فى صبيحة أحد الأيام الشتوية، خرجت من منزلى لقضاء بعض المهام, كانت السماء صافية جميلة, والجو به انتعاشة رائعة لدرجة أنهما سحرانى فسرحت لحظة أو أقل، فإذا به يخرج فى لمح البصر من تحت سيارة متوقفة ليهاجمنى بشراسة وخسة وجبن وخيانة لم أكن أتوقعها, غرس أسنانه فى لحمى, جاءت الإصابة من الخلف, لم أدرِ إلا بألم شديد أعلى القدم اليمنى, وعندها رأيته يصوب عينيه فى عينى بمنتهى التحدى والصلف والغرور, وهو لا يدرى أنه أحد كلاب الشوارع الضالة, أو ربما يدرى ويريد الثأر من إنسان قابله ليرسل من خلاله رسالة لبنى البشر من عالم الكلاب الضالة الذى وصل تعداده إلى 30 مليون كلب- حسب أحدث الإحصاءات- يسرحون ويمرحون فى شوارعنا فى أمان وسلام.
كلمات هذه الرسالة تقول: نستطيع مهاجمتكم بل والقضاء عليكم بلعابنا.
الغريب والعجيب أنى لم أفعل له شيئا, وهنا تسقط نظرية أخرى, أن أى كلب لا يهاجم من يسالمه, ترى ماذا كانت دوافعه؟ بداية تهاونت فى الأمر, ربما لأخفف على نفسى وقع الحادثة, ولكن سرعان ما لجـأت إلى البحث عن المعلومات, فوجدت أن داء الكلب أو مرض السعار من الأمراض الخطيرة، التى تؤدى إلى الوفاة فى حالة عدم اتخاذ التدابير اللازمة لعلاجها.
المعلومات الشائعة تؤكد أن سبب هذا الداء هو الكلب فقط، وهو اعتقاد محدود يسود بين معظم الأفراد، ولكن ثبت أن القطط أيضًا تنقل هذا المرض والثعالب والذئاب، والحيوانات ذات الدم الحار، والحيوانات التى تأكل الأعشاب والخضار أيضًا مثل الحمار والخيول والأبقار والإبل والأغنام، والخفافيش المصاصة للدماء التى تتنقل بين الحيوانات والأبقار والجاموس وتنقل إليها المرض، كما تنقل هذا المرض أيضًا حيوانات النمس والراكون وابن آوى والوطواط.
والداء من أخطر أنواع الأمراض التى تصيب الحيوان والإنسان، لأنه يهاجم المخ والجهاز العصبى ويسبب الموت المفاجئ وله بعض الأعراض الدالة عليه.
تكشف الدراسات أن مرض داء الكلب فى الأصل مرض حيوانى انتقل إلى الإنسان عن طريق نوع معين من الفيروسات، ويصل إلى الإنسان عن طريق التعرض لبعض افرازات هذه الحيوانات المصابة.
وطبقًا لأحدث تقارير منظمة الصحة العالمية فى هذا الشأن، فإنَّ مرض داء الكلب منتشر فى جميع أنحاء العالم، ماعدا القطب الجنوبى، فهو موجود فى أكثر من 150 دولة حول العالم، والكلاب هى السبب الرئيسى فى حدوث غالبية حالات الوفاة بسببه، كما أن معظم الوفيات من البشر وتتركز فى قارتى إفريقيا وآسيا، وتؤكد المنظمة أن ظهور الأعراض وتطورها السلبى يؤدى إلى وفاة كل المصابين تقريبًا، وأحدث الحالات المسجلة لوفيات البشر مؤخرًا من هذا المرض تشير إلى دخول قارة أمريكا اللاتينية مع إفريقيا وآسيا.
وتكشف المنظمة العالمية مدى خطورة هذا المرض وعودته للظهور بما يمثل مشكلة صحية دولية يجب التعامل معها بجدية وبسرعة كبيرة، لأنه يهدد حياة البشر ويقود إلى الموت، حيث تسبب العدوى إصابة عشرات الآلاف من الأشخاص على مدار السنة ومعظمهم يموت، وتقدر المنظمة هذه الأعداد التى تتوفى سنويا بحوالى 58 ألف شخص تقريبا فى مختلف دول العالم، ويكون نصيب إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية من هذه الأعداد حوالى 97%، والنسبة الأكبر من هذه الوفيات بما يعادل 98% يكون السبب فيها عضة كلب.
لماذا عقرنى الكلب؟ سؤال هاجمنى بعد أن تمالكت نفسى من شدة الصدمة والمفاجأة، خاصة أننى لم أفعل أى شىء يغضبه، ولم أنظر إليه أصلا، ولم أشعر بوجوده إلا بعد إحساسى بألم شديد أعلى القدم اليمنى, ورأيت نظرة التشفى فى وجهه بعد أن أتم مهمته بنجاح ساحق.
تعض الكلاب إذا تعرضت للاستفزاز أو كرد فعل على شىء أو إذا وجدت نفسها فى وضع مجهد، أو دفاعا عن نفسها أو مكانها، ويمكن للكلاب أن تعض أيضا للخوف أو الاندهاش أو إذا مرضت أو أرادت الانفراد بنفسها.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: ندى عضة كلب 1 صلاح صيام الأيام الشتوية المهام هذا المرض
إقرأ أيضاً:
السرطان الكِيزَانِي
بسم الله الرحمن الرحيم و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.
لا يوجد فرق ما بين جماعة الإخوان المسلمين (الكيزان) و السرطان من حيث أن كلاهما مرض عضال ، فتاك و مميت ، و معلومٌ أن من طبيعة ذلك المرض الخبيث و خصآئصه إحداث: الأعطال و الأعطاب و التلف البليغ المفضي إلى موت الخلايا و الأنسجة ، و يحدث الضرر عن طريق إنشطار الخلايا و تكاثرها المتسارع و الغير خاضع للسيطرة ، و كذلك الإنتقال و الإنتشار في الجوار و أنحآء مختلفة من الجسم ، هذا الإنشطار و التكاثر المتنامي و الإنتشار السريع يؤدي إلى إختلال في الموازين ما بين المطلوب و المتاح (الطلب يفوق العرض) للخلايا و الأنسجة و الأجهزة من الإمدادات و الغذآء و بقية العناصر الأساسية/الضرورية للحياة ، هذا الإختلال و النقصان/الحرمان من أساسيات الحياة يفضي في نهاية الأمر إلى ”موات“ الخلايا المنشطرة و المتكاثرة بصورة متناهية السرعة مما يؤدي إلى إعطال و إعطاب الأجهزة المختلفة و فسادها و تلفها فتفشل و تعجز عن القيام بمهام وظآئفها و تتوقف عن العمل و تموت ، و لهذا فإن السرطان قاتل...
و إن كان الأمر كذلك فمن البديهي/الضروري أن تتشابه طرق التعامل معهما: السرطان و جماعة الكيزان الفاسدة من حيث سبل العلاج و التخلص منهما...
إن تعامل مؤسسات جماعة الكيزان العسكرية و الأمنية و التنظيمات التي أنشأتها الجماعة من مليشيات الجَنجَوِيد العشآئرية (الدعم السريع) و كتآئب الظل الجهادية و سلسلة المنظومات الإقتصادية و الواجهات السياسية و المنظمات المدنية و المنصات الإعلامية المتعددة مع ثورة ديسمبر ٢٠١٨ ميلادية و ما تلاها من فترة إنتقالية و مع مؤسسات الدولة السودانية عموماً يماثل/يطابق تعامل مرض السرطان مع خلايا و أنسجة و أعضآء و أجهزة الكآئنات الحية من حيث التكاثر و الإنتشار و ما يعقب ذلك من الأعطال و الأعطاب و التلف و الفساد و الإعاقة عن العمل و أدآء الوظآئف ثم القضآء عليها في نهاية الأمر بالموت ، و هذا التعامل السرطاني الكيزاني مع الثورة السودانية لم يتوقف على مؤسسات الجماعة و منظماتها و تنظيماتها و مليشياتها و كتآئبها فحسب ، بل قد مارسه الحلفآء في الكتلة ”الديمقراطية“ التي تضم العديد من الحركات المسلحة و الأحزاب و المسارات الجهوية و النظارات القبلية و التجمعات الدينية التي سلكت و نحت ذات النحو السرطاني الكيزاني في تعاملها مع الثورة و القوى المدنية المساندة للحرية و التغيير...
و مما يعقد الأمور و يربكها و يزيد من ضراوة و خبث المرض السرطاني الكيزاني حقيقة أن الجماعة و أذرعها القمعية في الأجهزة العسكرية و الأمنية من: قوات مسلحة و إستخبارات و أجهزة أمن: خآصة و عمليات و كتآئب و مليشيات و حلفآء مسلحين قد تدججوا جميعهم بالأسلحة الفتاكة إلى أسنانهم فأذهبوا الأمن و الطمأنينة في جميع بلاد السودان ، و أشاعوا الرعب و الخوف بين المواطنين ، و ساقوا البلاد إلى الإحتراب و الدولة إلى الفوضى و الإنهيار ، و في هذه الأثنآء أودوا بحياة الألاف من السودانيين ، و أعاقوا ألافاً أخرى جسدياً و نفسياً ، و دمروا المساكن و المنشأت ، و أضاعوا الممتلكات/المقتنيات ، و أرهبوا و شردوا الملايين و دفعوهم إلى الفرار و النزوح و الشتات في بقاع الأرض داخل و خارج حدود بلاد السودان و في صحبتهم/معيتهم الألام المختلفة و المآسي و حزم الأمراض و الهموم و كذلك المسغبة و نقص الغذآء...
و معلومٌ أن أمراض السرطان عضالٌ و فتاكة و تفضي في نهاية الأمر إلى موت عدد من المصابين بها ، و أن محاولات علاجها و القضآء عليها لم تكلل بالنجاح المطلوب/المرجو ، حيث أنها في بعض من الأحوال لم تفلح في إيجاد العلاج الناجع ما عدا في أنواع محددة و حالات معينة ، و أن الحالات التي تم علاجها بنجاح أو التي تم فيها الحد من إنتشار المرض إلى فترات زمنية متباينة و متفاوتة تطلبت الإكتشاف المبكر و إتباع إستراتيجيات علاجية معقدة و مركبة و مكلفة لا تخلو من التعقيدات و المضاعفات و الأضرار و الألام المبرحة ، إستراتيجيات يستخدم فيها خليط و تراكيب مختلفة من العلاج الجراحي الإستئصالي و التداوي بالإشعاع الذري و العقاقير الكيماوية و الهرمونات و العلاج بالخلايا الجذعية...
و رغم الجهود الطبية الحثيثة و البحوث العلمية المكثفة إلا أن الشواهد تشير إلى أن هنالك حالات من أمراض السرطان تستعصي على جميع إستراتيجيات العلاج و ينتهي بها الأمر إلى العلاج عن طريق الرفق و الرعاية التلطيفية/الملطفة التي تعتمد على تسكين ألام المريض و التعامل مع مضاعفات المرض و إفرازته و توفير الراحة النفسية للمريض و أهله و أقربآءه مع الحرص على الحفاظ على كرامة المريض حتى حلول قضآء الموت...
و على الرغم من أن قرآئن الأحوال و الإدلة تشير إلى البطء في التعامل مع السرطان الكيزاني المتكاثر و المنتشر في أجساد الشعوب و مرافق الدولة السودانية ، و أن المرض في العقود الأربعة الماضية ربما قد تجاوز المرحلة الرابعة من حيث الإنتشار ، و رغم هذه القتامة و الإحباط العظيم إلا أنه لا بد/مناص/مفر من التفآؤل و الإيمان بأنه ما زال هنالك أمل كبير في العلاج و الشفآء ، و خصوصاً إن عُلِمَ أن هنالك حالات سرطانية قد تم لها الشفآء التآم ، و إن كان الأمر كذلك فإن الشعوب السودانية الثآئرة و الصابرة تأمل أن تكون من ضمن تلك الإحصآئيات المفرحة/الإيجابية التي يكون فيها العلاج ناجحاً و ناجعاً!!!...
و مما تقدم ، و إن كانت هنالك رغبة صادقة في علاج السرطان الكيزاني الذي أصاب جسد الثورة السودانية و تكاثر و انتشر في أنسجتها و أجهزتها ، و إن كان هنالك حرص على تفادى الرفق و الرعاية التلطيفية/الملطفة و مسكنات ما قبل الموت!!! ، فإن الأمر بالضرورة يستلزم التدخل العاجل و ذلك حتى لا يستفحل المرض أكثر مما كان بحيث يصعب/يستحيل علاجه ، و هذا يستدعي إعمال جميع الإستراتيجيات العلاجية المجربة من: الإستئصال الجراحي و التداوي بالإشعاع الذري و العقاقير الكيماوية و الهرمونات و العلاج بالخلايا الجذعية ، و لا ضير في إضافة الرقية الشرعية و تفعيل سلاح الدعآء!!! ، و ذلك حتى تزداد فرص و نسبة إحتمالات النجاح و الشفآء التآم...
و على الرغم من أن العلاج ليس بالسهل ، لكنه ليس بالمستعصي أو المستحيل ، و ليس هنالك إستئصال أنجح و أنجع من الثورة السودانية الدآئمة الإشتعال ، خصوصاً إذا علمنا أن السرطان الكيزاني و ملحقاته قد بلغوا مرحلة الوهن أو هم على أعتابها/مشارفها!!! ، و قد دلت التجارب أن في هذه المرحلة ، الوهن ، يكون السرطان في أضعف حالته و تكون إستجابته للتدخلات و العلاجات أفضل ، هذا مع ملاحظة أن الشعوب السودانية قد إستخدمت العلاج الإستئصالي و إستراتيجيات علاجية أخرى و جربتها مراراً و أثبتت نجاحها و نجوعها في إقتلاع طواغيت من العسكر تعاقبوا على الإستيلآء على السلطة و برعوا كثيراً في إستخدام شتى أدوات القمع و البطش و التنكيل...
و الحمدلله رب العالمين و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.
فيصل بسمة
fbasama@gmail.com