غازي الشواشي.. معارض تونسي أنهكه السجن ولم يكتم صوته
تاريخ النشر: 5th, September 2024 GMT
تونس/باريس- لم يدرك الناشط السياسي غازي الشواشي المعتقل منذ فبراير/شباط 2023 بسجن المرناقية بالعاصمة تونس أن فاتورة الدفاع عن الديمقراطية ستكون باهظة جدا على حريته وصحته، في ظرف شهدت فيه البلاد تحولا عميقا إثر أزمة سياسية استغلها الرئيس قيس سعيد ليقلب الطاولة على الجميع، وفق مراقبين.
لقد جره رفضه للإجراءات الاستثنائية التي اتخذها سعيد في 25 يوليو/تموز 2021 -والتي بسط بموجبها يده على جميع السلطات فحل البرلمان السابق وغيّر الدستور وتحكم في قواعد اللعبة السياسية- إلى فضح ما وصفه انقلابا على الدستور والشرعية.
ولطالما كان الأمين العام السابق لحزب التيار الديمقراطي المعارض بشدة لسياسة سعيد -في عيون رفاقه وخصومه- رجلا شهما ذا خلق، عميق التفكير مؤمنا بمصلحة الوطن، فقد كان محاميا مدافعا عن حقوق الإنسان ونائبا معارضا شرسا للمنظومة الحاكمة بعد الثورة ووزيرا مجتهدا في محاربة الفساد في وزارة أملاك الدولة.
احتجاز قسريفي مطلع فبراير/شباط 2023 شنت السلطات التونسية حملة واسعة لاعتقال أبرز وجوه المعارضة وفتحت تحقيقات جنائية مع ما لا يقل عن 50 شخصا على خلفية اتهامات بـ"التآمر على أمن الدولة" تقول المعارضة إنها لا تستند إلى أي أدلة. وكان الشواشي (61 عاما) ضمن المعتقلين الذين يتهمون السلطة باحتجازهم قسرا دون أي محاكمة.
يواجه الشواشي، الذي يعاني في السجن أمراضا مزمنة أضعفت جسده فيما لا يحظى بالرعاية الصحية الضرورية وفق ابنه إلياس، قضايا خطيرة تصل عقوبتها الإعدام على خلفية تهم ملفقة -وفق المعارضة- "كمحاولة تبديل وجه الدولة والتآمر على أمن الدولة وتكوين وفاق إرهابي" وقضايا أخرى تحيل على قانون الإرهاب.
في تصريح للجزيرة نت، يقول إلياس الذي يعاني -حسب قوله- من النفي في فرنسا جراء مواقفه السياسية ضد نظام الرئيس سعيد، إن والده المعتقل منذ 25 فبراير/شباط 2023 "دون إدانة ثابتة أو حجة دامغة كان ضحية تهم كيدية خطيرة نسجت خيوطها السلطة انتقاما من معارضته الشرسة لنظام الرئيس الحالي".
ويضيف "يواجه والدي الاعتقال والمرض وربما سيواجه الموت لأن السلطة تريد التخلص منه"، معتبرا أن أباه يعيش مظلمة سياسية وصحية جراء التنكيل النفسي والجسدي والإهمال الصحي والإنساني والتعسف على القانون بعد احتجازه قسرا مع بقية المساجين السياسيين بعد أكثر من 14 شهرا خارج المدة القانونية، وفق تعبيره.
عقوبة جماعيةوالعقوبة ليست فردية، إذ يقول إلياس إن ما يحدث اليوم هو عقاب جماعي لبقية أفراد عائلة غازي الشواشي الرجل الذي طالما لقن أبناءه مبدأ الدفاع عن الحق ضد الظلم. ويضيف أن والدته التي تعمل قاضية تعرضت للتنكيل فبعد أن كانت قاضية درجة ثالثة بمحكمة التعقيب، تم توجيهها للمحكمة العقارية درجة ثانية.
في فترة سجنه بالمرناقية، تعرض الشواشي لوعكات صحية جعلته غير قادر على المشي بسهولة أو النوم بالليل من شدة آلام الظهر وعنقه المريض، ولم يُسمح أحيانا لمحاميه بزيارته أو حتى نقله للمستشفى لتلقي العلاج، بينما قرر هو الدخول أحيانا في إضراب جوع أو الاعتزال في زنزانته.
وليس هذا فحسب، إذ يرى الابن إلياس أن التعامل القاسي مع والده يتغذى من الحقد والكراهية والإقصاء، قائلا إن صوت أبيه من داخل أسوار السجن أزعج السلطة حينما أعلن في رسالة نشرها في 15 يوليو/تموز 2024 من زنزانته ترشحه للانتخابات الرئاسية المقررة في 6 أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
وفي تصريحات سابقة للجزيرة نت، يرى المعتقل السياسي غازي الشواشي أن تونس "بحاجة إلى تغيير سلمي على رأس السلطة للخروج من الانسداد السياسي والتدهور غير المسبوق بالأوضاع المعيشية، والعودة إلى سكة الانتقال الديمقراطي والحريات ضد تفرد الرئيس بالسلطة والاتفاف على مبادئ الثورة".
ترشح مرفوضلم يتمكن الشواشي من الحصول على موافقة هيئة الانتخابات لتكوين ملفه الانتخابي بسبب اشتراطها توكيلا خاصا موقع من قبله لسحب نموذج التزكيات، رغم أن نجله يوسف الشواشي معه توكيل عام يمكنه من التعامل مع كل الإدارات. ولم يصطدم الشواشي فقط بهذه الصعوبات فجل المرشحين رفضوا واحدا تلو آخر.
وتواجه هيئة الانتخابات انتقادات من المرشحين الذين أسقطتهم بشروط تعجيزية -كما يصفونها- وكذلك من أعضاء المحكمة الإدارية أعلى سلطة قضائية مختصة في فض نزاعات الانتخابات، ذلك أن الهيئة داست على القانون ورفضت تنفيذ قرار المحكمة بإرجاع 3 مرشحين حذفتهم من السباق، حسب رأي خبراء القانون.
ومن 17 مرشحا تقدموا بملفاتهم لم تقبل هيئة الانتخابات منهم سوى مرشحين فقط هما الأمين العام لحركة الشعب زهير المغزاوي ورئيس حركة عازمون العياشي زمال، في مواجهة الرئيس الحالي قيس سعيد الذي يسعى لولاية ثانية من 5 سنوات. كما أودع المرشح المقبول زمال السجن أمس الأربعاء.
ولا أحد يعلم بأي عدد من المرشحين ستجرى الانتخابات الرئاسية المقبلة في تونس بعد سجن زمال بتهمة تزوير تزكيات شعبية، لكن إلياس الشواشي يتقاسم رأي والده غازي بأن السلطة "تتبجح بشعبية جارفة لكنها في الحقيقة تخشى منافسة شريفة على قدم المساواة مع بقية المترشحين خوفا من الهزيمة والمساءلة".
راسلت عائلة الشواشي عديد المنظمات الحقوقية على رأسها الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وفرع الأمم المتحدة بتونس ومنظمة مناهضة التعذيب قصد زيارة غازي في السجن والاطمئنان على صحته المتردية لكن دون أن تتلقى ردا وهو "أمر مستغرب لكنه مفهوم بسبب مناخ الخوف"، وفق إلياس الشواشي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات
إقرأ أيضاً:
أحمد جمال سعيد لـ«الوفد»:نجاح «وتر حساس» فاق توقعاتى.. وتخوفت من تناقضات الشخصية
أعمال رمضان 2025 تجمع بين التنوع الفنى والتحديات الجديدة
«السوشيال ميديا» لها تأثير ضخم فى مجال الفن
تميز أحمد جمال سعيد بأعماله الفنية المتنوعة، فهو أحد الوجوه الشابة المتميزة فى عالم الفن، واستطاع أن يثبت مكانته بجدارة من خلال أدائه المتميز فى مختلف الأعمال الدرامية منذ بداياته، ونجح فى جذب الأنظار بموهبته الفائقة فى تجسيد الشخصيات المتنوعة والمعقدة، ما جعله يحظى بشعبية واسعة ويترك بصمة واضحة فى كل عمل يشارك فيه، مع تقديمه أدواراً قوية ومؤثرة، استطاع أن يظهر براعته فى تقديم شخصيات مليئة بالتحديات والعمق، وهو ما أكسبه إعجاب النقاد والجمهور على حد سواء، يعد دوره فى مسلسل «وتر حساس» خطوة كبيرة فى مسيرته الفنية، حيث قدم شخصية «مازن» بكل ما فيها من تناقضات ومشاعر معقدة، ليبرهن على قدرته الفائقة فى التعبير عن مختلف الأبعاد النفسية للشخصيات، يظل أحد الأسماء اللامعة التى تواصل الإبداع والتألق فى الساحة الفنية، وكان لجريدة «الوفد» حوار خاص مع الفنان أحمد جمال.
- شخصية «مازن» فى مسلسل «وتر حساس» هى من الشخصيات المعقدة التى تحمل الكثير من التناقضات، فهو شخص ملىء بالتفاصيل والمشاعر المتضاربة التى لا تظهر بسهولة على السطح، الشخصية متقلبة، وفى أوقات كثيرة لا يستطيع حتى هو نفسه فهم دوافعه بالكامل، وهذا يجعلها مثيرة للجدل، لكن فى ذات الوقت، هذه التناقضات هى التى تمنح الشخصية عمقًا وتجعلها تثير اهتمام الجمهور.
- كواليس العمل كانت تجربة مليئة بالتحديات واللحظات الجميلة، وكان هناك تناغم كبير بين جميع أفراد الفريق، سواء من طاقم العمل الفنى أو الممثلين، المخرج وائل فرج كان له دور كبير فى خلق جو من التعاون والتفاهم بيننا، ما جعلنا نعمل بروح واحدة، أما بالنسبة للمواقف المميزة، فهناك العديد من اللحظات التى تحمل ذكريات رائعة، أحدها كان أثناء تصوير مشهد معين مع محمد علاء، كان هناك نوع من الارتجال والتفاعل العفوى بيننا، ما أضفى على المشهد طابعًا خاصًّا، كما أن العمل مع إنجى المقدم وهيدى كرم كان ممتعًا للغاية، فكل واحد من هؤلاء الممثلين لديه طاقة إيجابية عالية، وكان هذا ينعكس على الأداء فى الكواليس.
- بصراحة، أنا سعيد جداً بهذه التفاعلات المختلفة، لا يمكن لأى عمل فنى أن ينجح دون أن يثير الجدل والنقاش، وكلما كان هناك اختلاف فى الآراء حول الشخصية، فهذا يعنى أنها نجحت فى ترك تأثير قوى على الناس، نحن كفنانين نسعى لأن نخلق شخصيات حية وواقعية، والشخصيات الواقعية دائمًا ما تكون محل تقييمات متعددة، لأن الإنسان بطبيعته معقد وله أبعاد مختلفة، أنا لا أعتبر أن النقد أمر سلبى، بل هو جزء من النجاح.
- لا، هذا ليس صحيحًا، ما تم تداوله من تصريحات حول التشابه بين شخصيتى الحقيقية وشخصية «مازن» ليس دقيقًا، يمكن القول إننى قد أستفيد من بعض جوانب تجربتى الشخصية فى أداء الدور، مثل فهم التوترات الداخلية لشخصية ما، ولكن «مازن» لا يشبهنى بأى شكل من الأشكال، هو شخصية مستقلة تمامًا، ولها طابعها الخاص الذى يختلف عنى.
- نعم، كان هناك بعض المشاهد التى كانت تحديًا كبيرًا بالنسبة لى، أحد أصعب المشاهد كان عندما كنت بحاجة إلى إظهار مشاعر متناقضة فى نفس اللحظة، كان على أن أكون شديد الانتباه للكيفية التى أظهر بها هذه التناقضات من دون أن أخل بالطبيعة المتماسكة للشخصية، إضافة إلى ذلك، كانت بعض المشاهد العاطفية تتطلب تركيزًا عميقًا لكى أتمكن من نقل تلك المشاعر الصادقة للجمهور.
- نعم، أعتقد أن الشخصيات المتناقضة أصبحت جزءًا أساسيًّا من الأعمال الدرامية المعاصرة، الناس أصبحوا أكثر تقبلاً للشخصيات المركبة التى تحمل فى داخلها صراعًا داخليًا، هذه الشخصيات أكثر واقعية، حيث إن الإنسان فى الواقع ليس ثابتًا، بل هو مجموعة من التناقضات والمشاعر المتغيرة، لذلك، يظهر هذا النوع من الشخصيات بشكل كبير فى الدراما المعاصرة لأنه يتناسب مع ما يعيشه الجمهور من تحولات وصراعات فى حياتهم اليومية.
- سأكون فى رمضان 2025، مشتركًا فى مسلسل «كامل العدد» إلى جانب مسلسل آخر وفيلم لم يتم التعاقد عليه رسميًا بعد، كما أننى متحمس جدًا لهذه الأعمال لأنها تتناول مواضيع مختلفة وتمنحنى الفرصة لاستكشاف شخصيات متنوعة، أنا دائمًا أسعى لاختيار الأعمال التى تحدى قدراتى التمثيلية وتفتح أمامى آفاقًا جديدة.
- بالطبع، «السوشيال ميديا» لها تأثير ضخم فى هذا المجال، بفضل منصات مثل «فيسبوك»، «انستجرام»، و«تويتر»، يمكننا أن نرى ردود أفعال الجمهور لحظة بلحظة، هذا يساعدنا على فهم مدى تأثير العمل وجذب الانتباه إليه، كما أن «السوشيال ميديا» تسهم فى نشر الوعى بالعمل الفنى، وتزيد من نسبة المشاهدة والمتابعة، إذا كان العمل يحظى بقبول لدى الجمهور، فإن التفاعل على هذه المنصات يكون بمثابة شهادة نجاح للعمل.
- أعتقد أن شخصية «مازن» فى «وتر حساس» كانت من أكثر الأدوار التى كان لها تأثير على حياتى المهنية والشخصية، هذا الدور كان تحديًا حقيقيًا لى، وكان فرصة كبيرة لإظهار إمكانياتى الفنية، من خلال هذا الدور، تعلمت الكثير عن كيفية التفاعل مع الشخصيات المعقدة وإيصال مشاعرها بشكل صادق.
- حتى الآن، أعتبر «وتر حساس» هو العمل الأقرب إلى قلبى. هذه التجربة كانت غنية جدًا على المستوى الفنى والشخصى، كانت فرصة رائعة للتعاون مع مخرجين وممثلين مبدعين، بالإضافة إلى أن الشخصية كانت مليئة بالتحديات التى ألهمتنى كثيرًا.