سواليف:
2024-09-16@01:11:28 GMT

تأملات قرآنية

تاريخ النشر: 5th, September 2024 GMT

#تأملات_قرآنية

د. #هاشم_غرايبه

يقول تعالى في الآية 102من سورة آل عمران: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ”.
في هذه الآية الكريمة جملة من المواقف ينبغي للمتأمل فيها التوقف عند كل منها مطولاً:
أولها في الخطاب: فعندما تبتدئ آية بـ (يا أيها الذين آمنوا)، فإن ما يتلوها أمر لكل مسلم واجب التنفيذ، حيث أن المؤمنين توصيف لكل من آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وعندما نزلت الرسالة الخاتمة على آخر الأنبياء المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم، صار من لزوم الإيمان على من عاصرها من أتباع الرسالات السابقة أن يؤمن بها وبكتاب الله (القرآن)، لأن الإيمان كل متكامل ولا يجوز انكار أي من كتب الله أو رسله، وعلى ذلك فمن أصر على تكذيب الرسول أو رسالته فذلك يعني التكذيب بالدين، لذا تسقط عنه صفة الإيمان.


ثانيا: يجب أن نعلم أن الإيمان لا ينفع من رفض الإستجابة لما أمره به الله، فإبليس ظل مؤمنا ولم يكفر بالله، فقد قال: “فَبِعِزَّتِكَ” لكنه لما عصى أمر الله غضب عليه وطرده من رحمته.
لذلك فعلى المؤمن أن ينفذ كل أمرٍ أمرَ الله المؤمنين به، وهو هنا من شقين: تقوى الله واتباع الإسلام.
ثالثا: التقوى لغةً من الوقاية، وهي الصون والحماية، وهو اصطلاحا أن يتجنب المؤمن غضب الله وسخطه، ويتمثل ذلك عمليا بعبادته بأداء فرائضه، وفعل أوامره، وترك نواهيه عن خوفٍ من الله، وعن رغبةٍ فيما عنده.
أما حق تقاته فتكون بتمثل الله أمامه يراقبه في كل حركاته وسكناته خشيةٍ له سبحانه، وعن تعظيمٍ لحرماته، وعن محبةٍ صادقةٍ له سبحانه ولرسوله عليه الصلاة والسلام.
رابعا: في قوله تعالى (ولا تموتن الا وانتم مسلمون) قمة الإبهار البلاغي، وذلك في استعمال (لا) التي تستعمل للزجر والنهي عن أمر يأتيه الإنسان، ويملك الخيار في أن يفعله أو لايفعله، لكن الموت أمر لا يملك الإنسان أن يقرر فيه مكانا ولا زمانا ولا كيفية، فلماذا جاء النهي عن فعله وكأنه في يد الإنسان؟.
إذاً فقد أراد رب العزة أن يقول للمؤمن: إن كان ليس بمقدورك أن تفعل شيئا إزاء الموت والذي سيأتيك من غير استئذان ولا تنبيه، فكن مستعدا له طوال الوقت …أي حافظ على أن تكون مسلما طوال حياتك.
خامسا: يريد الله أن يعلمنا أن الإسلام ليس مجرد نطق الشهادتين، فلو كان كذلك لما ذكرنا الله تعالى على أن نحافظ على كوننا مسلمين، فليس ذلك بأن نواصل التلفظ بالشهادتين طوال الوقت، بل بالممارسة العملية لمعنى الإسلام، أي تمثل مواصفات المسلم طوال حياته، والتي نستنبطها من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنها:

“مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُحْسِنْ إِلَى جَارِهِ” [صحيح مسلم].
سادسا وأخيرا: فإن ابتداء الآية بخطاب المؤمنين وانتهائها بالمسلمين، له دلالة عميقة، وهي أن واجب المؤمن هو تقوى الله، أي الحرص على أن يتوخى في حياته نيل رضاه وتجنب ما يغضبه، وأكثر ما يغضبه هو الشرك والكفر. ما ينجي من الشرك هو التوحيد، أي إفراد الله وحده بالألوهية والربوبية، وما ينجي من الكفر هو الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله، مع عدم التفريق بين أحد من رسله، وهذا هو مضمون ما دعت إليه الرسالة الخاتمة.
لذلك يشترط في المؤمنين لاعتبارهم كذلك، يجب أن يكونوا مسلمين، بدلالة التأكيد عليهم إن كانوا يهمهم أن يقبل الله إيمانهم أن يحرص على ألا يأتي أجل أحدهم إلا وقد كان دخل في الإسلام.

مقالات ذات صلة اضطرابات جوية واسعة النطاق (أمطار رعدية وتساقط للبَرَد) تشمل دولاً عدة من إقليم البحر المتوسط 2024/09/03

“ألَا أُخْبِرُكُم مَنِ المُسلِمُ؟ مَن سَلِمَ المُسلِمونَ مِن لِسانِه ويَدِه، والمُؤمِنُ مَن أمِنَه الناسُ على أمْوالِهِم وأنْفُسِهم، والمُهاجِرُ مَن هَجَرَ الخَطايا والذُّنوبَ، والمُجاهِدُ مَن جاهَدَ نَفْسَه في طاعةِ اللهِ” [حديث صحيح:]

“مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى” [صحيح مسلم].

“لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ”. [متفق عليه].

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: تأملات قرآنية هاشم غرايبه

إقرأ أيضاً:

يمن الإيمان يحتفل بنبيه العدنان

ها هي أنفاس الرحمن تعم أرجاء اليمن ابتهاجًا وفرحًا وسرورًا بمولد سيد ولد آدم، المصطفى المجتبى، صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله. لقد تزينت اليمن، المعروفة بخضرتها وطبيعتها الخلابة، فأصبح نهارها مشرقًا وقد اكتست سهولها وجبالها حللها الخضراء، ولياليها مشرقة بشمس أحمد والابتهاج بمولده حتى لا تكاد تجد ليلًا في اليمن.
والعجيب في الأمر أنه ليس هناك أمر حكومي إلزامي للاحتفال بيوم المولد، فقد قال سيد الأنصار: “ممنوع أي إجبار أو إلزام للمشاركة في الاحتفالات”، فهو يعرف شعب الأنصار أنهم في محبة حبيبهم، فالأمر فقط لقلوبهم، ولهذا تراهم في مسعى حثيث للاستعداد لهذه المناسبة، وترى أطفالهم يبذلون حتى مصروفهم الخاص في المساعدة على إحياء هذه المناسبة. إنها مناسبة تقود مسيرتها الأرواح والقلوب، وليست الأجساد فيها الاخادمة لما تأمرها به، ولا تجد في اليمن من يتخلف عن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف إلا القلة القليلة ممن أحبطت أعمالهم وطُبق الران على قلوبهم. أما السواد الأعظم فهم الملبون والرافعون أصواتهم: “طلع البدر علينا”.
ولا أحد يستطيع أن يصف الحال التي تعم اليمن وأهل اليمن في شهر ميلاد حبيبهم، فتظنهم قد انخلعوا من كينونتهم الصلصالية وأصبحوا نورانيين وملائكيين يعيشون في سندس جنتهم الخضراء، وكلهم يقولون: “يا رسول الله، شرفة اليمن”، وهم يحسون حقيقة بوجوده بينهم، ولن يصدق قولنا إلا من عاش وأحس بنشوتهم وشغفهم وهم في حضرته، فقد استحضروه حتى حضر بينهم.
إنهم اليمنيون الذين آمنوا به منذ عرفوه وبايعوه ونصروه وانتصروا به، وقد رافقهم بدعائه: “اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار”، فكانوا الرحماء المرحومين بدعوة نبي الرحمة، وهاهم بعد أربعة عشر قرنًا من الزمن ما زالوا على عهدهم باقين وبحب نبيهم متيمين وبنصرة دينهم قائمين، فتراهم الأشداء على الأعداء الرحماء فيما بينهم، وما ذلك إلا لعظمة ارتباطهم بنبيهم. فكيف يظن من عاداهم أنه قادر عليهم؟
فاليمن قد برهنت للجميع أن الحب الصادق يكون معك وبين جوانحك، لا يختل ولا يتزعزع، أين كان وضعك وظرفك، كنت في سلم أو حرب، في رغد من العيش أو اقتار، في صحة أو سقم، في مراكز مرموقة أو في الحقول مع الماشية، لا يهم أين مكاني ولا موقعي، فأنا في حضرة حبيبي وأعرف أن حبيبي حاضر معي.
هنيئًا لك يا يمن بهذا الارتباط بنبيك، وهذا التمسك به. نعم العديد من المسلمين يحتفلون بالمولد النبوي الشريف، ولكن ليس كما يحتفل به اليمنيون. هنيئًا لك يا يمن أن تكون المتفرد، شعبًا وقيادة، بالانشغال والإعداد والاستعداد للاحتفال بمولد النبي الكريم، وليس ذلك إلا لك، فغيرك قد شغلهم وشغلوا شعوبهم بأعياد الهالوين والكريسمس وغيرها من أعياد الشياطين. هنيئًا لك هذا الفخر العظيم.
“وكل الناس تولد ثم تفنى
ووحدك أنت ميلاد الحياة
وكل الناس تذكر ثم تنسي
وذكرُك أنت باقٍ في الصلاة”

مقالات مشابهة

  • أمير المؤمنين يترأس اليوم الأحد إحياء ليلة المولد النبوي الشريف بمسجد حسان بالرباط
  • كم كان عمر الرسول عندما نزل عليه الوحي؟
  • في ذكرى مولده.. تعرف على أمهات المؤمنين
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • لماذا ينزعجون من الاحتفال بالمولد النبوي الشريف؟
  • الاحتفال بالمولد النبوي الشريف أصل الدين ومنارة الإسلام
  • يمن الإيمان يحتفل بنبيه العدنان
  • عذرًا يا رسول الله
  • البدعة الا نتحتفل برسول الله
  • فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة