باريس– انتهت أخيرا سلسلة المشاورات، التي أطلقها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع القوى السياسية الرئيسية، بإعلان ميشيل بارنييه رئيسا للوزراء لتشكيل "حكومة وحدة في خدمة البلاد" وفق بيان قصر الإليزيه.

وبينما كان ماكرون يسعى لاختيار شخصية قادرة على الجمع بين الأطياف السياسية وتجنب "توجيه اللوم"  في الجمعية الوطنية بدون أغلبية أو ائتلاف قوي بعد نتائج الانتخابات التشريعية المبكرة في يونيو/حزيران الماضي، سرعان ما تم وضع رئيس الحكومة الجديد في خانة "المتوافق" مع ماكرون وزعيمة التجمع الوطني مارين لوبان.

وبالتالي، انتقلت فرنسا من أصغر رئيس وزراء لها غابرييل أتال (34 عاما) إلى أكبر رئيس للوزراء، إذ يبلغ عضو حزب الجمهوريين بارنييه 73 عاما.

وقد بدأ بارنييه حياته السياسية في السبعينيات وشغل مناصب وزارية مختلفة، في عهد الرؤساء السابقين فرانسوا ميتران وجاك شيراك ونيكولا ساركوزي، كما كان كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

زعيم حزب فرنسا الأبية اليساري ميلانشون اعتبر تعيين ماكرون لبارنييه "انقلابا" (الفرنسية) الانتخابات في مهب الريح

وكما كان متوقعا، لم يتأخر زعيم حزب "فرنسا الأبية" جان لوك ميلانشون في الاعتراض على اختيار ماكرون، قائلا "لقد سُرقت الانتخابات من الفرنسيين" ودعا في فيديو نشِر على منصات التواصل الاجتماعي إلى "أقوى تعبئة ممكنة" يوم السبت ضد ما أسماه "انقلاب القوة" الذي قام به رئيس الجمهورية بعد رفضه تعيين مرشحة ائتلاف اليسار لوسي كاستيتس.

وتعليقا على ذلك، ترى فيرجيني مارتن أستاذة العلوم السياسية وعلم الاجتماع كلية كيدج للأعمال في باريس أن قرار ماكرون يسير عكس ما صوت عليه الشعب خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة، مشيرة إلى أنه حتى مع فوز "الجبهة الشعبية الجديدة" بنتائج التصويت وحصولها على المرتبة الأولى، فهي لم تحظ بالأغلبية المطلقة ولم تقم بالجهود المطلوبة لتقديم مرشح قوي لدخول قصر ماتينيون، وهو ما أدى إلى اختيار بارنييه آخر المطاف.

وأضافت مارتن -في حديث للجزيرة نت- أن قرار اليوم نتيجة إخفاق اليسار أيضا الذي "كان عليه الاختيار بين أن يكون يسارا ثائرا أو يسارا حكوميا، لأن الحكومة اليسارية يجب أن تأخذ في عين الاعتبار أهمية التسوية والواقعية السياسية" معتبرة أن اليسار الحالي "فقدَ ثقافة السلطة والحكم بعد بطولات التقشف عام 1983 في عهد ميتران ورئاسة هولاند عام 2012، بينما جاء اليمين ليثبت العكس وقد نجح في ذلك نظرا للتطورات الأخيرة".

من جانبها، ترى ماتيلد بانو رئيسة النواب عن حزب ميلانشون أن "الرئيس رفض احترام السيادة الشعبية" وأنه "بعد 52 يوما من هزيمة الحكومة في صناديق الاقتراع، لا يزال ماكرون يعيش كحاكم مستبد".

مباركة اليمين

وصرح الإليزيه في بيانه الصحفي أن هذا التعيين "يأتي بعد دورة غير مسبوقة من المشاورات، أكد خلالها الرئيس -وفقا لواجبه الدستوري- أن رئيس الوزراء والحكومة المقبلة سيوفران الظروف اللازمة ليكونا مستقرين قدر الإمكان ويمنحا نفسيهما فرص الالتقاء على أوسع نطاق ممكن".

وفي حديث للجزيرة نت، قال النائب جيروم لوغافر عن حزب "فرنسا الأبية" إن بارنييه هو اختيار مارين لوبان بشكل أساس. وكتب في تغريدة عبر منصة "إكس" أن بارنييه كان دائما محترما لدى حزب التجمع الوطني، وقريبا من برنامجه اليميني المتطرف خاصة فيما يتعلق بملف الهجرة، وبالتالي أصبح لدينا حكومة ماكرون لوبان في فرنسا، على حد تعبيره.

وعند سؤال الأكاديمية مارتن عما إذا كان اختيار ماكرون يتماشى مع لوبان، أجابت أن الأمر يبدو أكثر تعقيدا من ذلك، وأن الأيام المقبلة كفيلة بإظهار ما إذا كانت المواثيق التشريعية للحكومة الجديدة ستصب في مصلحة اليمين المتطرف أم لا، مثل ملف الهجرة والقوة الشرائية. وفي حال تم ذلك، ترى المتحدثة أن هذه الحكومة لن تواجه قرار اللوم داخل البرلمان.

وهو تحليل يتطابق مع ما صرح به رئيس حزب التجمع الوطني جوردان بارديلا الذي قال "سوف نحكم على خطاب بارنييه بشأن السياسة العامة وقراراته المتعلقة بالميزانية وتصرفاته من خلال الأدلة" مؤكدا أن الرقابة على حكومته لن تكون تلقائية بالنسبة لحزبه.

إنكار ديمقراطي

ووصف السكرتير الوطني للحزب الاشتراكي أوليفييه فور -عبر منصة "إكس"- الوضع السياسي الحالي بـ"الإنكار الديمقراطي الذي وصل إلى ذروته: رئيس وزراء من الحزب الذي جاء بالمركز الرابع ولم يشارك حتى في الجبهة الجمهورية ضد اليمين المتطرف" معتبرا أن فرنسا تدخل "أزمة نظام".

بينما أعلن الحزب الاشتراكي -في بيان صحفي- أن ماكرون "يدوس على أصوات الشعب الفرنسي" مؤكدا فرضه "رقابة" على حكومة بارنييه.

بدوره، وصف لوغافر ـفي حديث للجزيرة نت- خيار ماكرون بـ"الانقلاب المناهض للديمقراطية على جميع الأصعدة" لأن الفرنسيين الذين أدلوا بأصواتهم في الانتخابات التشريعية الأخيرة لم يصوتوا لهذه النتيجة.

وأضاف أن "الشخص الوحيد المسؤول عن هذا الوضع هو الرئيس لأنه يتصرف مثل الملك المطلق، ومن جهتنا (حزب فرنسا الأبية) أطلقنا حملة لإقالة رئيس الجمهورية وندعو الشعب الفرنسي للتظاهر السبت المقبل ضد انقلاب ماكرون".

وتتفق فيرجيني مع ما سبق، قائلة إن هناك شكلا من أشكال إنكار الديمقراطية من قبل ماكرون الذي "بدل أن يختار رئيس الوزراء السابق برنار كازينوف لأنه كان متوافقا معه جزئيا وهو ليس من تحالف اليسار، إلا أنه ابتعد وذهب في الاتجاه المعاكس أي اليمين".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات فرنسا الأبیة

إقرأ أيضاً:

رئيس مهرجان The Best يكشف تفاصيل اختيار النجوم .. ومفاجأة في الإمارات | فيديو

كشف الكاتب الصحفي أحمد الهواري، رئيس مهرجان The Best، عن كيفية اختيار النجوم المشاركين في المهرجان الذي يطلق دورته الأولى هذا العام.

في لقائه مع الإعلامية رشا مجدي والإعلامية عبيدة أمير في برنامج "صباح البلد" المذاع على قناة صدى البلد، أوضح أحمد الهواري أن هناك نوعين من المهرجانات: الأول هو المهرجانات الممتدة التي تستمر لعدة أيام مثل مهرجان القاهرة السينمائي، وتعرض فيها أفلام جديدة، وتضم فعاليات متعددة ولجان تحكيم. أما النوع الثاني فهو المهرجانات التي تُعقد ليوم واحد فقط، وتعتمد على استفتاء وتصويت الجمهور لمدة شهر على الأعمال التي تم عرضها بالفعل طوال العام.

وأضاف الهواري: "مهرجان The Best يعتمد على استفتاء ضخم يشمل أكبر عدد من الأقسام، وهو موجه لتوجيه الشكر للأعمال والفنانين الذين حققوا نجاحًا طوال العام."

وفيما يتعلق بكيفية اختيار النجوم المشاركين في المهرجان، قال أحمد الهواري: "نقوم بجمع كل الأعمال التي تم عرضها في رمضان وخارج رمضان وعلى المنصات الرقمية، بالإضافة إلى أبطال تلك الأعمال من النجوم والوجوه الجديدة، كما نعرض صورهم وأسمائهم لتمكين الجمهور من اختيار الأفضل في هذا العام."

وتحدث الهواري عن الفرق بين مهرجان "الأفضل" الذي كان يرأسه وبين مهرجان The Best، قائلاً: "الفرق يكمن في التطوير والتحديث. المهرجان السابق بدأته منذ حوالي 8 سنوات وحقق نجاحًا كبيرًا، ولكننا اليوم نطمح للتوسع."

وفي مفاجأة جديدة، أعلن أحمد الهواري عن افتتاح مهرجان The Best Middle East في الإمارات في شهر إبريل المقبل بعد موسم دراما رمضان 2025، مشيرًا إلى أن المهرجان سيستمر لمدة خمس سنوات قابلة للتجديد. كما كشف عن استعدادات لإطلاق مهرجان آخر في إحدى دول الخليج، وأضاف: "نهدف لتقديم مهرجان لا يشبه غيره، حتى أن سجادة المهرجان ستكون لونها أزرق وليس أحمر كما هو المعتاد."

وأشار الهواري إلى أن المؤتمر الصحفي الخاص بالإعلان عن تفاصيل المهرجان سيتم عقده قريبًا.
 

مقالات مشابهة

  • أزمة العقارات في الصين تدخل عامها الخامس بلا حلول واضحة
  • حكومة جديدة في فرنسا.. كيف ستتعامل مع أزمة الميزانية؟
  • متفائل.. أنور السادات: تعيين طارق نور رئيساً للشركة المتحدة اختيار اقتصادي
  • «شئون الأحزاب» تقرر اختيار أسامة الشاهد رئيسا لحزب الحركة الوطنية 
  • دقيقة صمت في فرنسا حدادا على ضحايا إعصار شيدو الذي ضرب أرخبيل مايوت
  • رئيس مهرجان The Best يكشف تفاصيل اختيار النجوم .. ومفاجأة في الإمارات | فيديو
  • ماكرون يتحدث عن إمكانية إعادة هيكلة ديون إثيوبيا
  • ماكرون: فرنسا تشارك في عملية إعادة هيكلة الدين الإثيوبي
  • ماكرون يدعو طرفي النزاع في السودان إلى إلقاء السلاح
  • ماكرون يجري مباحثات مع رئيس جيبوتي