سودانايل:
2025-03-26@12:52:17 GMT

مُذَكرِّات مُغتَرِب في دُوَل الخَلِيج العَرَبي (٩)

تاريخ النشر: 6th, September 2024 GMT

إلتَقَيتُ في إدَارةِ تَعلِيم المَنطِقَة الشَّرْقِية بِالدَّمَّام بِالأَخِ العَزِيز جَمال خَلَف الله أُستاذِ الكِيمْيَاء خِرِّيج تَربِية ٨١ ، فاسْتَبشَرتُ خَيرَاً وقُلتُ لِنَفسي يَبدُو أنَّ المَنطِقة عَامِرةٌ بِخِرِّيجي التَّرَبية أم دُرمان . كانَ الأُستَاذ جَمال يعملُ بِمدَارِس رَأس تَنُّورة ، فاستَضافَني عِنده بِضعَة أيَّام ، وكانَ معه بَعضُ الأسَاتِذةِ الذين لا تَحضُرني أسَماؤهم الآن .

وقد عَمِل الأخُ العَزِيز الأسْتَاذ عادِل أحمد (العُمْدة) بِرأس تنُّورة أيضاً . قَضَيتُ عامَاً دِراسِيَّاً بِمَدرسَة الإمامِ الشَّافِعي وكان معي اُستَاذان كَريمان يُدرِّسانْ اللُّغةَ الانجليزيةَ أيضاً أحدُهما حَسَن عُثمان مِن بَربَر والآخَر صَلاح ابَّكُورة من الفَاشِر، ولم يَكُنا من خِرِّيجي التَربية . نُقِلتُ في السَّنة الثَّانيةِ إلى مدرسةِ الفارابي المُتوسِطة داخلَ الخُبَر ، وهي من المَدارِس التي بَنَتها أرامكو ، وشركةُ أرامكو غَنيةٌ عن التَّعريف ولكنْ لا بأسَ مِن إلقاءِ بعضِ الضَّوءِ عليها، واسمُها اختِصارٌ لِكلمة " شرِكةُ الزَّيتِ العَرَبية الأمَرِيكية.
The Arabian American Oil Company
شَرِكة عالمية مُتكامِلةً . وقد تمَّ تأمِيمُها في عام ۱۹۸۸ وأصْبَحتْ شَركةً وَطَنِيةًّ سعوديةً ومقرُها الرَّئيس في مَدينةِ الظَّهرَان التي تقعُ على بُعد ١٠ كم مِن مدينةِ الخُبر ، وتعملُ في مَجَال النَّفط والغازِ الطَّبِيعي والبترُوكِيماويات والأعمالِ المُتعَلَّقةِ بها مِن تَنقِيبٍ وإنتاجٍ
وتَكريرٍ وتَوزيعٍ وشَحنٍ وتَسوِيقٍ .
####
عَلَى مَشارِفِ نِهايةِ العامِ الدِّراسي الثاني في الخُبر والأوَّل في " الفارابي " ، تَكشَّفتْ لدَيّ بعضُ المَكَائدِ وسُوءُ الطَّوِّيَة التي كانَ يُضمِرُها زُمَلاؤنا مِن شِمالِ الوادي جميعُهُم إلا مَن رَحِمَ اللهُ . وقد خَبِرتُ ذلك الخُبثَ وعايَشْتُه واكتَويتُ بِنارِه طِيلةَ سِني اغترابي وعَمَلي في التَدْرِيس في السَّعودية ، بلْ إنَّ قُبحَ هذا الأمْر قد بَلغَ حَدَّه في الأعْوامِ الثَّلاثةِ التي عَمِلتُ فيها في الكُويت لاحِقاً . وسأُفرِد صَفحَةً خاصةً لذلك في حِينه بإذنِ الله . أمَّا في مدرسةِ الفارَابي ، فقدْ كانتْ حِصصي كُلُّها واقعةً بعدَ حِصَص الرِّياضة البَدنِية التي كان يُدرِّسُها مُدَرسٌ مِصري . وكانَ الطُّلابُ يتأخًرُون دَومَاً في حِصةِ الرِّياضةِ ويَرجِعون للفصلِ بعد أكثرِ مِن رُبعِ ساعةٍ مِن بِدايةِ حِصة الإنجليزي . ولمّا تكرَّر الأمرُ كًثيرَاً تَحدَثتُ إلى المُدرِّس كي يُعالِجَ المَوضُوع ، إلا أنَّه لمْ يُعِرْني اهتماماً فاضْطُرِرتُ لِرفعِ الشَّكوَى لِمُدير المَدرسةِ والذي لم يأبَه كثيراً بِدورِه !!! حيثُ
كانتْ له شُلّةٌ مِن هؤلاءِ يَتحَلقُونَ حَولَه ويَتَملَقُونَه ، واتضَّح ذلك في التَّقرِيرِ الفَنِّي والتَّقْيِيم - الذي لمْ يُنصِفْ مُثابَرَتنا وإخْلاصَنا داخِل الفُصُول - الذي خَرجتُ بِه في آخرِ السَّنة الدِّراسِيّة وخرَج به معي زميلٌ آخرٌ سٌوري الجِنسِيّة كانَ مُدرِّسآ للُغَة العَرَبية، وكانَ ذا خِبرةٍ تَجاوَزتْ العِشرِينَ عاماً آنذاك . فتخيلوووا !!!

محمد عمر الشريف عبد الوهاب

m.omeralshrif114@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

العاصمة التي كانت وسرديات الاستحقاق- تفكيك أسطورة الترف والامتياز

أهل الهامش.. عندما يروون العاصمة من عرق جبينهم
في زحام الخطابات السياسية الرنّانة، تختفي حكايات من يصنعون الحياة اليومية بعرق جبينهم. ليسوا أعداءً للعاصمة كما يُزعم، بل هم شرايينها النابضة بالحياة. هؤلاء الذين يُوصمون بـ"أهل الهامش" هم في الحقيقة حرّاس الذاكرة وصنّاع التفاصيل الصغيرة التي تُبقي المدن قادرة على التنفس.

بنوك الدم- حين يصبح الخبز دواءً
في أزقة أم درمان، لم تكن "المريسة" مجرد مشروب، بل نظاماً اقتصادياً كاملاً. تلك العجينة المخمرة من الذرة أو الخبز البائت، والتي تُباع بقرشين، كانت مصدر رزق لعائلات بأكملها. "شيخة الإنداية" و"البابكول" (ناقلو المواد الخام) لم يكونوا مجرد بائعين، بل خبراء في كيمياء التخمير، يعرفون كيف يتحكمون بدرجة الحموضة والتركيز لصنع "العسلي" الشفاف أو "البيضة" الغنية بالبروتين. حتى أنهم طوّروا مصطلحاتهم الخاصة: "العرقي الداشر" (المنتوج الأخير ذو الطعم المحروق)، و"الورنيش" (الزجاجات الصغيرة المستعملة).
جامعو الرصاص - إعادة تدوير قبل أن يصبح موضة
في ساحات التدريب العسكري غرب سلاح المهندسين، كان "موسى كودي" وأطفال أم درمان يحوّلون الخطر إلى فرصة. يجمعون الرصاص المستهلك لبيعه للصيادين، في دورة اقتصادية بديعة. حتى أنهم ابتكروا طرقاً لإعادة تعبئة الخراطيش باستخدام الكبريت التشيكي (أبو مفتاح) حين ندرة البارود. لم تكن هذه "مهنة هامشية"، بل نموذجاً للابتكار في زمن الشح.
مهندسو النار- من صنّاع المناقد إلى رواد الاقتصاد الدائري
عندما انتشر الفحم في الخمسينيات، ظهرت حرفة صناعة "المناقد" من صفائح البنزين الفارغة. لكن العبقرية الحقيقية كانت في "الوقايات" - تلك الحلقات المعدنية التي تُبطّن المنقد لتمديد عمره. أطفال كوشة الجبل كانوا يجمعون الأسلاك الكهربائية المحروقة، ويحولونها إلى تحف يدوية تباع بقرشين. لقد سبقوا عصر الاستدامة بعقود، بينما كان "أهل المركز" يناقشون نظريات التنمية.
فنانون منسيون: من قصاصي الأظافر إلى مصممي البراويز
في زوايا الأسواق، كان "النجيريون" يحملون مقصاتٍ مصنوعةً يدوياً لقص الأظافر، بينما انتقدهم الصحفيون بسخرية. وفي مدارس مثل "بيت الأمانة"، كان تلاميذ مثل "عدلان" يصنعون براويز الزجاج من الكرتون وشرائط الزينة، ويجمعون ثروة صغيرة. ألم يكن هؤلاء رواداً للصناعات الإبداعية قبل أن تُدرج في مناهج الجامعات؟
علماء الجسد- من "دلك العرامية" إلى علاجات ما قبل الفيزيوثيرابيا
حين كان "أهل المركز" يستهزئون بـ"طليع القطائع" (مدلكي الأجسام)، كان هؤلاء يمارسون طباً شعبياً دقيقاً. يعرفون كيف يعالجون آلام الخياطين والنجارين الذين يقضون ساعات منحنين. حتى أن بعضهم، مثل "عبد المنعم عبد الله"، طوّروا أساليبَ أصبحت علامة مسجلة: "دلك نوادي" الذي فضّله حتى كبار المقاولين.

حراس النظام- الكشافة والبنقو
في نظام المراقبة الموازي، كان "عين ديك" ورفاقه يطورون شفراتٍ تحذيرية معقدة لحماية بائعي "البنقو" من البوليس السري. لقد صنعوا أمنهم الخاص في غياب الدولة، بينما كان "أهل المركز" يتناقشون في صالوناتهم عن "القانون والنظام".

الهامش الذي يصنع المركز
هذه المهن لم تكن "هامشية"، بل كانت نظاماً اقتصادياً موازياً يملأ فراغات الدولة. لقد صنعوا:

اقتصاداً دائرياً (إعادة تدوير الرصاص، الأسلاك، الصفائح)

طباً شعبياً (علاجات الجسد، التعقيم بالمحيات والبخارات وبالوقدك)

أمناً مجتمعياً (شبكات إنذار المبنج)

فناً تطبيقياً (صناعة البراويز، الديكور)

الخطيئة الكبرى هي تصوير هؤلاء كـ"أعداء للعاصمة". الحقيقة أن العاصمة بنيت على أكتافهم. حين تختفي هذه المهن، لا يخسر "الهامش" وحده، بل تخسر المدينة ذاكرتها وقدرتها على التكيف.

أما أولئك الذين يتغنون بـ"مركزية الدولة"، فليتذكروا أن التاريخ لا يُصنع في القصور، بل في تلك الأزقة حيث يذوب الرصاص القديم ليعود حياة جديدة.

zuhair.osman@aol.com

   

مقالات مشابهة

  • ما هي المنتخبات التي تأهلت إلى «كأس العالم 2026»؟
  • العاصمة التي كانت وسرديات الاستحقاق- تفكيك أسطورة الترف والامتياز
  • جنسية وراتب.. هذه المزايا التي تقدمها أوكرانيا للمتطوعين الأجانب
  • ما الأمراض التي تصيب الأثرياء؟
  • حميد الشاعري: اتوقفت لفترة وعملت أغاني مهمة باسم حد تاني.. وكان نفسي أطلع لاعب كرة
  • عماد السالمي عن العيوب الفردية للاعبي المحور التي يجب تلافيها أمام اليابان
  • تعرف على خطة سامسونغ التي خدعت بها آبل وتصدرت سوق الهواتف العالمي
  • قائمة هواتف سامسونج التي تحصل على أندرويد 15
  • جيش الاحتلال يقول إن الفرقة التي نفذت عمليات في لبنان تستعد للعمل في غزة
  • دعاء الصائم عند الإفطار .. اغتنم الدعوة التي لا ترد