دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)— لا تُعتَبَر بلدة كرويدون، الواقعة جنوب العاصمة لندن، من الوجهات الجذابة في بريطانيا.

وبهدف الوصول إلى هذه البلدة، ستضطر للحاق برحلة مبكرة من مطار جاتويك في المملكة المتحدة.

ولكن لم يكن مطار جاتويك متواجدًا دائمًا.

وعلى يُعد أكثر من كيلومترين بقليل جنوب غرب فنادق كرويدون الحديثة، يقع فندق كلاسيكي جديد على جانب طريق "بورلي واي" المزدحم.

وعادةً ما تكون الحانة مليئة برجال الأعمال المنهكين، لكنها كانت ذات يوم مليئة بالطيارين.

ويُدعى هذا الفندق "Aerodrome Hotel"، وهو أول فندق مطار بُني لهذا الغرض في العالم.

وبجانبه، تواجد أول مطار دولي في بريطانيا.

صورة لما تبقى من مطار "كرويدون" في بريطانيا.Credit: Courtesy Will Noble

منتج ثانوي جراء الحرب

كانت لندن والمناطق المحيطة بها عرضة للهجوم بالفعل خلال الحرب العالمية الأولى.

وكانت كرويدون هدفًا، وبعد غارة مدمرة بشكل خاص في عام 1915، تمت مصادرة قطعة أرض تقع جنوب غرب البلدة بموجب قانون الدفاع عن المملكة، وتم تحويلها إلى "مطار بيدنغتون".

ومن هذا المطار، انطلقت طائرات من طراز "Sopwith Camels" و"Bristol Fighters" ليلاً ضد الألمان.

صورة تُظهر احتفالاً لتعميد خمس طائرات في عام 1926.Credit: Central Press/Hulton Archive/Getty Images

ولكن سرعان ما انتهت الحرب، وبدا أنّ فترة استعمال كرويدون كقاعدة جوية كانت في طريقها للانتهاء.

ولكن استولى مكتب الحرب على مطار "Hounslow Heath"، الذي كان يدير أولى الرحلات الجوية الدولية لبريطانيا.

ومن ثم انضم مطار "بيدنغتون" إلى المطار المجاور في وادون، والذي استُخدِم لفترةٍ وجيزة لاختبار الطائرات الجديدة.

ومعًا، تحول كلاهما إلى "مطار كرويدون".

كان من الصعب جذب المسافرين صورة لخبراء أثناء تفقد دمية استُخدمت لإجراء الاختبارات في المطار.Credit: Hulton Deutsch/Corbis/Getty Images

وكان المطار عبارة عن مجموعة من المباني الخشبية، وأكواخ الجيش القديمة، بينما جاء برج المراقبة على شكل كوخ آخر قائم على ركائز متينة يمكن الوصول إليه عن طريق سلّم.

وكانت منطقة الجمارك عبارة عن حظيرة تتضمن لافتتين فوق بابين كُتب على إحداهما "البريطانيون"، بينما كُتِب على الآخر "غير البريطانيين".

وكان لا بدّ من طرد الأغنام من مدرج المطار، وازداد الكفاح من أجل جذب الركاب. 

وكان الطيران في أوائل عشرينيات القرن العشرين مكلفًا بشكلٍ خاص، إذ عانى الكثيرون من القلق بشأن التحليق أيضًا، ولم يكن ذلك مفاجئًا نظرًا للحوادث المتكررة.

وقدّم المطار تذاكر موسمية خاصة إلى باريس، وخصومات بمناسبة عيد الفصح.

تحول المطار إلى مركز للأعمال.Credit: Courtesy Will Noble

وفي حين تمتعت دول مثل فرنسا، وهولندا، وألمانيا بمساعدات سخية من حكوماتها، إلا أنّ البريطانيين تُرِكوا للتعامل مع الأمور بأنفسهم.

زاره المشاهير يمكن للمرشدين السياحيين اصطحاب الضيوف في جولة حول ما شكّل صالة المغادرة في السابق، والحديث عن المجموعة الواسعة من القطع الأثرية المعروضة.Credit: Courtesy Will Noble

انقلب الوضع وأدركت الحكومة أنّ السفر الجوي لن يختفي. 

وفي عام 1924، تم تأسيس أول شركة طيران وطنية في بريطانيا، وهي الخطوط الجوية الإمبراطورية.

وفي حين أنّ ولادة الخطوط الجوية الإمبراطورية كانت بمثابة نعمة للسفر الجوي البريطاني، إلا أنّ ما حوّلها إلى منارة مشرقة هو مجمع مطار "كرويدون" الكلاسيكي الجديد المذهل، الذي افتُتِح في يناير/كانون الثاني من عام 1928.

وعند دخول الركاب من الأبواب، رحبت ساعة بالركاب أثناء عرض تفاصيل الرحلات الجوية القادمة والمغادرة.

وافتُتِح فندق " Aerodrome Hotel" المجاور في الوقت ذاته، وكان يقدم قوائم طعام باللغة الفرنسية. وفجأة، أصبحت بلدة كرويدون في قمة التطور.

ورغم أنّ كرويدون لم تتمتع بكل وسائل الراحة التي يوفرها السفر الجوي في العصر الحديث، إلا أنّ الفترة بين الحربين العالميتين كانت بلا شك عصرًا ذهبيًا.

وحقق الفندق نجاحًا كبيرًا، ليس مع الضيوف الذين قضوا الليل فيه فحسب، بل مع الزوار خلال النهار.

وبين عامي 1932 و1933، استمتع نحو 70 ألف شخص بحانة الفندق، ومطعمه، ومنصة المشاهدة على السطح، حيث تمكنوا من مشاهدة الطائرات وهي تقلع وتهبط.

وأصبحت كرويدون وجهة بحد ذاتها.

وزارها مشاهير من بينهم بيب روث، وفريد ​​أستير، وجون إف كينيدي، وتشارلي شابلن، وغيرهم.

وفي عام 1935، نشرت الكاتبة أجاثا كريستي رواية "الموت في الغيوم"، التي سردت قصة امرأة مقتولة على متن رحلة جوية أثناء هبوطها في كرويدون.

وأصبحت بلدة كرويدون جزءًا من الثقافة الشعبية.

تراجع المطار احتضنت البلدة أول فندق مطار في العالم.Credit: Courtesy Will Noble

رُغم أنّ مجمع المطار في عام 1928 شكل خطوة كبيرة للأمام مقارنة بالمطار الأصلي، إلا أنّ كرويدون عانت من بعض المشاكل، ومنها أنها لم تتمتع بمحطة سكة حديدية خاصة بها. 

وشكل الضباب جانبًا أسوأ، إذ كان كثيفًا بفضل موقع كرويدون عند سفح "Surrey North Downs".

وشهد التاسع من ديسمبر/كانون الأول من عام 1936 أكبر كارثة على الإطلاق في كرويدون، عندما اصطدمت طائرة تابعة لشركة "KLM" بمنزل أثناء محاولتها الإقلاع وسط الضباب، ما أسفر عن مقتل عدد من الركاب وطاقم الطائرة.

المصدر: CNN Arabic

كلمات دلالية: بريطانيا الحرب العالمية الأولى الحرب العالمية الثانية طائرات لندن مطارات فی بریطانیا فی عام إلا أن

إقرأ أيضاً:

من أفغانستان إلى أوكرانيا.. مصورة صحفية توثق قصصا مؤثرة عن ضحايا الحروب الصامتين

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يعبر صف طويل من اللاجئين حقل أرز موحِل، بينما تثقل أكتافهم حمولة من الأمتعة. إنهم مجرد مجموعة من مئات الآلاف من لاجئي الروهينغا، الذين عبروا إلى بنغلاديش بعدما أجبرتهم موجة من العنف على الفرار من ميانمار.

يعبر آلاف اللاجئين الروهينغا الفارين من ميانمار على طول حقل أرز موحل بعد عبور الحدود في بنغلاديش في عام 2017.Credit: Paula Bronstein

وتنظر فتاة يبدو عليها الجوع من خلال نافذة يغشاها الضباب إلى مطعم في العاصمة الأفغانية كابول، آملة في أنه إذا نظرت لفترة كافية، فسيمنحها أحدهم بقايا طعامه.

فتاة تبلغ من العمر 10 أعوام تنظر بألم من خلال نافذة مطعم في كابول بأفغانستان، عام 2002.Credit: Paula Bronstein

ويرفع ثلاثة شبان علم إندونيسيا، وهم يصرخون ويشيرون إلى السماء أثناء تجمّع للمحتجين.

وقد وثّقت المصورة الصحفية باولا برونشتاين جميع هذه المشاهد، التي تفصل بينها سنوات عديدة وآلاف الأميال. 

طلاب جامعيون يحتجون فوق مبنى البرلمان في جاكرتا بإندونيسيا، بعد استقالة الرئيس سوهارتو في عام 1998.Credit: Paula Bronstein

جميع هذه الصور مدرجة في معرض ضمن فعاليات مهرجان التصوير الصحفي الدولي"Visa pour l’Image" لهذا العام في مدينة بربينيان بفرنسا، كجزء من معرض استعادي لمسيرتها المهنية التي امتدت لعقود من الزمان كشاهدة على الظلم. وقد نالت برونشتاين جائزة "Visa d'or Award" لعام 2024 للإنجاز مدى الحياة من مجلة "Figaro".

يؤدي الأب مايكل هليبا مراسم جنازة في كنيسة بأوكرانيا، في عام 2022. وذكرت التقارير أنه قُتل في هجوم صاروخي روسي أثناء توجهه إلى العمل.Credit: Paula Bronstein

وتُعد صورها بمثابة رحلة قاتمة عبر نحو 30 عامًا من الأزمات الإنسانية على مر التاريخ، وتسلّط الضوء على من تلقبهم بـ"ضحايا الحروب الصامتين".

وقالت برونشتاين: "لم تكن أعمالي أبدًا حول الخطوط الأمامية فقط. كانت دائمًا تغوص في القصص العميقة، وتنظر حقًا إلى الناس، والحياة. ... كيف يعيش الناس على خلفية الحرب؟".

وقد ركّزت برونشتاين خلال جزء كبير من حياتها المهنية على أفغانستان، إذ زارت البلاد بشكل متكرر من عام 2001 إلى عام 2022، حيث سردت قصص الناس الذين يعيشون بين تمرد طالبان والحرب الأمريكية الدائمة.

الطفلة محبوبة، 7 سنوات، تقف أمام جدار مثقوب بالرصاص أثناء انتظارها دورها في عيادة صحية في كابول عام 2002Credit: Paula Bronstein

وتأتي إحدى أكثر صورها إيلامًا من وقت مبكر من الحرب، في عام 2002. وفي الصورة، تقف طفلة صغيرة، تدعى محبوبة، بجوار جدار يملأه الثقوب من أثر طلقات الرصاص، بينما تنتظر دورها لدخول عيادة لعلاج داء الليشمانيات، وهو مرض جلدي تسببه الطفيليات الأولية. 

وشرحت برونشتاين أن الأفغان الفقراء أصيبوا بهذا المرض بسبب النوم على الأرض.

وتظهر محبوبة بوجه مرقّط بالتقرّحات يغطيها مرهم أرجواني اللون، وهو علاج لداء الليشمانيات، في مشهد يوازي منظر الجدار خلفها، لتتحدث الصورة الصارخة عن نفسها، إذ ترك الفقر والعنف بصماتهما على وجه هذه الطفلة وعلى العالم الذي تعيش فيه.

 وفي مقدمة معرضها، كتبت برونشتاين أنه من خلال سرد قصص مثل هذه "بدأت تفهم قوة عودتها" .

وقالت برونشتاين: "على مدار تلك السنوات، واصلت الكشف عن الكثير. كنت محظوظة لأنني تمكنت من القيام بمثل هذا التنوع الهائل من الأعمال".

وبعد سنوات من العمل في أفغانستان، كانت برونشتاين متواجدة على الأرض عندما بدأت القوات الأمريكية في الانسحاب وبدأت حركة طالبان في الاستيلاء السريع على البلاد في عام 2021. وفي مهمة لصحيفة "وول ستريت جورنال" آنذاك، أشارت إلى أن الصحيفة قامت بإجلاءها في اليوم السابق لوصول طالبان إلى العاصمة كابول.

وبعد استيلائهم على السلطة، عادت برونشتاين لسرد قصص عن الحياة تحت حكم طالبان. وقد فرضت طالبان قيودًا شديدة على وسائل الإعلام وسيطرة قمعية على النساء. 

وترى برونشتاين أن النساء الأفغانيات اللواتي قضت جزءا كبيرا من حياتها المهنية في سرد ​​قصصهن، "يتم محوهن من المجتمع بشكل أساسي".

وقالت برونشتاين: "لقد توقعنا جميعًا ما سيحدث، لكن لم يتمكن أحد من إيقاف أو منع الظلم".

مقالات مشابهة

  • المطار الأكثر هدوءا في العالم يستقبل 7 ركاب يوميا.. لسبب غريب
  • مدير شرطة بالم بيتش: المشتبه به كان مختبئا بين الشجيرات وكان ترامب على بعد 300 إلى 500 متر منه
  • هل تُكرِّر دول الخليج الأخطاء الاستراتيجية لأوروبا؟
  • كيف شق قماش الطرطان طريقه ليصبح خيارًا شعبيًا في الأزياء المدرسية الرسمية حول العالم؟
  • حالة الطقس الآن.. استمرار انخفاض درجات الحرارة وتحسن الأحوال الجوية
  • صناعة النفط والغاز في الجزائر ستظل داعمة لأوروبا.. والطاقة المتجددة سلاح دبلوماسي
  • إنقاذ سائح من بكتيريا آكلة اللحم.. عنكبوت لدغه ببريطانيا واتعالج في مصر
  • من أفغانستان إلى أوكرانيا.. مصورة صحفية توثق قصصا مؤثرة عن ضحايا الحروب الصامتين
  • «الأسبوع» تحاور منار غانم: الأرصاد الجوية في تطور مستمر.. وأي معلومات عن الشتاء الآن غير صحيحة «مش مختصين وعايزين يركبوا التريند»
  • بلقطات خالدة.. مصور يوثق السحر القديم لمنطقة ديرة في بدبي