فتح قاض فرنسي تحقيقا في شكوى قدمها المحامي الفلسطيني الفرنسي صلاح حموري في باريس ضد إسرائيل، متهما إياها باعتقاله تعسفيا مرات عدة وتعذيبه على مدى نحو 20 سنة، ومنذ أن كان عمره 16 عاما، وحتى إبعاده عن مدينة القدس عام 2022.

وفي مقابلة مع الجزيرة نت، قال حموري إن أهمية هذا التحقيق تكمن في أنه يسلط الضوء على الانتهاكات التي يتعرض لها الأسرى الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية، خاصة في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والضفة الغربية منذ نحو عام.

وصلاح حموري من مواليد مدينة القدس عام 1985، لأب فلسطيني وأم فرنسية، وهو محام وكان باحثا ميدانيا في مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، واعتقل عدة مرات، وقضى حكما بالسجن 7 سنوات قبل أن يفرج عنه عام 2011 ضمن صفقة الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليط، وفي عام 2022 أبعد قسرا إلى فرنسا.

كيف بدأ التحقيق؟

قبل عام من الآن، شرع المحامون المكلفون بالدفاع عن حموري في إعداد ملف بالانتهاكات التي تعرض لها أثناء اعتقاله التعسفي وتعذيبه على يد السجانين الإسرائيليين، وكانت أغلب هذه الاعتقالات إدارية، وتجاوز مجموعها 10 أعوام.

وقبل 5 أشهر، تم تقديم الملف إلى قاضي التحقيق الفرنسي، الذي قرر أن هناك إمكانية للنظر في القضية، وقال "إن حقيقة ممارسات سوء المعاملة التي تعرض لها المدّعي وندد بها تبدو معقولة، والوقائع التي ندد بها من شأنها أن تشكل انتهاكات جنائية تتعلق بأعمال تعذيب وأعمال وحشية".

وأشار حموري إلى أنه "بحكم كونه يحمل الجنسية الفرنسية فهذا يعطيه الحق في رفع قضية في فرنسا ضد دولة الاحتلال، وأعتقد أيضا أن هناك الضغط السياسي فيما يتعلق بفلسطين والأجواء المتعلقة بالتصعيد هناك قد دفعت كلها إلى قبول فتح هذا التحقيق".

أهمية فتح التحقيق

قيمة التحقيق الفرنسي أنه يأتي في وقت يمثل فيه ضغطا سياسيا عاما على إسرائيل أمام الإبادة الجماعية التي تمارسها ضد الفلسطينيين، بالإضافة إلى إبراز المجزرة التي يرتكبها الاحتلال في سجونه وجرائم الحرب التي يرتكبها ضد المعتقلين، خاصة الانتهاكات التي تقع في سجن "سدي تيمان".

وأوضح المحامي الفلسطيني الفرنسي أنه نتيجة الانتهاكات التي يتعرض لها الأسرى الفلسطينيون تم تأكيد استشهاد 24 معتقلا على يد السجانين الإسرائيليين.

وأضاف أن "المحامين وجهوا الاتهام إلى دولة الاحتلال بشكل عام، وطلبوا من قاضي التحقيق أن يذهب هو بنفسه لإجراء التحقيق بشأن مَن كان يعمل في مصلحة السجون في تلك الفترة، ومن كان مسؤول الشرطة آنذاك، ومن كان وزير الداخلية في ذلك الوقت، وهذا يترتب عليه أن تصدر قرارات اعتقال ضد المسؤولين عن الانتهاكات في حال قدموا إلى فرنسا".

صلاح حموري سُجن 7 سنوات بتهمة الاشتباه في مشاركته في اغتيال عوفاديا يوسف (الجزيرة) الانتهاكات

وعن الانتهاكات التي تعرض لها حموري، قال إنه اعتقل 6 مرات، معظمها في الاعتقال الإداري، وتم عرضه على المحكمة العسكرية بتهمة الانتماء إلى الجبهة الشعبية، كما أنه حوكم بناء على الاشتباه في أنه شارك في اغتيال الحاخام الأكبر السابق لإسرائيل عوفاديا يوسف.

وأشار إلى أن "دولة الاحتلال لن تتعاون مع لجنة التحقيق الفرنسية، لكن هدفنا من رفع هذه القضية هو الضغط عليها، ونزع شرعيتها، ومحاولة الوصول إلى إصدار أوامر اعتقال ضد رموزها، وهذا جزء من المعركة التي نخوضها على الصعيدين الدولي والأممي".

وفي لقاءات سابقة، قال المحاميان وليام بوردون وفانسان برينغارث -اللذان رفعا القضية أمام المحاكم الفرنسية- إن "عدم تعاون إسرائيل لن يمنع التحقيق وتوجيه استدعاءات إلى الأشخاص الضالعين".

وأشار المحاميان إلى أن حموري تعرض إلى "اعتقالات واحتجازات" مختلفة بين عامي 2001 و2018، ودانا اعتقاله الإداري من دون توجيه أي تهمة رسمية، حتى ترحيله إلى فرنسا عام 2022.

حموري يخاطب إحدى الفعاليات المناصرة لغزة (الجزيرة) منظومة القمع

وختم المحامي الفلسطيني الفرنسي تصريحاته للجزيرة نت بأن "المنظومة القضائية الإسرائيلية ومنظومة مصلحة السجون هما جزء من آلة القمع الصهيونية التي تمارس هذه الانتهاكات، وعندما نقول الاحتلال فإنه لا توجد كلمة عدل أو حقوق، وبالتالي كل شيء يكون مسخرا لخدمة المشروع الصهيوني وخدمة السيطرة على الشعب الفلسطيني وقمعه".

وأضاف "نحن اليوم شاهدون على ذلك بقرار من محكمة العدل الدولية وغيره من القرارات الدولية لكن دولة الاحتلال الهمجية تتعامل على أنها دولة فوق القانون، سواء كان ذلك على الصعيد الداخلي أو على الصعيد الخارجي".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الانتهاکات التی دولة الاحتلال تعرض لها

إقرأ أيضاً:

لعنة الانتهاكات يجب أن تطاردهم جميعا!

رشا عوض

نعم القتل والاغتصاب والسلب والنهب، وكل الانتهاكات ضد المواطن السوداني سبب موضوعي وأخلاقي جدا لإشهار الكرت الأحمر في وجه أي طرف عسكري لإخراجه من الملعب السياسي الذي يجب أن يكون خارجه أصلا حتى بدون انتهاكات!

ولكن لو طبق هذا المبدأ بعدالة فان الكرت الأحمر يجب إشهاره في وجه الجيش (سبعين سنة انتهاكات ونهب للثروة القومية وعمالة مذلة لمصر) وهيئة العمليات التابعة لجهاز الأمن وكتائب الظل، وابوطيرة (أبشع منتهكين في السودان)، والدعم السريع الذي انتهك انتهاكات بشعة خلال هذه الحرب وارتكب جرائم يجب أن لا تسقط بالتقادم، كلهم يشهر في وجوههم الكرت الأحمر على حد سواء، بمعنى تجريدهم من المشروعية السياسية وتحميلهم الوزر الأخلاقي ووضعهم جميعا في خانة المؤسسات المأزومة التي يجب أن تكون هدفا لإعادة التأهيل الأخلاقي والفني كشرط لامان المواطن من شرور انتهاكاتهم.

لم أفهم حتى الآن ما هو المنطق الذي يجعل الانتهاكات سببا في استئصال الدعم السريع وحده والمطالبة بمحوه من الوجود، بينما يتم تتويج الجيش ومليشيات الحركة الكيزانية الإجرامية وجهاز أمنها أبطالا وحكاما أبديون للسودان! لا المعايير الأخلاقية تسمح بذلك ولا منطق الميدان العسكري يسمح بذلك! ولا حتى منطق أخف الضررين واختيار الأقل شرا يسمح بذلك، فلو قلنا يجب الاصطفاف خلف الجيش للتخلص من الجنجويد، فإن هذا المنطق تهزمه حقيقة أن سبب وجود الجنجويد هو الخلل البنيوي في الجيش الذي يعتمد في مهامه القتالية على تكوينات عسكرية خارج هياكله، وهذا الخلل ما زال مستمرا حتى هذه اللحظة إذ ما زال الجيش متكئا على المليشيات الإسلاموية والحركات المسلحة في خوض هذه الحرب، بمعنى أن جنجويد المستقبل حاضرون الآن في صفوف الجيش!

الجنجويد لم يهبطوا من السماء!

انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب في السودان لم تبدأ يوم ١٥ أبريل ٢٠٢٣! وحتى لو تاريخها بدأ مع حرب الخامس عشر من أبريل فالجيش لديه انتهاكات على رأسها قصف الطيران الذي قتل مئات المواطنين، واعتقالات الشبهة، والتعذيب، والقتل على الهوية العرقية وسرقة الإغاثة وبيعها في السوق والناس يموتون جوعا فضلا عن جز الرؤوس وبقر البطون ومضغ الأحشاء.

التعامل المبدئي المحترم مع قضية الانتهاكات يقتضي إدانة كل الأطراف التي تمارسها، أما استخدامها كسكينة لذبح أحد أطراف صراع السلطة لصالح إعادة تمكين الطرف الآخر، فهذا تدليس واحتيال وابتذال مفهوم جدا من الكيزان الظاهرين والمستترين وصحافتهم التافهة،

ولكنه غير مفهوم أبدا من أناس يزعمون أنهم حراس بوابات حقوق الإنسان!

خسرنا الكثير في هذه الحرب، وربما هناك خسائر أفدح وأفظع في الطريق، ولكن المكسب الوحيد الذي يجب أن لا نفرط فيه أبدا هو “استخلاص الوعي الصحيح” من هذه التجربة القاسية، وبناء سرديتنا الخاصة عنها، ومن ثم ضبط بوصلتنا الفكرية والسياسية باتجاه الضفة الصحيحة من التاريخ: الديمقراطية وحقوق الإنسان والحكم المدني الراشد.

الوسومرشا عوض

مقالات مشابهة

  • لعنة الانتهاكات يجب أن تطاردهم جميعا!
  • جيش الاحتلال: هبوط مروحية عسكرية بمنطقة مفتوحة بالجليل الأعلى وجار التحقيق
  • الاحتلال يفتح تحقيقا في أداء منظومات دفاعه الجوي بعد صاروخ الحوثي
  • الاحتلال يفتح تحقيقا في أداء منظومات دفاعه الجوي بعد الصاروخ الحوثي
  • لماذا تتمسّك إسرائيل بممر فيلادلفيا؟
  • لماذا لا تنسحب مصر وقطر من الوساطة بين إسرائيل وحماس
  • لماذا اعتمر بايدن قبعة ترامب التي تروج لانتخابه؟
  • عراقجي: زيارة بزشكيان إلى العراق فتحت آفاقا جديدة للبلدين
  • شجرة الزيتون رمز الصمود الفلسطيني.. لماذا تستهدفها إسرائيل؟
  • لماذا أثار برج إيفل جدلا سياسيا في فرنسا؟