بوابة الوفد:
2025-03-04@04:52:28 GMT

حصة علوم صباحية.. قصة قصيرة

تاريخ النشر: 5th, September 2024 GMT

من بين ثمار الإبداع المتناثرة هنا وهناك، تطفو على السطح قطوف دانية، تخلق بنضجها متعة تستحق التأمل، والثناء، بل تستحق أن نشير إليها بأطراف البنان قائلين: ها هنا يوجد إبداع..
هكذا تصبح "قطوف"، نافذة أكثر اتساعًا على إبداعات الشباب في مختلف ضروبها؛ قصة، شعر، خواطر، ترجمات، وغيرها، آملين أن نضع عبرها هذا الإبداع بين أيدي القراء، علّه يحصل على بعض حقه في الظهور والتحقق.


"سمية عبدالمنعم"


بريئة هي كفرخ صغير يتلمس أولى خطواته خارج مهده، يفرد جناحيه الصغيرين بحذر ثم يرفرف بهما على استحياء محاولا الطيران، رقيقة هي كوردة بلدية تفتحت لتوها، صُبغت باللون الأحمر خجلا حين لامس الندى شفيف بتلاتها، ثم ابتسمت بأمل لشعاع شمس دافىء لاح في الأفق من بعيد.
سكندرية أصيلة، لا تعرف رئتاها هواء صالحا للتنفس إلا نسيم جوها، لا يطرب أذنيها لحنٌ غير صوت أمواج بحرها، لا ينعشها أي عطر سوى رائحة اليود المنبعث من أجوائها.
مثلها ككل الفتيات لها قلب متلهف يبحث عن الحب وأحاسيس عطشى تنتظر ساقيها ومثلها ككل الفتيات أيضا تمتلك رادارا قويا يرصد مشاعر الاهتمام ومحاولات التقرب.
فهمت بذكائها لغة العيون وفكت شفرتها حين جمعتهما الحياة أخيرا، بدا وسيما، واثقا من نفسه، حلو اللسان ومهندم المظهر.
تعددت اللقاءات المدبرة المغلفة بستار الصدفة، كانت سعيدة يتراقص قلبها فرحا لكل هذه الصدف المخطط لها بعناية.
ثم حانت لحظة المصارحة فوجدته شهما نبيلا يطلب دخول البيت من بابه مما أثار إعجابها وإعجاب الأب أيضا حين اجتمع به وتجاذب معه أطراف الحديث فوجده إنسانا مسئولا.
طلبت من أبيها مهلة للتعرف أكثر عن قرب لتتأكد من تقارب الرؤى فيما بينهما، فطالما لمست بنفسها اختلافا عن مثيلاتها، فلديها عقل واع ولكن لديها أيضا قلب حالم ومشاعر رقيقة.
اتفقا على تناول قهوتهما الصباحية بكازينو أمام البحر بمنطقة الأزاريطة، تسعدها دوما الصباحات البحرية وتنعش روحها، بعد أن جاءتهما القهوة أخذت ترتشفها ببطء ناظرة من النافذة باتجاه البحر، لاحظ اهتمامها البالغ بالمنظر من حولها فسألها: فيما سرحت بخيالك ياترى؟
فأجابته: أعشق المنظر من حولي.
- منظر البحر؟
- ليس البحر فقط، إنها لوحة كاملة لها صوت وطعم ورائحة.
- ياااه! لهذه الدرجة؟!
- وأكثر، انظر جيدا وأمعن النظر ثم صف لي ما ترى، أريد أن أتعرف على رؤيتك وكيف التقط عقلك الصورة وكيف ستترجمها لكلمات.
- لا، أريد أن أسمع منك أولا، فمن الواضح أن لكِ رؤية شيقة.
- لك ذلك، أرى بحرا وسيعا بموج هادر يحمل في طياته الخير، بحر أحببناه دوما فأحبنا؛ لذا أبحر فيه ذلك الصياد الذي أمامك مبكرا ساعيا متوكلا على الله ولديه كامل اليقين في لطف ربه وجود البحر، أيضا تداعب عيوني هذه الطيور البيضاء التى تدثر صفحة الماء المتلألىء تحت شعاع الشمس الرحيم في هذا الصباح الشتوي المبهج.
فقاطعها وهو يرفع حاجبيه: رأيت كل ذلك من النافذة؟! أكملى.
- أشعر بالفخر وأنا أنظر لسور الكورنيش العتيق، لقد اهتز بخطى من سبقونا وسمع أحلامهم وشعر بالونس لضحكاتهم، ثم أنظر للقلعة التي تلوح من بعيد تقف شامخة ببهائها القديم رغم كل ما مر بها، أظنها إن تكلمت فسوف تحكي لنا حكايات السنين.
ما أجمل النخيل الملوكي بالجزيرة الوسطى في الطريق إنه باسق يشق السماء شقا، تتأرجح فروعه مبتهجة بالنسيم، وأخيرا أري ولدا وبنتا جالسين على السور وجوههما للبحر لديهما بالتأكيد قلبان أخضران يحتضنان أحلاما حلوة بطعم السكر.
- رأيت كل هذا حين نظرت من النافذة؟!
- وأكثر، والآن حان دورك لتخبرني عما ترى.
- ولكن رؤيتي مختلفة عنك كثيرا .
- وليكن، تفضل.
- إنني مشفق على هذا الصياد من قلة الرزق فقد بات بحرنا بخيلا على أمثاله وقد أتى هذا المسكين مبكرا وفي اعتقادى أنه لن يحظى إلا بالقليل.
أما عن القلعة فأعرف أن منظرها شامخ وعريق ولكنني أفكر دوما بأساساتها المهددة بسبب النحر فلابد من الوصول لحلول عاجلة كي لا نفقدها.
الولد والبنت الجالسان على السور يبدو عليهما حداثة السن، غالبا هما هاربان من المدرسة ويستحقان العقاب، والعلاقات في هذا العمر متهورة وغير جادة.
أما عن الطريق فهو مزدحم، مثير للأعصاب، أسف لأن المعركة بين سائق التاكسي والملاكي شغلتني عندما كنت تتحدثين، أعتقد سائق التاكسي هو المحق، ألا ترين ذلك؟
نعم تذكرت كنت تحدثين حينها عن النخل الملوكي، معك حق فى ذلك فأنا أعشق وقفته الشامخة، ثم إن ......
وقبل أن يكمل كلامه كانت تحمل فنجان قهوتها وتلملم حاجاتها وتتجه بعيدا لآخر منضدة بالمكان تاركةً إياه، فتبعها وسألها بصوت غاضب: لماذا غادرتِ بهذه الطريقة العجيبة وتركتني وحيدا بينما أتحدث؟
- أعتذر لأنني غادرت بهذه الطريقة لكنك أفسدت برؤيتك مذاق قهوتي فغادرت قبل أن تفسد عليّ ما تبقي من مزاجي الصباحي.
- كوني صريحة لقد انسحبتِ ليس لأني أفسدت مذاق قهوتك ولا مزاجك، لقد انسحبتِ لأنك اعتقدِت أن أحدنا غير لائق بالآخر لاختلاف الرؤى بيننا.
فاشتعلت وجنتاها خجلا وهي تجيب: نوعا ما.
- أنا أيضا أرى اختلافنا الآن وبشدة ولكن ذلك يسعدني وأجد أن هذا الاختلاف من الممكن بل هو بالتأكيد من أهم عوامل إنجاح علاقتنا.
- كيف ذلك؟
- لأن الحياة لابد أن يكون بها عدة عناصر تكاملية لتستقيم، فإن كانت رؤيتنا وحكمنا على الأمور من حولنا بهذه النظرة الحالمة التي تمتلكينها بجدارة أحسدك عليها فلسوف نقع بمشاكل جسيمة بالتأكيد، لأننا نحيا في الواقع وليس في حلم أو رواية رومانسية، وعلى النقيض فإن الإسراف في الواقعية الذي أتقنه شىء مرهق لي جدا ويوترني، لذا فنظرتك الحالمة للأمور من شأنها أن تهدئ الجو وتخفف عني الأرهاق الذهني وهو شىء محمود، رغم أنني أؤكد أن نظرتي الواقعية مطلوبة للحكم الجيد على الأمور فالدنيا أصبحت لا ترحم، وهناك شىء آخر، أتذكرين ونحن صغار عندما تعلمنا بحصة العلوم أن الأقطاب المتشابهة تتنافر والأقطاب المختلفة تتجاذب، لذا فمن الؤكد أن اختلافنا سيكون عاملًا من عوامل التقارب بيننا.
صمتك هذا أعتبره نوعا من الاقتناع بكلامي أم هو صمت تقييم ودراسة؟
- بالطبع هو صمت تقييم ودراسة، ولكن في المجمل كلامك يحترم، فلنعط أنفسنا فرصة أخرى للتقارب وأعتذر منك مرة أخرى لسوء تصرفي.
فأجابها ببرود: ولكن اعتذارك غير مقبول.
- ماذا؟
- كما سمعت، غير مقبول، والموقف بالنسبة لي حُسم وغير قابل لأي تقييم آخر، فقد غادرتِ وتركتني بطريقة مهينة لا أقبلها، طريقة جعلتني أشعر بعدم الأمان فمن يضمن أنك لن تتركيني عند أول خلاف بيننا وهو قادم لا محالة، فلا يوجد علاقة خالية من الخلافات، غير أني تأكدت من أنك إنسانة سريعة الحكم على الأمور، متقلبة المزاج وهذا لا يلائمني فأنا أريد أن أحيا في هدوء.
قاطعته في اضطراب وغضب: إذن لم ألقيت على مسامعي هذه المحاضرة الطويلة عن تكامل الرؤى، وأعدت عليَ حصة العلوم من المدرسة الابتدائية وأقطاب متشابهة وأقطاب مختلفة ما دمت قد حسمت أمرك؟
-أردت فقط أن أعلمك درسا تستعينين به في حياتك القادمة فأنا رغم كل شىء أعلم أنك ذكية وسوف تستفيدين من التجربة، شرفت بمعرفتك وأتمنى لك حياة سعيدة مستقرة مع من يتكامل معك وليس من يشبهك.
ثم همّ واقفا بعد أن دفع حساب القهوة تاركا إياها في غيظ وذهول.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: قصة قصيرة نيللي عبدالعزيز

إقرأ أيضاً:

4 أهداف استراتيجية لـ «علوم الفضاء» تضمن الاستدامة والريادة

دينا جوني (أبوظبي) 

أخبار ذات صلة «اللولو» تحصد جائزة منصور بن زايد للتميز الزراعي «الأفلاج».. شريان الاستدامة الزراعية

وضعت جامعة الإمارات، 4 أهداف استراتيجية للمركز الوطني لعلوم الفضاء، لتوجيه أنشطته والمساهمة في الأهداف الشاملة لرؤية الدولة الفضائية الوطنية، عبر دفع التقدم الملحوظ في المبادرات الفضائية، وضمان الاستدامة طويلة الأجل، والقدرة التنافسية العالمية في قطاع الفضاء.
وتشمل الأهداف أولاً: دفع المبادرات الفضائية الرئيسية التي تتماشى مع الأولويات الوطنية، وثانياً: سد الفجوات الصناعية عبر تسهيل التعاون السلس بين أصحاب المصلحة في الصناعة لتحقيق أهداف الابتكار طويلة الأجل، وثالثاً: المساهمة بشكل كبير في الأهداف الوطنية للابتكار وتطوير صناعة الفضاء بشكل عام، ورابعاً: تقديم مكونات مبتكرة تعزز تجربة وقدرات قطاع الفضاء بشكل عام.
ومن خلال تركيزه الاستراتيجي على سد الفجوات الصناعية والمساهمة في الابتكار الوطني وقيادة تجاري خدمات الفضاء وبيانات الأقمار الصناعية، لا يقتصر دور المركز على توجيه أنشطة المركز فحسب، بل يساهم بشكل كبير في الأهداف الشاملة لرؤية دولة الإمارات العربية المتحدة الفضائية، من خلال التأكيد على الشراكات الاستراتيجية والمشاركة المبتكرة، وتمكين رواد الأعمال في مجال تكنولوجيا الفضاء.
وعلى صعيد التدريب والتعليم، استقبل المركز 86 طالباً العام الماضي تحت إشراف خبراء، مع تقديم بحوثهم في مؤتمرات محلية ودولية، وتخرج 6 طلاب ماجستير، وأكمل 23 طالباً جامعياً دورات تدريبية، مع مشاركة بارزة لطلاب مركز محمد بن راشد للفضاء، وتضمنت المشاريع الطلابية تقدير الكتلة الحيوية لأشجار المانجروف وقياس الأعماق الساحلية باستخدام بيانات فضائية. تميز خريجو المركز بالمساهمة في مشاريع وطنية كالقمر الصناعي العربي 813، مما يرسخ دور المركز في دعم القدرات العلمية والوطنية. 
وخلال عام 2024، واصل المركز الوطني لعلوم وتكنولوجيا الفضاء (NSSTC) تحقيق إنجازات بارزة في مجالي البحث والابتكار. قاد المركز مجموعة من الأبحاث الممولة، مع تعزيز الشراكات المحلية والدولية، بما في ذلك مشاركة علماء في مهمة الإمارات لاستكشاف المريخ. من بين المشاريع البحثية الرئيسية، برز مشروع DROP لدراسة المياه الجوفية في أفريقيا تحت تأثير تغير المناخ، والذي استُعرضت مرحلته الأولى في قمة المناخ COP28 في دبي ونال تقديراً عالمياً. كما تضمنت الأبحاث علوم المريخ، وعلوم الكواكب الأرضية، ودراسة القمر والكويكبات.
وساهمت منشورات المركز بشكل فعّال في المجتمع العلمي، حيث نُشرت مقالتان في مجلات Q1 المرموقة، إحداهما تدعم أهداف التنمية المستدامة. حظيت هذه المنشورات باقتباسات متعددة، حيث وصل عددها إلى 27، منها 14 اقتباساً في الفترة من يناير 2023 إلى أكتوبر 2024. كما أسهمت مقالات علمية في تعزيز فهم العواصف الترابية على المريخ باستخدام بيانات كاميرا EMM-EXI.
وركّزت منشورات المركز على استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين تقنيات الاستشعار عن بُعد وتحليل البيانات الفضائية، ومن الأمثلة البارزة، دراسة عن تدريب شبكات الذكاء الاصطناعي على صور تم إنشاؤها باستخدام تقنيات محاكاة متقدمة، ما ساعد في تحسين دقة التصوير الفضائي.
 كما طُورت أنظمة التحكم البرمجية المعيارية لدعم مهام متعددة للأقمار الصناعية، مثل نظام البرمجة المعياري الخاص ب CubeSats، مما يعكس التزام المركز بالابتكار التقني لدعم المهمات الفضائية المستقبلية.
ويُجري المركز الوطني لعلوم وتكنولوجيا الفضاء أبحاثاً مبتكرة في علوم الفضاء، تُغطي مجالات متنوعة تشمل علوم الكواكب ومراقبة الأرض. يعمل فريق علوم الكواكب على دراسة بيئات الكواكب والغلاف الجوي والسطح والباطن، مع التركيز على أجرام النظام الشمسي مثل المريخ، الأرض، والكويكبات. يستخدم الفريق نماذج مناخية رياضية وتقنيات استيعاب البيانات لتحليل المعلومات المستمدة من مهام فضائية عالمية مثل «مسبار الأمل» ومركبات مثل «بيرسيفيرنس» و«كيوريوسيتي»، مما يعزز الفهم العلمي ويطور الخبرة الوطنية في هذا المجال عبر إشراك طلاب الجامعة.
فريق مراقبة الأرض
أما فريق مراقبة الأرض، فيركز على المراقبة باستخدام تقنيات الاستشعار عن بعد لتحليل سطح الأرض وظواهره استجابة لتغير المناخ، وتشمل أبحاثهم علوم الأرض، مراقبة الأراضي الزراعية، البيئة، الهيدرولوجيا، التوسع العمراني، ومراقبة الكوارث،  ويقود الفريق مشروعات رائدة مثل تصنيف استخدامات الأراضي عالية الدقة في الإمارات، دراسة تغير المناخ، ومراقبة الكثبان الرملية. كما يقدم خدمات استشارية لمجموعة واسعة من أصحاب المصلحة، ويدير مشاريع نوعية مثل معالجة صور الطائرات من دون طيار وتطوير خرائط طبوغرافية دقيقة. تعكس هذه الأبحاث الطموحة التزام المركز بالمساهمة في الفهم العالمي للفضاء والأرض.
Al Ain Sat-1
 من بين مشروعات المركز البارزة، تطوير القمر الصناعي، Al Ain Sat-1، بالتعاون مع جمعية IEEE، وهو CubeSat صغير يهدف إلى اختبار أحمال مفيدة لمراقبة الأرض وتقديم تقنيات متقدمة، مثل قياسات الراديو متر الميكروويف وتحليل الغطاء النباتي وتصنيف الصور. سيعمل هذا القمر في مدار أرضي منخفض (LEO) بحجم ثلاث وحدات مكعبة، ليعزز دور الإمارات في استكشاف الفضاء ودعم البحث العلمي.

مقالات مشابهة

  • أول رمضان بسوريا دون “أسد” منذ 1971.. العين بصيرة واليد قصيرة
  • الملك تشارلز يستقبل زيلينسكي.. ومحادثة قصيرة قبل الدخول إلى القصر (صور)
  • تشارلز يستقبل زيلينسكي.. ومحادثة قصيرة قبل الدخول إلى القصر (صور)
  • بهاء عبد الحسين عبد الهادي: مشاهير العرب قوة مؤثرة.. ولكن المسؤولية الاجتماعية أولًا
  • المنسق الإعلامي لمنتخب المحليين: جمعنا اللاعبين في فترة قصيرة
  • لا حرب دون مصر ولا سلام أيضا
  • علوم بيت المقدس.. مشروع معرفي وصل 25 دولة
  • 4 أهداف استراتيجية لـ «علوم الفضاء» تضمن الاستدامة والريادة
  • الإفتاء: صيام من ينام طول النهار ويستيقظ قبل المغرب صحيح ولكن بشرط
  • كلمات صباحية عن بداية شهر مارس