خطأ «السادات» الذي أودى بحياته
تاريخ النشر: 6th, September 2024 GMT
منذ سنوات طويلة أجريت حواراً مع السيدة چيهان السادات رحمها الله، وحين سألتها عن رأيها فيما أقدم عليه الرئيس السادات رحمه الله باعتقالات ٣ و٥ سبتمبر ١٩٨١، كان ردها واضحاً وصريحاً: لقد أخطأ فى اتخاذ هذا القرار، وأنها كانت ضد ما حدث، لكنها بررت قراره بأنه كان على وشك الانتهاء من استكمال باقى اتفاق السلام مع إسرائيل.
حتى يومنا هذا لا تزال اعتقالات ٣ و٥ سبتمبر، والتى تمر ذكراها الأليمة هذه الأيام والتى ربما لا يعرفها شبابنا، ولا يعرف الطريق الصعب طريق السلام الذى سار فيه الرئيس السادات حتى يحصل على ما تبقى من أرض مصر التى احتلت فى يونيو ١٩٦٧، وكيف لجأ إلى هذا الطريق بعد ما حققه من انتصار فى حرب أكتوبر ١٩٧٣.
ثم وجد معظم الدول العربية التى نقلتها حرب أكتوبر نقلة اقتصادية كبيرة تتخلى عن مصر، بعد أن أكلت حروبها مع إسرائيل الأخضر واليابس، وبدلاً من مساندتها لاستعادة قوتها ومكانتها وتعويضها عما قدمته خلال أربع حروب كبرى، راح البعض يكيل الاتهامات بعد أن وافقت مصر على فض الاشتباك الأول والثانى.
على مدى أربع سنوات فى أعقاب حرب أكتوبر، ومصر تحاول الخروج من النفق المظلم، والاتجاه نحو التنمية واستعادة الجبهة الداخلية لاستقرارها وتنميتها وقوتها، تخللتها إعادة افتتاح قناة السويس فى يونيو ١٩٧٥، والتوجه نحو سياسة الانفتاح الاقتصادى، لكن ظلت مصر وحدها تعانى من تبعات الحرب، حتى انطلقت مظاهرات ١٨ و١٩ من عام ١٩٧٧، التى كادت تثير الفوضى فى البلاد وتؤثر على استقرارها.
إذن توقفت نتائج حرب أكتوبر عند اتفاقيتى فض الاشتباك الأول والثانى، ولم تعد بقية سيناء ولا الجولان السورية، وظلت القضية الفلسطينية على حالها، فلم يجد الرئيس السادات مفراً يحرك تلك المياه الراكدة سوى إطلاق مبادرة للسلام فى مجلس الشعب المصرى يوم التاسع من نوفمبر ١٩٧٧، أبدى فيها استعداده لزيارة إسرائيل والكنيست من أجل حل القضية، ولم تمضِ سوى أيام قليلة حتى تلقى دعوة من رئيس وزراء إسرائيل مناحم بيجن لزيارة إسرائيل، وهو ما حدث بالفعل فى التاسع عشر من نوفمبر ١٩٧٧.
كانت تلك هى الخطوة الأولى فى طريق السلام بعد ثلاث سنوات صعبة على مصر، استطاع بعدها الرئيس السادات وفريق المفاوضين المصريين، وبدعم من الرئيس الأمريكى چيمى كارتر الوصول إلى اتفاق سلام، كان فى ذلك الوقت أفضل السيئ، لكنه فى يومنا هذا يعد إنجازاً كبيراً، خاصة بعد ما وصلت إليه الأمة العربية من وضع مذرٍ يكشف ضعفها وهوانها وتشتتها، فى مقابل إجرام إسرائيلى غير مسبوق.
خلال تلك السنوات القليلة كان الرئيس السادات يواجه حرباً خارجية من الدول العربية التى خوّنته وكوّنت ما سمى بجبهة الرفض ومقاطعة مصر، ونقل مقر جامعة الدول العربية إلى تونس، ومن الداخل ممن كانوا ضد الخطوات التى اتخذها السادات للتطبيع مع إسرائيل، وكان الهجوم شديداً، من اليمين واليسار، من الكنيسة والسلفيين والإخوان، من الأحزاب التى فتح هو لها الباب لتمارس السياسة من جديد، من صحفيين وكتاب ومفكرين وسياسيين وأكاديميين وعمال وتكنوقراط.
واستيقظت مصر فى الثالث والخامس من سبتمبر على حملة اعتقالات واسعة شملت أكثر من ألف وخمسمائة شخصية مصرية. كان هذا هو خطأ السادات الكبير، والذى صنع مع خطئه الثانى بإطلاق يد الإخوان والجماعات المتطرفة يدها فى المجتمع المصرى نسجا معاً سيناريو اغتياله فى يوم نصره وسط جنوده يوم السادس من أكتوبر ١٩٨١، ليدفع ثمن هذين الخطأين، وتحمل هو وحده النتيجة التى دفع ثمنها حياته.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: الهجوم الإيراني على إسرائيل رفح أحداث السودان غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية أنور السادات الرئیس السادات حرب أکتوبر مع إسرائیل
إقرأ أيضاً:
حكاية الشهيد رامي هلال ضابط الأمن الوطني.. ضحى بحياته لإنقاذ الدرب الأحمر من إرهاب الإخوان
رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وأبروا بقسم الولاء الذي أدوه في ساحة البطولة والشرف حين تخرجوا من الكلية وبدأوا الحياة العملية فى مختلف قطاعات وزارة الداخلية، وكان من بين هؤلاء الشهداء العقيد رامي هلال، الضابط بقطاع الأمن الوطنى، الجميع شاهد على بطولة الشهيد رامي هلال، وبالتحديد يوم الاثنين 17 فبراير 2019، انتشر مقطع الفيديو الخاص بالحادث، والذي تم الحصول عليه من إحدى كاميرات المراقبة المثبتة بأحد شوارع الدرب الأحمر، والتي كان لها الفضل فى كشف ملابسات حادث التفجير، حيث راقب الشهيد منزل الإرهابي الذي اختبأ فيه، ثم ترجل قاصدا دراجة هوائية ليستقلها، وحين قبض عليه الشهيد، فجّر نفسه فى الحال.. سالت دماء الشهيد وأنقذ المنطقة من كارثة.
رحلة البحث من الجيزة ل الدرب الأحمركانت الساعة تُشير إلى الواحدة من ظهر يوم الجمعة 15 فبراير 2019، وبينما كان أحد الارتكازات الأمنية يباشر عمله بميدان الجيزة، وقف إرهابي أعلى كوبري الجيزة، وألقى قنبلة بدائية الصنع على القوة الأمنية، التي كانت تتمركز أمام مسجد الاستقامة، ثم لاذ بالفرار.
وبدأ قطاع الأمن الوطني عملية بحث وتحرٍ دقيقة عن الإرهابي، وبعد قرابة 72 ساعة، من البحث والتحري، وفحص كاميرات المراقبة، وتتبع خط سير هروب الإرهابى، تمكنت قوة يقودها العقيد رامي هلال، من تحديد مكان تواجد واختبائه داخل أحد المنازل بحارة الدريري بـالدرب الأحمر، فتوجه إلى هناك بصحبة فردي شرطة كانا معه.
وقبل أقل من ساعة على الوصول لمنطقة اختباء الإرهابي، أجرى العقيد هلال إتصالا بأفراد أسرته للاطمئنان عليهم، وطمأنهم على نفسه وأنه بخير، ثم وصل إلى مكان اختباء الإرهابي، وتحيّن فرصة للهجوم عليه فور نزوله من المنزل الذي يسكنه.وبعد مرور بعض الوقت، نزل الإرهابي مستقلا دراجة هوائية، حتى شرع «هلال» ومرافقوه في ضبطه، وما هي إلا لحظات حتى فجّر الإرهابي نفسه بواسطة حزام ناسف كان يضعه في جسده، ليستشهد هلال وفردا الشرطة الذين كانا معه في الحال، كما أصيب 3 ضباط أحدهم من الأمن الوطني وآخر من الأمن العام وثالث من مباحث القاهرة.
نصير الغلابةالشهيد رامي علي أحمد علي هلال، من مواليد القاهرة، عام 1979 وترتيبه الثاني بين أشقائه الأربعة، وتخرج في كلية الشرطة عام 2001، والتحق بقطاع الأمن المركزي، وعمل فى محافظة الأقصر، ثم التحق بقطاع الأمن الوطني وتنقل بين إداراته، والتحق بفرع الأمن الوطني فى شبرا حتى استشهاده، وكان الشهيد سببا فى إنشاء موقف للتاكسي بمنطقة شبرا الخيمة، كما كان له موقف مع أحد الباعة الجائلين، عام 2018، وأطلقوا عليه لقب «نصير الغلابة».
وشارك الشهيد فى عدة عمليات هامة اضطلع بها قطاع الأمن الوطني ومنها ملاحقة العناصر المتورطة في حادث اغتيال الشهيد هشام بركات، ومحاولتي اغتيال اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية الأسبق، والمستشار زكريا عبد العزيز، النائب العام المساعد السابق.
وتمكن الشهيد من تتبع خط الإرهابي الهالك حسن، من خلال رصده في الشوارع التي سلكها بعد إلقاء القنبلة على الارتكاز الأمني، من الجيزة وصولا إلى منطقة الدرب الأحمر، حتى تمكن من تحديد مكان اختبائه، وظلّ يراقب الوضع عن كثب، حتى خرج الإرهابي من المنزل، وفجّر نفسه لحظة القبض عليه.. وانتهت حياة البطل رامي هلال.