وسط توقعات بالتثبيت للمرة الثالثة.. المركزى يعقد اجتماع أسعار الفائدة وقرارات حاسمة قد تغير المشهد
تاريخ النشر: 5th, September 2024 GMT
مع اجتماع أسعار الفائدة اليوم.. تعقد لجنة السياسة النقدية بـ البنك المركزى المصرى، مساء اليوم الخميس، اجتماعها الدورى الذى يعقد كل 6 أسابيع، لـ بحث أسعار الفائدة، وسط توقعات من قبل المحللين الاقتصاديين والمراقبين بتثبيت سعرى عائد الإيداع والإقراض.
تتجه الأنظار نحو البنك المركزي المصري وسط ترقب للقرارات المقبلة بشأن أسعار الفائدة، حيث تستعد لجنة السياسة النقدية لعقد اجتماعها الدوري الخامس لهذا العام برئاسة المحافظ حسن عبدالله.
يعكس الاجتماع المرتقب أهمية متابعة المستجدات الاقتصادية، وخاصة:
معدلات التضخم الأساسية: التي تمثل أحد العناصر الرئيسية في توجيه السياسات النقدية.
أهداف البنك المركزي: المحددة بين 5% و9%، والتي يسعى البنك لتحقيقها لضمان استقرار الأسعار.
التوقعات
يتوقع المراقبون أن تتأثر قرارات لجنة السياسة النقدية بالظروف الاقتصادية الراهنة، بما في ذلك التحديات الناتجة عن الصراعات الإقليمية والضغوط التضخمية.
ويستخدم البنك المركزى أداة سعر الفائدة للسيطرة على التضخم - يعنى ارتفاع أسعار السلع والخدمات - عبر خفض سعر الفائدة مع تراجع التضخم أو زيادة أسعار الفائدة مع ارتفاع معدل زيادة الأسعار.
ووفقًا لآخر قرارات البنك المركزي المصري فإن سعر الفائدة يبلغ 27.25٪ و28.25٪ على الودائع والإقراض على الترتيب.
ويأتي الاجتماع هذه المرة مصحوبًا بالعديد من المؤشرات الإيجابية، أبرزها زيادة احتياطيات النقد الأجنبي لتصل إلى 46.5 مليار دولار بنهاية يوليو/ 2024 وانخفاض معدلات التضخم الأساسي إلى 24.4% بعد أن بلغت ذروتها في يونيو/ 2023 عند 41%.
اجتماع البنك المركزي المصري
وفي ظل سعي العديد من المؤسسات والأفراد لإيجاد فرص استثمارية آمنة تحقق عوائد مجزية على المدى القصير لاستثمار هذه العوائد، يستعرض هذا التقرير الودائع "قصيرة الأجل" باعتبارها أحد الخيارات الأكثر جاذبية، كونها توفر مرونة في الاستثمار مع عوائد تنافسية.
وتختلف الودائع عن بقية الأوعية الادخارية في أنها لها أجل محدد ولا يمكن سحب أي مبلغ منها قبل تاريخ الاستحقاق، وفي حال السحب قبل الأجل يؤدي ذلك إلى خسارة في العوائد. ويقدم البنك الأهلي المصري ودائع قصيرة الأجل تبدأ من أسبوع وتصل إلى عام بعائد يصل إلى 13% وبحد أدنى لربط الوديعة ألف جنيه.
بنك مصر والقاهرة
يقدم وديعة بعائد يصل إلى 22٪ بحد أدنى 50 ألف جنيه لمدة 6 أشهر. كما يقدم بنك الاستثمار العربى وديعة قصيرة الأجل بعائد حتى 21٪ بحد أدنى 500 ألف جنيه لمدة 3 أشهر، ووديعة لمدة سنة بعائد 8٪ وبحد أدنى 500 جنيه. بنك الإسكندرية يطرح وديعة قصيرة الأجل لمدة 3 أشهر بعائد يصل إلى 19٪ وبحد أدنى 1000 جنيه.
كما تشترط المصارف بعض المستندات لشراء وديعة، منها صورة من بطاقة الرقم القومي، وفتح حساب بنكي، وأصل البطاقة، على أن تكون البطاقة سارية، وألا يقل عمر العميل عن 21 سنة. كما تتيح البنوك لولي الأمر شراء الشهادة لأبنائهم أقل من 21 سنة، وتودع الأرباح في الحساب الشخصي للفرد.
خبراء: توقعات اجتماع البنك المركزيوسعر الفائدة
أكد الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادي إن السيناريو الأكثر توقعا هو اتجاه لجنة السياسة النقدية بـ البنك المركزي في اجتماعها الخميس المقبل إلى تثبيت سعر الفائدة، موضحا أن الاجتماع القادم يعد الاجتماع الرابع للجنة السياسة النقدية خلال العام الجاري
موضحا أن استمرار تراجع معدل التضخم خلال الشهر الرابع على التوالي والذي بلع 27.1 % على أساس سنوي لشهر يونيو الماضي مقابل 27.4% خلال مايو الماضي، وفقا للاحصائيات الرسمية ما يشير إلى أن التثبيت قد يكون الأكثر توقعا.
واوضح غراب، في تصريحات صحفيه له، أن توقعه باتجاه البنك المركزي إلى الإبقاء على سعر الفائدة كما هو دون تغيير يرجع إلى أن لجنة السياسة النقدية قد رفعت سعر الفائدة بمقدار كبير في اجتماعها في السادس من مارس الماضي بنحو 600 نقطة أساس مرة واحدة ليصبح سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي 27.25%، 28.25% و27.75%، على الترتيب،
وبالتالي قد يلجأ للتثبيت في اجتماعه المقبل كما ثبته الاجتماع الماضي، موضحا أن خفض الفائدة لازال مستبعدا خاصة أن معدلات التضخم لازالت مرتفعة ولم نصل لمعدل يسمح بالخفض رغم استمرار انخفاضه تدريجيا للشهر الرابع على التوالي.
البنك المركزى المصرى وتوقعات سعر الفائدة
واختتم غراب أن التوقعات تشير إلى تثبيت سعر الفائدة في الفترة الحالية وهو الأفضل للتأكد من استيعاب الأسواق للزيادات المرتقبة في أسعار المواد البترولية والكهرباء، مضيفا أن الإبقاء على سعر الفائدة مرتفعا هي رسالة تعني السيطرة على معدلات التضخم، لأنه لازال فوق مستهدفات البنك المركزي 7% بزيادة أو نقص 2%، إضافة إلى أن هناك اتجاها عالميا لتثبيت سعر الفائدة من أجل التحوط ضد الموجة التضخمية العالمية.
تفاصيل اجتماعات البنك المركزي اليوم 2024
منذ بداية العام، عقدت اللجنة أربعة اجتماعات اتخذت خلالها قرارات برفع أسعار الفائدة بشكل ملحوظ، ففي اجتماعها الأول في فبراير 2024، رفعت اللجنة الفائدة بنسبة 2%، ثم تلاه اجتماع استثنائي في مارس، حيث رفعت الفائدة بنسبة 6% دفعة واحدة، ليصل سعر الفائدة على الإيداع إلى 27.25%، وعلى الإقراض إلى 28.25%. كما قامت اللجنة بتحرير سعر الصرف وفقًا لآليات العرض والطلب.
وفي الاجتماعين الأخيرين، في 23 مايو و18 يوليو، قررت اللجنة تثبيت أسعار الفائدة عند نفس المستويات، وهو ما اعتبرته مناسبًا لتعزيز المسار النزولي للتضخم، كما يستمر البنك المركزي في تقييم تأثير قراراته على الاقتصاد المصري، وخاصة في ظل الظروف النقدية الحالية.
توقعات نتائج اجتماع اليوم
وتشير توقعات المحللين الاقتصاديين إلى أن البنك المركزي قد يستمر في تثبيت أسعار الفائدة خلال الاجتماع الخامس، نظرًا للتحديات الاقتصادية المستمرة ورغبة البنك في الحفاظ على استقرار السياسة النقدية، وتأتي هذه التوقعات في ظل تراجع التضخم في مصر إلى أدنى مستوياته منذ ديسمبر 2022، حيث بلغ معدل التضخم الأساسي 24.38% في يوليو، مقابل 26.6% في يونيو 2024، بينما تراجع التضخم العام إلى 25.67% في يوليو الماضي.
التزام البنك المركزي المصري باستقرار الأسعار
أكد البنك المركزي المصري، مرارًا، التزامه بالحفاظ على استقرار الأسعار على المدى المتوسط، مشددًا على أهمية التحول نحو إطار مرن لاستهداف التضخم كمرتكز رئيسي للسياسة النقدية، مع السماح بتحديد سعر الصرف وفقًا لآليات السوق، ويأتي هذا ضمن حزمة إصلاحات اقتصادية شاملة بالتنسيق مع الحكومة المصرية، وبدعم من الشركاء الدوليين، لضمان توفير التمويل اللازم لدعم سيولة النقد الأجنبي.
ما أهمية توحيد سعر الصرف؟
أشار البنك المركزي إلى أهمية توحيد سعر الصرف كإجراء حيوي للقضاء على تراكم الطلب على النقد الأجنبي، خاصة بعد إغلاق الفجوة بين سعر صرف السوق الرسمي والموازي، ويأتي هذا التوجه كجزء من جهود البنك المركزي لتحقيق الاستقرار المالي وتعزيز الثقة في الاقتصاد المصري.
تشكيل لجنة السياسة النقدية
وتتألف لجنة السياسة النقدية من سبعة أعضاء، هم محافظ البنك المركزي المصري، نائبا المحافظ، وأربعة أعضاء من مجلس الإدارة، ويتخذ هؤلاء الأعضاء القرارات المتعلقة بالسياسة النقدية بناءً على تقييم دقيق للأوضاع الاقتصادية الراهنة.
ومع اقتراب موعد اجتماع البنك المركزي المصري اليوم 5 سبتمبر 2024، يترقب الجميع تأثير القرارات المتوقعة على أسعار الفائدة، خاصة بعد التحركات الكبيرة التي شهدتها السياسة النقدية منذ بداية العام، كما يعكس هذا الاجتماع أهمية متابعة التطورات الاقتصادية وتحديد المسار الأمثل لتحقيق الاستقرار الاقتصادي في مصر.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: تراجع معدل التضخم بنك المركزي المصري قرارات البنك المركزي المصري قرارات لجنة السياسة النقدية قرارات البنك المركزى لبنك المركزي المصري معدلات التضخم
إقرأ أيضاً:
المشهد الفلسطيني بعد المركزي.. 10 أسئلة وأجوبة
انتهت الدورةُ الثانية والثلاثون للمجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، وأُسدل الستار عن انتخاب حسين الشيخ نائبًا لرئيس المنظمة/الدولة، لكن تداعيات الحدث لم تنتهِ بعد، والجدل بشأنه، لن يضع أوزاره حتى إشعار آخر.
فيضٌ من الأسئلة والتساؤلات اجتاح الأوساط السياسية والإعلامية والاجتماعية الفلسطينية، آراء وتقديرات تذهب في كل اتجاه، هنا سنتوقف أمام عشرة من أهمها، وسنقدم ما نقترحه إجابات عنها، علّنا نسهم بذلك، في تعميق الحوار وتصويب البوصلة:
الأول: ما الذي عناه انعقاد الدورة الثانية والثلاثين للمجلس المركزي لمنظمة التحرير؟من دون مداورة أو تدوير لزوايا الحقائق الحادّة، نرى أنها دورة فاقدة لنصابها السياسي، لكيان حُمّل بما لا يحتمل من وظائف وصلاحيات، ودائمًا من ضمن عملية إعادة تكييف النظام السياسي الفلسطيني على مقاسات حفنة من القيادات المتنفذة، بلا صدقية شعبية، بدلالة حصادها الهزيل في استطلاعات الرأي العام المتعاقبة، ووسط مخاوف محقّة، بأنها تقود البلاد والعباد والمشروع، إلى ضفاف الهلاك.
اجتماع عُقد بـ"من حضر" من رهط الموالين، وبقايا فصائل أكل الدهر عليها وشرب، وفي غياب لفصائل العمل الوطني والمقاوم الأساسية، من داخل المنظمة وخارجها، بعضهم قاطع علنًا ومسبقًا، وبعضهم لم يُدعَ للمشاركة أصلًا، فيما فريق ثالث، آثر الانسحاب من الاجتماع بعد أن ضجّ وضاج من ببؤس المسرحية المعروضة على خشبة المجلس.
إعلانجدول أعمال حافل، وبيان ختامي لا ينسجم مع بنوده، صُمم للتغطية على "البند الوحيد" المدرج على مائدة المجتمعين: انتخاب نائب للرئيس، بعد أن انتزع الرئيس وكالة حصرية لاختيار نائبه وخلفه منفردًا دون تشاور، وبعد أن تمكّن من "تكبيل" مهامه وصلاحياته على نحو محكم، جعلت أمر تعيينه وتكليفه وعزله، من ضمن صلاحياته، مبقيًا خيط النائب مربوطًا بكفّ الرئيس مهما اقترب أو ابتعد.. لكأن التاريخ يعيد نفسه على شكل مهزلة هذه المرة؛ ما فعله عرفات زمن عباس رئيسًا للوزراء، يفعله الأخير رئيسًا للسلطة والمنظمة بنائبه وخلفه، و"ما حدا أحسن من حدا".
في الجانب الدستوري، كل ما بُني على باطل فهو باطل حكمًا، وفقًا لفقهاء القانون وخبرائه، وفاقد الشرعية، أو المنتهية ولايته، لا يحق له أن يمنح الشرعية لأي موقع أو شخص أو وظيفة.
أما في الجانب السياسي، فنحن أمام حقبة جديدة، تنتهي معها الحركة الوطنية الفلسطينية التي عرفناها منذ ستين عامًا، لندخل في مرحلة "ما بعدها"، بكل ما تستوجب من ضرورات مراجعة الشعارات والأولويات والأهداف والأدوات، بما فيها، إسقاط الرهانات الزائفة والمضللة، على حوار ومصالحة، ووحدة وترتيب بيت داخلي في ظلال هذه التركيبة.
الثاني: ما الذي يعنيه تعيين حسين الشيخ نائبًا لرئيس المنظمة/الدولة؟يعني أن الرئيس الفلسطيني رضخ لاختبار الخضوع للضغوط والإملاءات الخارجية، بدلالة موجة الترحيب بهذا الاختيار من قبل عواصم بعينها، وتعبير أوساط إسرائيلية عن ارتياحها لما اعتبرته اختيارًا لـ "رجلها في المقاطعة" في موقع الرجل الثاني والخليفة المنتظر، توطئة لما هو أبعد وأكبر: حفز مسار التكيف المتسارع مع مخرجات الحل الإسرائيلي للقضية الفلسطينية، لا أكثر ولا أقلّ.
أما الشطر الآخر من المعادلة، فيتجلى في إخفاق الرئيس و"ترويكا" السلطة في رام الله، في الاستجابة لنداءات شعبهما وقواه الحيّة من فصائل وشخصيات ومبادرات، لإعادة ترتيب البيت الفلسطيني، واسترداد الوحدة الوطنية وتمتينها.. هذا الباب، أغلق تمامًا، وأغلق بإحكام.
إعلانليس ما حدث وصفةً للإصلاح، كما تزعم السلطة والناطقون باسمها والمرحبون بقرارها، بل توطئة لإشاعة الفوضى داخل "حزب السلطة"، فمنذ صدور القرار عن المجلس، ووقوع الاختيار على الشيخ، دخلت حركة فتح، في طور جديد من صراع الأجنحة والتيارات، وبدل ترتيب البيت الوطني، سيستحدث القرار فوضى في البيت السلطوي/الفتحاوي، وسيأتينا بالأخبار من لم نزوّدِ، وقادمات الأيام بيننا.
"التنسيق الأمني"، وضبط الخطوات الفلسطينية على إيقاع الاحتلال ومتطلباته، سيكونان عنوان المرحلة المقبلة، وسيجري العمل على نقل نماذج التنسيق وتبادل الأدوار القائمة في الضفة، إلى قطاع غزة، مرورًا بلبنان ومخيماته التي تنتظر زيارة "تاريخية" عنوانها "نزع السلاح الفلسطيني"، وترك المخيمات لقدرها أمنيًا وحقوقيًا.
الثالث: ماذا الذي تبقى من "الممثل الشرعي الوحيد" والحالة كهذه؟الأصل، أن المنظمة اكتسبت مكانتها التاريخية من كونها عنوانًا لشعب تعرض بين النكبة والهزيمة، لأبشع عمليات المصادرة والإلغاء والتبديد، وكاد أن يمحَى من الجغرافيا والسياسة.. المنظمة بعد استردادها من يد النظام العربي، باتت ممثلًا حقيقيًا لشعب فلسطين، من دون أن يحول ذلك دون اتخاذها قرارات، كان لها مردود خطير على القضية والمشروع الوطنيين.
اليوم، تدخل المنظمة منعطفًا جديدًا أشد خطورة، ولا يجوز بحال السماح لها بجر شعبها إلى "أقشطة" الذبح والسلخ والتقطيع والتغليف. و"خاتم" الشرعية، إما أن يُستخدم في مكانه ومطرحه الضروريين.
فلسطين، قضيةً وشعبًا، هما الهدف والمآل النهائي، أما المنظمة، فوسيلة وليست هدفًا قائمًا بذاته، لا سيما حين تمرغ بأوحال التساوق والتكيف مع مقتضيات حلول تصفوية.
حكاية الممثل الشرعي الوحيد، تحولت عبر السنين، إلى أكبر عملية ابتزاز وإعاقة وتعطيل لتخليق بدائل وطنية وشعبية فلسطينية مقاومة.. يخرج عليك من يوصيك بالمنظمة ثم بالمنظمة ثم بالمنظمة، والهدف دائمًا عن وعي أو من دونه، تعطيل أي محاولة لشقّ مسار جديد.
إعلانللمنظمة مكتسبات لا يجوز التفريط بها، لكن العمل لتهيئة بنية تحتية كفيلة بالتقاط الثمرة حين تنضج، هو خيار لا يحتمل التأجيل والتسويف والمماطلة، مهما كانت الاتهامات المحيطة بهذا العمل، ومهما اختلفت الظروف القائمة حاليًا، عن تلك التي سادت في العام 1969.
"ليس باسمنا"، عنوان مقترح لحملات وطنية لنزع الشرعية عن الأطر المتحكمة والمتنفذة بالمنظمة، ونزع الشرعية عن الممارسات والسياسات التي لا تقضم من رصيد شعب فلسطين وكفاحه، ونزع الشرعية عن القرارات والمؤسسات والقيادات، غير الشرعية أصلًا، إما بالتقادم وانتهاء الولاية، أو بالتجاوز على التفويض الوطني والشعبي.. آن الأوان لنبذ التردد، ونفض غبار الأوهام.
الرابع: أية مكافأة تنتظر هؤلاء؟ما الذي ينتظره المتنفذون في المنظمة نظير كل هذا التكيّف مع إملاءات الاحتلال والعواصم الداعمة والمتواطئة، ونظير كل هذا "التكييف" للنظام السياسي الفلسطيني؟
لا شيء على الإطلاق، سوى المطالبة بالمزيد من التقديمات والتنازلات.. كلما أمعن العدو في همجيته وفاشيته وإلغائيته، ازداد هؤلاء تكيفًا، وكلما هبطوا بسقوف المطالب والكرامة والحقوق.. فلا مطرح لهم في حسابات إسرائيل، والولايات المتحدة.
حرب إبادة غزة جارية على قدم وساق، وحرب "تحرير يهودا والسامرة" تقضم يوميًا مزيدًا من الحقوق والمكتسبات والمقدسات.. ليس في قاموس إسرائيل مفردة تصف "الكيان الفلسطيني" المرتجى، دع عنك أمر الدولة وحلّ الدولتين.. لا مطرح فيه لعباس أو حماس، لفتح والسلطة أو للمقاومة.
الخامس: لماذا أخفق الفلسطينيون في ممارسة ضغط حقيقي على قيادتهم؟شتات الفلسطينيين جغرافيًا، عمّق شتاتهم السياسي والتنظيمي، ووضع الضفة الغربية على سكة الاحتواء والإلهاء، منذ الانتفاضة الثانية، كانت له عواقب وخيمة، والأهم فإن وجود الاحتلال الرابض بكل ثقله فوق صدور أهلها، شكل "شبكة أمان" للسلطة والقيادة، حتى بات ممكنًا القول، إن ثمة شروطًا موضوعية وذاتية، أسهمت في خفض الطلب على "الإصلاح" و"الدمقرطة" و"البعث" و"الإحياء" و"التجديد" و"التشبيب".
إعلانخشية الفلسطينيين من اقتتال داخلي، فيما الاحتلال ما زال جاثمًا على صدورهم، كانت سببًا آخر للمراوحة، ارتباط شرائح واسعة من المجتمع الفلسطيني بالسلطة معيشيًا ووظيفيًا، شتات الفصائل وتبعثرها، انتهازية بعضٍ منها، واعتمادية بعضٍ آخر على "الصندوق"، "إسلامية" القوى الأكثر نفوذًا وشعبية، ونفور المحيط الإقليمي والدولي من "الإسلام السياسي" عمومًا.. كل هذه العوامل كانت تلعب دور الكابح لحركة التغيير، وتسببت في إخفاق متراكم ومتراكب لجهود إحياء المنظمة وتطويرها وتفعيل المنظومة السياسية.
السادس: أي محاذير تثيرها الفصائل عند التفكير باجتراح البدائل؟ثمة خشيتان وقفتا وتقفان سدًّا في وجه أية محاولة لاجتراح بدائل: الأولى تتمثل في الخشية من الاتهامات بتبديد مكتسب "الممثل الشرعي الوحيد"، والتساوق مع محاولات عربية وإقليمية لوضع اليد على ورقة التمثيل الفلسطيني.
والثانية، الخشية من تكرار تجربة الفشل المتمادي في بناء تجارب وحدوية، من جبهة الرفض زمن بيروت، والإنقاذ زمن دمشق، والتحالف الديمقراطي بينهما، وصولًا إلى فشل محاولات لم تكتمل لبناء تحالفات وتجارب وحدوية، ضاغطة على القيادة المتنفذة.. المآلات الكارثية لكل تلك التجارب، تسهم في تثبيط أي جهود ومساعٍ لاستنقاذ الموقف، ومزاحمة القيادة المتنفذة على شرعية التمثيل.
ويتعين ألا نغفل أثر عوامل أخرى، في تشكيل ظاهرة العزوف عن اجتراح البدائل، منها استمرار الرهان على "صحوة فتح"، وهو رهان يتعين أن تكون تجربة ما بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول قد أسقطته، والثاني، يتعلق بالشرط العربي والدولي الداعم لفكرة تهميش المنظمة لصالح السلطة، واختزال الشعب الفلسطيني بأهل الضفة والقطاع، توطئة لإسقاط قضية اللجوء وحق العودة.
يطرح هذا الشرط الإقليمي (الموضوعي) الصعب، سؤالًا عن ضيق الجغرافيا العربية بالعمل الوطني الفلسطيني، وغياب حواضن يمكن أن تستقبل أي بدائل وخيارات جديدة.. بخلاف ما كان عليه الحال، قبل عشرين أو ثلاثين عامًا.
إعلان السابع: هل كان السابع من أكتوبر/ تشرين الأول فرصة لاستنقاذ الموقف، وهل تبددت؟وفّر زلزال السابع من أكتوبر/ تشرين الأول فرصة تاريخية لإطلاق ديناميات فلسطينية داخلية جديدة، وليس خافيًا على أحد، أن أحد أهداف "الطوفان" كانت تتمثل في إعادة تشكيل الهرم القيادي والسلطوي الفلسطيني، بفتحه على مختلف القوى، وعلى قاعدة الشراكة والمقاومة.
الزخم الذي استحدثه الزلزال، كان كفيلًا، لولا التردد، في استحداث زلزال مماثل في المنظومة السياسية الفلسطينية.. بيد أن نافذة الفرصة لم تكن طويلة بما يكفي، والتطورات التي أعقبت الطوفان وترتبت عليه، تجعل من المهمة اليوم، أكثر صعوبة وتعقيدًا، بل إن هذه التطورات ذاتها، هي التي تمكن القيادة المتنفذة اليوم، من التجرؤ على البوح بمكنونات صدرها، وقذف مشاريعها وأفكارها في وجوه الفلسطينيين جميعًا، دون خشية أو تردد.
الثامن: مبادرات ما بعد الطوفان.. سرّ الفشل؟أدرك فلسطينيون كثر، حجم الفرصة وعظم التحدي اللذين جاء بهما طوفان الأقصى.. صدرت عديد المبادرات والنداءات، عن جهات وشخصيات فلسطينية عدة، كان من بينها تجربة "المؤتمر الوطني الفلسطيني"، لكن أيًا منها لم يخرج عن "صندوق الأفكار القديمة والمعلّبة"، الجاهزة للاستخدام في أية لحظة، والتي يتبدد تأثيرها ما إن يصدر بيانها الأول.
ظلت الرهانات على السلطة والرئاسة قائمة، واتخذت مختلف هذه المبادرات شكل المناشدة والمطالبة والدعوة للحوار، ولم يبلغ أي منها حد "ممارسة الضغط" و"حشد التأييد"، ظلت بما فيها تجربة "المؤتمر الوطني الفلسطيني" بمثابة "دعسة ناقصة"، تنتظر الاكتمال بجنوح رام الله لمنطق الحوار والمصالحة.. لا رام الله جنحت، بل كشّرت عن أنيابها في آخر اجتماعات لمجلسها المركزي، ولا قطار التغيير انطلق من محطة المراوحة والجمود.
إصلاحيو الشعب الفلسطيني، الطامحون للتغيير والدمقرطة، مثلهم مثل السلطة ذاتها.. عباس يتحدث عن "شرعنة" و"تجديد" النظام الفلسطيني عبر انتخابات، وضعَ مفاتيحها في جيب نتنياهو وموافقته على إشراك القدس فيها.. والإصلاحيون وضعوا مفاتيح الإصلاح في جيب عباس وصحبه، وجنوحهم لخيار الحوار والمصالحة والشراكة.. كلا الرهانين، كان إما خائبًا أو زائفًا.
إعلان التاسع؛ ما الذي ينتظر "التمثيل" و"النظام" الفلسطينيين؟فيما الجدل الفلسطيني يحتدم حول حكاية الممثل الشرعي الوحيد، وجواز أو عدم جواز البحث عن خيارات بديلة، تعمل إسرائيل على فرض تصورها الخاص لمستقبل النظام والتمثيل الفلسطينيين، في الضفة الغربية كما في قطاع غزة.. وأخشى ما أخشاه، أن تسقط أهدافنا ومخاوفنا تباعًا، مع كل منجز تحققه تل أبيب على هذا الطريق، وتصبح حواراتنا لغوًا فائضًا عن الحاجة.
في غزة، يبدو "الإسناد المجتمعي" أقصى طموح الفلسطينيين؛ "إسناد" متحرر من "الفصائل والفصائلية"، لا فتح ولا حماس، مدعّم بأجهزة أمنية من قِماشة أجهزة دايتون وإنسانه الفلسطيني الجديد.
وفي الضفة، تبدو إسرائيل ماضية في ترجمة مشروعها لتفكيك السلطة وتقزيمها، وإحياء مشروع "روابط المدن". تذويب السلطة لصالح قيادة محلية مطواعة، هو عنوان المشروع الإسرائيلي في الضفة، وتفكيك حكم حماس هو عنوان متواطأ عليه مع عرب وأعاجم كثر.
حماس تحت هول الكارثة المحيطة بغزة وأهلها، تجد نفسها مرغمة على قبول "الإسناد" والتخلي عن حكم القطاع.. وليس مستبعدًا أن ترتضي "الترويكا" بإدارة "إمارة رام الله/البيرة"، مع بعض من بطاقات الـ"VIP"، ويسدل الستار على الاستقلال والعودة وتقرير المصير، فيما ضجيج الشعارات إياها عن "الممثل الوحيد" و"استقلالية القرار"، و"أول الرصاص والحجارة" سيتواصل دونما انقطاع.
العاشر؛ أي معالم على طريق الخروج من المأزق؟لا بديل عن مزاحمة القيادة المتنفذة على "شرعية التمثيل ووحدانيته"، ودائمًا تحت شعار "ليس باسمنا".. التردد ليس خيارًا، ما دامت إسرائيل ماضية في تسويق وتسويغ مشاريعها، وبتساوق واتساق مع رام الله في عهدها الجديد-القديم. لا بديل عن بذل الجهد لإعادة تنظيم الشعب الفلسطيني في منظمات واتحادات شعبية، بديلة وموازية.
إعلانفي الدول المستقرة، ثمة أكثر من اتحاد ونقابة للمهنة الواحدة أو القطاع الواحد، فما بالكم بالحالة الفلسطينية التي ويجري تجويفها وتحويلها إلى طرازات مشابهة لـ"شبيبة الثورة" و"طلائع البعث".
آن أوان الانتظام في جبهة عريضة، وطنية متحدة، من فصائل ومبادرات وشخصيات ومنظمات واتحادات ونقابات ومؤتمرات وطنية وشعبية، في الداخل والخارج، تحت عنوان "تحرير منظمة التحرير" واستردادها من خاطفيها، وإلى أن يحدث ذلك، فلا ضير من وجود "عنوانٍ ثانٍ" للشعب الفلسطيني، ما دام العنوان الأول، لم يكن مؤتمنًا من قبلُ، وهو اليوم، وبعد التطورات الأخيرة، بخاصة، بات مدعاةً لقلق أكبر.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline