الإجرام الصهيوني والرد المنتظر
تاريخ النشر: 5th, September 2024 GMT
طاهر محمد الجنيد
في خطابه المشؤوم أمام الكونجرس الأمريكي، قال مجرم الحرب نتنياهو إن الإجرام الذي يمارسه على أرض فلسطين، ليس صراع حضارات، بل حرب بين الحضارة والهمجية -حسب زعمه-، صفق له الحضور إعجابا، به، فالهمجية أصبحت اليوم عنوانا بارزا لسياسات الحلف الصليبي الصهيوني الذي تقوده أمريكا، ولذلك تحرك الإجرام ليمارس عمليات الإجرام بواسطة الاغتيالات للقيادات السياسية التي يجرم القانون الدولي الإنساني المساس بها إلا قانون الإجرام للحلف الصهيوني الصليبي في مجموعه.
ليست المرة الأولى التي يمارس الإجرام استهداف المعارضين له ولن تكون الأخيرة، لأن الهمجية لا تنتهي، فقد أصبحت قانونا متبعا في العلاقات الدولية منذ صعود قوى الاستكبار العالمي وتصدرها المقدمة بفعل الاستعمار والاستيلاء على ثروات الأمم واستعبادها تحت مسمى الاستعمار.
الكيان الصهيوني يشن حربا إعلامية واستخباراتية وإجرامية بمساعدة تلك القوى، التي أوجدته على أرض فلسطين، والقوى الوطنية ترد بقدراتها وإمكانياتها الذاتية بعد أن تم اختطاف إرادة الشعوب ومصادرتها لصالح الإجرام، والدليل الواضح على ذلك أن غزة تواجه العدوان على مدى أكثر من ثلاثمائة يوم ولم تستطع الأمتان العربية والإسلامية ان تطلقا متظاهرا أو تسمح له الأنظمة العميلة والخائنة أن يعبر عن دعمه ومساندته للشهداء والمستضعفين في أرض غزة وفلسطين.
اليمن تحشد الملايين ولبنان يطلق الصواريخ والمسيَّرات والعراق وإيران أيضا، أما البقية فالعلماء والمفكرون وأصحاب الرأي الأحرار والمناصرون للقضية، امتلأت بهم السجون والمعتقلات، واما العملاء فقد أصدروا الفتاوى لصالح الإجرام الصهيوني وبرروا له إجرامه وغدره وباركوا له جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية.
فصائل المقاومة الفلسطينية وغيرها تقود المعركة المصيرية لتحرير فلسطين والأنظمة العربية تشتري الأسلحة المتطورة وتكدسها في المخازن والمستودعات استعدادا لما بعد التحرير، لم ترسل صاروخا واحدا أو طلقة واحدة في مواجهة الكيان الصهيوني، بل إنها تساعده في حصار المقاومة، حتى اضطر الفلسطينيون لمواجهة جيش الاحتلال بالحجارة والصدور العارية، وهم ينادون الأمتين العربية والإسلامية، انهارت كل قيم العروبة والتاريخ والدين واللغة، وكانت إيران هي التي تلقفت تلك الاستغاثات وأعانت المقاومة.
حينما كانت علاقات إيران في وئام ووفاق مع الصهيونية والإمبريالية العالمية، كانت جميع الدول العربية وغيرها على وئام ووفاق معها ولما قامت الثورة الإسلامية فيها وتم قطع العلاقات مع الكيان الصهيوني تحولت إلى عدو يجب مواجهته والتصدي له، العدو الصهيوني يمارس إجرامه على أراضي كل الدول العربية من المحيط إلى الخليج لم ترد عليه أي دولة، اغتال العلماء، دمر المفاعل النووي العراقي واغتال القيادات السياسية وأرسل شبكات التجسس لتدمر أساسيات الاقتصاد العراقي وغيرها، مصر اكتفت باستعادة سيناء استعادة منقوصة السيادة، واستغل الصهاينة معاهدات الصداقة، فدمروا الزراعة واغتالوا علماء الذرة وكلما كشفت المخابرات المصرية شبكة ارسل كيان العدو شبكات أضعافها.
العراق أرسل الصواريخ إلى الأراضي المحتلة، لكن تكالبت عليه القوى الاستعمارية الصهيونية ودمرته.
وأما بقية الدول فقد تحولت إلى مساعدة الصهاينة ومدهم بكل ما يحتاجونه من مال ومعلومات، حتى أن النظام المصري باع لإسرائيل حقول الغاز التي كان يستثمرها وعاد ليشتري منها الغاز بقيمة محترمة تشجيعا لها ودعما، ولم يستطع أن يوقف إجرامها على محور الحدود المشتركة بينهما (ممر فيلاديفيا) وقد قتلت الجنود المصريين هناك.
وكلما بادر الصهاينة بالعدوان على محور المقاومة في اليمن أو لبنان أو العراق أو إيران وردت المقاومة، إن كان الرد عاجلا، شن صهاينة العرب هجوما مضادا بأن الرد كان فاشلا، لم يحدث أضرارا ولم يكن موفقا ولم يصب هدفا وإنما كان بموجب التنسيق مع صهاينة اليهود.
أما إن تأخر الرد رفعوا أصواتهم.. لماذا تأخر الرد؟ لم ترد ايران ولا حزب الله ولا اليمن (انصار الله) ولا العراق، متناسين أن المعركة قائمة ومتواصلة ولن يفلت الصهاينة ومن تبعهم أو أعانهم من القصاص جراء كل الجرائم التي ارتكبوها.
الرد القوي يحتاج إلى إعداد وصبر وليس ردوداً آنية يستفيد منها الإجرام الصهيوني أكثر مما تؤثر عليه، وهم في حالهم هذا كما قال الله سبحانه وتعالى ((لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ))التوبة ـ47-
ايدي كوهين يقسم بالله وكأنه المؤمن التقي الذي يخشاه وليس المتطاول على الله، أنه لو كان الشهيد إسماعيل هنية في المملكة السعودية لما استطاعوا النيل منه، والجميع يدرك أن السعودية زجت كل من يدعو لنصرة المسلمين في سجونها وأولهم كوادر حماس ومثل ذلك الإمارات التي أعانت الموساد على اغتيال الشهيد المبحوح، أما اغتيال الشهيد إسماعيل هنية في العاصمة الإيرانية طهران وفي زيارة رسمية، فالجواب آت بإذن الله ولن يطول الانتظار، ثم أن الانتظار عند اليهود اشد وقعا وايلاما من الرد، لأن الله قذف في قلوبهم الرعب وضرب عليهم الذلة والمسكنة ((وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ))البقرة ـ61-.
السعودية وغيرها من الدول العربية أنظمة وحكومات سكتت ولن ترد، لكن اليمن حكومة وشعبا لم ولن يسكت على الإجرام الصهيوني ومن تحالف معه، وحزب الله أيضا لن يسكت ولن يترك دماء الشهداء والمقاومة الإسلامية في العراق وجمهورية إيران الإسلامية لن تسكت، لكن صهاينة العرب يستعجلون رد محور المقاومة، أما هم فلن يردوا، لأن إجرام الصهاينة لم يطلهم، بل سيطالهم الخزي والعار والذلة والمهانة ((الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا)) النساء ـ141-.
ويكفي أن أكثر من ثلاثمائة يوم مضت، هتكت استار المجرمين والمنافقين والخونة والعملاء أمام الله وأمام الشعوب وأمام الإنسانية جمعاء، ولن يستمر الإجرام الصهيوني إلى ما لا نهاية، فالله ناصر أوليائه وخاذل أعدائه حتى لو تساءل المجرمون عن ذلك استهزاءً ((وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا)).
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الإجرام الصهیونی
إقرأ أيضاً:
صراع محتدم بين منطقَي المقاومة والديبلوماسية.. حزب الله: نخشى تكرار تجربة
في الأيام القليلة الماضية شهد المشهد السياسي اللبناني مبارزة محتدمة بين دعاة اعتماد خيار الضغوط الديبلوماسية سبيلا أوحد لمواجهة إسرائيل، والمتمسكين بمقولة إن المواجهة العسكرية مع هذا العدو أسلوب ثبتت نجاعته في محطات سابقة، ولا يمكن الاستغناء عنه. وكتب ابراهيم بيرم في "النهار": بدا واضحا حجم التباين بين المنطقين في الداخل اللبناني حيال مستقبل الوضع في الجنوب، وهو ما أوحى بمزيد من الاحتدام بينهما في قابل الأيام، خصوصا أن الدولة في حاجة إلى أن تنفي عن نفسها شبهة التقصير والعجز عن تحقيق ما تتعهد به، في حين أن حزب الله المعلن انكفاءه عسكريا يهمه كثيرا أن يبرر احتفاظه بسلاحه وبخيار المقاومة.وفي هذا السياق، لا ينكر الحزب بلسان أحد نوابه حسن عزالدين أنه قرر أخيرا إعلاء الصوت مطالبا الدولة بأن تفي بتعهدات أطلقتها سابقا لناحيتين: الأولى أن تبدي جدية أكبر في الرد على الاعتدءات والخروق الإسرائيلية المتمثلة بالتمدد وبالاعتداءات المتكررة التي تؤدي إلى سقوط المزيد من الشهداء، والثانية أن تقدم دلائل حسية تثبت أن نهج ضغوطها الديبلوماسية سيؤتي ثماره عما قريب.
ويضيف عزالدين لـ"النهار": "بصراحة نقول إن الدولة مقصرة حتى في هذا المجال، إذ إن آخر شكوى قدمت ضد الممارسات العدوانية الإسرائيلية تعود إلى 14 شباط الماضي، وآخر اجتماع دعيت إليه لجنة الإشراف على تنفيذ اتفاق وقف النار يعود إلى ما قبل هذا التاريخ، في حين أن إسرائيل وسعت جهارا مدى النقاط الخمس التي أعلنت أنها ستحتفظ بها على طول الحدود، وكثّفت انتهاكها للقرار 1701 ولاعتداءاتها المتنوعة التي قاربت وفق الإحصاءات الأممية الآلاف". ويتابع: "يحق لنا إثارة الهواجس والمخاوف، فالجنوبيون سبق أن عانوا عدوانية إسرائيل مدى أعوام، رغم أن القرار الدولي 425 نص عام 1978 على انسحاب إسرائيل من الشريط الحدودي. ومع ذلك، أعلنا أخيرا أننا نقف وراء جهود الدولة ونؤازرها لإنجاز الانسحاب الإسرائيلي من جهة ووقف الخروق لسيادتنا من جهة أخرى. والمقاومة ما انطلقت أصلا منذ ذلك التاريخ وتعززت بعد عام 1982 إلا لأن الإسرائيلي ماطل في تنفيذ ذلك القرار، لذا خشيتنا هنا مشروعة أن يلقى القرار 1701 المصير عينه وتستمر معاناة شعبنا".
ورداً على سؤال، يجيب: "لسنا في وارد مطالبة الدولة بتحديد مهلة زمنية لإنجاز الانسحاب الإسرائيلي، لكننا في المقابل نرفض أن يطالب البعض بنزع سلاح المقاومة وإسقاطها كخيار وكورقة قوة للبنان، والقضم الإسرائيلي المستمر للجنوب السوري دليل على أن إسرائيل لا تحتاج إلى ذريعة لكي تفعل عدوانيتها، فالأمر يحصل على رغم أن سوريا الماضية والحاضرة لم تفتح الحرب على إسرائيل".