تواصل القمع بالجزائر.. العسكر يرهبون أمازيغ القبايل
تاريخ النشر: 5th, September 2024 GMT
أخبارنا المغربية - بدر هيكل
أمر النظام العسكري الجزائري مؤخرا بمحاصرة مدن وقرى جمهورية القبائل المحتلة، وذلك تحت غطاء الحفاظ على النظام والأمن، بالتزامن مع الانتخابات الرئاسية، حيث يتنافس الرئيس عبد المجيد تبون، المرشح المدعوم من الجيش، على ولاية ثانية، يرى خبراء أنها محسومة لفائدته.
وقالت مصادر، إن المدن الرئيسية لجمهورية القبائل شهدت انتشارًا كبيرًا لعناصر الأمن والمخابرات، كما تم فرض حظر على التجوال، بالإضافة إلى تقييد الاتصالات وقطع الإنترنت.
وتأتي حملة الاعتقالات الواسعة ضد النشطاء القبايليين، في محاولة لخلق حالة من الهلع والخوف من «المؤامرات الخارجية »، التي دعمتها الجزائر قبل أيام فيما عرف بقضية "التجسس" والتي اعتقل فيها مغاربة وجزائريون.
هذا، وشملت الحملة المسعورة للاعتقالات شخصيات سياسية معروفة منها علي بلحاج، نائب رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ، ونجله عبد الفتاح بلحاج.
وكانت قد أدانت منظمة شعاع لحقوق الإنسان (مقرها لندن) في بيان لها، "انتهاكات السلطات الجزائرية للدستور والمواثيق الدولية"، عبر ملاحقة أسرة المعارض السياسي علي بلحاج وسجن نجله عبد الفتاح، في محاولة للضغط عليه لإسكاته ومنعه من المشاركة في الشأن العام.
وفي سياق متصل كانت حركة استقلال منطقة القبائل بالجزائر، المعروفة اختصارا بـ"ماك"، قد استنكرت ما وصفته بـ "الضغط الإرهابي" الذي تُمارسه الجزائر على ساكنة المنطقة، بمن فيهم الأطفال. ويأتي هذا الاستنكار في وقت أنزلت فيه السلطات الجزائرية أعدادا كبيرة من قواتها العسكرية في شوارع مدينتي تيزي وزو وبجاية، لقمع الشعب القبائلي.
وأضاف فرحوح حنفي، الوزير الأول في حكومة القبائل المؤقتة، أن الشعب القبائلي كان ضحية لقمع غير مسبوق وغير مقبول، ومازال مئات الناشطين السياسيين القبائليين يقبعون في السجون بتهمة انتمائهم العرقي لبلاد القبائل، في حين يُمنع عشرات الآلاف منهم من مغادرة التراب الجزائري، بينما أصبح العديد من القبائليين من الجالية في الخارج عديمي الجنسية.
وتتواصل حملة القمع العنيفة هذه، بعد الإعلان الرسمي عن قيام دولة مستقلة تجمع شمل القبايليين، وقد نبهت "الرابطة القبائلية لحقوق الإنسان" الرأي العام الدولي، في بلاغ لها، إلى أن “هذه الأحداث تزامنت مع إعلان رئيس حركة تقرير مصير بلاد القبائل، فرحات مهني، عن ميلاد الدولة القبائلية من جديد أمام مقر الأمم المتحدة في نيويورك، بالإضافة إلى العديد من التجمعات التي نظمتها الجالية القبائلية في المهجر، لا سيما في لندن وجنيف”.
وفي سياق متصل، قال الناشط الجزائري المعارض "شوقي بن زهرة"، إن الوضع الحقوقي في الجزائر يعيش أسوأ وأحلك مراحله منذ سبعينيات القرن الماضي”، مُسجلا غياب “أي أصوات مُعارضة في الداخل الجزائري بسبب التضييق الذي تمارسه السلطات على هذه الأصوات، حيث صار التعبير عن مجرد رأي مُخالف فيما يخص الأوضاع الاجتماعية في البلاد ممنوعا ومُعاقبا عليه، فما بالك بالأوضاع السياسية وبسياسات النظام الداخلية والخارجية”.
هذا، ولاحظ مراقبون، أن السلطات الجزائرية تجرب نهجا جديدا في التعامل مع منطقة القبائل، حيث لجأت إلى تقديم "إغراءات" مع التخفيف من سياسة "قمع الاحتجاجات"، وذلك بهدف ضمان تولي الرئيس عبد المجيد تبون فترة رئاسية ثانية في ظروف هادئة.
ووفق ما كشف عنه موقع "مغرب إنتلجنس" نقلا عن مصادر وصفها بـ"الاستخباراتية"، فإن تبون أطلق "حملة إغراء واسعة النطاق" تجاه منطقة القبائل بهدف "تدجين" هذه المنطقة المتمردة والتي تعد موطن الحركات الاحتجاجية الأكثر خطورة على النظام، معلنا نهاية النهج القمعي الصرف، حيث يسعى لضمان الهدوء قبل حلول يوم الانتخابات المزمع إجراؤها يوم السبت المقبل 7 شتنبر الجاري.
المصدر: أخبارنا
إقرأ أيضاً:
الإفراج عن إحسان القاضي.. ترحيب واسع ودعوة لرفع القيود عن الصحافة بالجزائر
تم الجمعة الإفراج عن الصحفي إحسان القاضي بموجب عفو أقره الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، بمناسبة الذكرى السبعين للثورة الجزائرية، بعد أن ظل في السجن لسنة وعشرة أشهر، بتهمة "تلقي مبالغ مالية وامتيازات من أشخاص ومنظمات في البلاد وخارجها، من أجل الانخراط في أنشطة من شأنها تقويض أمن الدولة واستقرارها".
وكان في استقبال إحسان القاضي لدى خروجه من السجن زوجته وابنته وعدد من الناشطين والصحفيين، حيث تم تداول صور للحظات الأولى لهذا اللقاء على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.
المحامي عبد الغني باديوعقب هذا الإفراج أبدى فريق دفاع الصحفي إحسان القاضي سعادته بهذا العفو، حيث قال المحامي عبد الغني بادي، عضو هيئة دفاعه "نحن مسرورون بالإفراج عن إحسان القاضي، رغم أنه قضى سنة وعشرة أشهر وراء القضبان".
وتمسك بادي بعدم واقعية التهم الموجهة لموكله مشيرا إلى أن "إحسان دخل السجن بسبب مهنة الصحافة، ومواقف مهنية نظير تمسكه بحرية الصحافة والكلمة الحرة، ونشاطه المكثف في تفاصيل عديدة متعلقة بالمجال السياسي والحرياتي، وهو من الصحافيين الذين يعارضون موقف السلطة بتوجهات معينة، ولذلك سجن وقضى قرابة سنتين".
"مراسلون بلا حدود" تثمن
وفي ردود الفعل الأولى، ثمنت منظمة "مراسلون بلا حدود" في مقال على موقعها الإلكتروني هذا الإجراء الذي أقرته السلطات الجزائرية في حق الصحفي إحسان القاضي، بعد مطالبات عديدة ومتكررة منذ توقيفه وسجنه.
وأضاف المقال "الخبر الذي كان مجرد إشاعات في الأشهر الماضية، اليوم أصبح رسميا"، في إشارة إلى خبر العفو عن إحسان، كما أبدت المنظمة أملها في أن "يكون إطلاق سراح إحسان القاضي بداية لرفع القيود المفروضة على حرية الصحافة".
C’est avec un immense soulagement que nous prenons acte de la libération d’Ihsane El Kadi. Cette mesure met fin au calvaire de plus de 23 mois de ce grand journaliste et de sa famille. https://t.co/WrL6Hjxo8D
— Khaled Drareni (@khaleddrareni) November 1, 2024وكان إحسان القاضي قد حكم عليه في الدرجة الثانية من التقاضي في 18 يونيو 2023 بسبع سنوات سجنا، منها سنتان موقوفتا النفاذ، قبل أن يستفيد من تخفيف للعقوبة بسنتين في إطار عفو رئاسي جزئي بمناسبة الاحتفالات بعيد الاستقلال في 5 يوليو 2024، وذلك بعد متابعته بتهم تتعلق بـ "تلقي مبالغ مالية وامتيازات من أشخاص ومنظمات في البلاد وخارجها، من أجل الانخراط في أنشطة من شأنها تقويض أمن الدولة واستقرارها".
وأوضحت هيئة دفاعه أن الأموال التي تلقاها تتمثل في مبلغ 25 ألف جنيه إسترليني حوّلته له ابنته المقيمة في لندن لحل المشاكل المالية التي كانت تواجه آنذاك مؤسسته الإعلامية "إنترفاس ميديا" المسؤولة عن نشر موقعي "راديو أم" و "مغرب إيمرجنت"، والتي تم غلقها بحكم قضائي، باعتبارها من الشركاء المساهمين في المؤسسة.
"خطوة لإنجاح الحوار الوطني نهاية 2025"ويعيد العفو الرئاسي الحديث عن مطالب الطبقة السياسية والحقوقية في الجزائر بخصوص إقرار ما يسمى "إجراءات التهدئة" من خلال اتخاذ السلطة قرار العفو على جميع المسجونين بسبب آرائهم ومواقفهم أثناء وبعد الحراك الشعبي الذي انطلق في 22 فبراير من عام 2019.
وكانت آخر دعوة رفعها السكرتير الأول لحزب جبهة القوى الاشتراكية (معارض) والمرشح للانتخابات الرئاسية الأخيرة، يوسف أوشيش، للرئيس عبد المجيد تبون، كشرط مسبق للمشاركة في الحوار الوطني الذي دعا إليه تبون أثناء أدائه اليمين الدستورية، عقب انتخابه لولاية ثانية.
ويرى المحلل السياسي، حكيم بوغرارة، في تصريح "للحرة"، أن "العفو عن المحبوسين بمن فيهم من يسمون بـ "معتقلي الحراك" وعدد من الصحفيين منهم إحسان القاضي يدخل في صلاحيات رئيس الجمهورية".
غير أن العفو يحمل بعدا سياسيا مهما حسب بوغرارة الذي يضيف " إذا تابعنا السنة الأخيرة على الأقل كانت هناك دعوات من الأحزاب السياسية ومن حقوقيين إلى ضرورة اتخاذ إجراءات عفو في صالح هذه الفئة، الرئيس تبون بعد أدائه لليمين الدستورية دعا إلى حوار وطني ويريد ترتيب الأمور من أجل إنجاح هذا الحوار".
وأشار المتحدث إلى أن الرئيس وعد بدراسة كل الملفات وبمناسبة الذكرى السبعين للثورة كان العفو على ما يسمى "معتقلي الحراك" والصحفيين وهذا يدخل في سياق التحضير للمرحلة المستقبلية، وإطلاق الحوار الوطني نهاية السنة القادمة.
ويضيف حكيم بوغرارة أن هذا العفو "يدخل في إطار اتخاذ الإجراءات اللازمة لتوحيد الجبهة الاجتماعية وصنع ذلك التلاحم لمجابهة التحديات الإقليمية والدولية تفاديا للاختراقات من خلال ملفات حقوق الإنسان".
المحلل السياسي حكيم بوغرارةوأشار بوغرارة كذلك إلى أنه كانت هناك دعوات خصوصا من طرف الحقوقيين وجمعيات حقوق الإنسان والمثقفين إلى ضرورة الانتباه لخطورة التحولات الداخلية والإقليمية واتخاذ إجراءات العفو، وقال "أعتقد أنه بعد تجاوز مرحلة الانتخابات الرئاسية بسلام وفي ظل الرهانات حتى لا يبقى أي ملف قد يعيق الرئيس في تجسيد برنامج الولاية الثانية، اتخذ هذه الإجراءات من باب المصلحة العامة، والاستجابة لمطالب الطبقة السياسية والحقوقيين، وهذا ليس عيبا".
العفو على المساجين من صلاحيات رئيس الجمهوريةوأوضح موسى بودهان، الخبير في القانون، في حديث "للحرة"، أن العفو عن مجموعة من الصحفيين والنشطاء يحمل جانبين، الأول قانوني يدخل في إطار صلاحيات الرئيس الجزائري الذي يمكنه إصدار عفو على أي مواطن صدر في حقه حكم نهائي بنص المادة 91 من الدستور.
ويتيح الدستور للرئيس أيضا صلاحية تخفيض العقوبات أو استبدالها، ما عدا بعض الجرائم الكبيرة على غرار القتل العمدي والإرهاب، والثاني سياسي يأتي في إطار التهدئة وتمهيد السبيل لتجسيد ما أشار إليه في خطابه للشعب أثناء أدائه اليمين الدستورية.
الخبير القانوني موسى بودهان دعوات لإطلاق سراح باقي النشطاءوبحسب منشور للناشط الجزائري المقيم بكندا، زكرياء حناش، على حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، فإن عدد الصحفيين والناشطين المفرج عنهم إلى حد الآن، هم سبعة عشر شخصا، بينهم الشاب محمد تجاديت، الملقب بشاعر الحراك الشعبي، ومحاد قاسمي وسمير خنتوش، وغيرهم.
الساعة 16H : تم إطلاق سراح كل من حمزي فاتح و شاوش غيلاس، وعزان منور ، بوزيزة عبد الحميد، محاد قاسمي ، صفوان توفيق ،...
Posted by Zakaria Hannache on Friday, November 1, 2024
وخلف العفو عن عدد من الصحفيين والنشطاء المحبوسين تفاعلا كبيرا من قبل سياسيين وحقوقيين، الذين اعتبروه خطوة مهمة في مسار إعادة الثقة بين المواطن والسلطة، مع إطلاق دعوات لإطلاق سراح باقي المعتقلين.
ويقول المحامي عبد الغني بادي في حديثه للحرة، "اطلعنا على بيان رئاسة الجمهورية الذي تحدث عن مرسومين، الأول يتعلق بالإفراج عن المحكوم عليهم نهائيا في قضايا القانون العام، وهذا واضح".
غير أنه طرح تساؤلات بخصوص المرسوم الثاني المتعلق بالمدانين في قضايا الإخلال بالنظام العام، وهو يعني النشطاء وسجناء الرأي، ويوضح بادي "لحد الآن لم يفرج عن تفاصيل هذا المرسوم، وما هي التهم بالضبط التي وجهت للذين سيفرج عنهم".
وأوضح المحامي أ التهم التي توجه عادة للنشطاء السياسيين أو الذين سجنوا بسبب مواقفهم وآرائهم لا تتجاوز في حدها الأقصى عشر تهم، المساس بسلامة وحدة الوطن والمادة 87 مكرر فيما يتعلق بمحاولة تغيير النظام خارج الأطر الدستورية والمادة 96 فيما تعلق بعرض منشورات تضر بالمصلحة الوطنية والتحريض على التجمهر، إذن بمجرد الإفراج عن تفاصيل المرسوم سنعرف العدد بالضبط للمحبوسين الذين سيفرج عنهم".
كما دعا المحامي الذي يرافع في عديد القضايا المرفوعة ضد صحفيين وناشطين، إلى ضرورة العفو عن باقي السجناء، مشيرا إلى أن "عدد من هم وراء القضبان يتراوح بين مائتين ومائتين وأربعين، لأن هناك سجناء لا يفصح عنهم من طرف عائلاتهم، لذلك لا يمكن التعرف عليهم".
وينضم لحملة المطالبة بـ"عفو شامل" على المعتقلين الكثير من الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يرى سعيد صالحي، وهو ناشط حقوقي وعضو في الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، الممنوعة من النشاط بحكم قضائي منذ يونيو 2022، يرى أن الإفراج عن جميع النشطاء في الحراك الشعبي والصحفيين من شأنه أن يساهم في رص الصف الداخلي وإرجاع الثقة والطمأنينة في نفوس المواطنين.
نتمني إطلاق جميع معتقلي الرأي، طوي صفحة الاستبداد و فتح المجال السياسي ، الإعلامي و المدني. الجزائر بحاجة لرص الصف...
Posted by Said Salhi on Friday, November 1, 2024وبهذا الخصوص، يدعو الخبير القانوني، موسى بودهان، في حديثه للحرة، إلى ضرورة التفريق بين العفو الرئاسي الجزئي والعفو الشامل، "فالأول من صلاحيات رئيس الجمهورية وفقا للدستور، أما الثاني فيصدر بموجب قانون يمر على البرلمان".
وكان الرئيس تبون، قد وقع بمناسبة الذكرى السبعين لاندلاع ثورة التحرير على مرسومين رئاسيين يتضمنان العفو عن أكثر من أربعة آلاف محبوس، بينهم الصحفي إحسان القاضي وعدد من الصحفيين والنشطاء السياسيين الآخرين، المحكوم عليهم نهائيا، في قضايا تتعلق بالقانون العام والقضايا المخلة بالنظام العام.
المصدر: موقع الحرة