السودان بين نهري النيل وشاري.. أو في سيرة «السودان والسودان الغربي» «2-3»
تاريخ النشر: 6th, September 2024 GMT
محمد بدوي
(6)
الطريق من أبشي نحو أدري الحدودية اقترن في فصل الخريف بسيرة الوادي الذي يعبر في شراسة عند مروره بقري عمرت فصارت مناطق، يبدا ذلك بوديان مره، ام ليونة، فرشنا، شتيت،واخريات، وسيرة أخري انها أصبحت جغرافيا تحتضن ما قارب المليون من اللاجئين السودانيين على امتداد فترات (١٩٩٦، ٢٠٠٣، ٢٠١٩،٢٠٢١، ٢٠٢٢،٢٠٢٣) او تواريخ فشل الدولة في الحماية ومشاركتها في الهجوم عليهم سواء عبر دعمها للمليشيات أو صراخها معهم حين وصلت العلاقة مرحلة التنافس على السلطة والموارد، يتخلل ذلك خضرة خرافية واسعة من مزارع الدخن والفول السوداني، بينما تطوي سيارات اللاندكروز تلك الفيافي والشاحنات الكبيرة دون سواها، في الرحلة الثانية من ادري الي ابشي قررت ان احصي عدد السيارات اللاندكروزر القادمة نحو ابشي لاتبين بان ما فاق ال35 سيارة لاندكروز عبرت بين الثامنة صباحا والواحدة ظهرا، وما قارب ال 20 شاحنه محملة بالمساعدات الانسانية في طريقها نحو ادري ثم الحدود السودانية فسالت صديقي المساعد لنا في قيادة السيارة كم عدد السيارات التي تعبر خلال ساعات اليوم فقال يصعب تحديد ذلك ولا سيما انها تقل في موسم الامطار.
(7)
عبور وادي مره يعتمد على اللجان الشعبية من خبراء فرق الانقاذ، هم من سكان المنطقة ،ينظمون أنفسهم تحت قيادة شخص منهم ، مهمتهم الدخول إلي الوادي وتحديد مسارات يمكن للسيارات العبور منها، وهي تعتمد على المناطق التي تقل فيها الحفر داخل المجري، ثم يصطفون على جانبي المسار المحدد وهم يحملون ادواتهم من الحبال البلاستيكية الغليظة، ثم ياذنون للسائقين بدخول الماء والتزام المسار، ذلك مقابل مبلغ مالي يقدر بخمسة الف فرنك من عملة غرب أفريقيا الموحدة، وهو المقابل الذي يضمن تدخلهم في حال تعثر السيارة داخل الماء، يعمل ما يقارب ال٤٠ منهم او يزيد بتقسيم العمل بربط السيارة من الامام بالحبال البلاستيكية ثم سحبها بينما تقوم مجموعتين بالدفع من الخلف والجانبين، حاول احد سائقي سيارة لاندكروزر بك اب محملة بالبضائع اتخاذ قراره بالعبور متخطيا مملكة الانقاذ الشعبية، فلازمه سوء الحظ بالوحل داخل المجري، استعان بسيارة أخري على الشط لسحبه، فانقطع الحبل لثلاث مرات مع الفشل، عاد مستعينا بفريق الانقاذ فتضاعف المقابل إلي ١٠ الف فرنك، مع تطاول زمن الوحل داخل المجري تسرب الماء للماكينة، فأصبحت هنالك وظيفة اضافية للمكيانيكي المتواجد على الشط،العشرات من سيارات اللاندكروز والشاحنات على الجانبين، فجريان الوادي قد تحكم بالانتظار لعدة اياما احيانا، بدأنا بالعبور عقب حوالي عشر سيارات غامرت، تمكنت فرق الانقاد من مساندة ما لا يقل من تسع سيارات على العبور الي الضفتين بعد جهد تسندها خبرة، كنا ثان سيارة تمكنت من العبور دون الوحل في المجري، فملاتنا الغبطة مع الزغاريد التي انطلقت من النسوة على الشط من بائعات الماكولات والمشروبات والاخريات المسافرات في سيارات اخري،
(8)
“فرشنا” مدينة صغيرة، سيرتها كانت قرية صغيرة حتي العام ٢٠٠٤ قبل أن يتلصق بها معسكر للاجئين السودانيين فتحولت إلي مدينة صغيرة،حالها يمكن اختصاره في تعبير قرية صغيرة استقبالها ومواساتها وتضامنها مع اللاجئين الذين حرقت قراهم، و التي قطن فيها آخرون، وتلك التي بدلت اسماءها باخري وفق للهوية الجديدة للمستوطنين، فصارت ملاذ لهم، يستقبل مهبطها طائرات الهليكوبتر التابعة للأمم المتحدة، ومخازن الغذاء التابعة لوكالة للاغذية العالمية، تغادرها متقدما نحو أدري عبورا بالوادي الذي ينتهي على الجانب الآخر محاطا بغابة متشابكة من أشجار المنقي، وفي البال كثير من أسئلة حول تواريخ اللجوء وعلاقتها بالمكان والزمان، وجيل ولد في بها تحت أسقف البيوت الطينة التي غادرت مرحلة المساكن البلاستيكية المؤقتة، الراجح ان اكتمال الطريق القاري الذي بدأت شركة المقاولين العرب العمل فيه في قطاع ابشي ادري سيغير ملامح تلك البقعة وستتحول الكثير من القري والمدن الصغيرة الي حضر .
(9)
عبرنا عدد من الوديان الصغيرة النساء والصبيات والاطفال ينظفون الحقول التي تحكل الشبكية بخضرة الذرة والفول والسوداني ، حتي وصلنا الي “شتيت” التي تمضي في طور بين القرية الكبيرة وتخلق ملامح لمدينة ما، طول الوادي يبصم عليه الشاحنات التي غرقت في مجراه ثم غمرتها الرمال المتحركة فلم يعد يظهر منها سوي بعض ما يشير إلي أن هنالك دفنت الرمال البيضاء شاحنه، ينعطف الوادي فتغمر المياه غابة صغيرة لتصبح بركة ترتفع المياه فيه اقداما كالحناء حول الاشجار، سكان شتيت التي جاء إسمها من قري كانت في السابق متباعدة ( مشتته) قبل أن يجعلها التطور تلتحم ببعض، استغلوا مياه البركة في كمائن صناعة الطوب بما يشير إلي عزمها على الانتقال نحو ما يميز هويتها المدنية، تحت الاشجار الظليلة نصبت قشارات الفول السوداني التي ما أن يفضي الخريف ويحل موسم الحصاد تبدأ في الدوران لفصل بذرة الفول عن الغطاء، نجاح محصول الفول السوداني في هذا الموسم، وفي البقعة الممتدة بين ابشي وادري ربما يضعها تحت تصنيف الدول المنتجة له عالميا
(10)
المطر المنهمر بين الحين والاخر جعل الطريق من فرشنا الي مدينة ادري، يستغرق وقتا أطول ، اضافة الي ان شاحنات المساعدات التابعة لبرنامج الغذاء العالمي اصابت الشارع المسكون بالوديان والخيران الطينية بالكثير من المطبات بما صعب السير وضاعف من عدد السيارات والشاحنات التي تصطك في الوحل، مدخل المدينة الذي يكشف عن المباني الحكومية القديمة التي ارتبطت بحقبة الاستعمار الفرنسي، تجعلك في ذلك الطقس الخريفي مع خلو الشوارع من المارة كانك في مشهد لاجد الافلام الفرنسية في بيئة ريفية، أدري احدي عرائس المدن الحدودية التي تحضن المنفذ الحدودي مع السودان، مطارام جرس ،منزل ومكتب المحافظ، مقر القوة التشادية السودانية المشتركة، السوق الذي صار اسواقا السوق الكبير والسوق “الجوه”، هجرة راس المال مع اللاجئين سرعان ما جعل بعض المحال القريبة من وسط المدينة تعمل حتي التاسعة مساءا، معسكر اللاجئين الذين يقسم إلي ثلاث معسكرات بداخله دون أن تتمكن من معرفة الفاصل بينها فالالتحام سيد الحال ، المدينة انتظمتها حركة عمران منذ بدء الحرب في السودان فسارع السكان بالتشييد بمواصفات تتسق والايجار للمنظمات الدولية التي تقف أطباء بلا حدود على رأسها فهي تشغل مستشفي الاطفال، والنساء والتوليد، ومراكز صحية بالمعسكر، منظمة الغذاء العالمي هي الاخري بدأت في شغل حيز من الزخم عقب بدء دخول المساعدات إلي الحدود السودانية .
(11)
مدن انجمينا، ابشي وادري، أو السودان الغربي أوالفرنسي كما في سيرة التجار السودانيين، تقع جغرافيا بين نهر شاري الذي يفصل بين انجمينا وكثري الكمرونية، تمضي شرقا تقف ادري في الحدود الغربية على مسافة٢٨ كيلو مترا من مدينة الجنينة، رحلة بالركشة من سوق ادري أو ادري المدينة إلي المعبر، لتقطع راجلا إلي الضفة السودانية حيث وسائل المواصلات التي تحملك إلي الجنينة، عربات اللاندكروزر تحمل براميل الوقود من ابشي إلي ادري لتحمل في عربات الكارو لتعبر الحدود إلي السودان مثلها البضائع ففي كل حرب تجارة رائجة للمغامرين.
السودان بين نهري النيل وشاري.. أو في سيرة “السودان والسودان الغربي”– 1- 3
الوسوممحمد بدويالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: محمد بدوي
إقرأ أيضاً:
البرهان في القاهرة… دلالة الزيارة ومآلاتها والرسائل التي تعكسها
زار رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان القاهرة اليوم (الأثنين) وسط جملة من التحديات المحلية والإقليمية، مايؤكد ضرورة تنسيق الرؤى بين البلدين وضرورة توحيدها، لمجابهة أي عواصف عكسية قد تعكر صفو أمن واستقرار المنطقة.
العلاقات الثنائية
الرئيس السيسي استقبل الفريق البرهان بمطار القاهرة، وعقد الطرفان جلسة مباحثات مشتركة بقصر الاتحادية، واستعرضت المباحثات، آفاق التعاون المشترك بين البلدين في كافة المجالات، وسبل تعزيز العلاقات الثنائية القائمة بينهما والإرتقاء بها، بما يحقق المصالح المشتركة للبلدين والشعبين.
مواقف مصر
من جانبه عبر الفريق البرهان عن تقديره لمستوى العلاقات السودانية المصرية، والتي وصفها باالإستراتيجية، مبيناً أنها علاقات تاريخية راسخة وذات خصوصية. مؤكداً حرصه على تعزيزها وتطويرها لخدمة مصالح الشعبين، وتحقيق التعاون الاستراتيجي المشترك بين البلدين، مشيدا بمواقف مصر وقيادتها الحكيمة، الداعمة للسودان في المحافل الإقليمية والدولية، ودعمها لمؤسسات الدولة السودانية، ووقوفها بجانب الشعب السوداني، وحرصها على سلامة وأمن وإستقرار السودان وسيادته، مشيرا إلى الدور الكبير الذي تضطلع به القيادة المصرية تجاه قضايا المنطقة.
دعم الإعمار
من جهته جدد الرئيس السيسي موقف مصر الداعم والثابت تجاه قضايا السودان ، مؤكداً وقوف بلاده مع مؤسسات الدولة السودانية ، وسعيها الدائم لتحقيق الأمن والاستقرار ووحدة الأراضي السودانية ، ودعم عملية إعادة الإعمار والبناء في السودان، مشيداً بمستوي التعاون المشترك بين البلدين ، مؤكداً حرصه على توطيد وتمتين روابط الإخوة ودعم وتعزيز علاقات التعاون الثنائي، بما يحقق تطلعات الشعبين، معرباً عن إعتزاز مصر الكبير بما يربطها بالسودان من علاقات استراتيجية قوية على المستويين الرسمي والشعبي.
مشروعات مشتركة
وتناولت المباحثات سبل تعزيز التعاون الثنائي، والمساهمة المصرية الفعالة في جهود إعادة إعمار وإعادة تأهيل ما أتلفته الحرب بالسودان، بجانب مواصلة المشروعات المشتركة في عدد من المجالات الحيوية مثل الربط الكهربائي، والسكك الحديدية، والتبادل التجاري، والثقافي، والعلمي، والتعاون في مجالات الصحة، والزراعة، والصناعة، والتعدين، وغيرها من المجالات، بما يحقق هدف التكامل المنشود بين البلدين. فضلاً عن الإستغلال الأمثل للإمكانات الضخمة للبلدين وشعبيهما.
التطورات الميدانية
كما تطرقت المباحثات أيضاً للتطورات الميدانية الأخيرة في السودان، والتقدم الميداني الذي حققته القوات المسلحة السودانية باستعادة السيطرة على العاصمة الخرطوم، حيث اتفق الجانبان على ضرورة تكثيف الجهود لتوفير الدعم والمساعدة اللازمين للسودانيين المقيمين في مناطق الحرب، وشهدت المباحثات كذلك، تبادلاً لوجهات النظر حول الأوضاع الإقليمية الراهنة، لاسيما بحوض نهر النيل والقرن الأفريقي، حيث تطابقت رؤى البلدين في ظل الإرتباط الوثيق للأمن القومي لكلا البلدين، وتم الاتفاق على مواصلة التنسيق والعمل المشترك لحفظ الأمن المائي للدولتين.
ضرورة التشاور
تأتي الزيارة في وقت دقيق ومفصلي يمر به السودان، وبدعوة من الرئيس السيسي، مايؤكد متانة العلاقة بين البلدين، وتجديد المواقف المصرية الثابتة تجاه السودان، والتنسيق العالي بينهما في القضايا الإقليمية والدولية ذات الإهتمام المشترك، إضافة إلى رمزية استقبال الرئيس السيسي للفريق البرهان بالمطار، مايؤكد اعتراف مصر بشكل عملي للحكومة الشرعية بالسودان، وتنسحب هذه الرسالة أيضاً على مليشيا الدعم السريع وأعوانها، بأن مصر لا يمكن أن تعترف بأي حكومة في السودان سوى الحكومة الشرعية في بورتسودان، أيضا الزيارة تأتي بعد انتصارات كبيرة للجيش السوداني على أرض الميدان، وانحسار المليشيا في أماكن بسيطة في دارفور، إلا أنها مازالت تمارس سياسية الأرض المحروقة، برد فعل انتقامي للهزائم الكبيرة التي تكبدتها في الميدان، وتدميرها للمنشآت المدنية والبنى التحتية بالبلاد، وضرب وقتل المواطنين العزل بطريقة وحشية، مايستدعي ضرورة التشاور مع مصر واطلاعها بآخر مستجدات الأوضاع في السودان… فماهي دلالات زيارة البرهان للقاهرة في هذا التوقيت، وماهي الرسائل التي ترسلها، ومآلات التنسيق العالي بين البلدين.
مشاكل الجالية
وكشف مصدر دبلوماسي سوداني أن مباحثات الرئيسين السيسي والبرهان، تطرقت إلى مشاكل الجالية السودانية في مصر في التعليم والإقامات والتأشيرات. وقال المصدر الذي فضل عدم الكشف عن هويته لـ “المحقق” إن الجانب السوداني طرح هذه المشاكل على الجانب المصري، مضيفا أن هناك تعاون كبير من الجانب المصري في هذه الملفات، مبينا أنه كانت هناك توجيهات من الرئيس السيسي بتذليل أي عقبات أمام السودانين بمصر، وكذلك استمرار الرعاية المصرية للوجود السوداني بها، وقال إن هناك أيضا تسهيلات كبيرة من الجانب المصري للسودانيين العائدين من مصر، بعدم تكليفهم أي غرامات من انتهاء الإقامات أو من الدخول إلى مصر عن طريق التهريب.
توقيت مهم
من جهته أكد مساعد وزير الخارجية المصري ومسؤول إدارة السودان وجنوب السودان بالخارجية المصرية السابق السفير حسام عيسى أن زيارة البرهان للقاهرة تأتي في توقيت مهم، بعد أن أحرز الجيش السوداني إنتصارات كبيرة على أرض المعركة. وقال عيسى لـ “المحقق” إن الجيش السوداني بعد تحريره لمدن وسط وشرق السودان، بدأ يتوجه إلى دارفور، بعد التطورات الأخيرة بها من هجوم المليشيا على معسكرات النزوح في زمزم وأبوشوك وغيرها، إضافة إلى هجمات الدعم السريع على المنشآت الحيوية والبنى التحتية ومحطات الكهرباء، مؤكدا أن مصر هي الداعم الأول للدولة السودانية والقوات المسلحة، وقال إن الزيارة مهمة لنقاش هذه التطورات المتسارعة بالسودان مع الجانب المصري الذي يدعم الحفاظ على أمن واستقرار السودان بقوة.
الدعم المصري
وأوضح عيسى سفير مصر السابق بالخرطوم أن هناك مشروعات مصرية بالسودان يمكن استئنافها بعد الحرب، وبعد انتفاء خطر المليشيا، وقال إن من هذه المشروعات مشروع إعادة تطوير ميناء وادي حلفا، والربط الكهربائي، وزيادته من 70 ميجاوات حتى 300 ميجاوات، وكذلك المدينة الصناعية، وعدد من المشروعات الزراعية، إضافة إلى إعادة إعمار البنى التحتية التي دمرتها الحرب، بإعادة تأهيل جسر شمبات بالخرطوم وغيره من المشروعات، مشدداً على الدعم المصري الكامل للسودان في هذه الفترة الحرجة، وقال إن مصر تدعم السودان سياسيا وتنمويا ودبلوماسيا وفي المحافل الدولية.
رسالة عملية
ولفت عيسى إلى أن أهمية الزيارة تأتي من منطلق الدعم المصري وإلى دراسة بداية مرحلة إعادة الإعمار في السودان، منوها إلى أن استقبال البرهان في هذا التوقيت وهذه الطريقة، يؤكد موقف مصر من الشرعية في السودان، وقال إنها رسالة مصرية بطريقة عملية بأن مصر لن تعترف بأي حكومة أخرى في السودان، وأنها تعترف فقط بمجلس السيادة والحكومة في بورتسودان، مشيرا إلى تطابق الرؤى بين البلدين في ملف المياه، وقضايا القرن الأفريقي، وقال إن مصر والسودان لديهما رؤية مشتركة وتنسيق عال في هذين الملفين باعتبارهما من الملفات المشتركة والمهمة والتي تهم الأمن القومي بهما.
عنوان الزيارة
بدوره وضع الكاتب الصحفي والمحلل السياسي السوداني الدكتور خالد التيجاني عنوانين لزيارة البرهان للقاهرة. وقال التيجاني لـ “المحقق” إن العنوان الأول هو تتويج للموقف المصري الحاسم في الوقوف إلى جانب السودان والحفاظ على مؤسساته، مضيفاً أنه موقف تفوقت فيه مصر ولعبت دورا كبيرا في تثبيت شرعية الدولة السودانية والحفاظ عليه، وتابع أنه كان موقفا استراتيجيا يعبر عن الوعي المصري بمدى الارتباط العضوي بين الأمن القومي والاستراتيجي للبلدين، لافتا إلى أن الموقف المصري أثبت أنه غير متعلق بنظام بعينه بل أنه مبنى على رؤية استراتيجية للعلاقة بين البلدين.
أجندة مستقبلية
ورأى التيجاني أن العنوان الثاني للزيارة هو أن هذه الوقفة المصرية القوية ساعدت على صمود الدولة السودانية وتعزيز قدراتها سياسيا ودبلوماسيا، واستعادة الجيش السوداني لزمام المبادرة في الحرب وأخذ خطوات كبيرة في عملية الحسم العسكري، وقال إن دعوة السيسي للبرهان تخاطب أجندة مستقبلية، وإن هذا تأكيد على أن الدولة السودانية استردت عافيتها، وترتب أوضاعها الآن مع الأخذ الإعتبار التحديات التي فرضتها الحرب، مضيفا أنه يتطلب من السودان الآن إعادة النظر في مفهوم الأمن القومي، بعد أن وجد نفسه وحيدا في هذه الحرب، باستثناء مصر التي دعمته على كل المستويات، مشددا على ضرورة التأكيد أن العلاقة مع مصر ذات خصوصية وأن لديها مؤشرات حيوية، مشيرا إلى جملة من المحاولات للتقارب بين البلدين كانت تتأثر بطبيعة الأنظمة السياسية في السودان، وقال أنه الآن جاء الوقت أن تبرمج هذه العلاقات إلى واقع عملي.
المسؤولية الأكبر
وأكد التيجاني أن مصر عملت مايليها في هذا الجانب، وأن على السودان أن يبني على هذه الشراكة، وعلى ارتباط الأمن القومي بالبلدين، مضيفا يجب أن تكون هناك شراكة حقيقية على كافة المستويات وعلى مستويات أعلى، وتابع أن الزيارة لذلك وضعت لبنات لمخاطبة أجندة مستقبلية، ورأى ضرورة ترتيب المواقف السودانية وفقا للمصالح الحقيقية من إعادة إعمار وشراكات اقتصادية، وقال إن الجانب السوداني يتحمل المسؤولية الأكبر من أجل تعزيز هذه العلاقات في الفترة المقبلة، مضيفا أن مصر لديها قدرات وامكانات كبيرة يمكن أن تساعد السودان بطاقات جديدة وتكامل اقتصادي حقيقي يعود بالمصلحة لشعبي البلدين.
القاهرة – المحقق – صباح موسى
إنضم لقناة النيلين على واتساب