كولاجين الديناصور يتحدى الزمن.. سر البقاء على قيد الحياة لملايين السنين
تاريخ النشر: 5th, September 2024 GMT
تستكشف دراسة من معهد ماساتشوستش للتكنولوجيا، مادة مذهلة، قد تحمل في طياتها سر البقاء على قيد الحياة، يعود تاريخها إلى 200 مليون عام، وهي كولاجين الديناصورات المادة التي تتحدى الزمن.
وصمدت أحافير الديناصورات التي لا تعد ولا تحصى أمام اختبار الزمن، محاصرة في طبقات الرواسب العميقة ليتم اكتشافها بعد ملايين السنين.
ويمكن أن تتراوح البقايا من مجزأة إلى محفوظة جيداً، وتشمل العظام والأنسجة الرخوة وحتى الجزيئات البيولوجية مثل الكولاجين، ورغم أن هذا أمر قد يستغربه كثيرون لكنه حقيقة، بحسب بحث علمي.
والكولاجين، وهو بروتين موجود في العظام والجلد والعضلات، لطالما أثار دهشة العلماء بسبب قدرته على البقاء محفوظاً في أحافير الديناصورات التي يعود عمرها إلى ملايين السنين، مما يثير تساؤلات حول كيفية بقاء هذا البروتين سليماً على الرغم من مرور كل تلك الفترات الطويلة.
هذا العمر الطويل للكولاجين مفاجئ جداً، خاصةً عندما نأخذ في الاعتبار أن الروابط الببتيدية، التي تربط البروتينات معاً، لها عمر نصف قصير نسبياً يبلغ حوالي 500 عام.
وهنا يتساءل العلماء كيف يمكن للكولاجين أن يستمر لملايين السنين؟
وتقدم دراسة حديثة من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا تفسيراً مثيراً للاهتمام على المستوى الجزيئي، حيث اكتشف الباحثون تفاعلاً فريداً على المستوى الذري يحمي الكولاجين من التأثيرات الضارة لجزيئات الماء، مما يساعد في الحفاظ عليه لفترات طويلة.
وفي اكتشاف مذهل، تمكن علماء الحفريات في وقت سابق من العثور على كولاجين سليم داخل حفريات الديناصورات، بما في ذلك حفرية لتيرانوصور ريكس عمرها 80 مليون عام، وأحفورة سوروبودومورف يعود تاريخها إلى نحو 200 مليون عام.
وهذا الاكتشاف دفع العلماء إلى اقتراح أن ظروف الجفاف قد تكون أحد العوامل التي أسهمت في الحفاظ على الكولاجين لفترات طويلة في هذه الحفريات القديمة، ما يضيف بعداً جديداً لفهمنا لكيفية بقاء المواد العضوية على مدار ملايين السنين.
طول عمر وروابطووجدت الدراسة آليات جزيئية معقدة تسمح للبروتينات بالبقاء على قيد الحياة لملايين السنين
والكولاجين المدروس هو بروتين معقد يتكون من خيوط طويلة تتصل لتشكل حلزوناً ثلاثياً قوياً، وهذا الهيكل ضروري لإعطاء الاستقرار والمرونة للأنسجة الحيوانية، ويكمن مفتاح طول عمر الكولاجين في الطريقة التي تتفاعل بها روابطه الببتيدية مع بعضها البعض، ووجد الباحثون تفاعلاً فريداً على المستوى الذري يدافع عن الكولاجين ضد جزيئات الماء.
ويتضمن هذا التفاعل مشاركة الإلكترونات بين الروابط الببتيدية المجاورة، مما يمنع جزيئات الماء من كسر الروابط وتحفيز التحلل المائي، وهذا تفاعل كيميائي يتفاعل فيه الجزيء مع الماء، مما يؤدي إلى إنشاء مركبات جديدة.
وتتدهور البروتينات عندما تتعرض الروابط الببتيدية التي تربط الأحماض الأمينية المكونة للهجوم من قبل جزيئات الماء، مما يؤدي إلى انقسام الروابط الببتيدية.
وأوضح رون رينز، أستاذ الكيمياء في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا: "ينشأ هذا التفاعل الوقائي من الرابطة الببتيدية السابقة في تسلسل الأحماض الأمينية، وفي الأساس، كل رابطة ببتيدية محمية بواسطة جارتها".
وكانت مجموعة أبحاث راينز تدرس الأساس الكيميائي لاستقرار الكولاجين لأكثر من 25 عاماً، فابتكروا أشكالاً مختلفة من الكولاجين لاختبار نظريتهم. وشملت هذه الأشكال:
الشكل "trans": الذي يشكل عادةً حلزوناً ثلاثياً.
الشكل "cis": حيث تدور زوايا الرابطة الببتيدية.
ولم يتأثر الشكل المتحول للكولاجين الأول بالتحلل المائي الناجم عن الماء، بينما سمح الشكل cis للماء بالدخول وكسر الروابط.
ومن المرجح أن يكون هيكل الحلزون الثلاثي الفريد للكولاجين هو السبب الرئيسي لطول عمره المذهل، وفق العلماء.
وهذا يعني أن المبادئ الأساسية لاستقرار الكولاجين يمكن تطبيقها على تصميم مواد متينة أخرى، كالتفاعل المشابه لحمض اللاكتيك، والذي يستخدم في مجموعة كبيرة ومتنوعة من المنتجات الاستهلاكية مثل أدوات المائدة القابلة للتحلل البيولوجي، وتطبيقات أخرى عديدة.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: الهجوم الإيراني على إسرائيل رفح أحداث السودان غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية
إقرأ أيضاً:
من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي … عيون “الرنّة”
عيون “الرنّة”
من أرشيف الكاتب# أحمد_حسن_الزعبي
نشر بتاريخ .. 30 / 12 / 2017
يقول الباحثون إنه ومن أجل التكيف مع الظروف القاسية، فإن غزلان الرنّة تغيّر لون عيونها من البني الذهبي في الصيف الى الأزرق الغامق في الشتاء.. ففي الصيف تمتاز المناطق القطبية بنهارات لا تنتهي، فيكون الضوء شديد السطوع بسبب بياض الثلج وانعكاس أشعة الشمس، لذا تغير لون عينيها الى اللون الذهبي لتستوعب هذا الوضوح وتبحث عن العشب المختبئ تحت كثبان الثلج المتراكم. وفي فصل الشتاء القارس، حيث تصل درجة الحرارة إلى 40 تحت الصفر، يعم الليل أيام الشتاء الطويلة ويشتد الظلام وتزداد حلكته وتجول المفترسات، من ذئاب ودببة وضباع،الأرض المقمرة، تدوس جمر الثلج بحثا عن فريسة تائهة او مريضة لتفترسها، لذا لا بد ان تغيّر “الرنّة” لون عيونها الى الأزرق الداكن حتى تحمي نفسها من أعدائها المتربصين..
مقالات ذات صلة الاحتلال يسعى لبناء جدار على الحدود مع الأردن.. ما طوله وتكلفته؟ 2024/12/21في السياسة أيضا لا بد من تغيير لون العيون حسب فصول التحالفات، فلا عزاء لـ”العيون السود” في القطب المتجمد ولا في الشرق الأوسط الملتهب، فاللون الثابت والنظرة الواحدة لا يضمنان البقاء على قيد الحياة ولا يحميان من الأعداء الذين يبحثون عن فريسة في صراع البقاء. لا بد من اتباع نهج “الرّنة” في التكيّف مع الظروف القاسية التي لا تحمي أحداً ولا تنظر إليه بعين العطف، حتى القطعان المتشابهة إذا ما ضعف فرد من أفرادها أو كسرت ساقه ولم يستطع المضي معها تتركه لمفترسيه، فالهروب والانقضاض لا يرحمان الضعفاء، الضعف في صراع البقاء يعني الموت غير المعلن.. فما الذي جعل أمّة “الرنّة” إذن تغيّر بحر عيونها حسب الفصل وشدة الضوء والليل والنهار؟.. إنه البقاء والدفاع عن النفس وحفظ سيادة الذات..
في العروبة، تشبه بعض الدول “الرنّة” الى حدّ بعيد، تحمل “شجرة المبادئ” فوق رأسها تاجاً وقوة وأداة حادة لمعركة لا تقبل المساومة عليها ولا تقبل ان تكسر او تقطع؛ تهاجم بها عند الضرورة وتهرب بها عند الضرورة أيضاَ، لكنها لا تسقطها عن رأسها أبدا، فالغزال إن تخلّى عن “قرونه” صار نعجة؛ والنعاج مهما قاومت غلبتها السكين الصغيرة.. بالمناسبة، أمة الرنّة تبقى مخلصة لأبناء جنسها ما استطاعت، تحاول أن تذود عن القطيع حتى لو نزفت كل دمها على الثلج الأبيض كي لا تترك ثغرة في القبيلة. لا يميتها سهم الصيّاد أو عضة الذئب، فهي تهرب بالسهم عند الضرورة وتلعق الجرح فتشفى، لكنها تموت كمداً إِن “نُطحت” بقرن شقيق..
undefined
أجمل ما في هذه الكائنات الأنفةُ والكرامة والبرّية التي تجري في عروقها، فهي لا تقبل التدجين أبداً، ولا تقبل الانبطاح، تقاوم، تقاتل بتاج العظم الذي يكسو رأسها، وقد تموت، لكنها لا تركض وراء صائدها من أجل حفنة علف أو غصن من عوسج.. هي برية، مثابرة، ثائرة على الظروف والفصول والثلج العنيد، تحفر في الجليد القاسي إن احتاجت لتلتقم ما تسدّ به جوعها ويقويها على المواجهة..
في التاريخ لم يدجّن غزال رنّة واحد إلا في الأساطير وأفلام الكرتون، إذ صوّر في قصص الأطفال وهو يجرّ عربة بابا نويل والسوط يلذع جنبيه ليصل في الموعد أثناء توزيع الهدايا على حلفاء “سانتا كلوز” في عيد الميلاد.. كل غزلان الرنّة سخرت من الغزال الكرتوني لأنه ارتضى لنفسه أن يترك القطيع ويدخل قصص التسلية بعربة السيد “بابا نويل “، ورغم كل هذا لا أحد يذكره في الأغاني ولا في الحكايات ولا في الأمنيات، لا يذكره سوى السوط الذي يطلب منه المسير أو التوقف أو تغيير مسار العربة.. “الرنةّ الكرتوني” عندما فقد بريّته فقد مبادئه وصار مطية للسيد “بابا نويل” الأشقر..
أجمل ما في غزلان “الرنّة” الحقيقية أنها قد تغيّر نظرتها وحدّة إبصارها لكنها لا تغير مبادئها.. يقول الباحثون حتى في الموت -الذي هو النهاية الحتمية لكل الكائنات- يفضل الرنّة ان يموت فوق المرتفعات، يثني ساقيه على الأرض أولا، ثم يرخي رأسه على الصخر أو الثلج ليترك “تاج رأسه العاجي” مرتفعاً…”فالرنّة” لا تموت مطأطئة أبداً..
احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com
#173يوما
#الحرية_لاحمد_حسن_الزعبي
#أحمد_حسن_الزعبي
#كفى_سجنا_لكاتب_الأردن
#متضامن_مع_أحمد_حسن_الزعبي