بوابة الوفد:
2025-05-01@03:39:12 GMT

عاصمة ابن خلدون

تاريخ النشر: 10th, August 2023 GMT

بمجرد ولوج الطائرة المجال الجوى يتطلع الزائر الشغوف بحماس من النافذة إلى مصر التى فى خاطره، ثم فجأة ينتابه شعور بالصدمة من هول القبح والعشوائية العمرانية، فهنالك جزر متناثرة من الكتل الخرسانية القميئة أشبه برؤوس الشياطين متلاصقة بعنف على ضفاف النهر الخالد تنخر كالسوس فى محيط الوادى الأخضر، ليتساءل المرء بحسرة: هل القاطنون فى هذه الكردونات العبثية هم أنفسهم أحفاد البنائين العظام الذين شيدوا الأيقونات الهندسية من المعابد المهيبة والأهرامات الخالدة؟ تكاد المفارقة العجيبة ترسخ أكذوبة أن حضارتنا صنيعة الكائنات الفضائية! 

فقديمًا قال ابن خلدون صاحب نظرية العمران «الملك بالجند، والجند بالمال، والمال بالخراج، والخراج بالعمارة، والعمارة بالعدل، والعدل بإصلاح العامل، وإصلاح العامل باستقامة الوزراء».

فلنكن صادقين مع أنفسنا ولا ندفن رؤوسنا فى الرمال، مصر تعانى كارثة عمرانية منذ أكثر من قرن تتجلى فى الحضر قبل الريف، فالعاصمة العتيقة مرآة الحكم بدون أى هوية بصرية فهى عبارة عن قرية ضخمة متوحشة ومهملة تفتقد للحدود الدنيا لجودة الحياة، فحدث ولا حرج عن شلل مرورى خانق مع تلوث بصرى وسمعى كئيب، بالإضافة لاعتداء سافر على الكنوز التراثية واختلاط سيريالى بشع للأحياء السكنية والإدارية والتجارية... إلخ. 

لذا فإن تشييد عاصمة حديثة تليق بأقدم دولة فى التاريخ، أصبح فكرة وجودية تأخرت عقودًا، ولكن أن تأتى متأخرًا أفضل من ألا تأتى أبداً.

حسنًا، هى ليست بدعة مصرية، بل سنة كونية سبقتنا إليها البرازيل وتركيا وحتى نيجيريا، لكن ما إن بدأت ملامحها تتضح حتى انهالت سهام الشائعات المعتادة من كل صوب وحدب. أستطيع استيعاب سفاهة أبواق الدعاية الإخوانية المثيرة للشفقة، لكن ما لا أفهمه ولا أتقبله هو لغو بعض «المتثقفين» عن فقه الأولويات بإطعام الشعب أولا  والهمز واللمز عن البذخ والترف فى مقرات الحكم وإذكاء الفتنة الطبقية بوصمها محمية للأغنياء فقط، كل هذا الهراء لا يسمن ولا يغنى من جوع؛ لأن الغرض مرض وهو عدم تسطير تاريخ جديد لهذا البلد العريق، فالقاهرة عصية على التغيير لأكثر من ألف سنة فمن ذا الذى يملك الإرادة السياسية الجسورة لتلك النقلة النوعية الجبارة سيكتب له المجد والخلود مثل جوهر الصقلى لذلك يجب تأليب العامة ووأد مشروع طموح قبل اكتماله؛ لأن صورته النهائية المبهرة سوف ترفع الروح المعنوية وتعمق الفخر الوطنى، والعلمين التى لم تكتمل بعد خير مثال.  

لا شك أن تغيير الصورة الذهنية للبلد له تأثير كبير وقيمة مضافة للسياحة والاستثمار وحتى النفوذ السياسى، فالحداثة التى ستحظى بها سيكون لها مفعول السحر على أزمات القاهرة المزمنة بتفريغها من مخلفات البيروقراطية وجعلها درة سياحية تنافس اسطنبول التى لا تملك نصف كنوزها، ومع ذلك قبلة السائحين الباحثين عن سحر الشرق، وهو ما لا يرغب فيه بعض الأصدقاء وكثير من الأعداء. 

دعك من كل ما سبق واستمع بتجرد إلى لغة الأرقام لعلها تنفع أولى الأبصار. 

الديون الخارجية فى العقد الأخير 120 مليار دولار صرفت على أضخم بنية تحتية؛ وبذلك قفز الناتج القومى من 288 إلى 497 مليار دولار، صافى أصول العاصمة الفاشلة 4 تريليونات جنيه! غير أصول المبانى الحكومية فى القاهرة والتى لا تقدر بثمن. 

يومًا ما سينال هذا المشروع العملاق حقه من التقدير . آفة حارتنا الحكمة بأثر رجعى.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مصر

إقرأ أيضاً:

آي بي إم تعتزم استثمار 150 مليار دولار بأميركا خلال 5 سنوات

تعتزم "آي بي إم" استثمار 150 مليار دولار في الولايات المتحدة بما في ذلك في منشآت إنتاج الحواسيب الكمية على مدى السنوات الخمس المقبلة، لتكون بذلك أحدث شركة تقنية أميركية تدعم جهود إدارة ترامب للتصنيع المحلي.

يأتي إعلان الشركة أمس الاثنين في أعقاب تعهدات مماثلة من شركات التكنولوجيا الكبرى مثل إنفيديا وآبل، إذ أعلنت كل منهما أنها ستنفق حوالي 500 مليار دولار في البلاد على مدى السنوات الأربع المقبلة.

ويرى محللون أن التزامات الإنفاق هذه بمثابة انفتاح على الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي تهدد تعريفاته الجمركية بزعزعة سلاسل التوريد وزيادة تكاليف صناعة التكنولوجيا.

نطاق التصنيع

ذكرت "آي بي إم"، وهي متعاقد حكومي مهم كذلك، أن أكثر من 30 مليار دولار من إجمالي الاستثمار سيستخدم لتوسيع نطاق تصنيعها في الولايات المتحدة لأجهزة الحاسوب الكمومية والحواسيب المركزية، وهي أنظمة تُستخدم لمعالجة البيانات الضخمة والتطبيقات الحيوية.

وتُشغّل الشركة أحد أكبر أساطيل أنظمة الحوسبة الكمومية في العالم، التي تُعدّ بتقديم أداء أقوى بآلاف المرات من أجهزة الحاسوب التقليدية.

يرى محللون أن استثمارات "آي بي إم" تقرّبٌ من الرئيس دونالد ترامب (رويترز)

وقال جيل لوريا المحلل في شركة "دي إيه ديفيدسون": بينما نعتقد أن "آي بي إم" ستواصل الاستثمار في مجال تكنولوجيا الكم الناشئ، يرجح أن يكون هذا الرقم المبالغ لفتة تجاه الإدارة الأميركية"، مشيرا إلى أن شركات التكنولوجيا الكبرى تستخدم تعهداتها الاستثمارية درعًا في وجه النزاعات التجارية.

إعلان

وأدت الإنجازات الأخيرة في مجال الحوسبة الكمومية، بما في ذلك الجيل الجديد من الرقائق الذي أعلنت عنه شركة غوغل في ديسمبر/كانون الأول الماضي، إلى زيادة الاهتمام بهذا القطاع، رغم أن المديرين التنفيذيين لا يزالون منقسمين حول موعد ظهور تطبيقات واقعية لهذه التقنية.

وتهدف غوغل إلى إصدار تطبيقات تجارية في غضون 5 سنوات، في حين يتوقع جينسن هوانغ الرئيس التنفيذي لشركة إنفيديا انتظارًا لمدة 20 عامًا للاستخدامات العملية.

عقود ملغاة

وصرحت "آي بي إم" الأسبوع الماضي بإلغاء 15 من عقودها الحكومية في ظل حملة لخفض التكاليف من قبل إدارة ترامب، وهي انتكاسة طغت على توقعاتها المتفائلة لإيرادات الربع الثاني، وأدت إلى انخفاض أسهمها.

وبلغ إجمالي النقد وما يعادله لدى الشركة 14.8 مليار دولار يوم 31 ديسمبر/كانون الأول الماضي، وأنفقت الشركة 1.13 مليار دولار على النفقات الرأسمالية العام الماضي، في حين بلغ إجمالي النفقات 29.75 مليار دولار.

مقالات مشابهة

  • خسر 113 مليار دولار.. وما زال الأغنى في العالم
  • 35 مليار دولار خسائر القطاعات الاقتصادية في غزة
  • كيف خسر لبنان مليار دولار في سنوات؟ خبير يتحدّث
  • 1.03 مليار درهم أرباح «بروج» في الربع الأول
  • ترامب: شركة أبل تعتزم استثمار 500 مليار دولار في الولايات المتحدة
  • بعد ساويرس.. طلعت مصطفى تستهدف 17 مليار دولار في مشروع ضخم بالعراق
  • العراق يعتزم رفع التبادل التجاري مع إيران إلى 25 مليار دولار
  • آي بي إم تعتزم استثمار 150 مليار دولار بأميركا خلال 5 سنوات
  • ابن خلدون تكلم في أن الحرب تفسد أخلاق الناس
  • 2.2 مليار دولار العجز التجاري حتى شباط