في فيلم Babygirl، الذي تقوم ببطولته نيكول كيدمان وهاريس ديكنسون، تركز المخرجة هالينا راين على تصوير علاقة مكتبية معقدة ومتوترة، بكل تعقيداتها الفوضوية.

ويقدم الفيلم نيكول بشكل يحمل قتامة ومرحاً في الوقت ذاته، وتقدم الأخيرة دور رئيسة شركة روبوتات في نيويورك ترتدي ملابس أنيقة، وزوجها مخرج مسرحي يلعب دوره أنطونيو بانديراس، إلا أنها تتوق إلى شيء مختلف، لتبدأ علاقة مع متدرب شاب، وفق “بي بي سي”.

والفيلم الجديد كتبته وأخرجته وأنتجه هالينا راين، والأحداث المثيرة التي تدور فيه قد لا تتطابق مع ما هو موجود على الشاشة، وما تفعله راين بمهارة هو فحص كيف قد يكون الموقف في الواقع، بكل تعقيداته.
وفيلم Babygirl، الذي عُرض لأول مرة في مهرجان البندقية السينمائي يوم الخميس، يشبه فيلم إثارة لامع من إنتاج ثمانينيات القرن العشرين للمخرج أدريان لاين، ولكن مع إزالة البريق للكشف عن  حقيقة البشر المتناقضة.

وشخصية رومي التي تؤديها كيدمان مركبة جداً، فهي تحظى بالإعجاب في العمل لأنها هادئة ومندفعة وشبه آلية مثل الروبوتات التي تتجول في المستودعات الضخمة لشركتها، وفي المنزل، تبدو وكأنها زوجة مخلصة لزوجها جاكوب وأم محبة لابنتيهما.

لكن رين سرعان ما تكشف وجهاً آخر، إذ قضت رومي طفولتها في الطوائف والجماعات، وهو ما قد يكون أثر على وجهات نظرها حول شكل العلاقة الصحية، وهو ما يظهر في الإيقاع المتذبذب للفيلم الذي يبقيك متوتراً، لكنه مؤثر ومضحك بشكل قاتم.
وفي الوقت نفسه، فإن شخصية ديكنسون، صامويل، الشاب المتدرب في المكتب، ليست مغرية، لطيف لكنه ليس ساذجاً، بل مزيج يصعب تحديده من الاثنين، وفي بعض الأحيان يكون واثقاً من نفسه ومهيمناً، وفي بعض الأحيان يكون أخرقاً ولسانه معقود، وغالباً يحدث هذا في نفس المشهد.
وتظهر رومي وهي تتلقى حقن البوتوكس، وتكافح لارتداء فستان ضيق، وتمر بمواقف محرجة، ما يجعل افتقار كيدمان للغرور في هذه المشاهد هو أداءها الأكثر شجاعة والأفضل منذ فترة طويلة، وفقاً لنقاد.
وقد تكون العلاقة الخطيرة بين رومي وصامويل مبنية على قيامها بكل ما يطلب منها القيام به، لكن مع الحرص على مناقشة سياسات الموارد البشرية للشركة ومفهوم الموافقة قبل أن تتفاقم الأمور، ومن المضحك بشكل قاتم أن ترى كيف تشق رومي طريقها عبر حياتها المزدوجة بحسب النقاد.

وفي النهاية، يبدو فيلم Babygirl رومانسياً حقاً، لأن رومي وصامويل يتخبطان في طريقهما نحو فهم أعمق لبعضهما البعض، وبقدر ما قد يكون الفيلم غير مريح، فمن الواضح أن رين تحب وتحترم جميع شخصيات الفيلم، حتى لو لم تكن متأكدة من مشاعرها تجاه نفسها.

المصدر: جريدة الحقيقة

إقرأ أيضاً:

ماذا يكون بعد أن حكم القضاء في تونس؟

لن يكون شيء، فاذهب أيها القارئ العابر إلى مقال آخر قد تجد فائدة، فهذا الموقع غني بالأقلام الجادة. تونس لم تعد مصدرا لأي حدث جميل، عجبا أهذه تونس نبع الربيع العربي ومصدر الإلهام الديمقراطي؟ نعم، لقد وصلت تونس إلى حالة من عدم التأثير في ما حولها، بل هي تأكل نفسها مثل نار نفد حطبها. ذلك الحلم الجميل أغلق، لكن لماذا تطرح السؤال في العنوان؟ إن ذلك العنوان هو الجملة التي يطرحها على نفسه كل تونسي حمل ذلك الحلم ثم رآه يتلاشى، وقد يصل الأمر ببعض الناس إلى السير في الشوارع يكلمون أنفسهم كالزومبي. من أوصل البلد إلى هذه الحالة؟ وكيف يمكن أن يخرج مما هو فيه من بؤس سياسي؟

تحميل المسؤوليات

الجميع يبرئ نفسه ويتهم الآخرين، هذه رياضة وطنية في تونس.. الآخرون هم السبب. من هنا بدأت الأزمة التي توجتها الأحكام الجائرة في حق النخبة السياسية باختلاف الأسماء والتوجهات السياسية. انقسم الشارع الافتراضي الذي لا يزال مفتوحا؛ إلى مواقف متضادة يمكن تلخيصها في ما يلي:

- موقف الشامتين في المحكوم عليهم، يكتبه وينشره قوم من المعارضة يعيشون خيبة أمل كبيرة في النخب، ويرون أن المحكومين كانوا سببا في ما حصل وليسوا أبرياء مما أصابهم. فقد ساهموا بدرجات في ترذيل الوضع السياسي قبل الانقلاب ولم يبنوا عملهم السياسي ضمن مشروع ديمقراطي جامع، بل تحركوا بمنطق التكايد السياسي خاصة ضد حزب النهضة منذ الثورة، بل كان بعضهم مساندا ومبررا للانقلاب حتى انقلب على الجميع. وهذا الموقف ينتهي عند الشماتة المُرة ولا يبلغ مبلغ التفكير في ما بعدها، وغالبا يختم قوله بجملة محبطة "خليها تخرب على الجميع". هذا الموقف هو قمة اليأس السياسي وهو موقف واسع، ويضم كل مساكين حزب النهضة وكثير من الحالمين الذين أعادت لهم الثورة أرواحهم بعد موات وخيبت النخب آمالهم.

- موقف الحائرين الذين لا يختلفون في تحليل الوضع عن الشامتين، لكنهم يبحثون عن حل فيه ربع أمل في أن تتحول الأحكام الجائرة إلى محرض على اجتماع سياسي يمهد لوضع بديل. وهذا ما يُسمع في صفوف جبهة الخلاص أو ما تبقى منها يقف في الشارع وقفات خجولة ومترددة أو غير مؤمنة إيمانا كاملا بالمستقبل، ولكنها تقترب من رفع العتب ولا تنتج خطة فعالة للتجميع.

- موقف المتشفين من المحكوم عليهم، وهذا موقف أنصار النظام ويضم فصائل يسارية وقومية يرون في ما يجري فتح طريق لتملك السلطة زمنا طويلا ويرون في المرحلة مرحلة تنظيف. وهم غير مهتمين بالسؤال: ماذا بعد؟ فما يجري هو خطتهم، فهم السلطة. وتصدر عن هذا الموقف تهديدات بالسحل لمن يشكك في القضاء الشامخ.

وينتشر حول هذه المواقف خطاب التخلي الشامل عن كل طموح. ففئة واسعة من التونسيين ودّعت أحلامها وقالت ننتظر حكم الطبيعة، فالطبيعة لا تنسى مهماتها. ويعقبون حتى بعد حكم الطبيعة: سنجد أنفسنا في نفس الوضع القديم، فالنخب لم تقرأ درس الديمقراطية عند معلم جاد.

ألا يوجد حل؟

بلى يوجد لكنه حل روائي لنقل يوجد حل مثالي، يقوم على مراجعات جادة من قبل الجميع باستثناء المتشفين من أنصار السلطة، لكن هذه الرواية تقوم على شجاعة استثنائية لذلك فهي غير واقعية.

تحديد قائمة الأخطاء في حق المسار الديمقراطي الذي راكم تراثا لم يندثر من النفوس ومن الورق، فهناك دستور يمكن البدء منه. لم يكن "دستور الخوانجية" بل دستورا تونسيا بُذل فيه جهد واجتهاد كبير. هذه خطوة مؤسسة ومنها يستعاد العمل السياسي الجماعي بهدف واضح اسمه استعادة الديمقراطية.

هناك باب للعمل الفعلي (الميداني)، أن تؤجل الأسئلة المتعلقة بمن أخطأ أكثر من الآخرين في حق المسار، وهذا يعني أن يوقف نزيف الاتهامات بين فرقاء كثر. فكثير من الأخطاء سيردمها الفعل البنّاء إذا انطلق، وسيكون من العيب العودة إليها إذا فتح صندوق الانتخابات. فالمحاسبات تتم في وضع ديمقراطي، حينها يكون لها تأثير إيجابي، أما الآن فهي مواصلة لعملية التخريب التي تصب في مصلحة الانقلاب. من سيتجاوز أولا إلى مبدأ العمل الجماعي؟ بعد أسبوع من صدور الأحكام لم نسمع من يقول بالتجاوز وبدء العمل من الصفر.

هنا تظهر مهمة أخرى نضالية بامتياز، قطع الأمل من وصول نجدة خارجية متعاطفة مع الديمقراطية في تونس، هذه النجدة لن تأتي أبدا. "حك جلدك بظفرك"، هذا عنوان رئيسي في كل جهد قادم للخروج من الوضع البائس. لقد تخلى العالم (الديمقراطي) عن تونس، والحقيقة أنه لم يكن أبدا مع الديمقراطية في تونس أو في غيرها. فالتونسيون الذين لهم عقول يذكرون جيدا وزيرة خارجية فرنسا تعرض المساعدة العسكرية على نظام بن علي حتى الدقيقة الأخيرة قبل ركوبه الطائرة هاربا.

التونسيون عاشوا حرب الطوفان ورأوا الغرب (المُنْجِد) يدمر شعبا في غزة ويجد اللغة الكافية لتبرير فعله. وإذا صحت الأخبار عن بدء حملة دولية لتدمير الحواضن الشعبية العربية للمقاومة، فإن مرحلة جديدة من التدمير السياسي توشك أن تحل على الرؤوس. وعندنا علم بتونسيين تحسسوا الموقف الأمريكي من الانقلاب منذ عهد بايدن، فقيل لهم "حلوا مشاكلكم بأنفسكم، اللي فينا مكفينا".

لنختم بشيء من الفلسفة، فالرواية الرومانسية لن تكون غدا أو بعد عام. من الفلسفة أن نقول كان هذا الانقلاب ضروريا، فهو تمحيص وغربلة وقد صفى وغربل ونخل وقدم صورة شاملة عن النخبة السياسية التونسية، فأسقط أنصاف الزعماء وكل الأدعياء ووضح الطريق لمن يؤمن بالعمل الجماعي لبناء الديمقراطية، وقد صورناه ونواصل رؤيته على المدى البعيد حريق الغابة الذي سيمهد لنبت جديد. وهذا ليس من الشماتة ولا تشفيا في المساجين، ومن يدري فقد يولد منهم في سجونهم مؤمنون بالديمقراطية ويؤسسون من هناك لخطاب جامع.

لنغلق بمشهد تمثيلي؛ أن ينصب من تبقي معارضا للانقلاب خيمته أمام السجن ويقول "اسجنونا معهم أو نعود بهم نحو المستقبل"، ساعتها سيبدأ ربيع عربي ثان من تونس.

مقالات مشابهة

  • لافروف: فرنسا ترسل إشارات “بشكل خفي” إلى روسيا
  • “الخارجية”: المملكة ترحب بالإجراءات الإصلاحية التي اتخذتها القيادة الفلسطينية
  • فتح: قرار السلم والحرب يجب ان يكون بيد منظمة التحرير
  • الزلال: الهلال قدم أداءً قويًا و”تيفو” الجماهير كان علامة فارقة.. فيديو
  • ماذا يكون بعد أن حكم القضاء في تونس؟
  • آمال ماهر تحسم الجدل حول "صوت مصر" وتُحيي نيكول سابا في لفتة فنية مؤثرة بدبي
  • الترشّح لجائزة الشارقة للاتصال الحكومي حتى 19 يونيو
  • آمال ماهر تحيي نيكول سابا في حفلها بأوبرا دبي
  • “الشارقة للاتصال الحكومي” تواصل استقبال المشاركات في دورتها الـ12
  • حب الشباب .. الأسباب وأفضل طريقة للعلاج