سواليف:
2025-02-02@09:33:31 GMT

تأملات قرآنية

تاريخ النشر: 5th, September 2024 GMT

#تأملات_قرآنية

د. #هاشم_غرايبه

يقول تعالى في الآية 102من سورة آل عمران: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ”.
في هذه الآية الكريمة جملة من المواقف ينبغي للمتأمل فيها التوقف عند كل منها مطولاً:
أولها في الخطاب: فعندما تبتدئ آية بـ (يا أيها الذين آمنوا)، فإن ما يتلوها أمر لكل مسلم واجب التنفيذ، حيث أن المؤمنين توصيف لكل من آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وعندما نزلت الرسالة الخاتمة على آخر الأنبياء المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم، صار من لزوم الإيمان على من عاصرها من أتباع الرسالات السابقة أن يؤمن بها وبكتاب الله (القرآن)، لأن الإيمان كل متكامل ولا يجوز انكار أي من كتب الله أو رسله، وعلى ذلك فمن أصر على تكذيب الرسول أو رسالته فذلك يعني التكذيب بالدين، لذا تسقط عنه صفة الإيمان.


ثانيا: يجب أن نعلم أن الإيمان لا ينفع من رفض الإستجابة لما أمره به الله، فإبليس ظل مؤمنا ولم يكفر بالله، فقد قال: “فَبِعِزَّتِكَ” لكنه لما عصى أمر الله غضب عليه وطرده من رحمته.
لذلك فعلى المؤمن أن ينفذ كل أمرٍ أمرَ الله المؤمنين به، وهو هنا من شقين: تقوى الله واتباع الإسلام.
ثالثا: التقوى لغةً من الوقاية، وهي الصون والحماية، وهو اصطلاحا أن يتجنب المؤمن غضب الله وسخطه، ويتمثل ذلك عمليا بعبادته بأداء فرائضه، وفعل أوامره، وترك نواهيه عن خوفٍ من الله، وعن رغبةٍ فيما عنده.
أما حق تقاته فتكون بتمثل الله أمامه يراقبه في كل حركاته وسكناته خشيةٍ له سبحانه، وعن تعظيمٍ لحرماته، وعن محبةٍ صادقةٍ له سبحانه ولرسوله عليه الصلاة والسلام.
رابعا: في قوله تعالى (ولا تموتن الا وانتم مسلمون) قمة الإبهار البلاغي، وذلك في استعمال (لا) التي تستعمل للزجر والنهي عن أمر يأتيه الإنسان، ويملك الخيار في أن يفعله أو لايفعله، لكن الموت أمر لا يملك الإنسان أن يقرر فيه مكانا ولا زمانا ولا كيفية، فلماذا جاء النهي عن فعله وكأنه في يد الإنسان؟.
إذاً فقد أراد رب العزة أن يقول للمؤمن: إن كان ليس بمقدورك أن تفعل شيئا إزاء الموت والذي سيأتيك من غير استئذان ولا تنبيه، فكن مستعدا له طوال الوقت …أي حافظ على أن تكون مسلما طوال حياتك.
خامسا: يريد الله أن يعلمنا أن الإسلام ليس مجرد نطق الشهادتين، فلو كان كذلك لما ذكرنا الله تعالى على أن نحافظ على كوننا مسلمين، فليس ذلك بأن نواصل التلفظ بالشهادتين طوال الوقت، بل بالممارسة العملية لمعنى الإسلام، أي تمثل مواصفات المسلم طوال حياته، والتي نستنبطها من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنها:

“مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُحْسِنْ إِلَى جَارِهِ” [صحيح مسلم].
سادسا وأخيرا: فإن ابتداء الآية بخطاب المؤمنين وانتهائها بالمسلمين، له دلالة عميقة، وهي أن واجب المؤمن هو تقوى الله، أي الحرص على أن يتوخى في حياته نيل رضاه وتجنب ما يغضبه، وأكثر ما يغضبه هو الشرك والكفر. ما ينجي من الشرك هو التوحيد، أي إفراد الله وحده بالألوهية والربوبية، وما ينجي من الكفر هو الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله، مع عدم التفريق بين أحد من رسله، وهذا هو مضمون ما دعت إليه الرسالة الخاتمة.
لذلك يشترط في المؤمنين لاعتبارهم كذلك، يجب أن يكونوا مسلمين، بدلالة التأكيد عليهم إن كانوا يهمهم أن يقبل الله إيمانهم أن يحرص على ألا يأتي أجل أحدهم إلا وقد كان دخل في الإسلام.

مقالات ذات صلة اضطرابات جوية واسعة النطاق (أمطار رعدية وتساقط للبَرَد) تشمل دولاً عدة من إقليم البحر المتوسط 2024/09/03

“ألَا أُخْبِرُكُم مَنِ المُسلِمُ؟ مَن سَلِمَ المُسلِمونَ مِن لِسانِه ويَدِه، والمُؤمِنُ مَن أمِنَه الناسُ على أمْوالِهِم وأنْفُسِهم، والمُهاجِرُ مَن هَجَرَ الخَطايا والذُّنوبَ، والمُجاهِدُ مَن جاهَدَ نَفْسَه في طاعةِ اللهِ” [حديث صحيح:]

“مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى” [صحيح مسلم].

“لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ”. [متفق عليه].

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: تأملات قرآنية هاشم غرايبه

إقرأ أيضاً:

الفرق بين صيام الفرض وصيام التطوع وفضائل الصيام في الإسلام

الصيام من العبادات العظيمة التي شرعها الله للمسلمين، وهو نوعان: صيام الفرض وصيام التطوع. ولكل منهما أحكامه وفضائله.

أولًا: الفرق بين صيام الفرض وصيام التطوع

صيام الفرض: هو الصيام الواجب الذي يأثم المسلم بتركه، مثل:

صيام شهر رمضان، وهو أحد أركان الإسلام الخمسة.صيام الكفارات، مثل كفارة اليمين أو الظهار.صيام النذر، وهو ما التزم به المسلم لله تعالى.

صيام التطوع: هو الصيام الذي يؤديه المسلم رغبةً في نيل الأجر والثواب، ولا يأثم بتركه، مثل:

ستة أيام من شوال، لقول النبي ﷺ: «من صام رمضان ثم أتبعه ستًا من شوال فكأنما صام الدهر».يومي الاثنين والخميس، حيث كان النبي ﷺ يحرص على صيامهما.صيام يوم عرفة لغير الحاج، حيث يكفّر سنتين.صيام يوم عاشوراء ويوم قبله أو بعده، حيث يُكفّر سنة ماضية.الإكثار من الصيام في شعبان والمحرم، فكان النبي ﷺ يكثر من الصيام فيهما.الصيام في الأشهر الحرم (ذو القعدة، ذو الحجة، المحرم، رجب).ثانيًا: فضل الصيام وخصائصهالصيام عبادة خالصة لله، حيث قال الله تعالى في الحديث القدسي: «كل عمل ابن آدم له إلا الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به».للصائم فرحتان: فرحة عند الإفطار، وفرحة عند لقاء الله.خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك.للصائمين باب خاص في الجنة يُدعى "الريان" لا يدخله إلا الصائمون.الصيام يكفّر الخطايا والذنوب، فهو كفارة للمعاصي.الصيام يشفع لصاحبه يوم القيامة، فيطلب له المغفرة.الصيام جُنّة (وقاية) من النار، كما أخبر النبي ﷺ.صيام يوم في سبيل الله يباعد بين العبد والنار سبعين خريفًا.ثالثًا: الحكمة من مشروعية الصيامتهذيب النفس وتعويدها على الصبر والتقوى.تعزيز الإخلاص، لأن الصيام عبادة لا يطّلع عليها إلا الله.إشعار الغني بحال الفقير، مما يعزز الشعور بالتكافل الاجتماعي. 

الصيام عبادة عظيمة، سواء كان فرضًا أو تطوعًا، وهو وسيلة للتقرب من الله والتدرب على الطاعة والصبر، ومن أراد زيادة الأجر، فعليه الحرص على صيام النوافل، اقتداءً بالنبي ﷺ.

مقالات مشابهة

  • الأعياد في الإسلام
  • علي جمعة: حب الله ورسوله وأهل بيته من أركان الإيمان
  • الإيمان بالقدر.. جوهر العقيدة وثمرة اليقين بالله
  • علي جمعة: الإيمان بالقدر خيره وشره من أهم مظاهر الرضا بالله ربا وحاكما
  • سر العلاقة بين الشوعيين واتباع محمود محمد طه
  • علي جمعة: قبول القدر خيره وشره من أهم مظاهر الإيمان بالله
  • الفرق بين صيام الفرض وصيام التطوع وفضائل الصيام في الإسلام
  • «المفتي»: الأمن شرط أساسي لتحقيق البناء والإعمار
  • علي جمعة: الإيمان بالغيب ونعيم وعذاب القبر من ركائز الإيمان