سودانايل:
2024-09-16@00:31:02 GMT

الحزب الشيوعي السوداني مخترق أم مختطف؟

تاريخ النشر: 5th, September 2024 GMT

عاطف عبدالله

يوليو 2024

إهداء
إلى روح الفقيد محمد عمر فضل (الكابتن) آخر المؤسسين النوارس...

هذه الدراسة من 11 جزء سأنشرها هنا تباعا كل خميس وأحد من كل أسبوع ...
(1)
جدلية الصراع في ... الحزب الشيوعي السوداني

العديد من أصدقاء الحزب، والمراقبين والمهتمين بالشأن السوداني، يتساءلون، مشفقين أو شامتين، عما جرى ويجري في الحزب الشيوعي السوداني خلال السنوات الأخيرة؟ ولماذا تراجع بهذه الصورة المخيفة! وتقلص دوره السياسي في مواجهة التحديات الكبرى التي تواجهها البلاد نتيجة الحرب المدمرة التي قضت على الأخضر واليابس.

وهل الحزب شاخ وفات فيه الفوات كما يدعي البعض، أم هي كبوة جواد، وأنه قادر على تضميد جراحه وتصويب أخطاءه والنهوض مثل عنقاء الرماد من الدمار، والقيام بدوره المناط به في مجريات الثورة السودانية؟.
لا شك في أن الحزب الشيوعي السوداني، مثله مثل الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني السودانية كافة، يعاني ويقاسي كلّما يقاسيه السودان من أوجاع التخلف والفقر، وضعف الإمكانات، بالإضافة إلى مصادرة الحقوق، وتشتت عضويته في أصقاع الأرض بحثاً عن الحياة الكريمة وانشغال من بالداخل في البحث عن الأمان ولقمة العيش. وجاءت الحرب العبثية لتضاعف معاناته التي هي أصلا مزدوجة. معاناة كونه حزبا سياسياً سودانياً متأثراُ بالدمار والقهر الذي حاق بالبلاد بعد عقود من الحروب الأهلية وحكم الأنظمة الشمولية والدكتاتورية، ومعاناة كونه حزباً شيوعياً يتأثر بالأزمة التي تمر بها الشيوعية فكراً وتطبيقاً بعد تصدع وانهيار المعسكر الشرقي.
لكن هل تنتهي معاناته عند هذا الحد؟ الإجابة - يا للأسف – لا. فهناك المزيد، فهو في داخله يعاني التفكك والتشظي التنظيمي، وضعف على مستوى القيادة انعكس سلباً على أدبه وإعلامه ومخاطباته العامة والخاصة، وعلاقته بالجماهير. وفوق هذا وذاك أصيب بداء الشللية والتكتلات الفتاك، مما أفقده تلك الصلابة التي تميز بها، والوحدة الفكرية، والروح الرفاقية التي حمته وحافظت على وجوده في أحلك الظروف.
كان من المفترض أن أقدم هذه الورقة، كمساهمة فكرية، داخل قنوات الحزب، ليطلع عليها أعضاء الحزب وهيئاته، كشأن داخلي لإثراء الصراع الفكري، هذا الأمر كان حتى وقت قريب هو الخيار الوحيد والطبيعي، لكن الآن نحن أمام حالة غاية في التعقيد. العديد من الشيوعيين حاولوا وكتبوا ولم تر كتاباتهم النور ولم تحدث أي صدى لعدم نشرها. وقد أشار لذلك المرحوم عبد الماجد بوب في استقالته الشهيرة. وكذلك كتب العديد من الشيوعيين الحادبين، لكن لا حياة لمن تنادي. لذا قررت نشرها لاستثارة الصراع الفكري داخل الحزب وخارجه. دافعي، الأسئلة العدّيدة التي تدور في الأذهان، والحالة الآنية للحزب من تصدع وضعف وتخبط، وعدم وضوح. كما أرى أن ما يحدث في الحزب يخص كل السودانيين، وهو أكبر من أن تعالجه المجموعة التي تديره الآن منفردة في ظل غياب الشفافية واجتماعات اللجنة المركزية. لذا رأيت أن أنشر هذه الورقة على الملأ، وأشرك فيها كل الناس تحقيقاً لشعار الحزب الخالد "من الجماهير وإليها يعلم ويتعلم منها".
من دواعي نشري لهذه الورقة كذلك على الملأ، أن ما أطرحه فيها لا يهم فقط قيادة الحزب، أو عضويته، أو حلفائه الاستراتيجيين في الجبهة الوطنية الديمقراطية (الاتحاد النسائي – أتحاد الشباب – الجبهات المهنية ديمقراطية)، أو حتى حلفائه التكتيكيين في التحالف الجذري، الأمر صار أكبر ويهم رجل الشارع العادي، الذي يتساءل في حيرة ماذا جرى للحزب الشيوعي؟ ومحتار أمام مواقفه المعلنة التي لا تخدم جهود وقف الحرب، بل تخدم مواقف من يقف وراء الحرب ويؤجج نارها، فلول الإنقاذ وأحزاب الموز وأعضاء اللجنة الأمنية. إن مواقف الحزب المعلنة، وسياسته على أرض الواقع، تصبان في مصلحة أعداء الثورة، خصوم الأمس أصدقاء اليوم، باعتبار أن عدو عدوي صديقي The enemy of my enemy is my friend وكلا الجانبين، الفلول والحزب، على الرغم من أنهما يقفان على طرفي نقيض أيديولوجياً، إلا أن المصلحة المشتركة جمعتهما في محاربة تنسيقية القوى المدنية (تقدم) الساعية لوقف الحرب، لقد أجلا كل خلافاتهما وتفرغا لمحاربة حكومة حمدوك حتى تم اسقاطها ولآن كل جهودهما تنصب في إضعاف تنسيقية تقدم، ذلك الموقف من الحزب الشيوعي، أدهش العدو قبل الصديق، مما أوجب طرح السؤال، الذي يبدو ملحاً على أذهان الجميع، وتصعب الإجابة عليه: هل الحزب الشيوعي مخترق أم مختطف؟
أسئلة كثيرة مشروعة تدور حول الحالة التي يمر بها الحزب الشيوعي السوداني، أسبابها ونتائجها والأهم كيفية معالجتها. وهو ما تصدت له هذه الورقة في محاولة لاختراق حاجز الصمت. ولم تكتف الورقة بتسليط الضوء على السلبيات، بل اجتهدت في استنباط الحلول للمشكلات والعقبات التي تعوق مسيرته. وهي تحتوي في خاتمها على مقترحات، تمثل نواة للانطلاق منها، بجهد جماعي، للعمل على استعادة تماسك الحزب في الداخل وإخراجه من عزلته الراهنة في الداخل والخارج.
لذا فهذه الورقة تسلط الضوء على المشكلة أو المشاكل التي يعانيها الحزب، راجياً أن ينطلق منها عمل وجهد جماعي كي يعود الحزب شامخاً منارة للفكر والتنوير والتوعية ومنبراً للديمقراطية والحرية والرأي، وساحة للنضال والكفاح من أجل إعلاء راية الحقّ والصواب ونصرة الكادحين ومن أجل وطن حر خير ديمقراطي.
وكما قال الشاعر حميد (إذا ما آخر العلاج الكي ... مراويدك حمر يا أمي)، سيكون العلاج مؤلم للبعض، لكنه بلسما وشفاء للأغلبية وللحزب ... أكتب هذه الورقة وأنشرها بعد هردت لهاتى وجف مدادي، أنا وآخرين، بالنصح والكلمات.
وللحديث بقية ...
في اللقاء القادم (2) الصراع الفكري والشخصي داخل الحزب

atifgassim@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الحزب الشیوعی السودانی هذه الورقة

إقرأ أيضاً:

الحرب ستقف عندما يسترد المواطن السوداني بيته وكرامته

من ‏أهم ما قاله حاكم دارفور أركو مناوي في مقابلته في قناة الجزيرة مع أحمد طه قبل أيام ، تقليله من ثأثير ما وصّت به لجنة تقصي الحقائق بنشر قوات محايدة للفصل بين الأطراف المتنازعة في السودان ، الشيء الذي وجد ترحيبا من المليشيا و ذراعها السياسي بأنه الحل الذي يُبقيهم في المشهد في ظل “تعنت” قادة القوات المسلحة و رفضهم للتصالح مع المليشيا و إعادتها كشريكة في حكم البلاد.

محاولة إقناع المواطن أن السلام سيأتي مع القوات الدولية هو مجرد سراب كاذب آخر ، فقد قال مناوي ( أن الأمم المتحدة نشرت 50,000 عسكري في دارفور و لسنوات عدة فيما عُرف ببعثة اليوناميد ، لكنها أخفقت في إيقاف القتال كما عجزت عن حماية المواطن و عن إعادة النازحين من المعسكرات إلى قراهم ).

وإذا نظرنا في تاريخ البعثات الدولية في دارفور فقد بدأت بعد عام واحد من إنفجار حرب دارفور في العام 2003 . حيث نشر الاتحاد الأفريقي بعثة عسكرية في العام 2004 ، و لما عجزت بعثة الاتحاد الأفريقي عن فعل أي شيء تم ترفيعها الى بعثة مشتركة من الأمم المتحدة بداية من 2007 مما عرف “بالهجين” ، حيث بدأت أكبر بعثة للأمم المتحدة في تاريخ الحروب في دارفور في العام 2007 إلى نهاية ديسمبر 2020. و كانت مفوضة بالمبادرة بإطلاق النار لحماية المدنيين. لكن لم يكن لها أثر كبير على الصراع في دارفور . بل قويت قوات الجنجويد وتمت شرعنتها و تدفق لها السلاح و اللوجستيات كما سيطرت على كثير من والأراضي و القرى و مناجم الذهب في دارفور . كانت اليوناميد فشلا واضحا للمجتمع الدولي و خذلاناً لمواطن دارفور الذى عانى من سياسات النظام الحاكم و تحكّمات الحركات المتمردة.

و دخلت البعثة أسوا فصولها عندما من طالبت إدارة ترمب بإنهاء بعثة الأمم المتحدة للسودان في النصف الأول من عام 2017 نسبة لضخامة الميزانية المدفوعة و محاولة الولايات المتحدة تقليل إلتزاماتها الدولية في ولاية ترمب : أمريكا أولاً. و طالبت بتخفيضها وصولا الى سحبها نهائياً في 31 ديسمبر 2020 .

فالمجتمع الدولي شاهد جنين الجنجويد ينمو منذ 2004 وصولا الى ذروة قوته و إنقلابه على البشير في نهاية عام 2020. و خرجت هذه القوات من دارفور فقط ليتم محاولة استدعائها الآن و نشرها في كامل التراب السوداني بعد سنوات قليلة.

و يتم الآن دعوة مجتمع دولي يبدو أكثر إنشغالا و انقساما و تقشفاً من مثيله في 2004 .
إن الذي تسوّق له قحت و تبشر به و تدعو له من نشر القوات الدولية ؛ لن يبدو صعباً و مكررا فقط، بل سيعجز عن تحقيق أهدافه في إيقاف الحرب لصالح حماية أحد أطرافها و تمكينه من لقط الأنفاس و إعلان الدولة أو إدارات مدنية ذات وجود و تأثير على الأرض ، كما دعت قحت و اتفقت في ذلك مع مليشيا الدعم السريع . فالحرب ستقف عندما يسترد المواطن السوداني بيته و كرامته ، و حتى ذاك الوقت ، يجب على السياسيين المعارضين للحرب دعوة المليشيا الى الخروج من بيوت المدنيين بدلاً من إحضار قوات دولية لتمكينها على البقاء فيها .

عمار عباس

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • الجيش السوداني يسجل تقدماً نوعياً بحساب التكتيك والمبادرة
  • الحرب ستقف عندما يسترد المواطن السوداني بيته وكرامته
  • إبراهيم دياز.. الورقة الرابحة الصامتة التي تطالب بمزيد من التألق في ريال مدريد
  • الجوع والمرض يحاصران آلاف السودانيين الفارين من الحرب إلى دولة الجنوب
  • الأحرار يشيد بالنتائج التي حققها في الإنتخابات الجزئية الأخيرة
  • الاقتصاد السوداني في أزمة: الحرب والسيول تعمقان المعاناة
  • رئيس الوزراء المجري: الصراع في أوكرانيا ليس حربنا
  • الفئات الأكثر تضررا من الحرب في السودان
  • دور الشكرية فى ثورة 1924