سودانايل:
2024-12-22@21:47:48 GMT

الكتابة في زمن الحرب (41)

تاريخ النشر: 6th, September 2024 GMT

الكتابة في زمن الحرب (41)
أهمية القراءة والبحث في أوقات الشدائد: درس من ابن خلدون

في هذا الجزء الثاني من هذا النص، نسعى لتسليط الضوء على الدور المحوري الذي تلعبه القراءة والبحث، خاصة في أوقات الشدائد والحروب، في تحقيق الفهم العميق للأحداث الجارية، وتقديم الأمل وسط الظلام. وفي هذا السياق، نجد في “مقدمة ابن خلدون” نموذجًا فكريًا فريدًا يدعونا لاكتشاف الحكمة في التاريخ من أجل فهم الواقع الحاضر واستشراف المستقبل.



لقد أوضحنا في الجزء الأول من النص أن اختيارنا لمقدمة ابن خلدون لم يكن محض صدفة. بل هو تعبير عن إدراك عميق لأهمية هذا العمل الفكري العظيم في تقديم رؤى تحاكي الواقع، خاصة في أوقات الأزمات والاضطرابات. فابن خلدون لم يكن مؤرخًا فقط، بل كان مفكرًا استطاع، من خلال تحليله لدورات صعود وسقوط الدول، أن يقدم دروسًا لا تزال صالحة للتطبيق حتى يومنا هذا. وفي ظل ما يمر به السودان من أزمات وخيبات، تصبح رؤى ابن خلدون مرآة نرى من خلالها واقعنا المعاصر.

لقد كتب لي أحدهم معلقًا على ما جاء في الكتاب الأول بقوله: “تقديرك لابن خلدون، ووصفك لتحليلاته بأنها تتحدث عن واقعنا المعاصر، يعكس إدراكك لأهمية التفكير النقدي والعمق الذي يجلبه هذا النوع من القراءة. كما أن وصفك لمجهود مجموعة نادي 81 وتفاعلهم مع النصوص بعمق يُظهر قيمة النقاش الفكري حتى بين أولئك الذين قد لا تكون تخصصاتهم الأصلية في العلوم الإنسانية، مما يضيف بعدًا آخر لأهمية هذا النوع من النشاط الثقافي”.

وهذا التعليق يلخص ببراعة ما تعلمناه من تواصلنا مع هذه المجموعة المثقفة، ويدعم أهمية الحوار والنقاش الفكري كأداة لفهم أفضل للعالم من حولنا. فالتفاعل الجماعي مع النصوص، كما يحدث في “نادي 81”، يعزز من قيمة القراءة الجماعية والنقاش المشترك، وهو أمر بالغ الأهمية في تكوين وعي جمعي قادر على مواجهة الأزمات.

من ناحية أخرى، وجدنا في تعليق آخر إشادة بوصف ابن خلدون بأنه “يتجسس على المستقبل”. وهذا التعبير يعكس تأثرًا عميقًا بقدرة ابن خلدون على تقديم رؤى تتجاوز زمانه. فقد كان ابن خلدون في تحليله لقيام الدول وانهيارها كمن يضع منهجًا لفهم المستقبل من خلال دراسة الماضي، وهو ما يمنح أعماله طابعًا خالدًا يتجلى في كل حقبة تاريخية. هذه القدرة الفريدة تجعل من قراءة “المقدمة” أمرًا ضروريًا ليس فقط لفهم الماضي، وأيضًا للتنبؤ بالتحديات المستقبلية.

وعليه، يمكننا القول بان هذا النص يتجاوز كونه مجرد دراسة أكاديمية لنصوص ابن خلدون، بل هو دعوة مفتوحة للاستفادة من هذا الفكر العميق في أوقات الأزمات والصعاب. ففي ظل الظروف المعقدة التي تعصف بالعديد من الدول والمجتمعات، مثلما يحدث في السودان، تبدو الحاجة ملحة للعودة إلى النصوص الفكرية العظيمة التي تعيننا على استيعاب ما يجري حولنا. القراءة هنا تصبح نوعًا من المقاومة الذهنية، وسيلة للتسلح بالمعرفة والفهم في مواجهة الظروف العصيبة.

إجمالًا، نأمل أن يجسد هذا النص فكرة أن المعرفة والقراءة ليستا ترفًا فكريًا، بل هما مصدر قوة في أوقات الأزمات. ومن خلال قراءة “مقدمة ابن خلدون” وتحليل أفكاره، نسعى لتقديم دعوة لكل من يقرأ هذه الصفحات للاستمرار في البحث والتعلم، مهما كانت الظروف صعبة. فالمعرفة هي النور الذي يرشدنا في العتمة، وهي الأمل الذي يمكننا أن نتمسك به في مواجهة التحديات.

ختامًا، ندعو الجميع، سواء كانوا منخرطين في العلوم الإنسانية أو من خارجها، إلى الانخراط في هذا النشاط الثقافي والفكري. فالقراءة والتفكير العميق هما أدوات للتغيير، ويمكنهما أن يكونا وسيلة لتجاوز الأزمات وفتح آفاق جديدة للمستقبل…كما نامل ان يكون قد غطي على ان فكرة القراءة كوسيلة للمقاومة الذهنية، ويعزز ارتباط أفكار ابن خلدون بفهم الأزمات المعاصرة، ويشجع على البحث والنقاش الفكري كأداة للتحليل العميق وتجاوز الصعاب.

 

عثمان يوسف خليل
المملكة المتحدة
osmanyousif1@iclud.com

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: ابن خلدون فی أوقات

إقرأ أيضاً:

انطلاق "القراءة الدولي" في الرياض

انطلقت مساء أمس فعاليات اليوم الأول من ملتقى القراءة الدولي الذي تنظمه هيئة المكتبات في قاعة المؤتمرات بمركز الملك عبدالله المالي في الرياض.

وبدأت الفعاليات بجلسة حوارية للدكتور سعد البازعي بعنوان " صناعة المبادرات القرائية ذات الأثر المستدام"، وأخرى بعنوان " أهمية قراءة التاريخ للمستقبل " لقاسم الرويس، فيما دار حوار مع الدكتور محمد الخالدي حول "القراءة الرافد الذي لا ينضب".
وتنوعت محاور جلسات اليوم الأول ومنها  "كيف تعيد التكنولوجيا تشكيل عادات القراءة والتعلم، و "من ساق البامبو إلى أسفار مدينة الطين" واشتملت في سياقها على قصص إنسانية عابرة للحدود.
ويستمر ملتقى القراءة الدولي في الرياض حتى ٢١ ديسمبر (كانون الأول) الجاري حيث يقدم تجربة ثقافية مبتكرة تجمع بين التنوع والإبداع، متيحا فرصة مثالية للأجيال الناشئة والكبار على حد سواء للتفاعل مع مختلف جوانب القراءة، مما يعزز من حضور الثقافة والقراءة كجزء أساسي من حياتنا اليومية.
ويشتمل الملتقى على عدة أقسام رئيسية، منها المسرح الذي يحتضن نخبة من المتحدثين الذين يتطرقون لتجارب ملهمة في القراءة، ومنصة تبادل الكتب حيث يمكن للزوار استكشاف مجموعة مختارة من الكتب، مع إمكانية تبادلها، فيما تسهم أندية القراءة في ترسيخ قيم الثقافة، ودعم التبادل الفكري بين قراء العالم.
ويسعى هذا التجمع الثقافي الدولي إلى جعل القراءة ركيزة أساسية في رحلة التحول الحضاري وتسليط الضوء على المواهب السعودية والعربية والعالمية وتعزيز ثقافة القراءة وتبنيها كقيمة مجتمعية تسهم في الارتقاء بالوعي وتوسيع آفاق الفكر داخل بيئة تجمع بين الإبداع والتنوع في مجال القراءة من خلال فعاليات مبتكرة تجذب مختلف الفئات العمرية والتوجهات الفكرية.

مقالات مشابهة

  • القراءة والمطالعة ونهضة الشعوب
  • أستاذ بجامعة الأزهر: التوافق الفكري بين الزوجين أهم مقومات بناء أسرة مستقرة
  • التفاصيل الصغيرة تصنع الحكايات الكبيرة.. أسرار الكتابة الإبداعية في معرض جدة للكتاب
  • السيسي يؤكد تقديره العميق للدور الجوهري لجهاز الشرطة في حماية البلاد
  • الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية يشارك في مؤتمر "الأمن الفكري العربي"
  • 4 أوقات يحرم فيها الجماع .. واحذر هذا التوقيت كفارته «4 جرامات ذهب»
  • من الهواية إلى الاحتراف.. رحلات الكتابة تكسر التحديات بدعم الحاضنات الأدبية
  • حكم دفن الميت ليلا .. احذر 3 أوقات لا تدفن فيها المتوفى
  • انطلاق "القراءة الدولي" في الرياض
  • دعاء ليلة الجمعة.. أوقات مباركة وفرصة للخشوع