بوتين: بدأنا طرد القوات الأوكرانية تدريجيا من كورسك
تاريخ النشر: 6th, September 2024 GMT
قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين -اليوم الخميس- إن قواته بدأت تطرد القوات الأوكرانية المتوغلة منذ أسابيع في منطقة كورسك غربي البلاد، في حين قالت كييف إن قواتها صدت هجمات روسية في دونيتسك شرقي أوكرانيا.
وأضاف بوتين -في كلمة ألقاها خلال منتدى الشرق الاقتصادي بمدينة فلاديفوستوك- أن الجيش الروسي يطرد القوات الأوكرانية من كورسك تدريجيا.
وتابع أن التوغل الأوكراني لم ينجح في إبطاء تقدم قواته بمنطقة دونباس شرقي أوكرانيا، بل أدى إلى إضعاف دفاعات كييف وأتاح للقوات الروسية تسريع الهجوم في منطقة دونباس التي تضم مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك وتسيطر روسيا على أجزاء كبيرة منهما.
كما قال الرئيس الروسي إن قواته نجحت في التقدم نحو مدينة بوكروفسك شرق أوكرانيا، واعتبر أنه لا يمكن احتواء هجومها بهذه الجبهة، مجددا إصراره على السيطرة على منطقة دونباس كلها.
وكانت القوات الأوكرانية بدأت -بشكل مباغت في السادس من الشهر الماضي- توغلا غير مسبوق في مقاطعة كورسك الروسية القريبة من الحدود، وردت موسكو بتوجيه ضربات جوية عنيفة لعدة مناطق بأوكرانيا.
وقبل أيام، قال قائد الجيش الأوكراني أولكسندر سيرسكي إن أحد أهداف عملية كورسك كان تحويل القوات الروسية من مناطق أخرى، وخاصة شرق أوكرانيا بالقرب من مدينتي كوراخوف وبوكروفسك، حيث تقترب القوات الروسية من الأخيرة.
من جهته، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي -خلال مقابلة مع شبكة "إن بي سي" الأميركية- إن بلاده ستحتفظ بالأراضي الروسية التي سيطرت عليها لأنها جزء من خطة النصر وإنهاء الحرب، حسب تعبيره.
وفي الإطار، اعتبر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرغ -في تصريحات أدلى بها اليوم في أوسلو- أن أوكرانيا حققت الكثير في هجومها على كورسك.
في التطورات الميدانية، قالت وزارة الدفاع الروسية اليوم إن قواتها سيطرت على قرية زافيتني بمقاطعة دونيتسك شرقي أوكرانيا.
وأضافت الوزارة أن الدفاعات الروسية أسقطت 3 صواريخ أتاكمز أميركية الصنع و5 قنابل موجهة فرنسية الصنع و27 مسيرة.
وفي السياق، أفادت وسائل إعلام روسية بأن الجيش قصف جسرا إستراتيجيا تستخدمه القوات الأوكرانية في مدينة بوكروفسك.
وتظهر الخرائط العسكرية الروسية أن المعارك على هذا المحور وصلت إلى مركز مدينة نوفوغورودوفكا التي تبعد عن بوكروفسك نحو 10 كيلومترات فقط.
وكانت كييف أقرت مرارا بصعوبة الوضع في عدد من المحاور شرقي البلاد، وخاصة حول بوكروفسك وتشاسيف يار.
في المقابل، أعلنت الأركان الأوكرانية أن قواتها خاضت عشرات الاشتباكات مع القوات الروسية بعدة جبهات، مشيرة إلى صد 6 محاولات تقدم باتجاه كراماتورسك، بينما يتواصل تركيز الهجمات نحو كل من تورتسك وكراخوفو في دونيتسك.
وأشارت الهيئة الأوكرانية إلى تصاعد الهجمات الروسية خاصة على مقاطعة خاركيف شمال شرقي البلاد.
وفي إطار القصف المتبادل، أعلن حاكم منطقة بيلغورود الروسية فياتشيسلاف غلادكوف -اليوم- أن مدنيا قتل في قصف أوكراني لبلدة شيبيكينو بالمنطقة التي تقع جنوبي البلاد.
وفي كييف، قالت خدمة الطوارئ اليوم إن عدد القتلى جراء هجوم صاروخي روسي على معهد عسكري بمدينة بولتافا (وسط) الثلاثاء ارتفع إلى 55 شخصا بعد اكتمال عملية الإنقاذ.
على صعيد آخر، وافق البرلمان الأوكراني اليوم على تعيين أندريه سيبيغا سيبها (49 عاما) خلفا لوزير الخارجية المستقيل دميتري كوليبا.
وعمل سيبيغا سفيرا خصوصا في تركيا بين عامي 2016 و2021، ويعتبر شخصية مهمة في الدبلوماسية الأوكرانية، كما أنه يعد مقربا أكثر من سلفه لرئيس الإدارة الرئاسية أندريه يرماك.
ولم توضح الرئاسة الأوكرانية دوافع التخلي عن كوليبا الذي قدم استقالته أمس، ولكن الرئيس زيلينسكي قال إن بلاده "بحاجة إلى زخم جديد" بعد حرب متواصلة منذ عامين ونصف العام مع روسيا.
كما أقر النواب الأوكرانيون اليوم تعيين كل من أولها ستيفانيشينا وأوليكسي كوليبا نائبين جديدين لرئيس الوزراء، وذلك في إطار تعديل وزاري هو الأكبر منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية أواخر فبراير/شباط 2022.
ولا يُتوقع أن تؤثر القيادة الجديدة للخارجية على سياسة أوكرانيا بشكل كبير، وذلك لأن زيلينسكي ومكتبه يتوليان الدور القيادي في الشؤون الخارجية منذ بدء الحرب مع روسيا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات القوات الأوکرانیة
إقرأ أيضاً:
وقف الحرب الأوكرانية فرصة لإعادة ترتيب العلاقات الأمريكية الروسية
في الوقت الذي يسعى فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى وقف النار بين روسيا وأوكرانيا، بدأت موسكو وواشنطن مناقشات حول العلاقات الاقتصادية في المستقبل. ولطالما كانت العقوبات الاقتصادية من أقوى أدوات السياسة الخارجية الأمريكية طيلة عقود.
عقوبات اليوم هي أكثر دقة، وتستهدف أفراداً بعينهم ومؤسسات
وكتب أليكس ليتل في مجلة ذا ناشيونال إنترست الأمريكية، أن القيود على الوصول إلى الشبكات المالية العالمية والتقنيات المتقدمة، والأسواق المربحة، أدت إلى عقوبات اقتصادية فعّالة على الدول المستهدفة. كما استخدمت هذه الإجراءات ضد شخصيات، ما أدى إلى تعطيل الأنشطة المهنية، بينما أضعفت العقوبات المفروضة على الشركات أو الحكومات، قدرتها التنافسية.
وعدلت الولايات المتحدة استخدامها للعقوبات مع مرور الزمن. وعقوبات اليوم هي أكثر دقة، وتستهدف أسماء بعينها ومؤسسات، بينما تقلل الضرر على اقتصادات أمريكا والحلفاء، بحيث تعزل العوامل السيئة، وتتجنب التسبب في أزمات انسانية غير مقصودة.
The U.S. placed 16,000 sanctions on Russia to isolate its economy.
It fueled war in Ukraine to isolate Russia politically and militarily.
Yet Putin is now more embraced than ever by the Global South.
The BRICS Summit is proof. Not even the Western media can deny it anymore. pic.twitter.com/hY8bfiEzUb
ومع ذلك، ورغم تعقيداتها، فإن العقوبات تخفق أحياناً في تحقيق غرضها الرئيسي، فرض تغييرات في السياسات الخارجية للدول المُستهدفة، والسبب واضح، فالسياسة الخارجية لا تعمل في فراغ، وهي تعكس أساساً الطموحات والإيديولوجيات والمصالح وديناميات السياسة الداخلية، لزعماء الدول. وتُفرض العقوبات عادة على دول مستبدة، يكون هدفها الأساسي الحفاظ على النظام السياسي. وعندما تستهدف أمة بالعقوبات، فإن الولايات المتحدة تضع نفسها عدواً وجودياً لتلك الأمة، ما يقوي هيكلية السلطة التي ترمي إلى إضعافها وإرغامها على الدخول في مواجهة.
سردية قويةوعندما تفرض واشنطن عقوبات، فإنها تسلّم هذه الأنظمة سردية قوية مفادها أن الدولة المُستهدفة، المُهددة من قوة أجنبية معادية، يجب أن تتكاتف حول قيادتها. في حالة روسيا، أتاحت العقوبات لنظام الرئيس فلاديمير بوتين التهرب من المسؤولية عن إخفاقاته السياسية والاقتصادية وسوء إدارته، بدل أن تكون شكلاً من أشكال الإكراه. وهذا لا يسهم إلا في تعزيز التماسك الداخلي، وإطالة أمد النظام، وتقليل احتمال أي إصلاح ذي معنى.
وإذا ثبّت أن العقوبات غير فعّالة في عكس مسار الحرب أو انضاج تغيير ديموقراطي، فما الذي يجب أن يكملها أو يحل محلها؟ إن الجواب معقد ويختلف باختلاف الطيف الجيوسياسي. وفي حالة روسيا، فإن العقوبات الغربية لم تغير سياستها الخارجية. وفي واقع الأمر، فإن الولايات المتحدة تتحول في مقاربتها لموسكو.
US expands sanctions against Russia
The new measures target companies in countries such as China in a bid to 'discourage' trade with Moscowhttps://t.co/04MCiKwNR3 pic.twitter.com/6XGWnf1xPG
إن روسيا المثالية، من منظور الولايات المتحدة، دولة مستقرة وديموقراطية وبناءة، تعيش في سلام مع جيرانها، وتحافظ على توازن القوى في أوراسيا، خاصةً مع الصين. وبصفتها "عامل توازن"، يمكن لروسيا نظرياً مواجهة طموحات الصين المتنامية، والمساعدة في معالجة التحديات الاقتصادية والديموغرافية التي تواجه أوروبا، وإعادة توجيه نفسها نحو التنمية الاقتصادية بدل الانخراط في المواجهة الجيوسياسية. لم تقترب عزلة روسيا الاقتصادية والمالية والسياسية من تحقيق هذه الأهداف، رغم أنها بعيدة المنال. بل عززت المصالح الراسخة والمجمع العسكري الصناعي، الذي يستفيد من الصراع الدائر.
المصالح الأمريكيةوبعد أن تنتهي الحرب في أوكرانيا، فإن رفع العقوبات وتعزيز التنمية الاقتصادية في روسيا، من شأنهما خدمة المصالح الأمريكية على نحوٍ أفضل، مع الإجراءات العقابية الحالية. وبطبيعة الحال، لن ترحب كل الأطراف الموجودة في روسيا بمثل هذا التحول. إذ أن العقوبات أفضت إلى بروز "اقتصاد ظل".
إن بعض المنتفعين مثل ميخائيل شيلكوف، الذي يملك غالبية الأسهم في شركة "فسمبو-أفيسما" الرائدة في إنتاج التيتانيوم، وطاهر غارييف، الذي يسهل صادرات النفط الروسي، انتفعا إلى حد كبير من اقتصاد الحرب، الذي فكك بفاعلية أي رمز للرأسمالية المنافسة.
إن احتمال وضع حد للحرب في أوكرانيا، يوفر فرصة جديدة لإعادة انتاج العلاقات الروسية الأمريكية. إن مساراً جديداً يمنح الأولوية للانخراط الاقتصادي على حساب سياسة الإكراه، من شأنه تمهيد الطريق لروسيا مستقرة وقادرة على التعاون مع الغرب.
إن مثل هذه السياسة لن تكون خالية من المخاطر، لأن التغيير لن يحصل فوراً. ورغم ذلك، فإن التاريخ أثبت أن الأمم القوية لا تتجاوب مع محاولات الإذلال، وأن الانخراط المستدام يبنى على الاحترام المتبادل بدل فرض الطاعة. ويبدو أن ترامب راغب في تعديل السياسة الأمريكية. ويمكن أن يجد أن الشراكة الاقتصادية مع موسكو، مفيدة للشركات الأمريكية، ولجعل أوروبا أكثر سلمية.