ماذا حققت زيارة السيسي إلى تركيا؟
تاريخ النشر: 5th, September 2024 GMT
أنقرة- حظيت زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى أنقرة -أمس الأربعاء- باهتمام إقليمي ودولي واسع كونها أول زيارة رسمية له إلى تركيا منذ تولّيه الحكم في 2014، وجاءت بعد زيارة الرئيس رجب طيب أردوغان إلى القاهرة في فبراير/شباط الماضي التي كانت الأولى له منذ 12 عاما.
مثلت هذه الخطوة تحولا جوهريا في مسار العلاقات بين البلدين بعد سنوات من الفتور والتوتر.
وقّع الرئيسان التركي والمصري بيانا مشتركا عقب الاجتماع الأول لمجلس التعاون الإستراتيجي الرفيع المستوى بين البلدين. وأكد البيان أهمية رفع مستوى الشراكة بينهما إلى مستوى إستراتيجي بمناسبة الذكرى المئوية للعلاقات الدبلوماسية في 2025، مشددا على تعزيز التعاون في مجالات متنوعة مثل الاقتصاد، والطاقة، والتنمية المستدامة، مع الالتزام بمبادئ القانون الدولي.
تتويجورحب الطرفان بتوقيع 17 مذكرة تفاهم في مجالات التعليم العالي، والسكك الحديد، والطيران المدني، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والتعاون العلمي والاقتصادي والفني في الزراعة، والصحة والعلوم الطبية، ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتطويرها، والسياحة والثقافة، والمواضيع المالية والاقتصادية، والعمل والتوظيف، وحماية البيئة، والتطوير العمراني.
في حديثه للجزيرة نت، وصف المحلل السياسي والباحث في مركز تركيا للأبحاث مراد تورال زيارة السيسي إلى تركيا بأنها تمثل تتويجا لمسار التطبيع الدبلوماسي بين البلدين، وأشار إلى الأهمية الكبيرة التي تكتسبها في ظل التطورات الإقليمية الراهنة. وأوضح أن غياب الدور الفعال للقوى العالمية يجعل من الضروري أن تتولى القوى الإقليمية زمام المبادرة في السعي لحل هذه الأزمات.
وحسب تورال، بات التعاون بين أنقرة والقاهرة حتميا لمواجهة الانتهاكات الإسرائيلية في غزة، فقد عجز المجتمع الدولي عن اتخاذ خطوات رادعة، ليستدعي ذلك تحركا مشتركا بينهما. كما يمكن لهما أن تضطلعا بدور محوري في الحد من تفاقم الأوضاع الإنسانية في السودان، وتبنّي مواقف موحدة في النزاعات التي قد تنشأ في ليبيا والصومال وإثيوبيا.
وشدد الباحث على أن البلدين بحاجة إلى رفع مستوى العلاقات الاقتصادية بينهما بما يتماشى مع طموحاتهما الإقليمية. ولفت إلى أن هذا التقارب يأتي ضمن رؤية الرئيس التركي في الانفتاح على السياسة الخارجية وتعزيز العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية لبلاده، في إطار إستراتيجيتها لتوسيع نفوذها وتحقيق استقرار إقليمي أكبر.
وأكد تورال أنه رغم التباينات في أولويات السياسة الخارجية بين البلدين في الماضي، فإن التغيرات العالمية والديناميكيات الإقليمية الجديدة فرضت ضرورة إقامة شراكات قوية.
آفاق اقتصادية جديدةعلى الصعيد الاقتصادي، اتفق البلدان على رفع حجم التبادل التجاري بينهما إلى 15 مليار دولار، بزيادة ملحوظة على الرقم الحالي الذي يقدر بنحو 10 مليارات دولار، كما تسعى تركيا لتعزيز استثماراتها في مصر التي تجاوزت 3 مليارات دولار.
وتأتي مصر في المرتبة الـ19 بقيمة 294 مليون دولار من إجمالي رصيد الاستثمار المباشر التركي في الخارج الذي يبلغ 46.5 مليار دولار، كما تحتل المرتبة الـ36 في حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة القادمة إلى تركيا بمبلغ 45 مليون دولار من إجمالي 130 مليار دولار، بحسب وكالة الأناضول.
وفي العام الماضي، صدّرت تركيا إلى مصر ما قيمته 3 مليارات دولار، بينما بلغت وارداتها منها 3.1 مليارات دولار، ليصل إجمالي حجم التجارة الخارجية بينهما إلى 6.1 مليارات دولار.
وأعرب أردوغان عن ثقته أن التحسن الإيجابي في العلاقات بين تركيا ومصر سيسهم في تعزيز قطاع السياحة بينهما، وقال "نسعى لتوسيع تعاوننا في مجالات الغاز الطبيعي والطاقة النووية والمتجددة. وقعنا العديد من الاتفاقيات التي تهدف إلى تعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات".
وأشار إلى أن مصر تعد من بين أكبر 5 شركاء تجاريين لتركيا، مؤكدا أن البلدين يحرزان تقدما جيدا في هذا الشأن، مع العمل على زيادة حجم التبادل التجاري بينهما في المستقبل القريب.
وأكدت مصر وتركيا تطابق موقفهما بشأن عدد من القضايا الإقليمية الحساسة، إذ دعتا إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة، وأدانتا بشدة النشاط الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية، كما أكدتا دعمهما الثابت لحقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على حدود 1967.
وشدد الطرفان على ضرورة مكافحة الإرهاب في سوريا وتعزيز الاستقرار في العراق وليبيا والسودان، مع الالتزام بمواصلة جهودهما المشتركة لتعزيز العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، بما يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي.
تباينوعلى النقيض، تباين موقف البلدين من الشأن الليبي، إذ أشار الرئيس المصري إلى أنه "جرى خلال اللقاء تبادل لوجهات النظر بشأن الأزمة الليبية، والاتفاق على تكثيف التشاور بين المؤسسات المعنية في البلدين لتحقيق الاستقرار الأمني والسياسي في ليبيا". وأكد "ضرورة انسحاب القوات الأجنبية غير الشرعية والمرتزقة، وإنهاء ظاهرة المليشيات المسلحة".
ويتجسد الخلاف في تباين مواقفهما تجاه التدخل العسكري والدعم السياسي. فبينما دعمت أنقرة حكومة طرابلس باتفاقات تضمنت ترسيم الحدود البحرية وتقديم مساعدات عسكرية، اعتبرت مصر -التي تربطها علاقة قوية مع قوات شرق ليبيا بقيادة خليفة حفتر– هذا التدخل تهديدا لأمنها القومي.
كما قوبلت خطوة إرسال تركيا لقواتها إلى ليبيا عام 2020 بانتقادات حادة من القاهرة التي رأت في ذلك انتهاكا لقرارات مجلس الأمن وعرقلة لجهود الحل السياسي.
وأضاف السيسي "استعرضنا أيضا الأزمة في السودان، والجهود التي تبذلها مصر بالتعاون مع مختلف الأطراف لوقف إطلاق النار وتغليب الحل السياسي، كما بحثنا الأوضاع في القرن الأفريقي، خصوصا في الصومال. واتفقنا على ضرورة الحفاظ على وحدته وسيادته وسلامة أراضيه ضد التحديات التي تواجهه".
في السياق، يرى الباحث السياسي أورهان تشيليك أن تركيا ومصر تتفقان على أهمية الحفاظ على استقرار الصومال وسلامة أراضيه، إلا أن التوترات بين القاهرة وإثيوبيا تزيد من تعقيد المشهد، خصوصا في ما يتعلق بسد النهضة وتقاسم مياه النيل وطموحات أديس أبابا للوصول إلى البحر الأحمر.
وأضاف -للجزيرة نت- أن الشائعات عن نية مصر إرسال قوات إلى الصومال، عقب توقيع اتفاقية الدفاع مع مقديشو في 14 أغسطس/آب الماضي، تزيد من حدة التوترات. وبرأيه، فإن الوجود المصري في الصومال قد يؤثر على الحسابات الأمنية والسياسية لإثيوبيا، وقد يخلق تهديدات مقابلة لمصر.
وأكد أن تركيا، التي ظلت تسهم بشكل كبير في دعم استقرار الصومال عسكريا واقتصاديا وسياسيا، تنظر إلى أي تصعيد بين مصر وإثيوبيا يهدد استقرار الصومال على أنه سيناريو غير مرغوب فيه.
ولم تُسفر زيارة السيسي عن تقدم ملموس في حل الخلاف القائم مع أنقرة بشأن غاز شرق المتوسط، باستثناء تصريح أردوغان الذي قال فيه "نريد الارتقاء بتعاوننا مع مصر في مجال الطاقة، وخصوصا الغاز الطبيعي والطاقة النووية".
وتبرز هذه القضية كإحدى أبرز نقاط الخلاف بين البلدين، لأنها تمثل أهمية إستراتيجية كبيرة لأنقرة، وتزداد تعقيداتها بسبب مشاركة دول أخرى مثل اليونان وقبرص، وذلك ما يجعل ترسيم الحدود البحرية قضية حساسة، إذ ترى تركيا أن تلك الاتفاقيات تظلمها في توزيع الثروات.
من جانبها، عززت مصر وجودها في هذه المنطقة بتوقيع اتفاقية لترسيم الحدود البحرية مع قبرص في 2013، ثم إنشاء "منتدى غاز شرق المتوسط" في 2019 الذي يضم دولا مثل اليونان وإسرائيل لتعزيز التعاون في استغلال موارد الغاز، وهو ما عدّته تركيا محاولة لعزلها، دفعتها إلى التحرك للتنقيب عن الغاز في مناطق تعدّها مصر وقبرص ضمن حدودهما الاقتصادية، فأدى ذلك إلى تصاعد التوتر.
وفي 2020، وقعت مصر اتفاقية لترسيم الحدود البحرية مع اليونان، زادت من حدة الأزمة، إذ رفضت تركيا الاتفاق ورأت أنه يمسّ حقوقها في الجرف القاري ويزيد من تعقيد النزاع.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الحدود البحریة ملیارات دولار بین البلدین إلى ترکیا إلى أن
إقرأ أيضاً:
مفاجأة بشأن الفائز بجائزة إيلون ماسك في الانتخابات الأمريكية.. ماذا ربح؟
خلال الأيام الماضية، أحدث الملياردير الأمريكي إيلون ماسك ضجة كبيرة، بعد إعلانه عن توزيع جائزة قدرها مليون دولار يوميا قبل انطلاق الانتخابات الأمريكية، لدعم «دونالد ترامب» الذي تمكن اليوم من الفوز بالرئاسية الأمريكية ليصبح الرئيس الـ47 لأمريكا، بعدما حصل على عدد أصوات كبير في المجمع الانتخابي، أمام كامالا هاريس مرشحة الحزب الديمقراطي.
وفاز العديد من الأمريكين بجائزة المليون دولار، وجرى توزيع الجوائز في فعالية أقيمت في بنسلفانيا، مقابل توقيعهم على عريضة له على الإنترنت لدعم دستور الولايات المتحدة، وكانت من بينهم «جون دريهر»، حيث كان يرتدي قبعة MAGA، ويرفع ذراعيه في الهواء، وعلامات السعادة والفرحة تسيطر عليه بعد استلامه الجائزة.
«دريهر» يفوز بجائزة المليون دولارلم يتوقع «جون دريهر» أن يكون من الفائزين بجائزة المليون دولار، حيث عبر عن إعجابه بالملياردير الأمريكي إيلون ماسك، قائلا له: «لقد كنت أتابعك لمدة 10 سنوات، بعدما تعرفت على سيرتك الذاتية، وأنا من كبار المعجبين بك» وفقا لما ذكره موقع «newsweek».
حالة من الدهشة الممزوجة بالسعادة سيطرت على الأمريكي فور فوزه بالجائزة، حيث قال في مقطع فيديو نشر على الحساب الشخصي للملياردير الأمريكي إيلون ماسك: «عندما اتصل بي، كان أول ما حدث هو الصراخ، كان مليون دولار، كنت ألوح بذراعي في الهواء.. في الواقع، عندما التقيت بإيلون، نسيت المال قليلًا، إنه شخصية مؤثرة للغاية بالنسبة للرجال في عمري الذين يعملون بجد كل يوم».
«ترامب» يعود للبيت الأبيض من جديدوخلال الساعات الماضية، تمكن دونالد ترامب من الفوز بالانتخابات الرئاسية الأمريكية والعودة مجددًا للبيض الأبيض بعد فوزه على كامالا هاريس مرشحة الحزب الديمقراطي، بفارق عدد كبير من الأصوات الانتخابية، ليصبح بذلك الرئيس الـ47 لأمريكا.