بوابة الوفد:
2025-03-13@01:22:59 GMT

القاهرة وأنقرة.. وداعاً لسحابة الصيف العابرة

تاريخ النشر: 5th, September 2024 GMT

تكتب زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى لتركيا، صفحة جديدة فى تاريخ العلاقات الثنائية بين القاهرة وأنقرة. فمن المعروف أن العلاقات المصرية التركية لها أهمية خاصة متأصلة الجذور بحكم التاريخ القديم المشترك الذى امتد لعدة قرون، ما أسفر عن روابط دينية وثقافية واجتماعية تتسم بالقوة والمتانة. كما أن العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بعد تأسيس الدولة الحديثة فى تركيا عام 1925 شهدت تعاوناً فى أعلى درجاته بدءاً من القائم بالأعمال فى القاهرة، وصولاً إلى السفراء فى عام 1948.

 

وخلال السنوات الأخيرة كانت العلاقات بين القاهرة وأنقرة قد شهدت بعض التوتر على خلفية ملفات سياسية شائكة، لكنها بدأت تتحسن تدريجيًا منذ عام 2020، مع تبادل الزيارات بين المسؤولين من كلا البلدين، ما يثبت أنها سحابة صيف عابرة أو خلاف فى وجهات النظر بين أشقاء لا يصل إلى حد القطيعة.

تطور تلك العلاقات بين البلدين ستكون له انعكاسات واسعة على أمن المنطقة، بالنظر إلى البعد الاستراتيجى للدولتين، فى وقت تتصاعد فيه المخاوف من اتساع دائرة التهديدات بالنظر لاستمرار القتال فى جبهات شتى، سواءً ما يحدث فى غزة، أو ما يدور فى السودان، أو القضايا التى كانت تمثل نقاطاً خلافية، وعلى رأسها الأزمة الليبية وقضية ترسيم الحدود البحرية وملف الطاقة بالبحر المتوسط.

ونظراً لأهمية الدولتين فى محيطهما الجغرافى، فقد نجحتا فى استئناف الاتصالات على مستوى الوزراء وكبار المسؤولين إيماناً من الجانبين المصرى والتركى بأهمية التعاون فى بعض الملفات الإقليمية. وبدأت محاولات إذابة الجليد بالتدريج، عبر لقاءات مختلفة على هامش مؤتمرات ومناسبات دولية، ثم قام الرئيس رجب طيب أردوغان بزيارة لمصر فى فبراير الماضى، إلى أن أتيحت الفرصة وكانت تركيا على موعد أمس الأول مع زيارة تاريخية للرئيس عبدالفتاح السيسى، لتنتقل بذلك العلاقات بين البلدين إلى مستوى أفضل وأرحب من العلاقات، سوف يجنى ثمارها الشعبان المصرى والتركى، خاصة فى المجال الاقتصادى، وهو الأمر الذى تأكد من خلال التوقيع على عدد من مذكرات التفاهم بين حكومتى الدولتين فى مختلف مجالات التعاون.

أما فى المجال السياسى فقد اتفقت كل من القاهرة وأنقرة على التعاون المشترك فى مواجهة الانتهاكات الإسرائيلية لشعب غزة، ودعم القضية الفلسطينية، وحل النزاع فى سوريا، ودعم سيادة واستقرار العراق، ودعم العملية السياسية فى ليبيا، وضمان أمن واستقرار منطقة القرن الإفريقى، وحل أزمة السودان سلمياً، وهى قضايا شائكة أتصور أن اتفاق الدولتين على حلها يمثل نقلة كبيرة سوف تتأثر بها إيجابياً الدول التى تشهد صراعات إقليمية فى المنطقة.

وقد أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال مؤتمر صحفى مشترك مع الرئيس أردوغان أنه تم الاتفاق على تحقيق الاستقرار الأمنى والسياسى فى ليبيا، وطى صفحة تلك الأزمة من خلال عقد الانتخابات الرئاسية والتشريعية، وخروج القوات الأجنبية غير المشروعة والمرتزقة من البلاد، وإنهاء ظاهرة الميليشيات المسلحة. كذلك رحب «السيسى» بمساعى التقارب بين تركيا وسوريا، داعياً فى النهاية إلى تحقيق الحل السياسى ورفع المعاناة عن الشعب السورى وفقاً لقرار مجلس الأمن فى هذا الشأن، مع الحفاظ على وحدة الدولة السورية وسيادتها وسلامة أراضيها والقضاء على الإرهاب.

الرئيس أردوغان شدد خلال المؤتمر على دور تركيا ومصر الحيوى فى حفظ السلم والاستقرار فى المنطقة، مؤكداً رفضه أكاذيب رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو ضد مصر. وعلى صعيد الاتفاقيات المشتركة، قال أردوغان إن تركيا أكدت إرادتها فى تعزيز التعاون بين البلدين فى كل المجالات، بما فى ذلك الصناعة والتجارة والدفاع والصحة والبيئة والطاقة، وفى قطاعى الغاز الطبيعى والطاقة النووية، مشيراً إلى أن بلاده من أكبر 5 شركاء تجاريين لمصر. كما أكد عزم تركيا على رفع حجم التبادل التجارى إلى 15 مليار دولار سنوياً خلال الأعوام الخمسة المقبلة.

تصريحات «السيسى» و«أردوغان» تعكس المستوى الذى وصلت إليه العلاقات من الثقة المتبادلة، خاصة أن زيارة الرئيس السيسى لتركيا، كما وصفتها القاهرة هى زيارة تاريخية بمعنى الكلمة، لأنها جاءت بعد انقطاع طويل، وبالتأكيد سوف تسفر عن نتائج إيجابية للشعبين وكذلك المنطقة، لما لمصر وتركيا من تأثير ومكانة بين شعوب الدول العربية والإسلامية.

شخصياً، أشعر بسعادة غامرة لطى صفحة التوتر بين مصر وتركيا، لأنه رغم اختلاف اللغة بين الشعبين، إلا أن هناك أموراً كثيرة متشابهة على مستوى العادات والتقاليد خاصة فى المدن الصغيرة البعيدة عن العاصمة، وهى تقاليد ينبع أغلبها من الدين الإسلامى، وبالتالى عندما تزور ريف تركيا أو حتى المدن والبلدات الحدودية سوف تشعر بأنك تزور مدناً مصرية مثل مطروح وسيناء، حيث تجد العائلات الكبيرة وثقافة القبائل. وقد كنتُ على ثقة خلال السنوات الماضية، أنه مهما شهدت العلاقات السياسية من فتور فى بعض الأحيان، فإن الارتباط الدينى والثقافى والتاريخى يعيد الأمور إلى مجراها.

 

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الزاد القاهرة وأنقرة لتركيا القاهرة وأنقرة بین البلدین

إقرأ أيضاً:

إمام أوغلو يدشن حملته.. هل تتجه تركيا لانتخابات مبكرة؟

نظمت تركيا انتخابات الرئاسية والتشريعية في 2023 ثم انتخاباتها المحلية في آذار/ مارس 2024، وفي أول تعقيب له على النتائج قال الرئيس أردوغان إن أمام البلاد أكثر من أربع سنوات بدون انتخابات بما يساعدها على التركيز على حل مشاكلها وفي مقدمتها الاقتصاد، من باب أن الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقبلة ستكون في 2028.

بيد أن البلاد وكأنها تعيش أجواء الانتخابات مرة أخرى، إذ دشّن رئيس بلدية إسطنبول الكبرى والقيادي في حزب الشعب الجمهوري المعارض، أكرم إمام أوغلو، حملته الانتخابية قبل يومين في مدينة إزمير، معقل الحزب. وكان إمام أوغلو تقدم بطلب أولي لحزبه ليكون ضمن مرشحيه المحتملين للانتخابات الرئاسية القادمة، وبات يُنظر له على أنه سيكون مرشح الحزب القادم في ظل إحجام رئيس بلدية أنقرة الكبرى منصور يافاش عن ترشيح نفسه.

فهل تعيش تركيا فعلا أجواء الانتخابات؟ وهل سنكون على موعد مع انتخابات مبكرة؟

هناك سيناريوهان اثنان لإمكانية ترشح الرئيس أردوغان، الأول تعديل دستوري (أو دستور جديد) يمكن من خلاله تعديل أو تصفير موضوع الترشح لمدتين، والثاني أن تدعو أغلبية البرلمان لتبكير الانتخابات. وفي الحالتين، لا يملك الرئيس وحلفاؤه اليوم النسبة التي تمكنهم من ذلك، ما يجعلهم بحاجة دعم حزب أو أحزاب إضافية داخل البرلمان
يقول حزب العدالة والتنمية إن إمام أوغلو يهدف من خلال هذا الترشح المبكر إلى ادعاء المظلومية ويحاول حماية نفسه بشكل مسبق من القضايا المرفوعة ضده، بحيث يدّعي أن الرئيس أردوغان يحرك ضده قضايا بخلفية سياسية لاستبعاده من سباق الرئاسة.

في المقابل، يرى حزب الشعب الجمهوري بأن أردوغان وحزبه سيسعيان فعلا لتبكير الانتخابات وبأن على الحزب أن يكون مستعدا بمرشحه بشكل مسبق، استخلاصا لدرس تحالف "الطاولة السداسية" المعارضة التي تشكلت ضد أردوغان قبل الانتخابات الأخيرة؛ لكن تأخرها في اختيار اسم المرشح الرئاسي أدى لخلافات بينية وأضعف فرصها وأدى لخسارتها.

يدلل حزب الشعب الجمهوري هنا بتصريح دولت بهتشلي، رئيس حزب الحركة القومية وحليف أردوغان، بأن الأخير ينبغي أن يكون مرشحا مجددا للرئاسة في حال استطاع حل مشكلتي الإرهاب والاقتصاد في البلاد. وبالتالي يرى الحزب المعارض أن أردوغان يرغب فعلا في تبكير الانتخابات ويسعى من خلال القضايا المرفوعة على إمام أوغلو، القديمة منها والجديدة، لاستبعاده من سباق الترشح أو إضعاف فرصه في الفوز.

والإشارة إلى تبكير الانتخابات بهدف إعادة ترشح الرئيس التركي سببها دستوري في المقام الأول، إذ لا يمنح الدستور الحالي الرئيس أردوغان فرصة الترشح مجددا في انتخابات رئاسية اعتيادية لأنه استوفى مدتين رئاسيتين وفق التعديل الدستوري الأخير الذي أقر النظام الرئاسي عام 2017، والاستثناء الدستوري الوحيد، هو أن يقرر البرلمان تبكير الانتخابات بأغلبية تفوق ثلثي أعضائه، أي 360 من أصل 600 نائب.

وبالتالي يكون هناك سيناريوهان اثنان لإمكانية ترشح الرئيس أردوغان، الأول تعديل دستوري (أو دستور جديد) يمكن من خلاله تعديل أو تصفير موضوع الترشح لمدتين، والثاني أن تدعو أغلبية البرلمان لتبكير الانتخابات. وفي الحالتين، لا يملك الرئيس وحلفاؤه اليوم النسبة التي تمكنهم من ذلك، ما يجعلهم بحاجة دعم حزب أو أحزاب إضافية داخل البرلمان، وهو ما قد يحصل من خلال جذب نواب من أحزاب أخرى كما حصل في مؤتمر الحزب الأخير، تركيا ليست في وارد تبكير الانتخابات والدخول في أجوائها الآن، لكن تبكير الانتخابات من حيث المبدأ احتمال قائم وبقوة، ويبقى تحديد التوقيت مرتبطا بالتطورات السياسية والاقتصادية في تركيا داخليا وخارجياأو من خلال التفاهم مع حزب ديمقراطية ومساواة الشعوب الذي بات قناة التواصل حاليا مع زعيم العمال الكردستاني المعتقل، عبد الله أوجلان، الذي دعا مؤخرا لحل حزب العمال وإلقاء السلاح وفتح الباب أمام مسار سياسي لحل المسألة الكردية في تركيا.

يبقى أن نقول إن الحديث عن تبكير الانتخابات والاستعداد لها من الآن ليس مقصورا على بهتشلي حليف أردوغان، وحزب الشعب الجمهوري خصمه، ولكن نائب رئيس حزب العدالة والتنمية حسن بايمان صرح قبل أيام بأن حزبه سيجعل من الرئيس أردوغان مرشحه مجددا "في الانتخابات التي ستجرى في تشرين الثاني/ نوفمبر 2027" على حد تعبيره.

الجديد هنا لا يقف عند حدود تصريح مسؤول في الحزب الحاكم، لكنه كذلك يشمل تحديد الموعد المقترح للانتخابات المبكرة. وتفسير ذلك أن الحزب الحاكم يريد أن يستفيد من أمرين، ألا يخسر أردوغان معظم الفترة الرئاسية الحالية في حال بكرت الانتخابات، وأن يكون الحزب قد وصل لنتائج ملموسة بخصوص مشكلتي الاقتصاد والإرهاب بحلول ذلك الوقت (بما يزيد من شعبيته ويعزز من فرص فوزه)، وهو ما يتناغم مع تصريح بهتشلي المشار له.

وعليه، نقول إن تركيا ليست في وارد تبكير الانتخابات والدخول في أجوائها الآن، لكن تبكير الانتخابات من حيث المبدأ احتمال قائم وبقوة، ويبقى تحديد التوقيت مرتبطا بالتطورات السياسية والاقتصادية في تركيا داخليا وخارجيا.

x.com/saidelhaj

مقالات مشابهة

  • تفاصيل زيارة الرئيس السيسى لـ الأكاديمية العسكرية المصرية
  • برلمانية: خطاب الرئيس السيسى بالندوة التثقيفية تعزز التزام الدولة بدعم فلسطين
  • مصر أكتوبر: كلمة الرئيس السيسى بالندوة التثقيفية تؤكد دعم مصر للقضية اللفلسطينية
  • أردوغان يحذر من زرع التفرقة في تركيا بإثارة نعرات عرقية وطائفية
  • مصادر لـعربي21: تركيا كانت مطلعة على اتفاق قسد ودمشق.. تفاصيل هامة
  • احتجاجات في تركيا تنديدًا بالمذابح ضد العلويين في سوريا
  • سفير مصر بموزمبيق يؤكد حرص القاهرة على تعزيز العلاقات بين البلدين
  • إمام أوغلو يدشن حملته.. هل تتجه تركيا لانتخابات مبكرة؟
  • تقرير: تركيا وإسرائيل تقتربان من التصادم في سوريا
  • الخارجية تفتتح برنامجاً تدريبياً حول مكافحة التهديدات العابرة للحدود: نحو تعزيز الأمن البحري