سودانايل:
2024-11-21@22:29:29 GMT

حكومة فيشي وإعادتها في السودان

تاريخ النشر: 6th, September 2024 GMT

زين العابدين صالح عبد الرحمن

حكومة فيشي هي الحكومة التي كونها الجنرال فيليب بيتان خلال الحرب العالمية الثانية سنة 1940م، و استمرت أربع سنوات حتى 1944و كانت متواطأة مع الدولة النازية، و حكم بيتان حكما استبدادا و فرضت رقابة على الإعلام، و عندما استطاعت حركة شارل ديجول تفرض نفوذها في فرنسا القت القبض على أعضاء حكومة فيشي، و تم القبض علي الجنرال فيليب بيتان و تم إعدامه بالخيانة العظمى، و عدل ديجول حكمه بالسجن المؤبد.

.
أن انقلاب اليسار في 1969م و الذي تم فيه قمع المعارضة بالسلاح، و استخدام سلاح الطيران على الجزيرة أبا و ود نوباوي، مما جعل قوى المعارض تضطر أن تحمل السلاح لمواجهة النظام، فكونت الجبهة الوطنية من ثلاث قوي سياسية " الأتحادي و الأمة و الإسلاميين" لمواجهة النظام اليساري، و المعارضة استطاعت أن تهدد النظام مرتين الأولى بانتفاضة شعبان الطلابية و معهم عددا من النقابات العامة العمالية في 1973م، و كانت قد شكلت أكبر تهديدا للنظام. و الثانية عمل عسكري في 1976م، و كان أقل تهديدا من سابقه.. باعتبار أن انتفاضة شعبان 1973 كانت سلمية و داخلية، و لم يستطيع النظام أن يجد مادة إعلامية يعبيء الشارع ضدها.. و الثانية رغم أن عناصرها سودانيين، و لكنهم كانوا حاملين للسلاح، و تدربوا في دولة أخرى، استطاع نظام نميري أن يعبيء الشارع ضدهم و يطلق عليهم "المرتزقة" لكن الذين يديرون الأزمة جميعهم كانوا سودانيين..
بعد انقلاب الجبهة الإسلامية في يونيو 1989م، لم تقرر المعارضة في باديء الأمر أن تحمل السلاح، رغم وسوسة الحركة الشعبية في أذان القيادات السياسية بحمل السلاح، و لكن بعد خطاب البشير في بورتسودان 1995م "من اراد السلطة عليه حمل السلاح" بدأت الدعوة لحمل السلاح لمنازلة النظام، الملاحظ؛ أن الأحزاب عجزت أن تنجح في تعبئة الناس و إقناعهم بالحضور للمعسكرات و حمل السلاح.. فكانت الدعوة لحمل السلاح خصما على العمل السياسي و وعي الجماهير، و التي كانت تنتظر المعارضة غازية للخرطوم. و النهاية أنتصرت الجماهير سلميا على الإنقاذ، لكن كانت الأحزاب غير مستعدة أن تحمل الأمانة، و تحقق شعارات الثورة الداعية للتحول الديمقراطي.. الأمر الذي فتح بابا لتدخل النفوذ الخارجي في الشأن السياسي، و تقديم مبادرة تلو الأخرى كأن العقل السوداني عجز عن التفكير..
أن التدخل المباشر لأمريكا و الاتحاد الأوروبي و الاتحاد الأفريقي و دولة الأمارات في الشأن السياسي السوداني ليس خدمة لمطالب الشعب من أجل التحول الديمقراطي، أنما خدمة لأجنداتهم الخاصة، و معروف ما فعلته الأمارات و الذين يقفون وراءها في دول الربيع العربي، هؤلاء يريدون فقط تنصيب العناصر الذين يعتقدون أنهم سوف ينجزون لهم هذه الأجندة.. يريدون حكومة مثل حكومة فيشي في فرنسا إبان العهد النازي في أوروبا.. الغريب في الأمر أن السياسية في السودان متدحرجة عجلتها للوراء، و تم تعطيل للذهن السوداني في تقديم مبادرات وطنية للحل، و أصبح يلهث وراء الخارج أن يقدم هو المبادرات و الحلول دون أي حياء، و أصبحت القيادات السياسية تتغني بالمبادرات الخارجية و تنتظر منها الحلول و اصبحوا مثل الكورس في الغناء الشعبي يرددون ما يقول صاحب المبادرة..
أن القوى السياسية التي تحاول أن تغطي على المصالح الحقيقة التي تسعى وراءها، دائما تستخدم العديد من الشعارات الوطنية ذات الوزن الثقيل بهدف التغطية، و هي تعلم أن هذه الشعارات لا تقدر على تنزيلها على الأرض، في اعتقاد أن الشعار يمكن أن يكون بديلا للمشروع السياسي. الذي يجب أن تحاكم عليه إذا انحرفت عنه أو عجزت عن تطبيقه..
و السؤال الذي يطرح: هل الحرب و الصراع السياسي في السودان؛ قادر العقل السياسي السوداني التعامل معهما بأفق واسع؟ و يقدم مشاريع للحل سودانية بأجندة سودانية، أم أصبح الخارج هو وحده القادر أن يفكر بديلا عن قيادات تشهد على نفسها بالضعف.. يذكرني قول منصور خالد في كتبه " النخبة و إدمان الفشل 1" يقول فيه ( تعود الأزمة النخبوية – في جوانبها الفكرية – إلي تصدع الذات، الذي يقود، بطبعه، إلي الفجوة بين الفكر و الممارسة؛ بين ما يقول المرء و ما يفعل، بين التصالح مع الواقع السلبي في المجتمع و الإدانة اللفظية لهذا الواقع. و الذي نتحدث عنه هو حالة نفسية تقود، على مستوى النظر و الممارسة، للتلبيس في الفكر و التخبط في الأداء أيا كان نوع البزة التي يرتديها النخبوي أسمى نفسه أمميا أو قوميا أو لبراليا أو إسلاميا) بالفعل السودان يقع في أعمق أزمة في تاريخه المعاصر " أزمة النخب السياسية" التي تنتظر حلا لأزمات البلاد من عواصم العالم.. الغريب في الأمر: أن الشعب السوداني بات يحفظ أسماء السفراء و ممثلي الدول الخارجية أكثر من اسماء السياسيين السودانيين، أمثال جون غودفري و بن لباد و أبي أحمد و توم بيرييلو و جايلز ليفر و موسي فقي و على بن حسن جعفر و حمد محمد الجنيبي و الأخير صاحب الحظوة الداعي إلي تكوين حكومة مثل حكومة فيشي في السودان، و تدعم دولته الميليشيا.. و هو صاحب دعوات السياسيين المتكررة لزيارة عاصمة بلده..
عندما تتحول الإزمة السياسية في أي بلد إلي حرب، تنزاح قيادات، و تظهر قيادات جديدة بحكم التغيير الذي حدث للأدوات و الأجندة، فالحرب تعلي من شأن القيادات العسكرية، و تصبح هي وحدها المتحكمة في القرار، و تذهب القيادات السياسية إلي هامش الفعل، و على طول و قصر الحرب تفرز قيادات سياسية جديدة، تكون ملتصقة بالمجتمع في ساعات العثرة.. و هؤلاء هم الذين يحاولون إعادة الفعل السياسي للداخل مع وضع الفعل الخارجي فقط في آطار المساعدة التي هم يطلبونها من الخارج.. نسأل الله حسن البصيرة...

zainsalih@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: فی السودان

إقرأ أيضاً:

هكذا علقت حكومة السودان على الفيتو الروسي في مجلس الأمن

علقت حكومة السودان، على استخدام روسيا حق النقض "الفيتو" في مجلس الأمن، ضد مشروع قرار بريطاني يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار.

وقالت وزارة الخارجية السودانية في بيان: "ترحب حكومة السودان باستخدام روسيا لحق النقض بمجلس الأمن في مواجهة مشروع القرار البريطاني بشأن السودان".

وأشادت بالموقف الروسي الذي قالت إنه "جاء تعبيرا عن الالتزام بمبادئ العدالة واحترام سيادة الدول والقانون الدولي، ودعم استقلال ووحدة السودان ومؤسساته الوطنية".

وأعربت عن "أمل الحكومة السودانية في أن تضع هذه السابقة التاريخية حدا لنهج استخدام منبر مجلس الأمن لفرض الوصاية على الشعوب ولخدمة الأجندة الضيقة لبعض القوى، مع تغييب الشفافية والديمقراطية وتكريس ازدواجية المعايير، ما يضعف دور المجلس في إرساء السلم والأمن الدوليين".

ومساء الاثنين، قدمت بريطانيا مشروع قرار بشأن الحرب في السودان للتصويت في مجلس الأمن المؤلف من 15 عضوا، يدعو إلى وقف فوري للأعمال العدائية وحماية المدنيين من النزاع الذي يمزق البلاد منذ أبريل/ نيسان 2023، دون تحديد الجهة المسؤولة عن تنفيذ ذلك.



وحصل المشروع على موافقة 14 عضوا من أصل 15، وعارضته روسيا، أحد الأعضاء الخمسة الدائمين في المجلس.

ولتوضيح سبب المعارضة، قال دميتري بوليانسكي نائب مندوب روسيا الدائم بالأمم المتحدة، إن "روسيا متفقة مع أعضاء مجلس الأمن على ضرورة إيجاد حل عاجل للوضع في السودان، لكن مشروع القرار لا يحدد ’المسؤول’ عن قضايا مثل حماية المدنيين والحدود، ومن يجب أن يتخذ قرار دعوة قوات أجنبية إلى البلاد ومع من يجب أن يتعاون مسؤولو الأمم المتحدة لمعالجة المشاكل القائمة".

وأضاف بوليانسكي أن بريطانيا تجنبت الإشارة صراحة إلى الحكومة السودانية الشرعية، وهو "أمر غير مقبول".

وتابع: "ليس لدينا شك في أن حكومة السودان فقط هي التي يجب أن تقوم بهذا الدور، لكن بريطانيا تحاول سلبها هذا الحق".

ومنذ منتصف أبريل 2023، يخوض الجيش السوداني ضد قوات "الدعم السريع" حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل وما يزيد على 13 مليون نازح ولاجئ، وفق تقديرات الأمم المتحدة والسلطات المحلية.

وتتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء الحرب بما يجنب السودان كارثة إنسانية، بدأت تدفع ملايين إلى المجاعة والموت جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 13 ولاية من أصل 18.

مقالات مشابهة

  • الحرب في السودان: تعزيز فرص الحل السياسي في ظل فشل المجتمع الدولي
  • بيان من المكتب السياسي للحزب الإشتراكي الديمقراطي الوحدوي (حشد الوحدوي)
  • ممثل الاتحاد الأوروبي لدى فلسطين :"ندعم المسار السياسي الذي يستهدف تعزيز الاستقرار"
  • السودان ما بين استبدال القوى السياسية أو استبدال الأمة السودانية
  • هل من أستاذ يزيل جهلي السياسي في قضية الحرب علي السودان؟
  • كيف ترى الأوساط السياسية إسقاط روسيا لمشروع القرار البريطاني حول السودان؟
  • محمد الشيخي: التشكيلة التي بدأ بها هيرفي رينارد اليوم كانت خاطئة
  • طلب البعثة الاممية التي قدمه حمدوك كانت تصاغ وتُكتب من داخل منزل السفير الانجليزي في الخرطوم!!!
  • هكذا علقت حكومة السودان على الفيتو الروسي في مجلس الأمن
  • مصر تشدد على ضرورة الحل السياسي لأزمات السودان و«القرن الإفريقي»