المغيرة التجاني علي
mugheira88@gmail.com
بلدي بلاد الحضارة العريقة التي يرجع تاريخها لسبع آلاف من السنين , حاضرة معالمها و آثارها التي تمددت علي ارضها الطيبة الواسعة , متعددة التضاريس متنوعة البيئات عاشت عبر العصور تروي عن مجد تليد و تأريخ حافل بالعزة و المهابة و السؤدد . بلدي جميل ذو طبيعة أخاذة متنوعه من سهول منبسطة و جبال متناثرة و أودية جاريه و سحب غائمة ماطره و جداول رقراقه و شمس متوهجه و قمر و زروع و اشجار وطيور و أنعام بلد تمازجت فيها الدماء و تعددت فيها السحنات واختلفت فيها الألسن و تلون فيها الخيال .
غير أنه مكلوم و مأزوم و عرضة للأحداث الجسام و مسرحا للكوارث الكبيرة . فقد شهد في تاريخه الطويل الممتد كافة صنوف المصائب و كل أنواعها اللئيمة . شهد المجاعات المرة القاسية و تجرع مرارات العدم والفقر و الجوع , و خاض وحل الفيضانات و السيول المدمرة التي أحدثت الغرق و التشرد الخراب , و طالت سهوله و غاباته الحرائق الكبيرة التي التهمت زرعه و هلكت ضرعه و مر بتجربة الأمراض المعدية التي فتكت بالبسطاء و أودت بحياة العجزة والصغار و هاهو الآن كما في كل مرحلة من تأريخه , يشهد حربا لعينة مجنونة تمددت مساحتها و توسعت رقعتها و تعاظم أثرها و تطاير شررها و كأني بها تقول أنني جديرة ايضا بأن أبقي ملمحا ضمن تأريخ هذا البلد المأزوم .
و ها نحن الآن نعيش مرحلة الحرب , أم الكوارث , و أقسي و أمر المصائب , فقد طغي صوت السلاح و أسكت صوت الحكمة وحجي العقل و استقبلت البلاد أزمة أخري تضاف الي أزماتها , فظلل الخوف سماها وانداح الرعب في أرجائها و انتثر البؤس علي أشجارها, فبعدت الشقة بين ابنائها ,فانتشر الموت يحصد الجميع بلا تمييز و كثر النزوح والتشرد و الهروب الي الملاجئ الحزينة فتشتت الأسر و تفرقت بهم السبل . أن أصعب مراحل حياة الانسان هي الحياة التي تفرض عليه بالقوة و القهر و يعيش فيها المرء كسير الخاطر مهيض الجناح , غير قادر علي امتلاك قراراه أو اختيار ما يناسبه من حياة .
لقد عاش الفرد السوداني جراء هذه الحرب مغلوبا علي أمره, يتجرع مرارات القهر ويحيا رعب الحرب و الموت الجماعي أو الانكسار و الخضوع و التعرض للزلة و المهانة . لقد تعرض عدد من ابناء هذه البلاد لكل صنوف العذاب و المذلة وحتي إن نجا من الموت بالرصاص مات جوعا أو مرضا أو طريدا تحت وهج الشمس الحارقة .
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
كيف نفهم الحزن عند موت أحد الأحباء
تُعدّ حالات التعامل مع الموت الأصعب، لا سيما أنها تنطوي على مشاهدة معاناة وحزن فقدان عزيز، وبغض النظر عن الوعي الذاتي والرعاية الذاتية والدعم، فإن مشاهدة هذه المعاناة بشكل منتظم قد تُشكّل عبئًا ثقيلًا علي جميع من يتعامل مع الشخص الذي يمر بها، لا يُمكن استعادة من فقدناهم وغيبهم الموت، لكن كيف يُمكننا مساعدة الشخص المفجوع على التكيّف مع الخسارة والمضي قدمًا؟ يُمثّل هذا تحديًا أكبر، إذ يختلف الألم والحزن من شخص لآخر، ومن الآثار الأخرى لممارسة العمل الاجتماعي، الحاجة إلى إشراف فعّال، فغالبًا ما يحتاج الأشخاص الذين يواجهون وفاة أحد أحبائهم، إلى قدر كبير من الدعم والوقت، وقد يختلف هذا أيضًا، ولأن الحزن يختلف، فإن استراتيجيات التأقلم المُستخدمة تختلف أيضًا بين الأفراد، إن نقص التدريب المُناسب يُصعّب التعامل مع مثل هذه المواقف، وقد يُؤثّر أيضًا على الأخصائي الاجتماعي أو العائلة أو المحيطين، ولكي يمضي الأفراد قدمًا، يجب عليهم مُواجهة التحديات التي تُسببها الخسارة والحزن، هناك أربع مهام رئيسية يجب القيام بها عند التكيف مع فقدان أحد الأحباء، تشمل هذه المهام الاعتراف بحقيقة الفقد، والتغلب على الألم والاضطراب العاطفي الذي يليه، وإيجاد طريقة للعيش حياة ذات معنى في عالم بدون الشخص الراحل، ومواصلة الروابط مع المتوفى، مع تخفيفها عند الشروع في حياة جديدة، حيث تُتيح كل مهمة من هذه المهام، فرصة للمساعدة في إدارة الحزن وتخفيف المعاناة، كما تؤثر الأعراف المجتمعية على كيفية تعامل الممارسين مع وفاة الشخص، ولها جذور عميقة في المعتقدات، مثل الاعتقاد بأنه إذا لم يُتحدث عن الموت، فلا داعي لمعالجة المشاعر المصاحبة له، أهمية تجنب الوقوع في هذا التصور، وأن هناك حاجة ماسة لمناقشة موضوع الموت والاحتضار للتعامل مع المشاعر المصاحبة له، وتُعدّ الوصمة التي يعاني منها الممارس قضيةً أخرى ذات طابع عام، وقد وُصفت في الأدبيات، إذ يوجد اعتقاد سائد بأن الانتحار، بما أنه يمكن الوقاية منه، ولا ينبغي أن يحدث، وقد تدفع هذه الوصمة الممارسين إلى الشعور بفشلهم كأطباء، مما يتحول إلى لوم ذاتي.
NevenAbbass@