موقع النيلين:
2024-09-16@04:23:52 GMT

مصطفى ميرغني: جنازة الخوف

تاريخ النشر: 6th, September 2024 GMT

في يوم من أيام الحرب في جبرة،بلغني الخبر أن جارا لنا توفي رحمه الله تعالى،وحينها لم يصطنع الناس أمر دفن الموتى في الأحياء،كان وقت الوفاة قبل الظهر بقليل،تطوع بعض الشباب وذهبوا إلى مقابر الصحافة،التي تبعد عنا ثلاثة كيلوهات،ودخلت أنا الغسيل،وأثناء الغسيل أفكر و أحمل هما كبيرا،كيف سنذهب بالجنازة إلى المقابر،فالسيارات تنهب من البيوت عنوة و قهرا فمن الذي بقيت سيارته و يمكنه أن يخرجها؟ لا أحد.

اقترب وقت العصر و الذين ذهبوا إلى المقابر حفروا أرضا صلبة استعصت عليهم فحتى وقت العصر لم يشارفوا على الانتهاء،وكان المعلن أن الدفن سيكون بعد العصر،فأخبروني أن نتأخر قليلا حتى يجهز القبر،و المكان الوحيد الذي يمكن أن يجتمع فيه الناس على قلتهم هو المسجد في صلاة العصر،و إن تفرقوا بعد العصر صعب جمعهم و ذلك لأن شبكة الاتصالات ضعيفة فكيف بشبكة الانترنت.

صلينا العصر ثم وقفت بعد العصر أمام الناس و كان لا حل سوى ذلك،قلت لهم أن فلانا جارنا قد مات و أبناؤه هاهم يصلون معنا،وتعلمون أنه لا يوجد سيارة يمكن أن نحمل عليها الجثمان،فكل شاب و كل من يأنس في نفسه القوة فليتحرك معنا سيرا على الأقدام نحمل الجنازة على أكتافنا ونتبادل حملها حتى نصل،سبحان الله رغم الخوف الشديد في تلك الأيام من اعتداءات الميليشيا، واعتداءات النهابة و الحرامية،وكانت الاشتباكات تدور وقتها في شارع الهواء جنوبنا مباشرة و طائش الذخيرة يأتينا كثيرا،رغم ذلك كله استجاب الناس و ما تخلف منهم أحد حتى كبار السن و أصحاب الأعذار أصروا على القيام بهذا الواجب العظيم،تحركنا نسارع الوقت حتى لا يأتي الليل فالظلام شديد لعدم الكهرباء و لقلة الناس أصلا.

تحرك فوج عظيم وعدد كبير من الناس من المسجد إلى المقابر سيرا على الأقدام حاملين الجنازة،وصلنا المقابر و كان الوضع مخيفا،فصوت الاشتباكات فوق رأسك مباشرة و هاهو الرصاص يتساقط من حولنا بكثرة،وكل ذلك لا يخيف الناس أكثر من مخافتهم من أن يتعرض لنا أفراد الميليشيا،كان هذا خوفنا أكثر من الرصاص و الله.

تأخر الحفر لصلابة الأرض،وأصاب الناس العطش و الماء قليل جدا،أذن المغرب و بدأت مراسم الدفن فلما فرغنا من الدفن و قد حان وقت المغرب،قلنا لو أننا صلينا في مكاننا هذا سنتأخر،و إن تأخرنا صار الأمر أشد خطرا على الناس،فكان القرار أن نؤخر المغرب حتى نرجع،حتى لو أذن العشاء فإن حالنا هذا يجوز فيه الجمع لشدة الخوف،فعلا تحركنا و خوفنا الكبير من أن يرانا بعض أفراد الميليشيا ثم خوفنا من النهابين و قطاع الطرق ثم خوفنا من الكلاب التي اشتد سعرها،وصارت لا تنصرف بعصا أو صراخ،توكلنا على الله و مضينا في ظلام بهيم، في زقاقات السوق المحلي الذي صار يبابا،فأبواب الدكاكين المكسرة و بقايا البضاعة التي نهبت ملقاة على الأرض و صوت الذخيرة من الميليشيا الذي يضربونه على رأس كل دقيقة بثا للرعب و نشرا للخوف في قلوب القلة القليلة التي بقيت،بعد قرابة الساعة مشيا وصلنا الحي مع أذان العشاء و جمعنا المغرب مع العشاء جمع تأخير،و من لم يذهب معنا أصابهم قلق وخوف شديد لتأخرنا،لعدم الشبكة و إن وجدت فمن ذا الذي يجرأ ليحمل هاتفه معه.

كان يوما عسيرا بمعنى الكلمة و لعل كلماتي هذه لا تعكس لك الخوف و المعاناة الشديدة التي لقيناها في ذلك اليوم،وهذا حال كل من يعيش في مناطق الميليشيا،لا شيء غير الخوف و القلق والتوتر وعدم الأمن وعدم الشعور بالطمأنينة

رحم الله المتوفى
وجزى الله خيرا أهل مسجدنا فذلك العمل أحسب أن له أجرا وشأنا عظيما عند المولى عزوجل فقد وضعوا حياتهم في محك الخطر ليواري مسلما الثرى،وبعد ذلك ابتدع الناس دفن الناس في الأحياء،حفاظا على أرواحهم و سلامة لأنفسهم و لا حول و لا قوة إلا بالله
اللهم عجل بالخلاص من هذه العصبة
كتبه
مصطفى ميرغني محمدصالح

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

مصطفى بكري وعادل زيدان يزوران الطالبة فاطمة التي تجمع الخردة لإعالة أسرتها بالأقصر (صور)

زار النائب مصطفى بكري، عضو مجلس النواب، ورجل الأعمال عادل زيدان رئيس اللجنة الاقتصادية بالنقابة العامة للفلاحين، ونائب رئيس مجلس أمناء كتلة الحوار، الطالبة «فاطمة محمود»، البالغة من العمر 12 عامًا، وتعمل في جمع «الخردة»، لتتمكن من إعالة أسرتها بعد وفاة والدها، في منزلها بمحافظة الأقصر.

وكتب بكري، تدوينة على منصة «إكس»، قال فيها: «زرت صباح اليوم أسرة فاطمة التلميذة التي تعمل لتصرف على أسرتها بعد وفاة والدها في مدينة إسنا جنوب الأقصر، ومعي أخي عادل زيدان الذي قدم تبرعه لفاطمة، كم كانت سعادتنا كبيرة».

مصطفى بكري وعادل زيدان في منزل الطالبة فاطمة مصطفى بكري في منزل الطالبة فاطمة

وكان بكري، قد أذاع قصة فاطمة، التي كانت تعمل صباحا وتذاكر دروسها مساء، من أجل تدبير حقن الأنسولين لوالدها، إلا أنه توفى منذ 3 سنوات، لكنها لم تيأس وعملت من أجل تربية أشقاءها الـ 4، ورعاية والدتها المريضة، ورغم كل هذا تذهب لتؤدي امتحاناتها آخر العام.

مصطفى بكري وعادل زيدان في منزل الطالبة فاطمة مصطفى بكري في منزل الطالبة فاطمة

وأجرى عضو مجلس النواب، اتصالات بالدكتورة مايا مرسي، وزيرة التضامن الاجتماعي، التي قررت راتب شهري لأسرة الطالبة فاطمة، وبحث حالتها كاملة.

مصطفى بكري وعادل زيدان في منزل الطالبة فاطمة مصطفى بكري في منزل الطالبة فاطمة

وصباح اليوم، التقى مصطفي بكري بمحافظ الأقصر الذي كان قد استقبل فاطمة، وقرر مساعدتها وبحث حالتها واستقبلها في مكتبه، وكذلك العديد من الجهات الخيرية الأخرى، وبعد لقائه بالمحافظ، سافر بكري، إلى إسنا والتقي فاطمة وأسرتها، حيث جرى تقديم حلاوة المولد للأسرة.

مصطفى بكري في منزل الطالبة فاطمة مصطفى بكري في منزل الطالبة فاطمة

وقدم رجل الأعمال عادل زيدان رئيس اللجنة الاقتصادية بالنقابة العامة للفلاحين، ونائب رئيس مجلس أمناء كتلة الحوار، تبرعه للأسرة، مع صرف راتب شهري للأسرة لمدة 5 سنوات قادمة.

مصطفى بكري في منزل الطالبة فاطمة مصطفى بكري في منزل الطالبة فاطمة

وكانت الطفلة فاطمة، قد قالت خلال مداخلة هاتفية ببرنامج «حقائق وأسرار»، المذاع على قناة صدى البلد، تقديم الإعلامي مصطفى بكري: «بشتغل وبصرف على إخواتي وبيتنا، وبشتغل في الخردة أنا وإخواتي».

وأضافت الطفلة فاطمة: «أبويا تُوفي واشتغلت في محل ملابس ولكن الدخل كان ضعيفًا، وشغلانة الخردة كويسة، وبروح المدرسة في الامتحانات فقط، لكن مش بعرف أذاكر في وقت الشغل، وبشكر وزيرة التضامن وجماعة الخير على استجابتهم بدراسة حالتنا والتوجيه بمساعدتنا».

مقالات مشابهة

  • تعرف علي مواقيت الصلاة اليوم الأحد 15-9-2024 في محافظة البحيرة
  • الحزن يسيطر على النجوم وغياب داليا مصطفى.. أبرز مشاهد جنازة ناهد رشدي | صور
  • شبح الغولاغ يطارد الروس مجددا
  • سر غياب داليا مصطفى عن جنازة عمتها ناهد رشدي
  • «أطيب خلق الله».. منة فضالي تنعى ناهد رشدي بكلمات مؤثرة
  • مصطفى بكري وعادل زيدان يزوران الطالبة فاطمة التي تجمع الخردة لإعالة أسرتها بالأقصر (صور)
  • بعضها صادم ومفاجئ.. هذه المصطلحات التي يبحث عنها الناس بخصوص ترامب
  • من هي الميليشيا التي وصفها الصدر بالوقحة وطردها من جناحه العسكري؟
  • تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 14-9-2024 في محافظة البحيرة
  • روضة الحاج: فداكَ نفسي أنا البنتُ التي احتشدتْ لمدحِكم فاعتراها الخوفُ والرَهَبُ وكلَّما قلَّبتْ طرفاً بسيرتِكُمْ تسربلتْ حزنَها تبكي وتنتحبُ