الكويت و7 دول بـ «أوبك+» تمدد الخفض الطوعي لإنتاج النفط
تاريخ النشر: 6th, September 2024 GMT
قررت دولة الكويت وسبع دول أخرى من تحالف (أوبك +) اليوم الخميس تمديد الخفض الطوعي لإنتاجها من النفط الخام الذي أعلنت عنه في شهري أبريل ونوفمبر 2023 وذلك لمدة شهرين حتى نهاية نوفمبر المقبل.
وذكرت منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) في بيان أن ذلك جاء عقب اجتماع افتراضي عقدته دولة الكويت والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان والعراق والجزائر إلى جانب روسيا الاتحادية وكازاخستان.
ونقل البيان عن الدول المشاركة في الاجتماع تأكيدها عزمها الجماعي على الالتزام الكامل بتعديلات الإنتاج التطوعية.
وأضاف أن جمهوريتا العراق وكازاخستان اللتان تجاوز إنتاجهما المستوى المتفق عليه منذ يناير 2024 أكدتا كذلك التزامهما التام بالاتفاق وبخطط التعويض عن زيادة الإنتاج التي قدماها إلى الأمانة العامة لمنظمة (أوبك) حسبما تم الاتفاق عليه في الاجتماع ال53 للجنة الوزارية المشتركة لمراقبة الإنتاج الذي عقد في الثالث من أبريل الماضي.
وأشار إلى أن الكويت والسعودية وروسيا والإمارات والجزائر وسلطنة عمان كانت قد عقدت اجتماعين وزاريين مع العراق وكازاخستان في أغسطس الماضي وتم خلال الاجتماعين حث الدولتين على تحقيق الالتزام الكامل والتعويض عن زيادة الإنتاج منذ يناير الماضي.
وأوضح أن العراق وكازاخستان أبديا في الاجتماعين التزامهما بالعمل مع المصادر الثانوية لوضع خطط تعديلات الإنتاج لتحقيق الالتزام والتنفيذ الكامل لجداول التعويض التي قدماها إلى الأمانة العامة لمنظمة (أوبك) في 22 أغسطس الماضي.
وأكد البيان أن العراق وكازاخستان جددا كذلك التزامهما خلال زيارات الأمين العام لمنظمة (أوبك) هيثم الغيص لهما في أواخر أغسطس الماضي والتي تمت بالتنسيق مع وزير الطاقة السعودي رئيس اللجنة الوزارية لتحالف (أوبك +).
ونوه إلى أن الأمانة العامة لمنظمة (أوبك) نظمت خلال هذه الزيارات ورش عمل مع المصادر الثانوية وقدمت كلتا الدولتين خلالها تفصيلات شاملة بشأن التدابير الفورية والملموسة التي يتم تنفيذها لتحقيق الالتزام الكامل بمستويات الإنتاج المطلوبة والتنفيذ الكامل لخطط التعويض لشهري أغسطس الماضي وسبتمبر الجاري.
وبين أن هذه الإجراءات تضمنت تقديم تواريخ خطط صيانة الحقول وخفض الإنتاج إلى جانب تأخير وإلغاء مبيعات البترول الفورية لشهر أغسطس كما التزمت الدولتان بتعديل خطط التعويض عند أي زيادة في الإنتاج في شهر أغسطس.
وأعلن البيان أنه تأكيدا لهذا الالتزام المتجدد والراسخ من جانب الدول الأعضاء اتفقت الدول الثماني على تمديد تخفيضات الإنتاج التطوعية الإضافية البالغة 2.2 مليون برميل يوميا لمدة شهرين حتى نهاية شهر نوفمبر المقبل حيث سيتم بعد هذا التاريخ إعادة كميات التخفيضات التطوعية تدريجيا على أساس شهري اعتبارا من أول ديسمبر المقبل مع إمكان إيقاف أو عكس هذه التعديلات حسب الضرورة.
كما اكدت الدول التي تجاوز إنتاجها المستوى المتفق عليه التزامها بالتعويض عن كل كميات الإنتاج الزائدة بحلول سبتمبر 2025.
المصدر: جريدة الحقيقة
كلمات دلالية: العراق وکازاخستان أغسطس الماضی التعویض عن
إقرأ أيضاً:
العقد الاجتماعي العُماني.. نموذج الالتزام الأخلاقي
د. محمد بن خلفان العاصمي
تتفق نظريات نشأة المُجتمعات حول مبدأ التكامل كأساس لظهور المجتمع ورغبة البشر في التكتل الاجتماعي والعيش في نمط متوافق يقوم على التعاون والتآزر والتكامل والتكافل، وتسود فيه قيم العدالة الاجتماعية والمساواة والحرية والاحترام والحقوق والواجبات، وهذه الحاجة لهذا النمط إنما هي فطرة سلوكية نتجت عن ازدياد الجنس البشري وتكاثره وتطوره الطبيعي خلال آلاف السنين، ومعه نشأت المجتمعات بشكلها البدائي وصولًا إلى الشكل الذي نراه اليوم، والذي استغرق سنين وأزمنة طويلة كانت تغذي كل ذلك الحالة الفكرية والاجتماعية والثقافية والسياسية للبشر.
وعندما أطلق جان جاك روسو نظريته الشهيرة "العقد الاجتماعي" التي غيَّرت الحضارة البشرية في العصر الحديث في النصف الثاني من القرن الثامن عشر، كان المجتمع الأوروبي في تلك الفترة يعاني من العديد من المشكلات التي شوَّهت الحياة البشرية وفقدت معها خصائصها كمجتمعات قابلة للحياة؛ بل إنِّها وصلت لمرحلة تشبه حياة الغابة؛ حيث يأكل القوي الضعيف وسيطرت المادية على جميع مفاصل الحضارة البشرية وحولت المجتمعات إلى ما يشبه المفارز التي تضم أشكالاً لتناغم مع الطبيعة من البشر، وخلال هذه المرحلة انتشرت صنوف التجاوزات وبلغت الاستهانة بالبشر منتهاها وزادت الكنيسة الطين بلة عندما كرست هذه الحياة اللامتوازنة كمرجعيّة لاستمرار سيطرتها ونفوذها.
وإذا رجعنا إلى الماضي وقبل نظرية العقد الاجتماعي وقبل أفكار جان لوك وهوبز وڤولتير ونيتشه وهيجل، فقد كان الرسول الكريم صلى عليه وسلم، أول من أطلق مبادئ العقد الاجتماعي الإسلامي؛ حيث جاء الدين الإسلامي الحنيف بمنظومة متكاملة من القيم والمبادئ والأخلاق التي نظمت علاقة البشر في الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية، وأسست لقيام منظومة متكاملة من العلاقات القائمة على أسس الدين الحنيف، وقد حفظت هذه القيم الإسلامية حقوق الإنسان وأقرت واجباته ونظمت علاقاته مع الآخرين حتى مع من هم من غير ملة الإسلام، بل إنها رعت الحريات رعاية مطلقة وانتقلت بها إلى مرحلة متقدمة نرى الغرب يحاول الوصول إليها اليوم عبثًا دون إدراك أنَّ هذه الحريات هي نتاج تأسيس عميق للمجتمع على قيم ومبادئ عُليا.
ولأن مجتمعنا العُماني هو نتاج هذا التأسيس السليم من القيم والمبادئ والأخلاق والاحترام والتقدير التي جاء بها الدين الحنيف وتوافقت مع طبيعة الإنسان العُماني الذي سكن هذه الأرض على مر التاريخ، كان العُماني مثالًا على هذه السلوكيات دائمًا، وحافظ المجتمع العُماني على كل ذلك الإرث القيمي الديني ونشأت الأجيال الواحد تلو الآخر على ذلك، وتطورت حياة الناس في هذه الأرض وفق هذا النموذج الحضاري وأصبح كل ذلك من خصال الإنسان، فعرف العُماني بالكرم والشجاعة والكرامة وحسن التعامل في معاملاته جميعها، ولذلك نشر التجار والبحارة العُمانيون الإسلام في أنحاء العالم ليس بالسيف والغزو والحروب وإنما بحسن الخلق والمُعاملة الحسنة.
وخلال فترات التاريخ المتعاقبة، حافظ العُماني على هذه السمات والخصائص المميزة، وظهر السمت العُماني أنموذجا متفردًا تتربى عليه الأجيال، وفي مثل هذه المجتمعات تصبح عملية التمييز بين الجيد المقبول والسيئ المنبوذ سهلة للغاية؛ فالمجتمع أصبح تلقائيًا في تقييم السلوك البشري وتفنيد ما يتوافق منه مع المجتمع وطبيعته وما يختلف عنه، لقد نشأ عقد اجتماعي عُماني خاص أعاد تعريف المفاهيم بسياق مختلف فمن الحرية الشخصية إلى الحرية العامة ومن حقوق الفرد إلى حقوق العامة تأسست منظومة القيم ووضعت القوانين التي تنظم العلاقة بين الأفراد على هذا الأساس، ولذلك ما شذَّ عن هذا وجد المجتمع أول من يتصدى له ويردعه ويوقفه عند حدوده.
وفي سياق الشذوذ عن القاعدة؛ فهناك بعض الأمثلة حول هذا الأمر، وقد يغني المقال عن سردها، وإذا ما كانت هناك حالة ماثلة في الأذهان فسوف نجد أن أفراد المجتمع هم الحصن الحصين الذي تصدى لكل خارج عن منظومة هذا العقد الفريد، وحتى عندما تظهر بعض النعرات كحال أي مجتمع متفاعل نجد أنها لا تلبث أن تختفي بلمح البصر وعن طريق المجتمع نفسه الذي أطر كل السلوكيات في سياق منظم من الحدود والحقوق والواجبات، وهذا أمر معتاد في مجتمع اعتاد أفراده على حسن الخلق وجبلوا على التقدير والتوقير وتربوا على كريم الخصال والسجايا والأخلاق الحسنة.
وإنَّ مما يندى له الجبين أن نجد فردًا تربّى ونشأ وترعرع في حياض هذا الوطن، وعاش فيه وتعلم في مدارسه واستظل بأمنه، وطابت له الحياة في خير هذا البلد الطيب، ثم ما يلبث أن ينقلب على عقبيه عندما ضاق به الحال، متناسيًا أن حال الإنسان بين يسر وعسر، موجهًا أسوأ عبارات الإساءة للوطن وقيادته وأبنائه، جاحدًا خيرهم عليه وناكرًا فضل الله تعالى الذي منّ عليه بنعم يتمناها غيره في كل مكان، وهذا الفعل الذي يتصوره البعض من باب حرية التعبير ما هو إلا انسلاخ أخلاقي وقيمي وديني يصل له الإنسان الجاحد المنكر لفضل الله عليه؛ فالمولى جلت قدرته يقول "وجادلهم بالتي هي أحسن"، ويقول "وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن" ويقول الرسول الكريم: "ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء"، وهذا هو العقد الاجتماعي العُماني الذي حفظ حق الفرد في إبداء رأيه دون سب وشتم وقذف وتطاول وفتنة، وهو ما اعتدنا عليه، أما ما سلكه البعض من مسلك فلا يمت لأبناء هذا المجتمع بصلة؛ بل هو سلوك دخيل مرفوض.
لقد اعتاد العُماني على الحلم والصفح ومقابلة الإساءة بالإحسان، وغض الطرف عما يقود للفتنة والفرقة، ولا غرابة أن نجد بلادنا محطة للسلام ومنبرًا للأمان، تجمع الخصوم المتفرقين فتقيم بينهم كلمة سواء، وتتوسط بين الفرقاء المتناحرين فتحل السلام بينهم وتحقن دماء الأبرياء، فهذا نهج مُستمد من إرث ممتد ضارب في جذور هذه الأمة، وترسخ في الأجيال جيلا بعد جيل يُغذيه قادة عظام وعلماء أجلاء وحكماء كانوا ومازالوا يأمرون بالعدل والإحسان وينهون عن الفحش في القول والعمل، هكذا هو العقد الاجتماعي العُماني الذي نظم حياة هذه الأمة وفق منظومة قيمية شاملة مستمدة من دين الله الحنيف وشرعه القويم لتتلاقى مع طبيعة الإنسان العُماني.