جعجع لا يمانع تعديل الدستور.. ماذا عن الحلفاء والخصوم؟!
تاريخ النشر: 5th, September 2024 GMT
في خطابه الأخير، فاجأ رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع الحلفاء والخصوم على حدّ سواء، بالكثير من المواقف التي قد لا تكون معتادة من جانبه، والتي دفعت "التيار الوطني الحر" إلى الحديث عن "تطوّر في الموقف" لديه، بشكل "يتماشى" مع طروحاته، بدءًا من رفضه تصنيف "حزب الله" إرهابيًا، مرورًا بحديثه عن المقاومة وشهدائها، وصولاً إلى التقاطع على مبدأ التشاور، ولو تمسّك بشروطٍ لا تسهّل التئامه.
لكن، أبعد من كلّ هذه العناوين "الآنية"، فجّر جعجع ما يصحّ وصفه بـ"القنبلة السياسية" حين أبدى في الخطاب نفسه جهوزيّته للنقاش في تعديل الدستور، أو بالحدّ الأدنى، "عدم ممانعته" لذلك، بقوله ما حرفيّته: "إذا كان البعض يريد تعديل الدستور فلا مانع لدينا"، داعيًا إلى انتخاب رئيس للجمهورية أولاً، ومن ثمّ الذهاب إلى طاولة حوار وطنية فعليّة في قصر بعبدا، تُناقَش فيها كل الشؤون والشجون، تحت عنوان أوحد: "أيّ لبنان نريد؟".
أعطيت هذه الدعوة أبعادًا مضاعَفة، بنتيجة ما وصفه كثيرون بـ"تغييب" اتفاق الطائف عن كلام رئيس حزب "القوات اللبنانية"، وهو الذي لطالما أكّد على التمسّك به، ولو أنّ أوساط "القوات" حرصت على نفي أن يكون قد "تقصّد" ذلك، ما فتح الباب أمام علامات استفهام عدّة، فما الذي قصده جعجع بكلامه في هذا التوقيت بالتحديد، وهل يمكن فهمه بوصفه "خروجًا على روحية الطائف"، وكيف يقرأ الحلفاء والخصوم مواقف "الحكيم" المستجدّة؟!
ما قصده جعجع
في المبدأ، قرأ كثيرون مواقف "الحكيم" على أنّها محاولة لـ"دغدغة المشاعر" خصوصًا على المستوى المسيحي، في ظلّ طروحات "شعبوية" تتصاعد بين الفينة والأخرى لـ"تغيير النظام"، وتتبنّاه بعض القوى السياسية، خصوصًا في ظلّ ما يصفها البعض بحالة "الامتعاض" الناجمة عن الفراغ والشلل الذي يلحق بالعديد من المراكز المسيحية في الدولة، وفي مقدّمها موقع الرئاسة، الذي بات كثيرون يتعاملون مع الفراغ فيه وكأنّه "أمر عاديّ".
لكنّ المحسوبين على "القوات اللبنانية" يرفضون هذه المقاربات، تمامًا كما يرفضون الاستنتاجات والتأويلات والتفسيرات التي أعطيت لمواقف "الحكيم"، ولا سيما الإيحاء أنّه خرج من خلالها على روحية اتفاق الطائف، بدليل عدم الإشارة إليه من قريب أو بعيد، حيث يؤكد هؤلاء أنّه إذا كان الاتفاق قد سقط سهوًا من الكلام المكتوب، إلا أنّ "جوهره" حضر بقوة، من خلال إصرار جعجع على وجوب تطبيق الدستور، الذي يستمدّ روحيته من الطائف.
وبمعزل عن الجدل الذي أثاره كلام جعجع عن تعديل الدستور، يلفت المحسوبون على "القوات" إلى أنّ جعجع لم يكن يلاقي الدعوات إلى المثالثة، أو المؤتمر التأسيسي، لمواجهة الفراغ، بل على العكس من ذلك، كان مع تأكيده على "مشروعية النقاش" بأيّ شأن وطني، بما في ذلك الدستور، يشدّد على أنّ مثل هذا النقاش مؤجَّل، إلى ما بعد انتخاب الرئيس وفقًا للدستور ولا شيء غيره، بمعنى أنّ الرئيس هو الذي سيكون معنيًا بإدارة الحوار بعد انطلاقة العهد.
نقاش قديم جديد
في مطلق الأحوال، وبمعزل عمّا قاله جعجع وما قصده، فإنّ الثابت أنّ كلامه أحيا النقاش القديم الجديد حول تعديل الدستور، الذي يتكرّر بين الفينة والأخرى، وإن كان لافتًا صدوره هذه المرّة عن "الحكيم" تحديدًا، بعدما كان خصومه، وفي مقدّمه "حزب الله"، في قفص الاتهام، باعتبار أنه كان أول الداعين إلى مؤتمر تأسيسي للبحث بطبيعة النظام، قبل أن "يتنصّل" الحزب من هذه الدعوة ومضمونها، وكلّ ما ترتّب عليها من تأويلات قال إنها في غير مكانها.
وإذا كان خصوم جعجع ارتاحوا بهذا المعنى، لإزالة "عبء" الاتهامات عن كاهلهم، ولا سيما أنّها تتكرّر بشكل دائم، رغم تأكيدهم الدائم أنّهم لا يريدون المثالثة ولا غيرها، في مقابل دعوات متصاعدة في أمكنة أخرى إلى الفدرالية وغيرها، فإنّ حلفاءه القدامى والجدد لم ينكروا "توجّسهم" من صدور الدعوة في هذا التوقيت، ولو كانت مؤجَّلة، وحتى لو قال جعجع، إنه يحاول أن يلاقي الطرف الآخر من خلالها، استنادًا إلى أنّ الدستور ليس مقدّسًا، ويمكن النقاش ببنوده.
هنا، ثمّة من يستغرب عودة النقاش في كلّ مرة إلى هذه "النغمة"، على اعتبار أنّ الدستور ليس قرآنًا ولا إنجيلاً، وبالتالي فإنّ تعديله أمر ممكن، بل ربما واجب، حيث يشير أصحاب هذا الرأي إلى أنّ هذا الأمر يكون صحيحًا عندما تكون التجربة قد استنفدت فعلاً، وتبيّن وجود خلل فعليّ عند التطبيق، إلا أنّ المطلوب للوصول إلى هذه المرحلة هو التطبيق فعلاً، وهو ما لم يحصل لغاية تاريخه، إذ لا تزال الكثير من البنود الأساسية في الطائف حبرًا على ورق.
لعلّ جعجع لم يقصد فعلاً في حديثه عن "تعديل الدستور" بدء ورشة حقيقيّة على هذا المستوى، إذ إنّ ما أراد توضيحه هو "انفتاحه" على نقاش أيّ أمر، ولكن بعد إنجاز انتخاب الرئيس أولاً، وفقًا للدستور، وبعيدًا عن أيّ "بدع" يلجأ إليها البعض، خارج الدستور والقانون، وحتى الأعراف. لكنّ الثابت أنّه بكلامه، فتح الباب من جديد أمام نقاش دستوري، وأعاد إحياء "إشكاليّة" في العمق، تخفت حينًا، وتستيقظ أحيانًا أخرى... المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
قطر.. بدء التصويت على مشروع التعديلات الدستورية
يمن مونيتور/الأناضول
بدأت في قطر، صباح الثلاثاء، عملية التصويت على مشروع التعديلات الدستورية لعام 2024، ضمن أجواء وصفت بـ”الحماسية”.
وقالت وكالة الأنباء القطرية الرسمية “قنا”: “بدأت في تمام الساعة السابعة، صباح اليوم، عملية التصويت في الاستفتاء على مشروع التعديلات الدستورية لسنة 2024 لدولة قطر”.
وأضافت: “حضر المواطنون ممن يحق لهم الإدلاء بآرائهم، في أجواء حماسية ولحظة تاريخية، تؤكد بجلاء حرص الجميع على إنجاح هذا الحدث، واستشعار المسؤولية تجاه الوطن، وتعزيز نسيجه الاجتماعي في أبهى صورة”.
ووفق الوكالة، “تستمر عملية التصويت حتى الساعة السابعة مساء، على أن تبدأ بعد ذلك مباشرة إجراءات فرز الأصوات، لتعلن اللجنة العامة النتائج في غضون 24 ساعة من انتهاء التصويت”.
وفي 29 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أصدر أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، المرسوم رقم 87 لسنة 2024، بدعوة كافة المواطنين ممن أتموا الـ18 عاما، للمشاركة في استفتاء عام على التعديلات الدستورية المقرر اليوم.
في السياق، أكد مجلس الوزراء “أهمية المشاركة الشعبية الفعالة في الاستفتاء على مشروع التعديلات الدستورية، والتي ستجسد من جديد صورة أخرى من صور التلاحم الفريد بين الشعب القطري، وتعزز القيم الحميدة المتوارثة والمبادئ الوطنية الراسخة”، وفق الوكالة.
ونقلت الوكالة عن وزير الداخلية خليفة بن حمد آل ثاني، رئيس اللجنة العامة للاستفتاء، قوله إن “المتطلبات اللازمة لعملية الاستفتاء اكتملت، سواء عبر التصويت الورقي أو الإلكتروني في المقار التي تم الإعلان عنها، أو التصويت عن بعد”.
ومن ضمن مشروعات التعديلات التي طرأت على مواد الدستور، أن المادة رقم “1” في النص المقترح، أصبحت: “قطر دولة عربية مستقلة ذات سيادة. دينها الإسلام، والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي لتشريعاتها، ونظامها ديمقراطي (يقوم على الشورى والعدل وسيادة القانون)، ولغتها الرسمية العربية. وشعب قطر جزء من الأمة العربية”، مع الإشارة إلى أن الفقرة التي بين قوسين هي المضافة إلى المادة الأصلية.
بالإضافة إلى تعديلات بشأن الشروط التي يجب توفرها في عضو مجلس الشورى القطري، من بينها أن “يكون قطري الجنسية”، بعد أن كانت المادة الأصلية “أن تكون جنسيته الأصلية قطرية”.
ويعد الاستفتاء الحالي هو الثاني في تاريخ قطر بعد أول أجري عام 2003، لإقرار مشروع الدستور الدائم في البلاد، وتمت الموافقة على الدستور وإقراره عقب ظهور نتيجة الاستفتاء.