في ظاهرة فلكية نادرة.. الشمس تتعامد غدا على قدس أقداس معبد هيبيس بالوادي الجديد
تاريخ النشر: 5th, September 2024 GMT
كشف رئيس معمل أبحاث الشمس والفضاء بالمعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية الدكتور ياسر عبد الهادي عن حدوث ظاهرة تعامد الشمس على قدس أقداس معبد هيبيس بالخارجة بمحافظة الوادي الجديد، أشهر المعابد الأثرية هناك والوحيد المتبقي من العصر الصاوي الفارسي والبطلمي هناك، وذلك بعد شروق الشمس في نحو الساعة 6.
وأشار عبد الهادي - في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم الخميس إلى أن هذه الظاهرة تحدث مرتين في العام (يومي 7 أبريل و6 سبتمبر)، حيث تقوم أشعة الشمس بالتسلل من مدخل المعبد الرئيسي إلى محوره الذي يصنع مع الشمال الحقيقي زاوية قدرها 82.6 درجة باتجاه عقارب الساعة وهي نفس الزاوية الأفقية التي تصنعها الشمس ظاهرياً عند شروقها في اليومين المذكورين.
وأوضح أن ذلك يؤكد عبقرية قدماء المصريين في الفلك إذ أن تصميم المعبد روعي فيه توجيه محوره الرئيسي بحيث تتم ظاهرة التعامد على قدس أقداسه في هذين اليومين دون غيرهما، وهو الأمر الذي أعطى لهذين اليومين خصوصية متصلة بالثقافة الدينية والشعائرية المرتبطة بهذا المعبد والتوقيت الذي بني فيه.
ونوه إلى أن أهمية هذا المعبد تكمن في كونه يمثل العصور التاريخية المختلفة (المصرية القديمة والفارسية والبطلمية والرومانية)، كما أنه المعبد المصري الوحيد المتبقي من العصر الصاوي الفارسي وشيد لعبادة الثالوث المقدس (آمون- موت -خونسو).
جدير بالذكر أن المعبد يحمل اسم واحة الخارجة (هبت - هيبس)، وقد شُيِّدَ على مساحة قدرها 798 متراً مربعاً (طوله 42 متراً وعرضه 19 مترا) في عصر الملك الفارسي دارا الأول (510 -490 ق.م) على بقايا معبد قديم يرجع إلى عصر الأسرة السادسة والعشرين (664 ق.م)، وربما كانت له أصول قديمة ترجع إلى عصر المملكة المصرية الوسطى (حوالي 2100 ق.م)، وفي العصور اللاحقة للعصر الفارسي أضيفت للمعبد إضافات عديدة حتى اكتملت عناصره وكان ذلك في الفترة ما بين عام 390 ق.م و69م.
و"هيبس" هو الاسم القديم لمدينة الخارجة والاسم اليوناني للكلمة المصرية القديمة "هبت" التي تعنى المحراث، ويطلق هذا الاسم على مدينة الخارجة والمعبد ذاته.
اقرأ أيضاًانطلاق فعاليات مؤتمر البحوث الطبية الحيوية بقنا
وفد شركة الريف المصري يزور أنشطة مركز التنمية المستدامة لبحث إطار التعاون المشترك
رئيس المعهد القومي للبحوث الفلكية: العالم الهولندي فرانك «منجم»
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية ظاهرة تعامد الشمس معهد البحوث الفلكية
إقرأ أيضاً:
كوريا الجنوبية والصراع الهادئ بين البوذية والمسيحية
رغم أن البوذية دخلت كوريا منذ قرابة ألفي سنة والمسيحية دخلتها منذ قرن ونصف فقط، فإن هذه الأخيرة تمددت حتى صارت أكثر انتشارا من البوذية، وما يميز كوريا الجنوبية عن غيرها من دول شرق آسيا هو الحضور القوي للديانة المسيحية فيها رغم شيوع الطابع البوذي التاريخي للدولة.
ففي حين قد يظن البعض أن كوريا دولة بوذية فإن الحقيقة غير هذا تماما، حيث يشكل المسيحيون ما بين 28 إلى 30% من سكان البلاد، بينما يشكل البوذيون ما نسبته 22% تقريبا، ويحتل من يعتبرون أنفسهم "لا دينيون" معظم النسبة المتبقية، مع نسب ضئيلة لأتباع الديانات والمذاهب الأخرى كالإسلام واليهودية والهندوسية والسيخ وغيرهم.
وخلال وجودنا في العاصمة الكورية سول قررنا زيارة معبد بوذي وكاتدرائية مسيحية، لنأخذ القراء في جولة حول أكبر ديانتين في البلاد، نقابل خلالها أطرافا من الجانبين.
دخلت البوذية كوريا عبر الصين عام 372 ميلادية خلال فترة الممالك الثلاث، ثم تجذرت في السياسة والفلسفة والفنون، ومع ذلك، فخلال عهد مملكة جوسون (1392-1897) في كوريا الجنوبية، حلت المعتقدات الكونفوشية -القادمة من الصين أيضا- محل البوذية كأيدولوجية للدولة، مما أدى إلى قمع الأخيرة عدة قرون رغم استمراها في المناطق الريفية والمعابد الجبلية.
واليوم تعد "طائفة جوغي" أكبر طائفة بوذية في البلاد، ويبلغ عدد أتباعها نحو 7 ملايين شخص، ويشرف عليها 13 ألف راهب، ويوجد في كوريا الجنوبية نحو 900 معبد تقليدي ونحو 20 ألف موقع بوذي.
من بين كل تلك المعابد زرنا معبد جوغيسا، الواقع في منطقة جونغنو في قلب العاصمة سول، ويعتبر المركز الروحي والإداري لطائفة جوغي، ومحورا رئيسيا للعبادة البوذية والأنشطة الثقافية.
إعلانويشتهر هذا المعبد، الذي تأسس عام 1910، بمهرجان الفوانيس السنوي الذي يقام خلال عيد ميلاد بوذا، ويجذب آلاف الزوار، كما يشتهر بقاعة دايونغجيون -قاعة بوذا الرئيسية- التي تحتوي على تمثال ضخم لبوذا في الوسط وعن يمينه ويساره تمثالان آخران يمثلان حالات تأمل لبوذا.
ويتيح موقع المعبد في وسط سول للزوار مشاهدة الممارسات البوذية أمام أعينهم، والتي تشمل التأمل وتلاوة الترانيم والإقامة في المعابد، ورغم انخفاض أعداد البوذيين في السنوات الأخيرة بسبب الحداثة وانتشار المسيحية، فإن البوذية لا تزال جزءا مهما من الهوية الثقافية الكورية.
الراهبة بوبشينخلال زيارتنا للمعبد قابلنا الراهبة بوبشين (37 سنة)، التي قالت إنها بدأت التطوع في المعبد بهدف مساعدة الناس، ثم شعرت "بالحاجة للتعمق في فهم البوذية"، فبدأت دراستها منذ 7 سنوات، وبعد ذلك قررت أن تصبح راهبة بوذية.
تقول بوبشين إنها حلقت شعرها بعد الترهب، "لأن حلاقة الشعر تعني التحرر من التعلق بالدنيا، وفي البوذية نرى أن التعلق بالدنيا هو سبب المعاناة والألم، وحلاقة الشعر تعني بطريقة ما التخلص من المعاناة"، بحسب تعبيرها.
أما عن دراستها للبوذية وكم تستغرق لإتمامها، قالت إن دراسة البوذية بالنسبة للراهبات "لا نهاية لها"، وأشارت إلى أنها زارت المعبد في هذا اليوم لتأخذ كتابا جديدا لتعاليم بوذا لدراسته، وأضافت "كلما انتهينا من دراسة كتاب نبدأ كتابا جديدا".
وعن الزواج تقول بوبشين إن الراهبات البوذيات لا يتزوجن "نحن نتزوج العالم كله من خلال العطاء والحب"، على حد قولها، وعن تقليد إيقاد الشموع في المعبد، قالت إنه "يرمز لإشاعة النور وطرد الظلام، ولتذكر طبيعة الحياة الفانية من خلال رؤية الشمعة تذوب".
إعلان طقوس بوذيةصادفنا في المعبد أيضا أحد زواره وهو جونغ كوان سون (43 عاما)، وقال للجزيرة نت إنه يزور هذا المعبد دوريا لأن والده كان يعمل فيه، وأوضح أن والده لم يكن راهبا لكنه "كان بوذيا متدينا جدا إلى حد الرهبنة"، واعتاد مرافقته في طفولته.
يقول كوان سون إنه حين يدخل المبعد يركع 3 مرات في 3 اتجاهات، وبفعل ذلك فإنه يقدم التحية والاحترام لثلاثة: بوذا ودارما (تعاليم بوذا) وسانغا (أتباع بوذا)، ولكي "أتخلص من السموم الثلاثة: الطمع والكراهية والوهم"، حسب قوله.
وعن صلاتهم، قال إنه ليس في البوذية عبادة بالمعنى ذاته الموجود في الأديان السماوية، وإنما العبادة لديهم عبارة عن "تأمل في الوجود ومحاسبة أنفسنا والحرص على ضبط انفعالاتنا"، وأثناء الصلاة يرتلون أناشيد هي نصوص متنوعة من تعاليم بوذا.
كاتدرائية سيدة الحمل الطاهرخرجنا من المعبد البوذي، حيث لم يكن مسموحا للزوار التصوير بداخله، وانطلقنا إلى كاتدرائية "سيدة الحمل الطاهر" والمعروفة باسم كاتدرائية ميونغ دونغ، نسبة إلى الحي الذي تقع فيه بمنطقة جونغ بسول، وتعتبر مقر رئيس أساقفة العاصمة، بيتر تشونغ سون تايك.
وتعمل الكاتدرائية -التي تأسست نهاية القرن التاسع عشر- كمعلم مجتمعي وجذب سياحي ورمز بارز للكنيسة الكاثوليكية في كوريا، وقد أعلنتها الحكومة موقعا تاريخيا في 22 نوفمبر/تشرين الثاني 1977.
على الرغم من أن المسيحية دخلت كوريا في أوقات متفرقة عبر الكتب والمبشرين الكاثوليك في القرن 17، فإنها لم تنتشر بشكل كبير إلا في أواخر القرن 19 عندما وصل المبشرون البروتستانت من الغرب، وشهدت المسيحية نموا سريعا بعد الحرب الكورية (1950-1953) حيث لعبت الكنائس دورا كبيرا في تقديم المساعدات الاجتماعية والتعليمية.
ويوجد في كوريا نحو 5.8 ملايين كاثوليكي ونحو 10 ملايين بروتستاني، وتضم البلاد أكثر من 1700 كنيسة كاثوليكية، أبرزها كاتدرائية ميونغ دونغ التي زارتها الجزيرة نت، كما تضم بعض أكبر الكنائس البروتستانتية في العالم مثل كنيسة يويدو الإنجيلية الكاملة في سول، والتي تعد أكبر كنيسة في العالم بعدد أعضاء يتجاوز 800 ألف شخص، وفقا للكنيسة.
إعلان موجة ماديةولم يتسنَّ للجزيرة نت التحدث مع رجال الدين في الكاتدرائية، لأن إدارة الكنيسة اشترطت تقديم طلب مسبق، لكننا قابلنا خلال زيارتنا لها الشاب كايل جونغ وخطيبته لوسيا يو، وعند سؤالهما قالت لوسيا للجزيرة نت إنهما يزوران الكاتدرائية لأنه لا توجد كنيسة قريبة من محل إقامتهما، وفي هذه الكنيسة يجدان السلام والطمأنينة، حسب قولها.
أما كايل فسألناه عن نظرته لمستقبل المسيحية في كوريا، فقال إن "الكاثوليكية مثل عموم الأديان، تواجه موجة المادية، فالشباب المسيحيون لا يحضرون بانتظام للكنيسة لأنهم منشغلون بالسعي لتلبية متطلبات الحياة الصعبة في هذا الوقت"، ويضيف "لكنني عموما متفائل".
وعلى الرغم من التحديات التي واجهتها المسيحية في كوريا الجنوبية، بما في ذلك المنافسة مع الديانات التقليدية مثل البوذية، فإنها تبقى قوة رئيسية في الحياة الدينية والاجتماعية بالبلاد، في حين لا تزال تحتفظ البوذية بمكانتها، ولها تأثير واضح في الثقافة والفكر والحياة اليومية.