الثورة نت/..
يشهد الاقتصاد الإسرائيلي تدهورًا متسارعًا نتيجة العجز المتزايد في تمويل العمليات العدوانية المستمرة والحصار المفروض على غزة. في الوقت ذاته، تتدهور القطاعات الاقتصادية الحيوية التي كانت تدر مليارات الدولارات، بسبب الحصار البحري المستمر على الكيان الصهيوني، والضربات المتواصلة من قبل المقاومة الفلسطينية، والعمليات الاستراتيجية لحزب الله.

يضاف إلى هذه التحديات المخاوف المتزايدة من رد فعل إيراني محتمل، مما يزيد من الضغوط على الاقتصاد “الإسرائيلي”. وقد أدى ذلك إلى زيادة هروب رؤوس الأموال، وسحب الاستثمارات، وإغلاق الشركات الصغيرة والمتوسطة.

في ظل تصاعد التوترات الداخلية والخارجية، شهد الكيان الإسرائيلي إضرابًا عامًا شل معظم “الوزارات” و”المؤسسات ” الخدمية، مما أدى إلى خسائر اقتصادية كبيرة. هذا الإضراب، الذي جاء احتجاجًا على سياسات “حكومة” الكيان ، أضف إلى سلسلة من الأزمات التي تواجه الكيان المحتل، بما في ذلك تراجع الناتج المحلي الإجمالي وتفاقم الأوضاع الاقتصادية.

إلى جانب ذلك، تتزايد مشكلة الهجرة العكسية، حيث بات أكثر من 25% من اليهود الصهاينة يفكرون في مغادرة الأراضي المحتلة بحثًا عن ملاذات أكثر أمانًا واستقرارًا. كل هذه الظواهر، لا شك تعكس تآكل الثقة في قدرة “حكومة ” العدو على توفير الأمن والاستقرار، مما يزيد من الضغوط على المجرم ” نتنياهو” في التعامل مع التحديات المتعددة التي تهدد استقرار حكومته وأمنها الاقتصادي.

وقبل أن تأمر “محكمة العمل” في “تل أبيب” بإنهائه في الساعة الثانية والنصف ظهرًا من أمس الأربعاء، شل إضراب عام معظم “الوزارات” و”المؤسسات” الخدمية في الكيان، وكان الناتج المحلي “الإسرائيلي” قد خسر خلال يوم الإثنين الماضي قرابة 1,5 مليار دولار من قيمته. وأضيف الخسائر الجديدة إلى رصيد خسائر الكيان الإسرائيلي التي تجاوزت 70 مليار دولار، وهو المبلغ الذي مثل أعلى سقف وضعته سلطات الكيان كنفقات تقديرية لتنفيذ عدوانها على غزة، الذي بدأته في 7 أكتوبر العام الماضي.

تعطل المؤسسات

أفادت الأنباء الواردة من دهاليز “حكومة” نتنياهو، أن المرافق الاقتصادية “الإسرائيلية” تتعطل في كل يوم، ويتآكل مع كل توقف جزء من الناتج المحلي البالغ 525 مليار دولار. مؤكدة أن هذا الواقع، أثار حفيظة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش الذي لم يكتف بمعارضة الإضراب، بل قدم كذلك التماسًا إلى محكمة العمل ضد دعوة اتحاد نقابات العمال التي لقيت أصداء واسعة في أوساط عشرات آلاف العاملين في سائر القطاعات.

وكان مطار “بن غوريون” في الواجهة منذ ساعات الصباح المبكر، حيث توقفت عملياته لفترة مؤقتة، وهو الذي يشهد منذ 11 شهرًا إرباكًا في نشاط الملاحة الجوية، تمخّض عنه امتناع أكبر خطوط الطيران العالمية عن الوصول إلى “تل أبيب”.

بدورها، شاركت الموانئ في كل من “أسدود” وحيفا المحتلة في الإضراب، ليصيب الشلل قطاع الشحن البحري شبه المتوقف أساسًا في مرفأ “إيلات” بسبب استهداف الجيش اليمني للسفن المرتبطة بالكيان المارة من باب المندب، ما عمّق محنة الأنشطة اللوجيستية في الكيان الإسرائيلي وقدرته على إنفاذ عمليات التصدير والاستيراد.

كما وافقت جل شركات قطاع التقنية الذي يمثل نحو خمس الناتج المحلي “الإسرائيلي”، على المشاركة في الإضراب، ذلك لأنها تخشى استمرار تداعيات العدوان على غزة، والتي أجبرت علامات عالمية كبرى مثل الأميركية “إنتل” على الانسحاب الجزئي من “تل أبيب”.

وكشفت “سلطة السكان والهجرة” الإسرائيلية أن عدد اليهود الصهاينة الذين غادروا في الثلث الأول من 2024 اقترب من مليون وسبعمائة ألف شخص، ما قد يشكل هروباً مؤقتاً بسبب التدهور الأمني، ومؤشراً هاماً متعلقاً بالهجرة العكسية من الكيان الإسرائيلي إلى الخارج.، فيما أخليت مدينة “سديروت” بالكامل، وهي تضم نحو 20 ألف مستوطن، كما يتم إخلاء المستوطنات القريبة من الحدود الشمالية مع لبنان.

جبهة مفتوحة

في تطور غير متوقع للأحداث، شمل الإضراب معظم الوزارات والمؤسسات الخدمية، وكذلك أعضاء منتدى الأعمال الذي يضم زهاء 200 من أكبر الشركات “الإسرائيلية”، إلى جانب “رابطة الغرف التجارية” و”جمعيات المقاولين والمزارعين ” وسواها، ليتحول إلى جبهة مفتوحة معارضة لسياسات “حكومة” الكيان الإسرائيلي، ليس فقط في تعاملها مع ملف الأسرى، وإنما في سائر الملفات السياسية والاقتصادية والعسكرية كذلك.

ووفقا لتقارير إعلامية عبرية، حذرت ما تسمى “وزارة المالية” في حكومة نتنياهو المجرمة من كارثة اقتصادية وشيكة، وحثت على “خفض الإنفاق وزيادة الضرائب”، داعية إلى خفض الإنفاق وزيادة الضرائب. هذه الدعوة تسلط الضوء على التناقضات والارتباك الاقتصادي، حيث يطالب “وزير المالية” في حكومة الكيان “بتسلئيل سموتريتش” بزيادة الميزانية وتنفيذ سياسات اقتصادية تتماشى مع النفقات الحكومية المتعلقة بالعمليات العسكرية والحصار على غزة.

وذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية ، أن “وزارة مالية” الكيان الإسرائيلي حذّرت، الأحد الماضي، من كارثةٍ اقتصادية، كما أكّدت الوزارة وجوب جباية 50 مليار شيكل (نحو 14 مليار دولار) بشكل مستعجل، محذرة من دخول الاقتصاد في دوامة في حال فشل سد فجوة العجز الطارئ في الموازنة.

وأشارت وسائل إعلام عبرية إلى تسجيل انخفاض في سوق الأسهم في الكيان، كما كشفت أنّ كبار مسؤولي القطاعات الاقتصادية، اجتمعوا للضغط على الـ”هستدروت” (أكبر منظّمة عمّالية في إسرائيل) لإعلان الإضراب العام.

وكانت وسائل إعلام عبرية، أكدت أن اقتصاد الكيان الصهيوني يوشك على الغرق، تزامنا مع إخفاقات حرب غزة وتداعيات جبهة لبنان والحصار اليمني المفروض على السفن المتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة.

عمى الألوان

وقيم الصحافي في صحيفة “معاريف” العبرية، “نتان زهافي”، نقلاً عن خبراء، “وزير المالية” في “حكومة” الكيان  الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريش، “ليس لديه أدنى فكرة عن الاقتصاد”، وسط عدم اكتراثه للوضع الاقتصادي المتأزّم في “إسرائيل” بفعل تداعيات الحرب المستمرة منذ نحو 11 شهراً على مختلف الجبهات.

وأضاف “زهافي” أنّ “سموتريش، ذا الماضي المشكوك فيه، مصاب بعمى الألوان ولا يلاحظ الأضواء الحمراء الوامضة التي تحذّر من أنّ السفينة على وشك الاصطدام بصخور الشاطئ والغرق”، فهو “لا يرى المستثمرين يتركون السفينة الغارقة، ولا يستمع إلى مديري شركات التصنيف الائتماني الذين يخفضون تصنيف إسرائيل ويحذرون من خطورة الوضع وخفض التصنيف مرة أخرى”.

وأدّت الحرب المستمرة على مختلف الجبهات إلى خسائر كبيرة في الاقتصاد “الإسرائيلي”، حيث “ألحقت الضرر بآلاف الشركات الصغيرة، وأضعفت الثقة الدولية في اقتصاد كان يُنظر إليه ذات يوم على أنه دينامو ريادة الأعمال”، وفق وكالة “أسوشيتد برس” الأميركية.

تعميق الانقسامات

وفي هذا السياق، لاحظت وسائل إعلام عبرية تراجعا في بورصة “تل أبيب”، مشيرة إلى أن القيادات الاقتصادية وأصحاب رؤوس الأموال بدأوا يمارسون ضغوطا على “حكومة نتنياهو” المجرمة. ويشمل ذلك إمكانية توجيه إضراب لإجباره على الموافقة على صفقة تبادل الأسرى ووقف تصعيد الحرب.

وتؤكد نخب رجال الأعمال العبرية أن الهدف من الجهد الذي تبذله هو محاولة جادة لإيقاف الانهيار الاقتصادي الذي بات يؤثر بشكل ملموس على قطاعاتهم وشركاتهم، مشيرين إلى أن استمرار نتنياهو المجرم في إصراره على غطرسته من شأنه أن يعمق الانقسامات داخل الكيان الإسرائيلي.

وفي الوقت نفسه، نقلت “رويترز” عن مسؤولين “إسرائيليين” قولهم إن التكاليف المباشرة للحرب تجاوزت 70 مليار دولار المتوقعة في البداية. وأضاف التقرير أن سموتريتش قدم ميزانية لعام 2025 تبلغ 68 مليار دولار، وهو ما يعتبره المراقبون الاقتصاديون محاولة لتعويض العجز الهائل هذا العام، وينظر إلى الإعلان عن العجز الحالي على أنه جزء بسيط فقط من ناحية الأرقام الحقيقية.

وبحسب صحيفة “غلوبس” العبرية، أشار “سموتريتش” إلى أن العجز هذا العام يبلغ 4٪ من الناتج المحلي الإجمالي. ومع ذلك، يعتقد أن العجز الفعلي أعلى من ذلك، مما يؤكد أن تأثير الهجوم على غزة والحصار سيمتد لسنوات، مما يضع حكومة الكيان الإسرائيلي تحت ضغط هائل. ويتسارع الانهيار الاقتصادي يوميا بسبب تزايد الضربات التي تشنها جبهات المقاومة والدعم، من لبنان واليمن، والتي ألحقت خسائر كبيرة بإسرائيل، وشلت قطاعات رئيسية، خاصة الصادرات والواردات، التي باتت في حالة شلل اقتصادي بسبب الحصار اليمني.

تجدر الإشارة إلى أن العملة “الإسرائيلية”، “الشيكل”، فقدت أكثر من 17٪ من قيمتها. وفي الوقت نفسه، تستمر مؤشرات أسهم البنوك الصهيونية في الانخفاض يوميا مع فرار المستثمرين، ويواجه ميناء أم الرشراش الإفلاس، وينخفض النشاط التجاري العام في الكيان. وهذا يشير إلى أن الكيان الإسرائيلي يواجه تحديات اقتصادية كبيرة على المدى القصير وستستمر في مواجهة آثار شديدة على المدى الطويل، حتى لو توقف الهجوم على غزة.

الغضب المتصاعد

وفي تطور لاحق، جدد زعيم المعارضة “الإسرائيلية”  “يائير لبيد” هجومه على “حكومة” بنيامين نتنياهو، فقال محذرا “ما دامت موجودة، فالحرب ستستمر”، وأكد أن استمرار الحرب يضر بمصالح “إسرائيل” من الناحية الأمنية والاقتصادية والسياسية.

وأوضح لبيد أن الكيان الإسرائيلي بحاجة إلى إنهاء هذه الحرب، من خلال إتمام صفقة تبادل الأسرى وإغلاق “هذا الملف نهائيا”.

وتأتي تصريحاته وسط انتقادات متزايدة لأداء حكومة نتنياهو، خاصة فيما يتعلق بإدارة الحرب على قطاع غزة وتأثيراته على الأوضاع الداخلية في الكيان.

وعلى نفس الصعيد، تصاعدت حالة الغضب المتصاعد داخل المجتمع الصهيوني، بدعوة عائلات الأسرى الصهاينة المحتجزين في غزة إلى مواصلة المظاهرات والاحتجاجات للمطالبة بإتمام صفقة إطلاق سراح أحبائهم.

وقالت مصادر صحفية إن هذه الدعوات جاءت لليوم الخامس على التوالي، إذ تنتهج العائلات مسار الضغط المستمر سبيلا أوحد لإعادة الأسرى. وتعكس هذه الدعوات حالة من الاستياء تجاه أداء “حكومة” الكيان في إدارة ملف الأسرى، حيث يرى العديد من الصهاينة أن حكومتهم أن الحكومة تتجاهل مصالح العائلات لأجل تحقيق أهداف سياسية.

صفقة تبادل الأسرى

في سياق متصل، كشفت صحيفة “هآرتس” العبرية، نقلا عن مصدر داخل “الائتلاف الحاكم”، أن نتنياهو كان معارضا لصفقة تبادل الأسرى منذ أسابيع. وأوضح المصدر أن نتنياهو “اكتشف أن محور فيلادلفيا خدعة فعالة”، في إشارة إلى الخط الحدودي الذي يربط بين قطاع غزة ومصر.

وبحسب المصدر، فإن نتنياهو لايزال مصرا على موقفه في هذه الصفقة تمثل تهديدا لموقفه السياسي الداخلي، ويفضل إبقاء الوضع الحالي على ما هو عليه وعرقلة أي حل يضعف موقفه السياسي غير أبه بموجة المعارضة المتزايدة من داخل حكومته وخارجها.

وتواجه “حكومة” نتنياهو انتقادات حادة بعد نشر تقارير تكشف عن إنفاق “وزير الشتات” “عميحاي شيكلي” مبالغ طائلة على زيارات خارجية. ووفقا لحركة “حرية المعلومات” الإسرائيلية، فإن شيكلي، المنتمي إلى “حزب الليكود”، أنفق نحو 137 ألف دولار خلال النصف الأول من عام 2024 على زيارات شملت دولا مثل المجر وبولندا والولايات المتحدة وفرنسا وإسبانيا وبلجيكا، وهي النفقات التي أثارت جدلا واسعا، خاصة أن بعضها لم يكن له أي علاقة بما أطلق عليه المصالح الرسمية لـ”إسرائيل”.

ترجيح إغلاق 60 ألف شركة إسرائيلية

وفي تتالي للخطوات المتسارعة نحو الانهيار، يرسم تقرير “إسرائيلي” صورة قاتمة لمآلات الحالة الاقتصادية العامة التي ستواجهها الكيان الإسرائيلي حتى نهاية العام الجاري، متوقعاً إغلاق نحو 60 ألف شركة.

ووفقاً لتقرير نشرته شركة معلومات الأعمال ” كوفاس بي دي آي” (CofaceBDI)، نهاية يوليو، فإن الشركات تضررت بسبب بيئة أسعار الفائدة المرتفعة، وتكاليف التمويل الأكثر تكلفة، ونقص القوى العاملة، والانخفاض الحاد في حجم الأعمال والعمليات، وانقطاع الإمدادات والخدمات اللوجستية، وعدم كفاية المساعدات الحكومية.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة “كوفاس بي دي آي” يوئيل أمير: “لا يوجد قطاع اقتصادي محصن ضد تداعيات الحرب الدائرة. تتعامل الشركات مع واقع معقد للغاية بسبب الخوف من تصعيد الحرب إلى جانب عدم اليقين بشأن موعد انتهاءها، إلى جانب التحديات المستمرة مثل نقص الموظفين وانخفاض الطلب واحتياجات التمويل المتزايدة وزيادة تكاليف المشتريات والقضايا اللوجستية”.

وبين أمير في تصريح لصحيفة “تايمز أوف إسرائيل” العبرية، أن حوالي 77% من الشركات التي اضطرت إلى الإغلاق منذ بداية الحرب، تشكل نحو 35 ألف شركة، وهي شركات صغيرة تضم ما يصل إلى خمسة موظفين وهي الأكثر ضعفاً في الاقتصاد، “لأن لديها احتياجات تمويلية أكثر إلحاحاً عندما تتأثر عملياتها بشدة، وهي أيضاً الشركات التي تجد صعوبة أكبر في جمع الأموال الأساسية”

وأوضح أمير أن الشركات “الإسرائيلية” عانت من ركود في بداية عام 2023، وواجهت صعوبات في عمليات جمع الأموال “نظراً لعدم اليقين السياسي المحلي بشأن الإصلاح القضائي الإسرائيلي المقترح”، ثم جاء هجوم السابع من أكتوبر.

وكان تقرير سابق لـ “كوفاس بي دي آي”، أفاد بأن 46 ألف شركة أغلقت أبوابها بالفعل منذ اندلاع الحرب على غزة في أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

نقص العمالة

وأفاد أمير أن الشركات العاملة في قطاعات “البناء والزراعة والسياحة والضيافة والترفيه” هي الأكثر تضررا من الحرب.

وعزا ذلك إلى اختفاء 85 ألف عامل فلسطيني من صناعة البناء في الكيان الإسرائيلي منذ بداية الحرب، ومغادرة المئات من العمال الأجانب الذين يعملون في مواقع البناء، “أدى هذا إلى إغلاق العديد من مواقع البناء بالكامل بسبب نقص العمال، وبالتالي تأخير كبير في المشاريع وتسليم الشقق”.

وقال أمير: “نشهد تدفق بعض العمال الأجانب، ولكن انخفاض العرض أدى أيضًا إلى زيادة الرواتب وارتفاع تكاليف التوظيف”.

تراجع الإنفاق

ولفت أمير إلى “تراجع الإنفاق الاستهلاكي، ونقص السياحة، والإخلاء الجماعي من المناطق المتضررة من الحرب في شمال وجنوب الكيان، أثر على الأعمال التجارية في قطاع التجارة والخدمات، بما في ذلك شركات الترفيه، وكذلك المقاهي والمطاعم”.

ولدى سؤاله عن الجهود التي تبذلها “الحكومة” لتقديم المساعدة الطارئة للشركات المتضررة من الحرب، استشهد أمير بنتائج الاستطلاع الذي أجرته “كوفاس بي دي آي” في يناير/ كانون الثاني، حيث أجاب 52% من 600 شركة تمثل مجموعة متنوعة من القطاعات، بأنهم لم يحصلوا على أي مساعدة على الإطلاق، أو أنهم لم يحصلوا على مساعدة مرضية لاحتياجاتهم على الرغم من استيفائهم لمعايير التعويض.

يألمون كما تأملون

لم يكن اقتحام المقاومة الفلسطينية يوم 7 أكتوبر الماضي غلاف غزة ومستوطناتها على امتداد 45 كيلومترا ومشاهد الهلع والفرار الجماعي للمستوطنين وعجز العدو الإسرائيلي مجرد معركة عسكرية رابحة فقط، فمفاعيل تلك المعركة تشير إلى تآكل بنية وجود الكيان اقتصاديا وعسكريا واجتماعيا بهروب اليهود الصهاينة الكثيف إلى الخارج تحت وطأة المشاكل الداخلية العويصة أيضا ونبوءات متوارثة ومخيفة عن زوال قريب.

“لقد هربنا إلى قبرص مباشرة بعد انطلاق صفارة الإنذار الأولى يوم السبت، أخبرني حدسي أن هذه لم تكن مجرد جولة أخرى، وكانت أعصابي متوترة لمدة 10 أشهر بسبب هذا البلد الذي جن جنونه علينا” هذا ما جاء في شهادة أحد الفارين في تحقيق لصحيفة هآرتس بعنوان “قاتل حماس أو اهرب”.

الشاهد في ذلك، لم يتعود الصهاينة على “النزوح”  وبعد 7 أكتوبر الماضي بات الصهاينة ينزحون ، حيث كشفت “سلطة السكان والهجرة” الإسرائيلية أن عدد “الإسرائيليين” الذين غادروا في الثلث الأول من 2024 اقترب من مليون وسبعمائة ألف شخص، ما قد يشكل هروباً مؤقتاً بسبب التدهور الأمني، ومؤشراً هاماً متعلقاً بالهجرة العكسية من “إسرائيل” إلى الخارج.

وبالتالي، يشير دخول الصهاينة إلى دائرة النزوح وسقوط صواريخ المقاومة في “تل أبيب” وجنوب القدس وتعطيل جلسات أعضاء “الكنيست” وهروبهم إلى الملاجئ بالصورة القاتمة إلى زيف مقولة الأمن والاستقرار، ويعطي انطباعا للصهاينة عما قد يحصل مستقبلا، فباتوا يتفقدون جوازاتهم البديلة المكتسبة بحكم جنسياتهم الأصلية القديمة أو تلك التي حصلوا عليها لاحقا لاستخدامها عند الضرورة.

ولعل ما يثلج صدور قلوب قوم مؤمنين أن علامات تحقق المعادلة الربانية “ويألمون كما تألمون”، باتت أكثر وضوحا في مشاهد الازدحام غير المسبوق في مطار “تل أبيب” مع المطارات الأخرى، والتي تتزايد كل يوم بالتزامن مع الضربات المؤلمة التي تواجهها المقاومة الفلسطينية وحزب الله والجيش اليمني وما تخفيه احتمالات الرد الإيراني، أكبر من أن تفسر بسياقات السفر العادية، فمعظم من يخرجون باتوا لا يعودون، ويضرب كل ذلك عمق العقيدة الصهيونية التي تقوم على عنصر الإحلال والاستقرار وتشجيع الهجرة المكثفة إلى “أرض الميعاد”، والذي كان هاجس الوكالة اليهودية منذ تأسيسها عام 1922م.

في الختام

يمكن القول إن الأزمة الاقتصادية والهجرة العكسية في الكيان الإسرائيلي تعكس تآكل الثقة في قدرة الكيان على توفير الأمن والاستقرار. الإضرابات والخسائر الاقتصادية المتزايدة، إلى جانب الهجرة العكسية، تشير إلى أن هناك تحديات داخلية عميقة تهدد استقرار الكيان. في هذا السياق، يقود السيد عبد الملك الحوثي، في خطابه الذي ألقاه اليوم أمام قيادات الدولة اليمنية الحديثة بمناسبة احتفالات شعبنا بالمولد النبوي الشريف للعام 1446هـ، الأمة نحو ضرورة العودة إلى حمل الرسالة المقدسة للمسيرة الجهادية التي قادها الرسول صلى الله عليه وسلم، في مواجهة التحديات بالجهاد.

وفي سائر خطاباته، يسلط سماحته، الضوء على أهمية الوعي والتنوير في مواجهة الأجندات الغربية والصهيونية، بما يعزز من موقف المقاومة ويظهر أن هناك قيادة واعية ومدركة للتحديات التي تواجهها. هذه العوامل مجتمعة تساهم في زيادة عوامل الانهيار الداخلي لبنية وجود الكيان الأساسية، مما يدفع اليهود الصهاينة إلى البحث عن ملاذات أكثر أمانًا واستقرارًا.

بهذا، تصبح الدعوة إلى الجهاد ليست مجرد رد فعل على التحديات الحالية، بل هي نداء للعودة إلى الجذور والقيم التي أسسها الرسول صلى الله عليه وآله سلم، والتي تضمن للأمة القوة والقدرة على مواجهة أي تحدٍ يهدد وجودها واستقرارها.

المصدر: الثورة نت

كلمات دلالية: الکیان الإسرائیلی صفقة تبادل الأسرى الیهود الصهاینة الناتج المحلی ملیار دولار فی الکیان ألف شرکة إلى جانب تل أبیب على غزة إلى أن

إقرأ أيضاً:

إيكونوميست: الاقتصاد السوري تخنقه العقوبات وبدون رفعها سينهار

نشرت مجلة "ايكونوميست" تقريرا قالت فيه إن الحكومة السورية الجديدة وبعد ثلاثة أشهر من انتهاء الحرب الأهلية السورية التي استمرت 14 عاما، ومع بدء شهر رمضان المبارك، تم استبدال النشوة بالغضب إزاء الضمور المستمر للاقتصاد وعدم قدرة الحكومة الجديدة على عكس ذلك التوجه.

وخلال الحرب انكمش الاقتصاد السوري بنسبة 85 بالمئة٬ وانخفضت الصادرات من 18 مليار دولار قبل الحرب إلى 1.8 مليار دولار في عام 2021. وبلغت احتياطيات النقد الأجنبي 18.5 مليار دولار في عام 2010، ولكن 200 مليون دولار فقط بقيت - وهو ما لا يكفي لتغطية شهر من الواردات. كما هبطت قيمة الليرة السورية من 50 ليرة للدولار إلى ما يقرب من 11 ألف ليرة. والأجور لا تكفي لتغطية حتى نفقات المعيشة الأساسية. ويعيش أكثر من 90 بالمئة من السوريين تحت خط الفقر.

ويعد السبب الرئيسي لهذا البؤس هو الحرب التي دمرت الصناعة والبنية الأساسية في البلاد، وقتلت وشردت العديد من شعبها. لكن شبكة العقوبات الغربية المفروضة على سوريا لمعاقبة دكتاتورها بشار الأسد على انتهاكاته الصارخة لحقوق الإنسان ساهمت في الانهيار. وبينما انتهت الحرب الآن وأطيح بالأسد، لا تزال العقوبات سارية.

وتتخذ العقوبات عدة أشكال ويستهدف بعضها صناعات حيوية، مثل الطاقة والبنوك والاتصالات، فضلا عن المؤسسات الحيوية، بما في ذلك البنك المركزي. وتحظر مجموعة أخرى تقديم "الدعم المادي" لهيئة تحرير الشام، التي تعد نواة الجماعات المسلحة التي تشكل الحكومة المؤقتة في سوريا.


وترى "إيكونوميست" أن "العقوبات أحادية الجانب التي تفرضها أمريكا هي الأكثر شدة٬ لأنها تحظر على سوريا جميع التعاملات بين الكيانات الأمريكية والسورية، فضلا عن جميع استخدامات الدولار في المعاملات التي تشمل سوريا. وليس الأمريكيون وحدهم هم المقيدون: فالشركات والأفراد الأجانب يواجهون أيضا عقوبات شديدة في أمريكا إذا تعاملوا تجاريا مع سوريا في وطنهم. وتجعل هذه العقوبات "الثانوية" من المستحيل تقريبا، على سبيل المثال، على أي بنك أجنبي كبير تسهيل المدفوعات إلى سوريا".

وتضيف المجلة "ورغم وجود استثناء نظري للمساعدات الإنسانية، فإن المؤسسات المالية تشعر بالقلق بشأن كيفية إثبات أهلية المدفوعات. وعلى نحو مماثل، ورغم تعليق بعض العقوبات الأمريكية في كانون الثاني/ يناير لمدة ستة أشهر، فإن عقوبات أخرى لا تزال قائمة. كما علق الاتحاد الأوروبي بعض القيود المفروضة على التجارة والاستثمار، ولكن ليس كلها".

وتضيف أن نظام الأسد "نجا من هذا الحظر الخانق لفترة طويلة لسببين. أولا، تصادق مع منبوذين آخرين، بما في ذلك إيران وروسيا، مما ساعد في دعمه، ليس فقط عسكريا، بل وأيضا اقتصاديا. وثانيا، حول سوريا إلى دولة مخدرات. وبحلول أوائل عشرينيات القرن العشرين، أصبحت سوريا أكبر منتج في العالم للكبتاغون، وهو مخدر يشبه الأمفيتامين، والذي جلب ربما 6 مليارات دولار سنويا. وظل معظم هذا الدخل في الخارج واستخدم لدفع ثمن واردات النظام".

وتؤكد أن "لم يعد أي من آليات البقاء هذه يعمل٬ ويحرص الزعيم السوري الجديد، أحمد الشرع، على أن يُنظر إليه على أنه شرعي. وقد شن حملة صارمة على إنتاج الكبتاغون. كما أنه ليس صديقا لإيران وروسيا، اللتين ضربت قواتهما هيئة تحرير الشام خلال الحرب. وبدلا من ذلك، حاول الشرع تحرير الاقتصاد، على أمل تحفيز النمو. كما قام بتبسيط الرسوم الجمركية ورفع الحظر على العملة الأجنبية.


 كما أنه يعمل على إصلاح البيروقراطية بشكل جذري، وطرد الكثير من الموظفين المدنيين ووعد برفع رواتب أولئك الذين بقوا بشكل حاد. ويأمل في جذب الاستثمار الأجنبي لإحياء صناعة الطاقة في سوريا وإعادة بناء بنيتها التحتية. ولكن بدون تخفيف العقوبات، فإن كل هذه الجهود سوف تذهب سدى.

وألمحت المجلة أن "الطوابير الطويلة أمام ماكينات صرف النقود في دمشق تشير إلى مدى مرض الاقتصاد ومدى الضرر الذي تسببه العقوبات. فسوريا تعاني من نقص حاد في الأوراق النقدية. وفي اقتصاد يعتمد بشكل كبير على النقد، فإن هذا يشبه السكتة القلبية. فالشركات لا تستطيع دفع الأجور والأسر لا تستطيع شراء السلع الأساسية".

وتنقل "إيكونوميست" عن أحد التجار "أن السيارات المستوردة إلى سوريا بعد سقوط الأسد تتراكم عليها الغبار، حيث لا يستطيع أحد جمع ما يكفي من النقود لدفع ثمنها. وقد يكون لدى الشركات والأفراد أموال في حساباتهم المصرفية، ولكن البنوك لا تملك ما يكفي من الأوراق النقدية لدفعها. وبدلا من ذلك، أصدر البنك المركزي تعليمات لهم بالحد من عمليات السحب".

وتحلل المجلة "أن النقص الحاد في النقد شديد لدرجة أن قيمة الليرة السورية ترتفع مقابل الدولار، على الرغم من كل المصاعب الاقتصادية التي تواجهها سوريا. كما تتراجع أسعار السلع اليومية، ويرجع هذا جزئيا إلى أن استيرادها أصبح أسهل الآن، ولكن ربما أيضا لأن هناك قدرا أقل من النقد الذي يمكن شراؤه به. كما لم تقدم الحكومة أي تفسير واضح لما يحدث. ويشتبه البعض في أن السماح للسوريين بامتلاك العملات الأجنبية، وانتشار عمليات تغيير العملة التي أعقبت ذلك، قد امتص قدرا كبيرا من النقد من النظام المصرفي. ويشير آخرون إلى أن تعليق معظم التحويلات الإلكترونية قد دفع إلى اللجوء إلى النقد على نحو أكبر".


وترى أن "الحل هو أن يصدر البنك المركزي المزيد من الأوراق النقدية. وكانت سوريا تطبع نقودها في النمسا، قبل أن تجبرها العقوبات على اللجوء إلى روسيا. وفي شباط/ فبراير الماضي، تلقت سوريا طائرة محملة بالعملة بموجب عقد أبرم في عهد الأسد.  من المفترض أن تتمكن روسيا من طباعة المزيد، ولكن روسيا والنظام الجديد ليسا على علاقة جيدة. وفي الوقت نفسه، قد تشعر الشركات الغربية بالقلق من انتهاك العقوبات وقد يستمر الجفاف النقدي لبعض الوقت".

مقالات مشابهة

  • العدو الصهيوني يعترف بارتفاع عدد جرحى ومعوّقي جيشه إلى 78 ألفاً جراء الحرب
  • العدو الصهيوني يقر بارتفاع عدد الجرحى والمعوقين في “الجيش” إلى 78 ألفاً من جراء الحرب
  • صانع خطة الجنرالات يضع 3 خيارات أمام حكومة نتنياهو
  • هل يدفع العالم ثمنَ غطرسة أمريكا والكيان الإسرائيلي؟ بابُ المندب خطُّ نار عالمي
  • عبد العاطي يؤكد أهمية الدور المحوري والوطني الذي يضطلع به الإعلام المصري
  • عبدالله نعمة: انعدام الأمن في سوريا يصب في مصلحة الكيان الصهيوني
  • أرض الصومال قاعدة الكيان في الحرب ضد اليمن
  • خطة الجحيمفي غزة.. ما الذي تخطط له حكومة نتنياهو ؟
  • إيكونوميست: الاقتصاد السوري تخنقه العقوبات وبدون رفعها سينهار
  • مسيّرة أميركية تعمل بالأوامر الصوتية