإن كان الأرجح أن تكون 50% فردى و50% قوائم مغلقة، وهو ما أظهرته المناقشات فى جلسات الحوار الوطنى وما تعكف عليه لجنة إعداد التوصيات والمقترحات لوضع الصياغة النهائية للمقترحات الثلاثة لعرضها فور انتهائها على مجلس الأمناء ليقرر طريقة رفعها لرئيس الجمهورية ليتخذ بشأنها ما يراه. 

وإجراء الانتخابات بنظام القائمة المطلقة المغلقة بجانب النظام الفردى سيضفى تنوعا وتوازنا فى مقاعد مجلسى النواب والشيوخ بما يضمن تمثيل مناسب لمختلف فئات وطوائف المجتمع، خاصة تلك الفئات التى يصعب تمثيلها من خلال النظام الفردى أو نظام القائمة النسبية، كذلك يضمن تفعيل النص الدستورى الذى يميز عددا من الفئات تمييزاً إيجابيا لتمثيلهم فى المجالس النيابية، مثل المرأة والشباب وذوى الإعاقة والمصريين بالخارج والمسيحيين، خاصة المادة 102 فى الدستور التى تلزم بألا تقل نسبة المقاعد المخصصة للمرأة عن ربع عدد المقاعد فى مجلس النواب، والتمثيل المناسب للشباب وذوى الإعاقة والمصريين بالخارج والمسيحيين، وهذا التنوع يضفى نوعا من القوة على أداء البرلمانات.

بالتالى الظروف تقتضى التوافق على نظام القائمة المطلقة المغلقة، وهذا النظام سيتلافى الكثير من المشاكل فى العملية الانتخابية، رغم اقتناعنا أن لكل نظام انتخابى مزايا وعيوب.

ويتبقى الأهم وهو أن يستعيد ممثلو الشعب ثقة ناخبيهم، وأن يساهم المواطن الناخب وأن يقوم بدوره الحقيقى فى اختيار من يمثله وأن يعى أن ضرورة مشاركته هى الضمانة الحقيقية لنجاح أية ممارسات ديمقراطية، ونتمنى دائما الأفضل والأصلح لمصرنا الحبيبة بما يحقق الصالح العام للوطن والمواطن.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: النائب المهندس حازم الجندي الحوار الوطني القائمة المطلقة القائمة النسبیة بنظام القائمة

إقرأ أيضاً:

رسالة لمناوى وجبريل ما تسقط الفاشر سقطت برلين

الرأى اليوم

صلاح جلال

(١)
???? تعاني مدينة الفاشر حالة حصار خانق على مدى سبعة أشهر منذ إندلاع حرب ١٥ ابريل ٢٠٢٣م ، في الآونة الأخيرة زادت عزلة المدينة وأصبح شريان الحياة الوحيد للمواطنين والجنود هو الإسقاط الجوى الذى يصيب ويخيب، وتعيش المدينة ظروف أمنية قاسية بين قطبى الرحى [المرحاكة وبنتها] قصف طيران الجيش الذى دمر معظم البنيات الأساسية فى المدينة وأزهق العديد من الأرواح ، والقصف العشوائى لمسيرات ومدفعية الدعم السريع التى نالت من أعداد مقدرة من الأرواح ، فى الحالتين أغلب الضحايا من المدنيين طوال فترة الحصار .

(٢)
????لقد إشتد الحصار الآن و لا يزال سكان هذه المدينة الحيوية والإستراتيجية يعيشون حالة من الخوف والقلق، مع تقييد حركة التنقل والحرمان من الحصول على الخدمات من طعام ودواء وزدات المخاطر على المدنيين فى المدينة ، خاصة بعد تراجع قوات المشتركة إلى داخل معسكر زمزم للنازحين مما يرشحه أرض لمعارك قادمة كلفتها باهظة على المدنيين
لقد هجر المدينة معظم سكانها القادرين على النزوح وتبقى من تقطعت به السبل وحرمهم الفقر المدقع من القدرة على الحركة ينتظرون أقدارهم رافعين أكف الضراعة لله عز وجل ليوقف هذه الحرب اليوم قبل الغد .

(٣)
???? منذ أن قررت القوة المشتركة المكونة من قوات مناوى وجبريل الإنحياز للقوات المسلحة ، أصبحت التعبئة فى داخل الفاشر تقع على عاتق مكون قبلى واحد ومعظم المستنفرين من هذا المكون مع مساهمات محدودة من قبائل أخرى ، لقد إستنزفت معركة الفاشر على مدى السبعة أشهر الماضية طرفى القتال الدعم السريع والمشتركة وتوسعت جغرافية الصراع فى محاولات السيطرة على خطوط الإمداد وقطعها فى مساحات واسعة من شمال دارفور ، وكثف الطيران الحربى قصفه العشوائي على الفاشر ونيالا والكومة وكبكابية ومليط راح الألوف من المدنيين ضحية لذلك
لتعرف حجم الكارثة الإنسانية فى الفاشر لقد عزيت أسرة واحدة خلال شهرين لفقدها خمسة من أفرادها فى معارك متعددة داخل الفاشر وحولها بواقع تعزية كل أسبوعين ، وأعرف عشرات الأسر لديها العشرات من الضحايا محاربين أو مدنيين تم فقدهم خلال السبعة أشهر الماضية .

(٤)
???? السؤال *هل الصراع حول الفاشر يستحق كل هذا النزيف من الدماء والخسائر ؟؟* سواء بإسم القبيلة أو الوطنية ، فى حرب المنتصر فيها خاسر *لماذا نسوق أهلنا للمحرقة فى الفاشر من أجل تحقيق أهداف سياسية؟؟* حتى إذا إنتصرنا هل نريد أن نحكم المقابر !!! أكتب هذا المقال ولدى رصد جيد لحجم الخسائر فى رأس المال البشرى خاصة فى معارك الفاشر وشمال الصحراء.

(٥)
???? *فى بداية الحرب قبل التطورات الأخيرة كتبت للأخ مناوى (ما تسقط الفاشر سقطت برلين* ) التى سيطر عليها الحلفاء بعد حصار طويل من عدة إتجاهات أنهك العسكريين والمدنيين معاً ، عملية الهجوم على برلين أو معركة برلين واحدة من المعارك الأخيرة على الجبهة الأوروبية في الحرب العالمية الثانية، والتي أطلق عليها السوفيت عملية الهجوم الإستراتيجي على برلين، حيث قامت جبهتان
سوفيتيتان بمهاجمة برلين من الشرق والجنوب، بينما قامت جبهة ثالثة باجتياح شمال برلين وإنتهت المعركة إلى إعلان الجنرال الألمانى فايدلنج عن إستسلام المدينة ، لقد فقدت ألمانيا أعداد ضخمة من الضحايا فى حصار برلين. وإنتهت إلى الإستسلام .
(٦)
????ماذا حدث بعد ذلك ، هل حمل الروس تراب برلين ليعودوا به إلى وطنهم؟؟
لقد تحررت برلين واليوم هى من أجمل المدن الألمانية ، لكن ضحاياها والدماء التى سالت من أجلها لم يعودوا للحياة ، لقد وقفت على سارى الجندى المجهول والمسلة فى برلين رفقة الحبيبة د.مريم الصادق المهدى ، المسلة التى خلدت الذكرى ، وهى شاهد على الحروب العبثية بين الشعوب فيما أطلقوا عليه الحرب العالمية الثانية وهى فى الحقيقة الحرب الأوربية الثانية .

(٧)
???? أدعى المعرفة وعلاقة ما بالأخوين د.جبريل ومناوى جمعتنا رفقه نضالية فى [مجموعة نداء السودان] رسالتى لهم *ما يجرى فى الفاشر نزيف دم يجب أن يتوقف فورا* فهو غير مُجدى وطنياً وقبلياً ، لقد أنهكتم الأهل وتحملوا فوق طاقتهم بتعبئة جائرة بإسم القبيلة والقومية ودفعوا ثمناً غالياً، لا ننكر عليهم أنهم فرسان قتال ولكن يجب توفيرهم لمعركة أعظم وأهم من هذه الحرب العبثية التى تفجرت فى الخرطوم بسبب طمع السلطة والثروة ، وبعد حمى وطيسها أراد لها من فجروها أن تلبس لبوس القبلية والمناطقية حتى تصبح حرب بالوكالة ، نيابة عن قيادة المركز الذى حاربتموها سنين عددا
لايوجد منطق لإستمرار الكلفة الباهظة لنزاع الفاشر ، *إذا تعذر وقف الحرب فى الخرطوم لماذا لا نوقفها فى الفاشر ؟؟ حيث الأهل هناك لا ناقة ولا جمل لهم فيها* !! ينتظرون إنتهاء الحرب ليعودوا لحياتهم الطبيعية التى فقدوها خاصةً أصحاب التجارة ورأس المال منهم ، الذين يريدون إقليم بلا حرب لتزدهر تجارتهم ويزيد رأسمالهم ، والحرب وما تخلفه من غبائن تحرم رأس المال من التوسع والأسواق التى لا تعرف القبلية والمناطقية .

(٨)
????????ختامة
رسالتى المتأخرة فى الساعة الخامسة والعشرين للأخوين جبريل ومناوى ومن معهم من المستنفرين فى الفاشر وقيادة الدعم السريع ممثلة فى الفريق حميدتى ، حرب الفاشر يجب أن تقف فوراً ، *كملتوا عيال الناس* ، فى حرب من فجروها أبنائهم فى تركيا والخليج ومصر وأوربا وأمريكا يعيشون فى أمان ويتعلمون فى أرقى الجامعات ينتظرون نهاية الحرب ليعودوا ليحكمومكم وأنتم تحرقون أبنائكم بلظى الحرب وتزيدون من الجهل والفقر والجوع والمرض الذى إستوطن فى تلك الأنحاء سنين عددا ولايحتاج للمزيد
*ماتسقط الفاشر سقطت برلين رغم الفارق ، برلين سقطت للأجنبى والفاشر تسقط فى حرب أهلية مؤسفة من حضن الوطن إلى حضن الوطن* فالنغنى مع الشاعر تميم البرغوثى
الذى عرف وعاش حروب الفصائل العبثية فى أرضه فانشد يقول

*بعض الحروب فى خسرانها شرف*
*من عاد منتصراً من مثلها إنهزم*

#لاللحرب
#لازم_تقيف  

مقالات مشابهة

  • معارك الاستقرار إقليميًا وداخليًا
  • هدنة محفوفة بالمخاطر!
  • «إيلون ماسك».. من أغنى رجل في العالم إلى «صداع مزمن»
  • رسالة لمناوى وجبريل ما تسقط الفاشر سقطت برلين
  • شعوب العصافير الملونة «الأخيرة»
  • الباشا والثورة المنسية
  • مهلا مهلا.. ياوزير التعليم!
  • مسرحية الأرتيست
  • سيدة من غزة
  • درة: فيلم وين صرنا يعبر عن اللحظات الإنسانية ومعاناة الفلسطينيين