أبو الغيط يُحذر من اندلاع حرب إقليمية
تاريخ النشر: 5th, September 2024 GMT
قال أحمد أبـو الغيـط الأمين العام لجامعة الدول العربية ان الاعتداء الإسرائيلي الغاشم على فلسطين اقترب من العام ، وأن هذا الاعتداء الأعنف والأكثر همجية والأشد انسلاخاً من القانون والأخلاق والإنسانية، معربا عن قلقه الشديد لمحاولات إسرائيل المستمرة في توسيع دائرة الصراع إلى دول الجوار تحت ذرائع وحجج صارت أبعادها الداخلية والحسابات السياسية الشخصية التي تحركها مكشوفة للجميع، لافتا ان هذا يترتب عليه مخاطر حقيقية باندلاع حرب إقليمية ستكون ذات عواقب وخيمة على المنطقة والعالم كله، وستكون وطأتها شديدة على الشعوب الساعية إلى التنمية والتقدم، إذ ستعيد هذه المنطقة سنوات إلى الوراء.
جاء ذلك خلال كلمته فـي الجلسة الافتتاحية للمجلس الاقتصادي والاجتماعي على المستوى الوزاري الدورة العادية (114)، برئاسة عبد الله بن طوق المرّي وزير الاقتصاد بدولة الإمارات العربية المتحدة، وتصدرت فلسطين محور الحديث في هذه الدورة خاصة مع الخسائر الاقتصادية والبشرية الناتجة عن الاعتداءات الاسرائيلية المتصاعدة.
وقال أبو الغيط :" ان الفترة الماضية كانت عصيبة على الشعب الفلسطيني وتحمل ظروفاً قاسية تتجاوز بكثير طاقة تحمل البشر، و صابراً محتسباً، كريماً مرفوع الرأس، لا يتزعزع إيمانه قيد أنملة بعدالة القضية التي يقف مدافعاً عنها في مواجهة قنابل العدو ومسيراته وصواريخه، وحدث هذا كله في ظل عجزٍ دولي عن إيقاف المعتدي، بل ومنحه في بعض الأحيان – مظلة أمان للمضي قدماً في ممارسة الفظائع بغير عقاب أو حساب".
تباهى الاحتلال بكمية القصف
وأوضح الأمين العام ان من أهم محاور مناقشة أعمال هذه الدورة الرابعة عشرة بعد المائة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي، هو "دعم الاقتصاد الفلسطيني"، لافتا ان هذا الموضوع يُعرض بشكل دوري على هذا المجلس في دورة سبتمبر من كل عام، منذ نحو الثلاثين عاماً، ولكنه يكتسب اليوم أهمية خاصة وأولوية واضحة، مشيرا الى إن تقرير هذا العام يبرز بالأرقام، الخسائر البشرية والمادية الهائلة التي تكبّدها الشعب الفلسطيني، جرّاء العدوان الإسرائيلي الوحشي عليه منذ السابع من أكتوبر الماضي ، وتؤكد تلك الأرقام والإحصائيات أن حجم القنابل والمتفجرات التي أُلقيت على قطاع غزة قد تجاوز عشرات الآلاف من الأطنان، وهو ما يفوق بمراحل قوة القنبلة النووية التي أُلقيت على مدينتي هيروشيما ونجازاكي خلال الحرب العالمية الثانية.
واستنكر أبو الغيط تباهى الاحتلال بقصفه لغزة بآلاف القنابل يومياً، و منها المئات التي لم تنفجر ومُعرّضة للانفجار في أية لحظة، لافتا أن هذا يُضيف كارثة أخرى إلى مُجمل المآسي التي لحقت بالقطاع منذ ما يقرب من العام، موضحًا أن جيل كامل من الأطفال فقد حياته الدراسية الطبيعية.
عودة أمراض اختفت من ربع قرن
واستنكر أبو الغيط الوضع الصحي المروع، والذي يشهد عودة لأمراض اختفت من ربع قرن، مؤكدًا أن هذه الجريمة التي تنفذها إسرائيل بلا هوادة، قد استهدفت أجيالاً كاملة من الشعب الفلسطيني، وليس فقط الجيل الحالي، ولن تتقادم هذه الجرائم وستبقى المشاهد القاسية للقتل والتعذيب والتشريد والتجويع، ماثلة أمام العيون ولن تُمحى من الذاكرة الفلسطينية والعربية والإنسانية.
وعن مؤشرات التنمية ، قال ابو الغيط :" لم تكن السنوات الماضية الأفضل عالمياً من زاوية مؤشرات التنمية الإنسانية، لأول مرة تتراجع أعداد من يخرجون من دائرة الفقر، مشاكل العولمة لم تعد خافية، من تفاوت هائل داخل البلد الواحد وبين البلدان وبعضها البعض، مشيرًا إلى هشاشة شبكات التوريد، وتراجع البيئي والتغير المناخي الذي يضع علامة استفهام كبرى على مفهوم النمو المستدام، موضحًا ان منطقتنا العربية ليست بعيدة عن هذه المشكلات، بل تتحمل عبء الصراعات المستفحلة والأوضاع غير المستقرة التي تؤثر على صورة المنطقة وجاذبيتها كمقصد للاستثمار، مشيرا إلى دول تعطلت مسيرتها التنموية مثل السودان واليمن وليبيا بسبب الصراع الداخلي.
تعزيز التبادل التجاري
وعن متطلبات تعزيز النمو الاقتصادي المستدام ، أوضح أبو الغيط أن التحديات العالمية تتطلب نظرة جديدة لجهود التكامل الاقتصادي، موضحًا أن الاتجاه اليوم – في كافة مناطق العالم – يذهب لمزيد من تعزيز العلاقات الاقتصادية والتبادل التجاري على مستوى الأقاليم الجغرافية، بعد أن ظهرت مشكلات العولمة، وخطورة الاعتماد عليها على نحو استراتيجي، لافتا أن المنطقة تتطلب نقلة نوعية في تعاملها مع بؤر الأزمات وانعدام الاستقرار كأولوية ملحة.
وأكد إن جهود التكامل الاقتصادي العربي تحتاج لتسريع وتكثيف يكون على مستوى التحديات القائمة، والحاجة إلى تفعيل الآليات العربية القائمة في مختلف المجالات للاستفادة منها، بما في ذلك تطوير أداء المنظمات العربية المتخصصة، وهو الموضوع المعروض ضمن جدول أعمال الاجتماع.
الوكالة العربية للدواء
ومن جانبه أعرب حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية عن تطلعه أن تسفر هذه اجتماعات المجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي عن قرارات مهمة تدعم مسيرة التعاون والتكامل فيما بين الدول العربية وتصب في المصلحة العامة لدول وشعوب المنطقة من خلال تعظيم الاستفادة من كافة الفرص المتاحة بالدول العربية.
وقال وزير الاستثمار والتجارة الخارجية أن المنطقة تمر بظروف استثنائية صعبة ، خاصة الوضع الذى يعيشه قطاع غزة بسبب الاعتداءات الاسرائيلية التي لم يشهد لها التاريخ مثيل ،مما يستلزم أهمية تضافر الجهود المبذولة من الدول العربية والتنسيق المشترك فيما بينها للتغلب على كافة التحديات التي يمر بها العالم العربي ، مطالبا بتضافر الجهود لتجاوز المعوقات التي يمكن ان تعترض انسياب حركة التجارة وتحقيق التنمية الاقتصادية بالدول العربية في ضوء ما يشهده عالمنا اليوم من تطورات مختلفة على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي خاصة وأن منطقتنا العربية فى قلب هذه التغيرات والتطورات.
وأشار إلى أهمية وجود كيانات عربية تساهم في تحقيق التكامل الاقتصادي والاجتماعي ومن بينها إنشاء الوكالة العربية للدواء والتي تهدف إلى التصدي لكافة التحديات التي تواجه صناعة وتداول الدواء في الدول العربية وذلك من خلال إطار تنظيمي لتعزيز سلامة وفاعلية الادوية في الدول العربية بالإضافة إلى تقديم خدمات استشارية وداعمة للجهات المعنية بالصناعات الدوائية.
ومن جهته قال عبدالله بن طوق المري وزير الاقتصاد بدولة الإمارات العربية المتحدة رئيس الدورة ، يأتي اجتماع اليوم في ظل ظروف استثنائية صعبة تشهدها منطقتنا العربية منها تحديات وأزمات اقتصادية متعددة، حيث خفض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي المنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمقدار 0.2 نقطة مئوية منذ بداية العام الجاري، كما تمر منطقتنا العربية بتوترات جيوسياسية مستمرة لا سيما الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في قطاع غزة وهو ما يفرض علينا المزيد من الجهود لتعزيز التقارب والتلاحم ودعم تنسيق العمل العربي المشترك في جانبيه الاقتصادي والاجتماعي ليضيف بعداً جديداً في مواجهة تلك التحديات وتحولها إلى فرص حقيقة تدعم مستقبل اقتصادات المنطقة ، وتحقق المزيد من الازدهار والتقدم لشعوبنا العربية.
وقال رئيس الدورة ان الموضوع الخامس ضمن جدول أعمالنا يركز على بحث الاقتراح المقدم من مصر والذي يتضمن إنشاء "الوكالة العربية للدواء"، لافتا أن هذا المشروع سيمثل خطوة مهمة لتعزيز التعاون العربي في مجال التصنيع الدوائي، وتوفير الدواء بتكلفة مناسبة، ودعم الجهود العربية والإقليمية والدولية في هذا المجال.
استكمال مشاريع تنموية
وطالب المري بتسريع العمل على استكمال وتنفيذ عدد من المشاريع التنموية المشتركة، والارتقاء بمنظومة الأطر التشريعية المنظمة للعلاقات الاقتصادية بين دولنا العربية، والتي ستسهم في الوصول إلى أهدافنا المنشودة، ودعم التعاون في توفير المزيد من فرص العمل للشباب، وتشجيع اعتماد أنماط الاستهلاك والإنتاج المستدامة، ودفع الإصلاحات الهيكلية، وتحفيز السياسات الداعمة للتنويع الاقتصادي.
واشار الى أهمية تعزيز التعاون بين دولنا والإسهام في دفع عجلة التنمية المستدامة، وتحقيق التكامل الاقتصادي والاجتماعي، من أبرز هذه الملفات . أولاً: تعزيز التجارة العربية البينية المشتركة، والتي تعد من أهم مكتسبات التعاون بين دولنا العربية، وذلك من خلال إيلاء الاتفاقيات والمعاهدات المبرمة في إطار جامعة الدول العربية المزيد من الاهتمام والالتزام بما تضمنته من أحكام ونظم ومبادئ ، وبالأخص اتفاقية تنمية وتيسير التبادل التجاري بين الدول العربية"، والتي نتج عنها إقامة منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، وندعو دولنا العربية إلى الحفاظ عليهاوتعزيز التعاون في إطارها وتفعيل وتطبيق النظم والقرارات الصادرة بشأنها.
دعم الصادرات الوطنية
واشار الى أهمية تعزيز التبادل التجاري للمنتجات الوطنية على مستوى المنطقة، بما يسهم في دعم الصادرات الوطنية، وزيادة معدلات النمو الاقتصادي في الدول العربية، داعيا اللجان الفنية ولجان الخبراء إلى سرعة الانتهاء من بعض الملاحق المكملة لتسهيل حركة التجارة في المنطقة، كما دعا لجنة الخبراء القانونيين المعنين بتطوير آلية فض المنازعات، والانتهاء من إعداد مشروع اللائحة في أقرب وقت ممكن.
وعن الملف الثاني ضمن جدول أعمالنا هو أهمية الاستثمار المباشر في تعزيز الاقتصادات العربية، قال المري أنه في ظل ما تشهده المنطقة من نمو متزايد في تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة، لذلك طلب العمل على محورين رئيسين هما: وضع استراتيجيات جديدة ومتكاملة وتبني سياسات اقتصادية مرنة لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى المنطقة، وتوفير الممكنات الداعمة للقيام بالأعمال الإبداعية والمبتكرة بمختلف المجالات، وتشجيع ريادة الأعمال، في حين يرتكز المحور الثاني على تعزيز التعاون المشترك لدخول اتفاقية الاستثمار العربية المعدلة حيز النفاذ، بما يدعم تشجيع وتحفيز المبادلات الاستثمارية بين الدول العربية وحمايتها.
ونوه بان معظم منظماتنا العربية المتخصصة تواجه العديد من التحديات تقف أمام الارتقاء بأدائها ومهامها، ومنها عدم الالتزام بقواعد العمل العربي المشترك، وكذلك عدم الالتزام بتنفيذ قرارات المجلس الاقتصادي والاجتماعي، وتفاوت المساهمات في الميزانيات الخاصة بمنظماتنا العربية، وهو من شأنه التأثير على تنفيذ البرامج والمبادرات الخاصة بها على الوجه الأكمل.
ومن هذا المنطلق، طالب رئيس الدورة بوضع الآليات مناسبة لتطوير "أداء المنظمات العربية المتخصصة"، والعمل على تشكيل فريق من الخبراء المتخصصين من الدول الأعضاء والمنظمات العربية، لبحث عملية التطوير من كافة جوانبه، لا سيما أن هذا الأمر تمت مناقشته بالفعل عدة مرات خلال اجتماعات سابقة للمجلس، إضافة إلى أهمية كسب ثقة الدول الأعضاء للتعامل مع تلك المنظمات من خلال إسناد المشاريع والاستشارات لها بطريقة مباشرة.
تحدى القراءة العربي
فيما يتضمن الملف الرابع التطرق إلى مناقشة أهمية التعليم وتعزيز ثقافة القراءة باعتبارهما من الركائز الأساسية لتحقيق التنمية المستدامة، وتعزيز الوعي وتطوير المحتوى العربي، ونجد أن تعزيز التعاون بين دولنا العربية في هذا الصدد هو أمر حيوي وضروري.
وفي هذا السياق أوضح ان دولة الإمارات تقدمت باقتراح يتضمن توقيع مذكرة التعاون المشترك بين الأمانة العامة لجامعة الدول العربية ومبادرة تحدي القراءة العربي التابعة لمؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، وتعد هذه المبادرة تمثل مشروع عربي لتشجيع القراءة لدى الطلاب في الوطن العربي عبر التزام أكثر من 28 مليون طالب بالمشاركة في قراءة 50 مليون كتاب على مدى العام الدراسي من 50 دولة في المنطقة العربية وخارجها، كما تهدف المبادرة إلى إحداث نهضة في القراءة عبر وصول مبادرة "تحدي القراءة العربي" إلى جميع الطلبة في مدارس الوطن العربي، شاملة أبناء الجاليات العربية في الدول الأجنبية، ومتعلمي اللغة العربية من الناطقين بغيرها.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: اجتماع المجلس الاقتصادي والاجتماعي وزير الاستثمار حرب إقليمية أبـو الغيـط الأمين الأمين العام لجامعة الدول العربية جامعة الدول العربية الاقتصادی والاجتماعی التکامل الاقتصادی منطقتنا العربیة الدول العربیة أبو الغیط فی الدول من خلال أن هذا
إقرأ أيضاً:
المشاط: التحديات الجيوسياسية بالدول العربية تُعوق مسيرة التنمية في المنطقة والعالم
افتتحت اليوم، الدكتورة رانيا المشّاط وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي فعاليات الأسبوع العربي الخامس للتنمية المستدامة تحت عنوان "حلول مستدامة من أجل مستقبل أفضل: المرونة والقدرة على التكيف في عالم عربي متطور " المنعقد بمقر جامعة الدول العربية في القاهرة ، بحضور أحمد أبو الغيط أمين عام جامعة الدول العربية، والدكتور أشرف صبحي، وزير الشباب والرياضة، والدكتورة منال عوض، وزيرة التنمية المحلية، والمستشار عدنان فنجري، وزير العدل، و إيلينا بانوفا، المنسق المقيم لمنظمة الأمم المتحدة في مصر، وستيفان جيمبرت، المدير الإقليمي لمصر واليمن وجيبوتي بالبنك الدولي، ويوسف حسن خلاوي، الأمين العام لمنتدى البركة للاقتصاد الإسلامي، وعدد من السادة الوزراء والسفراء، وممثلو المجالس النيابية، وممثلو المنظمات والهيئات المحلية والإقليمية والدولية.
وخلال كلمتها الافتتاحية، قالت الدكتورة رانيا المشاط، إن الأسبوع العربي للتنمية المستدامة أضحى منصة إقليمية بارزة للحوار البنّاء بين ممثلي الحكومات والقطاع الخاص، والمُجتمع المدني، وممثلي قطاعات المرأة، والشباب، والإعلام، بالإضافة الى الجامعات والمراكز البحثية المتخصصة والمنظمات العربية والإقليمية والدولية، والتي تسعى جميعها لتعزيز التعاون في سبيل تحقيق التنمية المستدامة، ويأتي انعقاد هذا المُلتقى العربي في نسخته الخامسة تحت عنوان "حلول مستدامة من أجل مستقبل أفضل: المرونة والقدرة على التكيف في عالم عربي متطور"، بعد النجاحات الملموسة التي شهدتها الدورات السابقة.
وأكدت أن مصر حرصت على استضافة الحَدَث وتنظيمه عبر السنوات بتعاون مثمر وشراكة تنموية ممتدة مع كل من جامعة الدول العربية وعدد من شركاء التنمية الدوليين، مضيفة أن الأسبوع العربي للتنمية المستدامة ينعقد في ظل متغيرات وتحديات اقتصادية ومالية وجيوسياسية مستمر ة ومتسارعة؛ لا سيما الأوضاع الإنسانية المؤسفة التي يعيشها أشقائنا في غزة ولبنان، والتي تفرض مزيداً من التحديات والأعباء على العالم أجمع وفي القلب منها دولنا العربية، مما يؤثر سلباً على الجهود التي تبذلها الحكومات لتحقيق التنمية المستدامة.
حيث أشار تقرير أهداف التنمية المستدامة لعام 2024 إلى أن 17% فقط من غايات أهداف التنمية المستدامة شهدت تقدماً كافياً للوصول للمستهدف بحلول عام 2030.
وتابعت: مع استمرار تباطؤ معدلات النمو العالمية، وتزايد الفجوات التنموية بين الدول، تتزايد أيضا فجوة تمويل التنمية خصوصًا في الدول النامية في ظل الأعباء الإضافية التي فرضتها الأزمات المتتالية؛ بما يستلزم المعالجات العاجلة لأزمة الديون التي تواجهها هذه الدول، وإعادة هيكلة النظام المالي العالمي، لتعزيز قدرة الدول على الحصول على التمويل الميسر الذي يساعد على سد فجوات التنمية، جنبًا إلى جنب مع سعي هذه الدول لحشد الموارد من خلال الشراكة الفاعلة بين الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني والمؤسسات المالية لتلبية الاحتياجات التمويلية المتزايدة.
وأشارت "المشاط" إلى أنه وفقًا للتقارير الدولية فقد بلغ إجمالي حجم الإنفاق الحكومي عالمياً، على الخدمات الأساسية مُتضمنة الصحة والحماية الاجتماعية في عام 2024 حوالي 50%، وتنخفض هذه النسبة في الدول الناشئة والنامية لتصل إلى 40%، ويشهد ذلك تفاوتات في مستوى الإنفاق بين دول وأقاليم العالم المختلفة، حيث تتراوح الفجوة التمويلية لأهداف التنمية المستدامة عالمياً بين 2.5 و 4 تريليون دولار سنوياً، وتشير التقديرات إلى أن المنطقة العربية تحتاج على الأقل إلى 230 مليار دولار سنوياً لسد الفجوة التمويلية نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وأضافت أنه إلى جانب التحدي المرتبط بتمويل التنمية هناك تحديات اقتصادية واجتماعية أخرى لا تقل أهمية تواجه دولنا العربية منها ارتفاع معدل البطالة، والذي بلغ نحو 9,5 %، وفقاً لتقرير أهداف التنمية المستدامة لعام 2024، وهو المعدل الأعلى بين مناطق العالم بالرغم من انخفاضه منذ أزمة كوفيد 19، كما تظل المنطقة العربية تشهد أعلى معدل لبطالة الشباب، خاصةً بين الإناث.
كما أشارت إلى التحديات البيئية المرتبطة بتغيّر المناخ التي تطال تداعياتها السلبية كافة دول وأقاليم العالم، وفي مقدمتها منطقتنا العربية التي طالما عانت من ظروف المناخ القاسي من ندرة هطول الأمطار والفيضانات المتكررة والجفاف ودرجات الحرارة المرتفعة، فتؤثر تحديات المناخ سلبًا على القطاعات الاقتصادية الرئيسية مثل الزراعة والموارد المائية والطاقة، والبنية التحتية، والتجارة وسلاسل التوريد والإمداد، فضلاً عن آثارها السلبية على قطاعات الصحة العامة، والأمن الغذائي، والتعليم، وفرص العمل، فتلتقي هذه التداعيات الاقتصادية والاجتماعية لتحول دون استفادة شعوب الدول النامية من جهود التنمية؛ وتمثل ضغطاً على اقتصاديات تلك الدول ومواردها. من ناحية أخرى.
وأوضحت الدكتورة رانيا المشاط أنه بالرغم من أن التحول الرقمي يقدم فرصاً كبيرة لتعزيز التنمية المستدامة، إلا أنه لا يزال هناك فجوة رقمية واضحة بين الدول ذات الدخل المرتفع والمنخفض، مما يعيق الاستفادة من التكنولوجيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي، حيث يشير تقرير الابتكار العالمي لعام 2024 إلى أن الاشتراك في الانترنت الثابت ذي النطاق العريض في المنطقة العربية وصل إلى 11 لكل 100 نسمة وهو ما يقل عن المتوسط العالمي البالغ 19 لكل 100 نسمة.
وأكدت "المشاط" أن الدولة المصرية تلتزم بتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وقد قطعت الدولة بالفعل شوطًا كبيرًا من الإصلاحات والجهود الجادة بدأتها منذ عشرة أعوام بهدف تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، من خلال إطلاق"رؤية مصر2030"، وتحديثها في نوفمبر 2023، والتي تُمثل النسخة الوطنية من الأهدافِ الأُمَمية لتحقيق التنمية المستدامة والأجندة الأفريقية 2063، كما تعكف الدولة المصرية كذلك على تنفيذ البرنامج الوطني للإصلاح الاقتصادي والهيكلي بالتركيز على ثلاثة محاور رئيسية وهي: تعزيز استقرار الاقتصاد الكلي، وزيادة القدرة التنافسية وتحسين بيئة الأعمال لتحفيز القطاع الخاص، والتحول نحو الاقتصاد الأخضر، بما يسهم في زيادة الطاقات الإنتاجية للاقتصاد المصري ويعزز قدرته على الصمود في مواجهة الازمات.
وأضافت أن مصر تعمل كذلك على مواصلة تنفيذ المبادرات التنموية والمشروعات القومية الكبرى مع حشد الموارد والتمويلات التي تتطلبها هذه المشروعات، ويأتي في مُقدِّمة هذه المشروعات المُبادرة الرئاسية "حياة كريمة"، التي تستهدف كل قرى الريف المصري لتحويلها إلى تجمّعات ريفية مُستدامة تتوافر بها جميع الاحتياجات التنموية، بما يُعزِّز جهود الدولة لتوطين أهداف التنمية المستدامة وتحقيق التنمية الإقليمية المتوازنة.
وفي السياق ذاته، أشارت إلى أن وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، تعمل من خلال إطار "الاستدامة والتمويل من أجل التنمية الاقتصادية"، على تعزيز الجهود صياغة سياسة التنمية الاقتصادية القائمة على البيانات والأدلة، لتوفير المعلومات التي تُعزز المناقشات حول الاحتياجات والفرص، وسد الفجوات في مجالات التنمية المختلفة، مع ضمان آليات مراقبة وتقييم قوية لتتبع التقدم وتحسين النتائج، بالإضافة إلى حشد التمويلات المحلية والخارجية لتحقيق التنمية المستدامة من خلال إطار وطني مُتكامل للتمويل، يُعزز تخصيص الموارد للقطاعات ذات الأولوية، ويُحفز استثمارات القطاع الخاص، ويُسرّع وتيرة التقدم نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة، كما قامت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، بالشراكة مع القطاع الخاص، بإعداد مبادئ "استرشادية خضراء" بهدف الوصول إلى مجتمعات ريفية مستدامة ورفع الوعي وتحسين الأداء وقياس أثر المبادرات الوطنية الرئيسية في المجتمعات الريفية.
وأكدت"المشاط" أن الجهود الحثيثة التي تبذلها الدولة المصرية لتحقيق التنمية على المستوى الوطني، لم تشغلها عن المشاركة الفاعلة في كافة مبادرات التنمية سواء على المستوى الإقليمي والعربي أو على المستوى الأممي، فتشارك مصر في الجهود الأممية لتحقيق التنمية المستدامة في إطار الأمم المتحدة من خلال خطة التنمية المستدامة 2030، كما تحرص على تبادل المعرفة والخبرات والتجارب الناجحة في هذا المجال مع كافة دول العالم وبالتعاون مع المنظمات الدولية.
وفي هذا السياق، فقد تقدمت مصر بثلاثة تقارير مراجعة وطنية طوعيةVNRs لمتابعة أهداف التنمية المستدامة الأممية (للأعوام 2016 و2018 و2021). كما تقدمت ثلاث محافظات مصرية بمراجعاتها الطوعية المحلية في عام 2023 (البحيرة والفيوم وبورسعيد) بدعم فني من قِبَل وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وذلك في إطار سعي الدولة للتوطين المحلي لأهداف التنمية المستدامة، مؤكدة اعتزاز مصر بالتعاون التنموي المُثمر مع جامعة الدول العربية في إطار إطلاق تقرير "التمويل من أجل التنمية المستدامة" من رحاب الجامعة خلال انطلاق فعاليات النسخة الرابعة من الأسبوع العربي للتنمية المستدامة في عام 2022.
واستكمالاً لهذا الجهد، وفي ضوء التوصيات الواردة بالتقرير، أعدَّت مصر بشراكة جادة مع الأمم المتحدة "الاستراتيجية الوطنية المتكاملة لتمويل التنمية"، والتي تهدف إلى الموائمة بين مصادر التمويل العامة والخاصة وأهداف التنمية المستدامة الأممية ورؤية مصر 2030، والاستفادة من استثمارات القطاع الخاص، وتحسين الإنفاق العام، وضمان توجيه الموارد نحو المبادرات ذات العوائد الاجتماعية والاقتصادية والبيئية الأعلى، وبالتالي تسريع وتيرة التقدم نحو التنمية المستدامة.
وسلّطت الضوء على الاستراتيجية الوطنية الشاملة لتغيّر المناخ 2050، والتي تتضمّن مجموعة من المشروعات ذات الأولوية حتى عام 2030. وفي هذا الإطار، تم إطلاق المنصة الوطنية لبرنامج "نوفي" الذي يقدم منهج متكامل للتمويل العادل لأجندة المناخ، بالتركيز على ثلاثة قطاعات رئيسية وهي الطاقة والغذاء والمياه، وذلك لتعظيم الأثر الاجتماعي والاقتصادي والبيئي. كما تبذل الدولة جهدها نحو التحول نحو الاقتصاد الأخضر من خلال العديد من المبادرات من بينها دمج البًعد البيئي في منظومة التخطيط من خلال "دليل معايير الاستدامة البيئية"، والمبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية.