الصحفي محمود الشين وعبير الامكنة
تاريخ النشر: 6th, September 2024 GMT
محمد صالح عبدالله يس
تعرفت علي الاخ الصحفي النابه محمود الشين في مدينة نيالا حاضرة جنوب دارفور يوم كنت مبعوثا من الهيئة السودانية للإذاعة والتلفزيون وكلفت بتاسيسها وتعلمت منه الاخوة الصادقة والمهنية في التعامل مع الاحداث وتغطيها كان قلمه الذرب يرعف من اعماقه بالحقيقة و ينقل الاحداث كما هي دون زيادة او نقصان وقد شنت عليه اجهزة الرقابة الامنية حربا لا هوادة فيها طالت حتي اسرته واصدقائه وتعرض في احايين كثيرة للحبس والمساءلة ولكنه كان يؤمن باهمية الشفافية في التعامل مع الاحداث والاخبار برز دور الاخ محمود كشاهد عيان على المآسي الإنسانية.
اما الاستاذالدرامية فاطمة حسين فقد كانت ترسل سهاما نافذة تغرزها في وجدان دعاة الحرب ورواد الفتن فكانت مغارزها مؤلمة رغم انها كانت ترسلها بدعابة ومرح وفاطمة تجيد فن الحكي وحجا الحبوبات ذات المحملولات والدلالات الحكمية اما الاستاذه الجليلة المغفور لها فاطمة محمد الحسن اشهر نساء دارفور في الحكي والفلكلور كانت تدخل في قلوب المستمعين بلا استئذان وتبرء اكاهمة المجتمع وتداوي سلوك الاشرار بتؤدة وروية ومن نجوم البرامج في الاذاعة والاستاذين الكبيرين ادم عبد الكريم دقاش والنور داؤود خير الله فقد كان الاول يقدم برنامج ( الكشمبيرة) التي استوحاها من اعماق المجتمع النسوي وانصبت محاولاته في التصالح مع الذات لخلق وجدانا مشتركا نعترف فيه بتنوعنا وثقافتنا ونقبل بعضنا البعض وقد لقي هذا البرنامج قبولا واستحسانا من المستمعين اما الاستاذ النور فقد كان برنامجه ( الضرا ) هو الاخر جملة مفتاحية للمجتمعات الراحلة التي ياسر لبها الاحاجي والقصص وروايات البطولة والمغامرات واستطاع بهذا البرنامج ان ينتج حوار مجتمعيا عالج صراعات المزارعين والرعاة حتي تمكنو من العبور الي فضاءات حبلي بالوضاءة والجمال فقد كان البرنامج يجمع بين الادب والامتاع والمؤانسة
لقد عاش الاخ محمود لحظات من الرعب والآلام، حيث رأى بأم عينيه الآثار المدمرة للحرب على النساء والأطفال الذين فقدوا أحبابهم والرجال الذين تكبدوا خسائر فادحة كانت جميعها مشاهد تترك بصمة عميقة في قلبه. إن هذه الأحداث ليست مجرد أرقام أو إحصائيات، بل هي قصص إنسانية تتطلب عواطف ورعاية من أولئك الذين يستطيعون سردها وكان الاستاذ محمود قد نشر جزءا من تلك الاحداث في الصحف السودانية ولكنها بتفاصيل اقل واحيانا لا تنجو مقالاته من مقص الرقيب فقد دون بقلمه مشاهدات من مخيمات اللاجئين والنازحين في مخيماتهم واصطدم بحياتهم البائسة وكيف انقلبت احوالهم في مجتمعاتهم الجديدة التي ارغموا ان يعشوا فيها فقد كانوا يعيشون في قراهم ودساكرهم حياة ً اقل ماتوصف بانها حياة عزٍ ورفاه كانوا يهبوا سكان المدن الخيرات والعطايا من مزارعهم وحدائقهم حتي اصابتهم دويهية الحرب ففقدوا كل شيئ واصبحوا بين ليلة وضحاها يهيمون حول الارض يبحثون عن طعام وغذاء وسرابيل تقيهم شر الحر والبرد والمطر
كان الاخ الشين يري بام عينيه منظرا لم يكن يتخيله من اناس كان ينزل عندهم ضيفا في قراهم يراهم وقد ارتسمت في اعينهم الحسرة وهم يحاولون بناء حياة جديدة وسط الفوضى
لقد انتزعت منهم الحرب كل ما يحبون وأصبحوا يعيشون كالأشباح في الأماكن التي كانت يوماً ما ملاذات آمنة لم يحملوا شيئا معهم في مجتمعاتهم الجديدة غير ذكرياتهم التي ظلوا يجترونها في اسيً وحرقة
فترة طويلة كانت تلك المجتمعات بعيدة عن الاضواء والاعلام ولا يشعر احدا بمعاناتهم رغم النداءات المتكررة من المجتمع الدولي التي نبهه اليها والي اثارها الكارثية فقد وصفتها الامم المتحدة كاسوأ كارثة انسانية شهدها العصر الحديث فقد جرت بعض المحاولاً لتسليط الضوء على قصصهم وتوصيل اصواتهم التي تحتاج إلى من يستمع إليها وقدر الله ان يقوم الاخ محمود بهذا العمل الكبير الذي جمعه في غرطاس كبير حوي بين سطورة معاناة شعب تعمد حكامه نسيانه وتركوه يكابد الحياة وبؤسها
تُعَد مقالاته بمثابة جسر يربط بين المعاناة الفردية فهو يستخدم قلمه ليُظهر للعالم الصورة الحقيقية لما يحدث يكتب عن الألم وعن الأمل الذي لم ينطفئ وعن طموحات الناس في العودة إلى ديارهم.
هذا الكتاب والسفر القيم سيذكر قادة الرأي والنخب السودانية باحداث كانت مستورة وغائبة عنهم ومؤكد ان من هذه النخب من زار تلك المعسكرات والمخيمات زيارات تشريفية تحمل بين طياتها المباهاة والشوفينية لكنهم لم يتعرفوا علي الحقيقة وعلي مستويات الضرر والمعاناة التي سببتها لهم هذه الحرب
ان كان لكتاب الاخ محمود قيمة فهو بلا جدل يمنح القارئ فرصة لفهم التجربة البشرية المتعلقة بالحرب التي اشتعلت ونشبت في بقعة عزيزة من بلادنا ويسجل هذا الكتاب في متونه وحواشية الفظائع والجرائم التي ارتكبها الجناة في حق الضحايا وستزاداد مجتمعات الاستنارة والوعي بالوقوف علي اثار الخراب والدمار الذي حل بمجتمع متسالم ومتصالح مع نفسه صنع بجهده وعرقه حضارةً ساهمت في بناء وتكوين السودان الحالي
وبالرغم من الصدمات التي راها الاخ محمود في تلك المجتمعات وما حل بها فقد حفزته تلك الماسي ان يصبح احد كبار المدافعين عن حقوق الانسان ومن الاقلام المميزة التي تخلد في ذاكرة مجتمع المعرفة والمعلومات فقد ظل يوظف طاقاته ويصبح صوتاً للضعفاء يكتب بأمانة وشجاعة ينقل تجارب الناس في المخيمات آمالهم وأحلامهم، ويُبرز ضرورة العمل على إيجاد حلول للأزمة وضمان مستقبل أفضل فالحروب ليست مجرد احداث بعيدة بل هي روايات وقصص حية تمس الانسانية جمعاء
لك التحية الاخ محمود رغم تباعدنا وفقدان الاتصال بيننا لفترة طويلة الا اننا تدانينا حبا واخلاصا فالايام التي عشناها سويا تظل عصية علي النسيان كنت امني نفسي بنسخة من هذا السفر العظيم لا استمتع به اولا لانه تاريخ وتوثيق مهم لفترة خصبة وحبلي بالاحداث في تلك الارض الحبيبة الي نفوسنا
نامل ان يجد هذا السفر الهام طريقه للترجمة باللغات الاخري الحية حتي يطلع الاخرون علي قصة شعب عاش محنةً قاسية تستحق التعرف عليها
ms.yaseen5@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: فقد کان
إقرأ أيضاً:
منظمة حقوقية: استمرار اعتقال الصحفي ماهر بعد حكم البراءة يُعد انتهاكًا صارخًا لحقوقه القانونية
يمن مونيتور/قسم الأخبار
قالت منظمة سام للحقوق والحريات إن الحكم الصادر عن محكمة استئناف عدن، والذي قضى ببراءة الصحفي أحمد ماهر من التهم المنسوبة إليه، يمثل خطوة إيجابية نحو تحقيق العدالة وتجسيد مبادئ حرية الصحافة والتعبير، مشددة على أن استمرار اعتقال الصحفي ماهر بعد صدور حكم البراءة يُعد انتهاكًا صارخًا لحقوقه القانونية والإنسانية.
وذكرت أن محكمة استئناف عدن قضت اليوم الأربعاء 25 ديسمبر 2024، ببراءة الصحفي “أحمد ماهر” من جميع التهم المنسوبة إليه، وإطلاق سراحه، بعد ثلاث سنوات من الاعتقال قضاها في سجون خاضعة لإشراف المجلس الانتقالي الجنوبي، في عدن.
ولفتت المنظمة إلى أن المحكمة الجزائية المتخصصة في عدن كانت قد أصدرت في 28 مايو 2024، حكماً بالسجن لمدة أربع سنوات بحق الصحفي أحمد ماهر، بتهم تتعلق بنشر معلومات كاذبة وتزوير بطاقات، في إجراء مثَّل انحرافاً عن العدالة وعكَس تزايد الإجراءات الأمنية ضد الصحفيين، وقد تم توثيق عدة مخالفات قانونية خلال سير القضية، حيث عانى ماهر من تأجيلات متكررة لجلسات محاكمته، وحُرم من حقه في الدفاع عن نفسه، ولم يُسمح له بحضور أغلب الجلسات، كما أُفيد بأن أحمد ماهر تعرض للتعذيب أثناء احتجازه، وتم إجباره على الإدلاء باعترافات تحت الضغط، مما أثار قلقاً عميقاً بشأن حقوقه القانونية.
ودعت منظمة سام النيابة العامة إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن الصحفي أحمد ماهر، وضمان عدم تعرضه لأي شكل من أشكال المضايقات أو الملاحقة مستقبلاً، بالإضافة إلى منحه التعويضات المنصفة، مشددةً على أهمية احترام سيادة القانون والالتزام بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان، وبالأخص تلك المتعلقة بحرية الإعلام وحماية.