بوابة الوفد:
2025-01-31@01:22:39 GMT

حصة علوم صباحية.. قصة قصيرة

تاريخ النشر: 5th, September 2024 GMT

من بين ثمار الإبداع المتناثرة هنا وهناك، تطفو على السطح قطوف دانية، تخلق بنضجها متعة تستحق التأمل، والثناء، بل تستحق أن نشير إليها بأطراف البنان قائلين: ها هنا يوجد إبداع..
هكذا تصبح "قطوف"، نافذة أكثر اتساعًا على إبداعات الشباب في مختلف ضروبها؛ قصة، شعر، خواطر، ترجمات، وغيرها، آملين أن نضع عبرها هذا الإبداع بين أيدي القراء، علّه يحصل على بعض حقه في الظهور والتحقق.


"سمية عبدالمنعم"


بريئة هي كفرخ صغير يتلمس أولى خطواته خارج مهده، يفرد جناحيه الصغيرين بحذر ثم يرفرف بهما على استحياء محاولا الطيران، رقيقة هي كوردة بلدية تفتحت لتوها، صُبغت باللون الأحمر خجلا حين لامس الندى شفيف بتلاتها، ثم ابتسمت بأمل لشعاع شمس دافىء لاح في الأفق من بعيد.
سكندرية أصيلة، لا تعرف رئتاها هواء صالحا للتنفس إلا نسيم جوها، لا يطرب أذنيها لحنٌ غير صوت أمواج بحرها، لا ينعشها أي عطر سوى رائحة اليود المنبعث من أجوائها.
مثلها ككل الفتيات لها قلب متلهف يبحث عن الحب وأحاسيس عطشى تنتظر ساقيها ومثلها ككل الفتيات أيضا تمتلك رادارا قويا يرصد مشاعر الاهتمام ومحاولات التقرب.
فهمت بذكائها لغة العيون وفكت شفرتها حين جمعتهما الحياة أخيرا، بدا وسيما، واثقا من نفسه، حلو اللسان ومهندم المظهر.
تعددت اللقاءات المدبرة المغلفة بستار الصدفة، كانت سعيدة يتراقص قلبها فرحا لكل هذه الصدف المخطط لها بعناية.
ثم حانت لحظة المصارحة فوجدته شهما نبيلا يطلب دخول البيت من بابه مما أثار إعجابها وإعجاب الأب أيضا حين اجتمع به وتجاذب معه أطراف الحديث فوجده إنسانا مسئولا.
طلبت من أبيها مهلة للتعرف أكثر عن قرب لتتأكد من تقارب الرؤى فيما بينهما، فطالما لمست بنفسها اختلافا عن مثيلاتها، فلديها عقل واع ولكن لديها أيضا قلب حالم ومشاعر رقيقة.
اتفقا على تناول قهوتهما الصباحية بكازينو أمام البحر بمنطقة الأزاريطة، تسعدها دوما الصباحات البحرية وتنعش روحها، بعد أن جاءتهما القهوة أخذت ترتشفها ببطء ناظرة من النافذة باتجاه البحر، لاحظ اهتمامها البالغ بالمنظر من حولها فسألها: فيما سرحت بخيالك ياترى؟
فأجابته: أعشق المنظر من حولي.
- منظر البحر؟
- ليس البحر فقط، إنها لوحة كاملة لها صوت وطعم ورائحة.
- ياااه! لهذه الدرجة؟!
- وأكثر، انظر جيدا وأمعن النظر ثم صف لي ما ترى، أريد أن أتعرف على رؤيتك وكيف التقط عقلك الصورة وكيف ستترجمها لكلمات.
- لا، أريد أن أسمع منك أولا، فمن الواضح أن لكِ رؤية شيقة.
- لك ذلك، أرى بحرا وسيعا بموج هادر يحمل في طياته الخير، بحر أحببناه دوما فأحبنا؛ لذا أبحر فيه ذلك الصياد الذي أمامك مبكرا ساعيا متوكلا على الله ولديه كامل اليقين في لطف ربه وجود البحر، أيضا تداعب عيوني هذه الطيور البيضاء التى تدثر صفحة الماء المتلألىء تحت شعاع الشمس الرحيم في هذا الصباح الشتوي المبهج.
فقاطعها وهو يرفع حاجبيه: رأيت كل ذلك من النافذة؟! أكملى.
- أشعر بالفخر وأنا أنظر لسور الكورنيش العتيق، لقد اهتز بخطى من سبقونا وسمع أحلامهم وشعر بالونس لضحكاتهم، ثم أنظر للقلعة التي تلوح من بعيد تقف شامخة ببهائها القديم رغم كل ما مر بها، أظنها إن تكلمت فسوف تحكي لنا حكايات السنين.
ما أجمل النخيل الملوكي بالجزيرة الوسطى في الطريق إنه باسق يشق السماء شقا، تتأرجح فروعه مبتهجة بالنسيم، وأخيرا أري ولدا وبنتا جالسين على السور وجوههما للبحر لديهما بالتأكيد قلبان أخضران يحتضنان أحلاما حلوة بطعم السكر.
- رأيت كل هذا حين نظرت من النافذة؟!
- وأكثر، والآن حان دورك لتخبرني عما ترى.
- ولكن رؤيتي مختلفة عنك كثيرا .
- وليكن، تفضل.
- إنني مشفق على هذا الصياد من قلة الرزق فقد بات بحرنا بخيلا على أمثاله وقد أتى هذا المسكين مبكرا وفي اعتقادى أنه لن يحظى إلا بالقليل.
أما عن القلعة فأعرف أن منظرها شامخ وعريق ولكنني أفكر دوما بأساساتها المهددة بسبب النحر فلابد من الوصول لحلول عاجلة كي لا نفقدها.
الولد والبنت الجالسان على السور يبدو عليهما حداثة السن، غالبا هما هاربان من المدرسة ويستحقان العقاب، والعلاقات في هذا العمر متهورة وغير جادة.
أما عن الطريق فهو مزدحم، مثير للأعصاب، أسف لأن المعركة بين سائق التاكسي والملاكي شغلتني عندما كنت تتحدثين، أعتقد سائق التاكسي هو المحق، ألا ترين ذلك؟
نعم تذكرت كنت تحدثين حينها عن النخل الملوكي، معك حق فى ذلك فأنا أعشق وقفته الشامخة، ثم إن ......
وقبل أن يكمل كلامه كانت تحمل فنجان قهوتها وتلملم حاجاتها وتتجه بعيدا لآخر منضدة بالمكان تاركةً إياه، فتبعها وسألها بصوت غاضب: لماذا غادرتِ بهذه الطريقة العجيبة وتركتني وحيدا بينما أتحدث؟
- أعتذر لأنني غادرت بهذه الطريقة لكنك أفسدت برؤيتك مذاق قهوتي فغادرت قبل أن تفسد عليّ ما تبقي من مزاجي الصباحي.
- كوني صريحة لقد انسحبتِ ليس لأني أفسدت مذاق قهوتك ولا مزاجك، لقد انسحبتِ لأنك اعتقدِت أن أحدنا غير لائق بالآخر لاختلاف الرؤى بيننا.
فاشتعلت وجنتاها خجلا وهي تجيب: نوعا ما.
- أنا أيضا أرى اختلافنا الآن وبشدة ولكن ذلك يسعدني وأجد أن هذا الاختلاف من الممكن بل هو بالتأكيد من أهم عوامل إنجاح علاقتنا.
- كيف ذلك؟
- لأن الحياة لابد أن يكون بها عدة عناصر تكاملية لتستقيم، فإن كانت رؤيتنا وحكمنا على الأمور من حولنا بهذه النظرة الحالمة التي تمتلكينها بجدارة أحسدك عليها فلسوف نقع بمشاكل جسيمة بالتأكيد، لأننا نحيا في الواقع وليس في حلم أو رواية رومانسية، وعلى النقيض فإن الإسراف في الواقعية الذي أتقنه شىء مرهق لي جدا ويوترني، لذا فنظرتك الحالمة للأمور من شأنها أن تهدئ الجو وتخفف عني الأرهاق الذهني وهو شىء محمود، رغم أنني أؤكد أن نظرتي الواقعية مطلوبة للحكم الجيد على الأمور فالدنيا أصبحت لا ترحم، وهناك شىء آخر، أتذكرين ونحن صغار عندما تعلمنا بحصة العلوم أن الأقطاب المتشابهة تتنافر والأقطاب المختلفة تتجاذب، لذا فمن الؤكد أن اختلافنا سيكون عاملًا من عوامل التقارب بيننا.
صمتك هذا أعتبره نوعا من الاقتناع بكلامي أم هو صمت تقييم ودراسة؟
- بالطبع هو صمت تقييم ودراسة، ولكن في المجمل كلامك يحترم، فلنعط أنفسنا فرصة أخرى للتقارب وأعتذر منك مرة أخرى لسوء تصرفي.
فأجابها ببرود: ولكن اعتذارك غير مقبول.
- ماذا؟
- كما سمعت، غير مقبول، والموقف بالنسبة لي حُسم وغير قابل لأي تقييم آخر، فقد غادرتِ وتركتني بطريقة مهينة لا أقبلها، طريقة جعلتني أشعر بعدم الأمان فمن يضمن أنك لن تتركيني عند أول خلاف بيننا وهو قادم لا محالة، فلا يوجد علاقة خالية من الخلافات، غير أني تأكدت من أنك إنسانة سريعة الحكم على الأمور، متقلبة المزاج وهذا لا يلائمني فأنا أريد أن أحيا في هدوء.
قاطعته في اضطراب وغضب: إذن لم ألقيت على مسامعي هذه المحاضرة الطويلة عن تكامل الرؤى، وأعدت عليَ حصة العلوم من المدرسة الابتدائية وأقطاب متشابهة وأقطاب مختلفة ما دمت قد حسمت أمرك؟
-أردت فقط أن أعلمك درسا تستعينين به في حياتك القادمة فأنا رغم كل شىء أعلم أنك ذكية وسوف تستفيدين من التجربة، شرفت بمعرفتك وأتمنى لك حياة سعيدة مستقرة مع من يتكامل معك وليس من يشبهك.
ثم همّ واقفا بعد أن دفع حساب القهوة تاركا إياها في غيظ وذهول.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: قصة قصيرة نيللي عبدالعزيز

إقرأ أيضاً:

واشنطن تطرح صفقة طويلة الأمد مع إيران.. لا حرب ولكن! - عاجل

بغداد اليوم - بغداد

كشف مصدر مطلع، اليوم الثلاثاء (28 كانون الثاني 2025)، عن رسالة شفوية مقتضبة من البيت الأبيض إلى طهران تتضمن رؤية الرئيس الأمريكي الجديد لطبيعة العلاقة مع إيران.

وقال المصدر، لـ"بغداد اليوم"، إن "رسالة شفوية وصلت مساء الأحد من البيت الأبيض إلى بغداد، ومنها إلى وسطاء عراقيين لنقلها إلى طهران، تضمنت نقاطًا محددة تمثل خلاصة موقف واشنطن تجاه إيران".

وأضاف المصدر أن "الرسالة أكدت أن الرئيس الأمريكي لا يسعى إلى الحرب مع طهران، بل يهدف إلى التوصل إلى صفقة طويلة الأمد تنهي حالة عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، مع التشديد على حماية المصالح الأمريكية في المنطقة".

وأشار إلى أن "رؤية الرئيس الأمريكي تتركز على منع إيران من الوصول إلى القدرة على إنتاج أسلحة نووية، في إطار صفقة شاملة تضمن تفوق حليفته في المنطقة، في إشارة إلى إسرائيل".

ولفت إلى أن "إيران تضررت بشدة في العديد من المحاور الإقليمية، مما يتيح فرصة جديدة لواشنطن لتحقيق تفاهمات طويلة الأمد معها، رغم أن الرسائل الأمريكية لا تزال غير علنية وتعتمد على وسطاء متعددي الأطراف".

وفي 22 كانون الأول الجاري، كشف مصدر مقرب من حكومة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، أن الرئيس الامريكي المنتخب دونالد ترامب سلم طهران رسالة عبر سلطنة عمان في الأيام القليلة الماضية بهدف التفاوض على ملفات عديدة من بينها الملف النووي.

وقال المصدر مشترطاً عدم الإفصاح عن هويته لأنه غير مخول بالتصريح الرسمي لـ"بغداد اليوم"، إنه "في الأيام القليلة الماضية تسلمت إيران رسالة من الإدارة الأمريكية المنتخبة عبر سلطنة عمان وهي من القنوات المهمة في تبادل الرسائل بين طهران وواشنطن".

وأضاف، إن "رسالة ترامب التي كتبها إلى المسؤولين الإيرانيين يؤكد فيها استعداد للتفاوض مع طهران وإمكانية التوصل إلى اتفاق نووي غير الاتفاق الذي جرى التوصل إليه عام 2015 وانسحب منه ترامب شخصياً عام 2018".

وأوضح المصدر الإيراني إن "ترامب لن ينتظر أكثر من بضعة أشهر لتسلمه الرد من المسؤولين الإيرانيين بشأن استعدادهم للتفاوض على جملة من الملفات من أبرزها الملف النووي".

ووفق المصدر إن الرسالة الأمريكية توحي بأن "ترامب جاد للغاية لحوار مباشر ورفيع المستوى مع إيران في بداية عمله، وإذا قبلت إيران فإن هناك احتمالاً للتوصل إلى اتفاق، رغم أنه لن يكون هناك ما يضمن أنه حتى في حال التوصل إلى اتفاق فإن أمريكا ستلتزم به".

ويرى المصدر إن حكومة بزشكيان تعتقد بأن مواصلة التصعيد النووي من قبل طهران لن يؤدي إلى نتيجة وربما سيتم إحالة الملف إلى مجلس الأمن الدولي وعلى شكل فصول سبعة من مواثيق الأمم المتحدة باعتبارها تهديدا للسلم والأمن الدوليين، وستقع البلاد في فخ العقوبات الدولية واسعة النطاق، كما ستنضم روسيا والصين إلى الغرب في هذا الأمر، وللأسف ما كان يجب أن يحدث وخلال أقل من ثماني سنوات، انخفضت قيمة العملة الوطنية للبلاد بحوالي 300%".

وكان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي خلال الاثنين الماضي خلال مؤتمر صحفي على ما ذكرته "بغداد اليوم"، بالقول إنه "لا يعلم بتسلم طهران رسالة من ترامب".

وفي الأسبوع الماضي، سافر الوفد التجاري العماني برئاسة نائب وزير التجارة العماني إلى طهران والتقى وناقش مع وزير الصناعة والتعدين والتجارة.

من جانبه، قال سفير إيران لدى عُمان موسى فرهنك، أول أمس الأحد، "على أعتاب العام الجديد، ومع زيارة وزير خارجية سلطنة عمان إلى طهران، سنشهد مرحلة جديدة من العلاقات بين طهران ومسقط وجولة جديدة من التعاون الإقليمي بين إيران وجيرانها".

وفي نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، إن لدى إيران خلافات مع الولايات المتحدة "جوهرية وأساسية للغاية" و"قد لا يتم حلها، لكن يجب علينا إدارتها بحيث يتم تقليل التكاليف والتوترات".

وأكد على هامش لقاء الوفد الحكومي أن قناة سلطنة عمان نشطة، وقال إن هناك دائما قنوات اتصال بين إيران وأمريكا، مبيناً "إن إمكانية تبادل الرسائل بين البلدين عبر السفارة السويسرية وطرق أخرى لا تزال قائمة".

مقالات مشابهة

  • أجواء صباحية ساحرة تجذب الزائرين عند أطراف قلعة أربيل.. صور
  • استعان بـ ChatGPT أيضا.. خالد سرحان يسخر من فيديو محمد رمضان
  • لا حق للدول في الوجود ولكن الحق للشعوب
  • مقدمة كتاب “كتابات وقصص قصيرة” للروائية ليلى أبو العلا
  • «ملتقى شباب دبي» يختتم فعالياته بالتأكيد على الابتكار وريادة الأعمال
  • واشنطن تطرح صفقة طويلة الأمد مع إيران.. لا حرب ولكن!
  • واشنطن تطرح صفقة طويلة الأمد مع إيران.. لا حرب ولكن! - عاجل
  • تتناول عين الجمل صباحًا؟.. إليك ما سيحدث لجسمك بعد فترة قصيرة
  • الهلال يعلن إنهاء عقد نيمار بعد تجربة قصيرة
  • عاجل | أكسيوس عن ترامب: أعتقد أن الرئيس المصري سوف يستقبل الفلسطينيين من غزة وملك الأردن سيفعل ذلك أيضا