على غرار التجربة الفرنسية التي بدأت قبل نحو 3 سنوات ولم يتم تقييمها بعد، باتت اللغة العربية في هذا العام الدراسي الجديد، 2024-2025، من بين اللغات الست الإلزامية التي يتم تدريسها في مدرسة "سانت ترينيتي" الإعدادية، ومدارس أخرى في مدينة لوفان البلجيكية.

والسبب المُعلن عنه لتدريس لغة الضّاد من قبل إدارة المدرسة هو تحفيز الطلاب فكرياً من خلال تعليمهم لغة لا تنتمي إلى مجموعة اللغات الهندية الأوروبية، حيث يقول مديرها فرانك بايينز، إنّه يُريد أنّ يُوضح لطلابه أنّ "اللغة يُمكن أن تقوم على بنية مختلفة تماماً، مع نصّ وأبجدية مميزة.

فالهدف ليس جعلهم يُجيدون اللغة العربية، بل جعلهم يتعاملون مع اللغة من منظور لغوي وفلسفي وثقافي، وبالتالي توسيع آفاقهم".

C'est lundi ! "Les cours d’arabe, tremplin ou rempart à un islam volontiers conquérant ? Les deux, mon capitaine !" https://t.co/38ptM0003I via @MarianneleMag

— Nadia Geerts (@NadiaGeerts) September 2, 2024 تجنّب مدارس الإخوان 

إلا أنّ بعض المحللين السياسيين رأوا في ذلك تجربة ثقافية قد تُصبح نموذجاً لمدارس في مُدن بلجيكية أخرى بهدف حماية الطلبة الراغبين في تعلّم اللغة العربية من مخاطر تنظيم الإخوان الإرهابي وتيارات الإسلام السياسي عموماً، والذين يستغلون إقبال الطلبة من أصول مُسلمة على تعلّم لغة الضّاد لتوفير ذلك عبر مراكز دينية تابعة للإخوان وذات توجّهات مُتطرّفة، حيث لا يتم الاكتفاء بتدريس العربية كلغة ثقافة وحضارة، بل يتم فرض أفكار دينية مُتشددة على الطلبة.

وحول ذلك، تقول الكاتبة والمحللة السياسية الفرنسية في بروكسل نادية جيرتس، إنّه منذ البداية يسود الارتباك، حيث أنّ إدارة المدرسة تعتبر أنّه من المُسلّم به أن مُدرّس اللغة العربية سيكون بالضرورة من خلفية مهاجرة. وهي ترى أنّها فكرة جيدة، إذ وعلى الرغم من أنّ اللغة العربية لا يُمكنها أن تتباهى بتأثير كبير على نظيرتها الفرنسية مماثل لتأثير الغة اليونانية القديمة، إلا أنّ العربية تمتاز عنها بوضوح شديد في كونها لا تزال تُستخدم حتى اليوم، بما في ذلك في بلجيكا. كما أنّ الأمر يتعلق قبل كل شيء بمنحنا تغييراً في المشهد، لتوسيع مجال معرفتنا.

"Les cours d’arabe, tremplin ou rempart à un islam volontiers conquérant ? Les deux, mon capitaine !" https://t.co/VISKlnqFJ9

— Marianne (@MarianneleMag) September 2, 2024 قيمة مُضافة للطلاب

وبالفعل، أصبحت اللغة العربية الآن إحدى اللغات الست (إلى جانب الهولندية والإنجليزية والألمانية والإسبانية والفرنسية) المُدرجة في برنامج تدريس خيار اللغات الحديثة للسنة الأخيرة من التعليم الثانوي في مدارس محدودة بمدينة لوفان.
وبمعنى آخر، فإنّ الطلاب الذين يختارون هذا الخيار سوف يتعلمون اللغة العربية بالضرورة لمدة عام، وهذا لا يشمل الطلبة من أصول مُهاجرة فحسب، بل الطلبة البلجيكيين أيضاً، وهنا الاختلاف واضح عن التجربة الفرنسية، التي ورغم أنّها أكثر شمولية إلا أنّها خاصة بالطلبة من أصول عربية ومُسلمة فقط.
ويعتقد مدير الإعدادية البلجيكية فرانك بايينز أنّ تدريس اللغة العربية يُشكّل "قيمة مُضافة هائلة" للطلاب الذين تُعتبر اللغة العربية لغتهم الأم. وإضافة لذلك، سيكون المُعلّم ذو الأصول العربية بمثابة مثال بليغ يُساعد في فهمها.

Une école belge rend l’arabe obligatoire en sixième année : « L’objectif n’est pas qu’ils apprennent à le parler couramment » : https://t.co/qP99g5NU9A via @sudinfo_be

— CSuiteConface. (@DakherBostick) August 31, 2024 بين الرفض والتأييد

لكنّ البعض يُلاحظ في هذه التجربة ارتباكاً يتمثّل في ضرورة أن يكون مدرس اللغة العربية من خلفية مهاجرة بطبيعة الحال، إذ لم تستغرق ردود الفعل المُعادية للفكرة وقتاً طويلاً على شبكات التواصل الاجتماعي، خالطة بين اللغة العربية والإسلام، حيث رأى البعض في هذه الُمبادرة دليلاً آخر على أسلمة بلجيكا، من مُنطلق أنّ العربية ليست لغة مُحايدة، وفقاً للكاتب الفرنسي الجزائري كامل بن الشيخ الذي احتجّ على ذلك، بينما تشهد اللغة الفرنسية تراجعاً في شمال أفريقيا على حساب العربية والإنجليزية.

بالمُقابل رحُب البعض على العكس من ذلك بمبادرة اعتبروها مميزة تسمح على وجه التحديد للطلاب بتعلّم اللغة العربية دون الالتحاق بالمدارس الدينية التي تخضع لتوجّهات وأفكار الإسلام السياسي المُتطرّفة، وهو ما يُبقي تدرس لغة الضّاد في إطار المشروع التعليمي الثقافي.

Une école catholique belge propose des cours d'arabe dans son programme https://t.co/4Tzt0HiQGH

— La Libre (@lalibrebe) August 29, 2024

وتطرح مجلة "ماريان" الفرنسية بدورها سؤالاً مُهمّاً لقُرّائها "هل تُعتبر دروس اللغة العربية نقطة انطلاق للإسلام السياسي أم حصناً ضدّ غزوهم؟" وترى أنّه من الواضح أنّ كلّ شيء سيعتمد على المُعلّم الذي سيتم تكليفه بتدريس العربية، كمهمة نبيلة تستثمر فيها المؤسسة التعليمية.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: الهجوم الإيراني على إسرائيل رفح أحداث السودان غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية اللغة العربية لإخوان بلجيكا بلجيكا الإخوان اللغة العربية اللغة العربیة

إقرأ أيضاً:

ماعت تطلق تقريرها السنوي عن أوضاع حقوق الإنسان بالمنطقة العربية خلال 2024

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أصدرت مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان تقريرها السنوي الثامن لعام 2024، بعنوان "حقوق الإنسان في الدول العربية 2024: تقييم المواقف والتحديات في ظل استمرار النزاعات"، والذي يكشف عن حالة حقوق الإنسان في 22 دولة عربية، مسلطًا الضوء على التقدم المحرز وأبرز التحديات التي تعيق تعزيز هذه الحقوق، حيث يعكس التقرير تحليلاً معمقًا لمدى التزام الدول العربية بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان، ويركز على أربعة محاور رئيسية وهي: موقف الدول العربية من الآليات الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان، تقييم جهود الدول العربية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، مراجعة تفصيلية لأوضاع حقوق الإنسان في الدول العربية، وكذلك تداعيات النزاعات المسلحة على حقوق اللاجئين والنازحين.

 

 

التقرير يؤكد إحراز بعض الدول تقدمًا ملحوظًا في ملف التمييز ضد المرأة 

 

وأشار التقرير إلى تفاوت التزام الدول العربية بالاتفاقيات الدولية مثل اتفاقية مناهضة التعذيب "CAT"، اتفاقية حقوق الطفل "CRC"، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة "CEDAW"، حيث أحرزت بعض الدول مثل المغرب وتونس والأردن تقدمًا ملحوظًا، بينما تستمر دول أخرى كسوريا واليمن والسعودية في مواجهة تحديات كبيرة على الصعيدين التشريعي والتطبيقي.

 

ماعت: السودان يعاني من تدهور حاد يهدد حياة الملايين

كما كشف التقرير عن العقبات الكبيرة التي تواجه تحقيق أهداف التنمية المستدامة، حيث أحرزت بعض الدول الخليجية تقدمًا في مجالات الصحة والتعليم، في حين تعاني دول النزاع مثل اليمن وسوريا والسودان تدهورا حادا يهدد حياة الملايين.

وفيما يخص اللاجئين والنازحين، يبرز التقرير الوضع الكارثي الذي يعيشه ملايين الأشخاص في مناطق النزاع، وسط انعدام شبه تام للخدمات الأساسية. وأوصى التقرير بضرورة تعزيز الاستجابة الإنسانية ودعم التعاون مع المنظمات الدولية لضمان توفير الحماية والمساعدات اللازمة لهذه الفئات.

 

 

أيمن عقيل: التقرير يوضح  استمرار المنطقة في مواجهة تحديات كبيرة في مجال حقوق الإنسان

 

وفي هذا السياق، أكد أيمن عقيل، رئيس مؤسسة ماعت، أن هذا التقرير الصادر في وقت تشهد فيه المنطقة العربية تطورات متسارعة، يبرز بوضوح استمرار المنطقة في مواجهة تحديات كبيرة في مجال حقوق الإنسان.

 

وأشار عقيل إلى أن النزاعات المسلحة المستمرة والقيود التشريعية المفروضة تعرقل تقدم حقوق الإنسان في العديد من الدول العربية. وأضاف أن هناك حاجة ملحة لتعزيز التعاون الدولي والإقليمي لضمان حقوق الإنسان وتحقيق التنمية المستدامة.

كما شدد عقيل على أن التقدم في مجال حقوق الإنسان لا يمكن فصله عن الاستقرار السياسي والاقتصادي، وأن غياب الإرادة السياسية في بعض الدول يمثل عائقًا كبيرًا أمام تحقيق الإصلاحات اللازمة. ودعا عقيل الحكومات إلى اتخاذ خطوات ملموسة تشمل مراجعة القوانين المقيدة للحريات، وتعزيز استقلال القضاء، وضمان مشاركة المجتمع المدني في صنع القرار، لضمان احترام حقوق الإنسان وفقًا للمعايير الدولية. وأشار إلى أن هذه الخطوات ضرورية لضمان بيئة حقوقية صحية ومستدامة في المنطقة العربية.

من جانبه شدد شريف عبد الحميد، نائب رئيس مؤسسة ماعت للأبحاث والدراسات، على أهمية التقرير بقوله: لا يمكن تحقيق الاستقرار والتنمية دون احترام حقوق الإنسان. فهذا التقرير يسلط الضوء على الأوضاع المأساوية التي يعيشها اللاجئون والنازحون، الذين يتعرضون يوميًا لانتهاكات جسيمة، بما في ذلك نقص الغذاء والماء والرعاية الصحية، إلى جانب التهجير القسري وتدمير البنية التحتية لمجتمعاتهم.


وأضاف عبد الحميد إن استمرار هذه الأوضاع دون تدخل فعال يفاقم الأزمة الإنسانية ويفرض تحديات جسيمة على الأمن الإقليمي والدولي. وطالب الحكومات العربية والمنظمات الدولية بتحمل مسؤولياتها، من خلال توفير ممرات إنسانية آمنة، وضمان تقديم المساعدات اللازمة للنازحين، والعمل على إيجاد حلول دائمة تكفل حقهم في الحياة الكريمة. مؤكدا على إن صمت المجتمع الدولي لم يعد مقبولًا في مواجهة هذه الأزمات، حيث إن عدم التحرك سيؤدي إلى مزيد من الانتهاكات التي تهدد السلم والاستقرار في المنطقة بأكملها.

الجدير بالذكر أن هذا التقرير يعد وثيقة مرجعية تشخص حالة حقوق الإنسان في المنطقة العربية وفق منهج رصدي قانوني موضوعي تحليلي مرتكز على أسس ومعايير تتواءم مع أحكام الدساتير الوطنية والمعايير الدولية التي التزمت بها هذه الدول. ليكون هذا التقرير على غرار التقارير السابقة أحد أدوات التقويم الحقوقي، التي تساهم في تعزيز الوعي والتعاون بين الدول العربية والمجتمع الدولي في مجال حقوق الإنسان. حيث قدم التقرير مجموعة من التوصيات دعا من خلالها الحكومات العربية والمجتمع الدولي إلى تعزيز التعاون الإقليمي والدولي لحماية حقوق الإنسان، والعمل على مواءمة التشريعات الوطنية مع المعايير الدولية، إضافةً إلى تبني سياسات مستدامة لضمان حقوق الفئات الأكثر تأثرًا بالنزاعات.

مقالات مشابهة

  • «حماية اللغة العربية» تبحث تطوير أنشطتها وبرامجها
  • “التعليم” تكرم طلاب التكنولوجيا التطبيقية المبدعين لعام 2024/2025
  • بدء تصوير مسلسل لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها
  • ماعت تطلق تقريرها السنوي عن أوضاع حقوق الإنسان بالمنطقة العربية خلال 2024
  • معهد تعليم اللغة العربية يستقبل دفعة جديدة من الدارسين
  • مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية يُطلق سلسلة “أطفال العربية”
  • مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية يطلق سلسلة (كَلامُنا) تعزيزًا للوعي اللغوي
  • البحوث الإسلامية يشارك في مؤتمر اللغة العربية بجرجا حول جهود علمائها في خدمة العلوم الإنسانية
  • مصر و قطر .. مرحلة جديدة من التعاون السياسي والاقتصادي وتعزيز الاستثمارات
  • مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية وأكاديمية “نافا” و”وزارة الصناعة” يُطلقون معجم “تصنيع السيارات الكهربائية وصيانتها”