جريدة الرؤية العمانية:
2024-11-23@02:18:02 GMT

المُستنيرة طيبة

تاريخ النشر: 5th, September 2024 GMT

المُستنيرة طيبة

 

هيثم نافل والي
"كلما ازداد أعوان الخطأ، ضعفت حجة الصحيح".

 

ولدت أنهر في دولة عربية؛ من أسرة مسلمة ومحافظة جداً. تربت على التقاليد والأعراف المنقولة لها أباً عن جد بالتوارث. لبست الحجاب قبل فترة بلوغها بقليل دون فهمها. هي اليوم في الثامنة عشر من عمرها.

جميلة هي كالزهرة تتهيأ لامتحانات سنتها المنتهية في الإعدادية القسم العلمي.

لها صديقة وزميلة اسمها طيبة في ذات الصف ودارهم يلاصقهم كتف بكتف. أنهر تحبها كثيراً كونها متفتحة ولها بُعد نظر في المسائل الاجتماعية وأحياناً حجتها تبهر بها أنهر وتكاد الأخيرة تنساق معها ولأفكارها، وعندما تتذكر أهلها ترتد رعباً مما تفكر فيه أو ما تأثرت به من قبل صديقها طيبة.
في الأفق كانت كرة حمراء متوهجة، تهرب ببطء؛ تأملتها أنهر بانبهار أسر لبها وهي ترى منظر غروب الشمس بوقفتها عند سطح بيتهم في تلك العصرية وهي تطالع امتحاناتها لنيل شهادة البكلوريا وإذا بصوت بكاء ونحيب يكسر صمت تأملها ويرجعها لواقع تعودت عليه في الآونة الأخيرة صادر من بيت جيرانهم وبالتحديد صوت صديقتها طيبة وهي ترفض الانصياع لطلب أخوها الذي يصغرها بثلاث سنوات طالباً منها لبس الحجاب. حججها لا يستطيع إجهاضها أو الرد عليها بذات القوة التي تمتلك سبلها ومفاتيحها بكل مرونة أخته طيبة.
صعقت أنهر في مكانها وهي ترى أعز صديقة لها تهان وتضرب بهذه الطريقة القاسية غير الآدمية ومن أقرب الناس لها، أخوها الذي يصغرها.. كانت طيبة منهارة تماماً وهي تتلقى الضربات واللكمات من كل جهة والدماء تسيل من فمها وأنفها متمرغة في التراب تزحف سائبة وكلماتها القاطعة، الحادة كحافة المقصلة تخرج مسموعة دون ارتجاف:
- العفة يا أخي ليست بغطاء الرأس، ولا علاقة للحجاب بالأخلاق، ثم تواصل بنبرة تجعله يفقد أعصابه أكثر لينهال عليها بالسب والشتم والركل:
- مهما ستحاول وتفعل لن أتراجع عن أفكاري التي أومن بها. أنا لست آثمة، ولم أتنكر للرب إطلاقاً. وما دمت لم أمارس الخطيئة وأعمل بالوصايا العشرة لا يحق لك أن تفرض علي شيئًا لا يعني لي أكثر من قطعة قماش لا تنفع ولا تضر. الرب خلقني مثلك. إنسان حر.

بعقلي أفكر وأعمل وأكون نافعة في المجتمع. يقاطعها،.. يكتم صوتها، يضع يده على فمها بغية إسكاتها ولا يتردد في خنقها للتخلص منها!..
هو لا يقدر على سماع صوت الفكر الحر. الصوت الذي لم يعتد سماعه. يرى من حوله يفعلون ذلك فيقلدهم، هكذا على علاته. لم يعرف لماذا؟ ولم يسألها أو يحاول أن يتفهم موقفها. هو الرجل في ذاته. الفحل الذي يمتلك كل مقومات الحياة دون الأنثى. ماذا تعني الأخيرة له؟ لا شيء. قطعة أثاث ينقلها من مكان إلى آخر، ويمكنه استبدالها أو رميها وقتما يشاء. وعندما يقول لها ألبسي هذا عليها أن تفعل دون نقاش.

الذكر في دولتهم هو الذي يحكم، وهو الذي يعظ، وهو الذي يقطع الرأس!.. في بلده الرجل كل شيء.. فكيف تستطيع طيبة بطيبها وثقافتها وقوة شخصيتها أن ترفض الانصياع؟!
تنهار أنهر في مكانها مصعوقة لمنظر صديقتها.. ترفع يدها، تجد الغطاء يلف رأسها. تشعر بقشعريرة، ترتجف أوصالها. تنظر إلى طيبة وتُعجب بها. كيف كانت تدافع عن منطقها، عن جسمها، عن استقلاليتها كإنسان كامل له مطلق الحرية في اتخاذ ما يناسبه مادام لا يأت بخطيئة، أو إثم، أو أن يتعدى على حقوق الآخرين. طيبة لم تفعل كل هذا. كانت صافية كماء النبع. شديدة الذكاء ومنسجمة مع نفسها، لا تغشها ولا تناقضها. ما يتردد في داخلها يصاغ في فعلها. واضحة لا تحب اللف، مباشرة كالسهم عندما ينطلق نحو هدفه. أنهر كانت تعرف صفات زميلتها جيداً، تقول عنها، طيبة ذهب خالص.. ألتفتت دون قصد نحو قرص الشمس الغارب. وجدته أكثر احمراراً من قبل لحظات، أحست بأن شعرها يحترق تحت غطاء رأسها..
وهي تسترق النظر لطيبة كانت أصابعها تفتح عقدة غطاء رأسها، نزعته غير آسفة عليه، مررت أناملها على شعرها، لم تجد عائقاً كما من قبل، حركت رأسها، تناثر شعرها كسنابل الحنطة الناضجة، فجأة تشعر بأنها أصبحت أقل وزناً، غمرتها فرحة غير متوقعة في لحظات كهذه، هي لم تحسب لذلك حسابا، كانت مترددة لأشهر مضت من فك شبكة غطاء رأسها، ثوانٍ قليلة تمر لتجد نفسها حرة، أكثر جمالاً ونقاء، تشعر بالصداقة مع نفسها، رددت في سرها وهي تقفز بمرح غير مقصود، طبيعي كقرص الشمس:
- أخيراً تصالحت مع نفسي مثل طيبة.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

نائب محافظ الأقصر يشارك بفعاليات مبادرة "ظواهر" بجامعة طيبة التكنولوجية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

شهد الدكتور هشام أبو زيد نائب محافظ الأقصر، اليوم الأربعاء، فعاليات ندوة توعوية لمبادرة ظواهر، أقيمت في جامعة طيبة التكنولوجية، بمشاركة 700 طالبا، وبحضور الدكتور عادل زين الدين، رئيس جامعة طيبة التكنولوجية، والدكتور محمد عبدالمنعم رسلان، نائب رئيس جامعة طيبة التكنولوجية لشئون التعليم والطلاب، والمهندس مصطفى سعيد رئيس جهاز تنمية طيبة الجديدة، والمهندس محسن ميجر، وذلك تحت رعاية المهندس عبدالمطلب عمارة محافظ الأقصر.

نائب المحافظ: طلاب الجامعة التكنولوجية هم من القادة في المجتمع لتغييره إلى الأفضل

وأكد الدكتور هشام أبو زيد نائب محافظ الأقصر، أن طلاب الجامعة التكنولوجية هم من القادة في المجتمع لتغييره إلى الأفضل، وحث المواطنين من فعل السلوكيات الخاطئة، ليس مجرد تنويه بل يجب يكون تذكير دقيقا على الظاهرة السلبية بصورة دائمة للحفاظ على حياة الأسر، مشيراً إلى أن الهدف من اللقاء ليس اجتماعا وحضور وانتهاء موعد، بل بداية من الذات كطالب مساهم في تغيير المجتمع من خلال كلمة توعوية بالمجتمع.

وأوضح نائب محافظ الأقصر، أن الظاهرة الأولى التي تعمل عليها المبادرة هي حوادث الموتوسيكلات والسرعة الجنونية الزائدة التي تدفع بإزهاق روح حياة الشباب، فعلى طلاب جامعة طيبة التكنولوجية المشاركة البناءة في التقليل من تلك العادة السلبية.

ومن جانبه قال الدكتور عادل زين الدين، رئيس جامعة طيبة التكنولوجية بمحافظة الأقصر في كلمته،  يسعدني أن أشارككم اليوم في هذا الحدث المهم الذي يعكس مدى التكاتف على مجتمعنا ليكون الأكثر أماناً وتسامحا، إن مبادرة ظواهر هي الأهم نحو مستقبل أفضل، ومبادرة شبابية تستحق الدعم، وأن الأهداف السامية لها نشر الوعي والفكر الصحيح وتحدى السلبيات لتعزيز الإيجابيات، والتي تستوجب منا جميعا دعمنا لها.

وأضاف الدكتور عادل زين الدين، رئيس جامعة طيبة التكنولوجية، أن مبادرة ظواهر هي نتاج لشباب اقصري على نحو شامل لتقديم برامج وحملات توعوية، لبناء المجتمع بالأخلاق الحميدة والقيم العليا، مؤكدا أن الجامعة شريكاً في المبادرة إذ تؤمن بأن  التعليم هو السلاح الأقوى في مواجهة التحديات التي تواجه مجتمعنا، لذا نقوم بتسخير محاور الدعم.

يذكر أن مبادرة "ظواهر" لها محورين وهما الوعي والمسئولية المجتمعية، وتهدف إلى الحد من الظواهر السلبية ولارتقاء بالفكر الشبابي ورفع الوعي المجتمعي وتعزيز السلوكيات الإيجابية كالتسامح والتعاون والانضباط من خلال برامج تعليمية وتثقيفية وتقديم برامج وقائية تستهدف الفئات الأكثر عرضة للظواهر السلبية مثل الشباب والأطفال وبناء جيل واعى يساهم فى بناء المجتمع وتطويره،  بمشاركة العديد من الجهات لدعم المبادرة مثل جامعتي الأقصر وطيبة التكنولوجية، والأزهر الشريف والكنيسة المصرية ومديريات الأوقاف والتضامن الاجتماعي والشباب والرياضة والتربية والتعليم والمجلس القومي للمرأة ومكتبة مصر العامة وقصور الثقافة.

WhatsApp Image 2024-11-20 at 1.03.15 PM WhatsApp Image 2024-11-20 at 1.03.20 PM (2) مبادرة ظواهر بجامعة طيبة (1) مبادرة ظواهر بجامعة طيبة (2) مبادرة ظواهر بجامعة طيبة (3) مبادرة ظواهر بجامعة طيبة (4) مبادرة ظواهر بجامعة طيبة (5) مبادرة ظواهر بجامعة طيبة (6) مبادرة ظواهر بجامعة طيبة (7) مبادرة ظواهر بجامعة طيبة (8) مبادرة ظواهر بجامعة طيبة (9) مبادرة ظواهر بجامعة طيبة (10) مبادرة ظواهر بجامعة طيبة (11) مبادرة ظواهر بجامعة طيبة (12) مبادرة ظواهر بجامعة طيبة (13) مبادرة ظواهر بجامعة طيبة (14) مبادرة ظواهر بجامعة طيبة (15) مبادرة ظواهر بجامعة طيبة (16) مبادرة ظواهر بجامعة طيبة (17) مبادرة ظواهر بجامعة طيبة (18)

مقالات مشابهة

  • دوري أمم أوروبا.. 4 مواجهات نارية على رأسها صِدام إيطاليا وألمانيا
  • التنسيقية: ندعم الشعب اللبناني في أزمته الإنسانية نتيجة العدوان الإسرائيلي
  • في الذكرى الـ81 لاستقلال لبنان.. "التنسيقية" تؤكد دعمها الكامل للشعب اللبناني ضد العدوان الإسرائيلي
  • جامعة طيبة التكنولوجية تستقبل طلاب مدارس سيتي بسوهاج
  • مصر.. اعتداء وحشي على طفلة بعمر 3 سنوات يثير غضاً واسعاً
  • رئيس جامعة طيبة التكنولوجية يشارك في ورشة "لوبان" بدولة الصين الشعبية
  • لفتة طيبة من إنبي بعد وفاة محمد شوقي لاعب كفر الشيخ
  • أول إجراء ضد مُعلمة انهالت بالضرب على طفلة داخل حضانة في الغربية (خاص)
  • فيديو صادم.. معلمة رياض أطفال تضرب طفلة على رأسها
  • نائب محافظ الأقصر يشارك بفعاليات مبادرة "ظواهر" بجامعة طيبة التكنولوجية