الحرب ليست عادلة بالنسبة إلى ضحاياها
تاريخ النشر: 5th, September 2024 GMT
آخر تحديث: 5 شتنبر 2024 - 9:34 صبقلم:فاروق يوسف لا تزال الحرب في السودان مستمرة؟ مثلها مثل الحرب في أوكرانيا طويت صفحتها من غير أن تنتهي. فهل غطت الحرب في غزة على الحربين؟ يبدو أن نشرات الأخبار صارت هي المقياس. مثلما يحل خبر محل آخر تحل حرب محل أخرى. ولكن كل حرب في حد ذاتها هي مأساة لا توصف. بالنسبة إلى الجالسين برخاء في بيوتهم وهم مطمئنون إلى سلامتهم فإن الحرب، أي حرب هي عبارة عن فيلم ممل يُعاد عرضه مرات ومرات.
تتبدل تقنيات القتل وتتغير وجوه القتلى غير أن الصورة ذاتها والفكرة ذاتها. قطعان ثيران هائجة يسعى البعض منها إلى القضاء على البعض الآخر. سيكون الحديث هنا عن حرب عادلة في مكان آخر. لم تنضج البشرية بعد ولم تصل إلى سن الحكمة لكي تكتشف أن الحرب ليست حلا. الحرب تهب الأقوياء فرصة الانتصار على العقل. كل العواطف لتي يؤجج نارها حملة السلاح هي ليست من النوع الإنساني الذي يضع وطنيته على ميزان الأمل بولادة عالم جديد تسوده المحبة. الوطنية في الحرب كذبة يُراد تمريرها من خلال شعارات رخيصة. ذلك ما فعله المهرج الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ليقابله ذعر رجل المخابرات الروسي فلاديمير بوتين. حرب بين دولتين كانتا يوما ما بلادا واحدة تنعم باشتراكية تمت شيطنتها فصار على الشعبين اللذين هما شعب واحد أن ينقسما على نفسيهما ويكون الوطن بمثابة القفص الذي يجب تفجير بابه. ولأنها حرب عبثية فإن أحدا لن يجرؤ على إيقافها من طرف واحد لئلا تُفتضح المهزلة الوطنية التي تقف وراءها. تنزلق الدول إلى الحروب بسبب أحلام سياسييها. ثقيلة هي تلك الأحلام وغالبا ما تنتهي إلى الفشل. غير أن أحدا لا يتعلم، لا لشيء إلا لأن البشرية لا تثق بالعقلاء. كل الذين أشعلوا الحروب كانوا مجانين. من هتلر إلى صدام حسين. لم يكن جورج بوش الابن أقل جنونا. مجنونان في السودان قررا أن يرفسا مائدة العيش الانتهازي المشترك فذهبا إلى معسكريهما ليبدأ فيلم جديد. أما حكايات دارفور وجنوب السودان الذي انفصل غير مأسوف عليه فقد طواها الزمن. اليوم يحمل السوداني بلاده على ظهره مثلما فعل العراقي والسوري واليمني من قبل ليس من أجل أن يجد له مكانا مريحا يقيم فيه، بل من أجل أن يدفنه. كم مرة دفن العراقيون عراقهم وأقسموا ألا يلتفتوا إليه وهو الذي أشبعهم حروبا؟ غير أن الشعوب نفسها بالرغم مما ذاقته من مآسي الحروب صارت تمر بها بطريقة مخاتلة. لا أحد يرغب في الفهم. فهم الأهداف الغامضة التي يتستر عليها مشعلو الحروب بالوطنية أمر صعب. هي أصعب من تصديق مفهوم الحرب العادلة. كانت الحرب العراقية – الإيرانية في ثمانينات القرن الماضي عادلة من وجهتي نظر الطرفين. كذلك يجد بنيامين نتنياهو حرب الإبادة التي يشنها على أهل غزة عادلة وهو يقصد ضمنا القضاء على حركة حماس التي يعرف أنه لن يتمكن من إنهائها. حرب بوش التي غزا فيها العراق ودمره وحطم دولته واحتلها وسلمها للمجهول كانت هي الأخرى عادلة. الحروب على الشيوعية وحروب الشيوعية الداخلية التي كلفت مئات الآلاف من الأرواح كانت كلها عادلة. ألا يخوض الحوثيون في اليمن حربا عادلة دفاعا عن المشروع الإيراني في المنطقة؟ لقد سبق للحوثيين أن خاضوا ستّ حروب ضد دولة اليمن التي يكرهونها. خسروا تلك الحروب. جاءتهم الفرصة حين تم خلع الرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي تواطأ معهم بسبب غبائه السياسي ثم قتلوه. غير أن إيران حين سارعت لالتقاط الخيط لم تكن تفكر في المذهب بقدر ما كانت تفكر بموانئ اليمن على البحر الأحمر. لذلك كان من الصعب على الحوثيين ألا يشعلوا حربا. في تلك الحالة كانت الحرب وسيلة للتغطية على الاستعمار الإيراني. كل ما يُقال عن الدفاع عن المذهب هو كذبة. لا يجمع الحوثيين بالإيرانيين مذهب مشترك. بالنسبة إلى الحوثيين لا قضية عادلة لحربهم. إنهم يعترفون أن حربهم جزء من مشروع إيران للهيمنة على المنطقة. ولكن هل انتهت الحرب في سوريا؟ لا أعتقد أن الرئيس السوري بشار الأسد يملك تفسيرا لما حدث في بلاده إلا إذا ذهب إلى الحديث عن المؤامرة العالمية. ذلك تفسير جاهز. ولكن الحرب لم تكن لتقوم في بلاده لو أن أجهزته استبقتها ووضعت المعلومات بين يديه. تلك المعلومات التي لو شاء أن يتعامل معها رجل دولة مسؤول عن سلامة المجتمع لكان قد نجا بسوريا وشعبها من الحرب.ولكن الحرب هي الحل الذي يلجأ إليه الخاسرون إنسانيا.
المصدر: شبكة اخبار العراق
كلمات دلالية: الحرب فی حرب فی غیر أن
إقرأ أيضاً:
ماكونل: انتخابات الثلاثاء كانت استفتاء حول إدارة بايدن
في أول تعليق له على فوز دونالد ترامب بالرئاسة، اعتبر زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونل، أن التصويت في الانتخابات الأميركية يوم أمس، "كان بمثابة استفتاء ضد إدارة بايدن، وأن الشعب غير راضٍ عنها".
وتعهد ماكونل بفعل كل ما في وسعه لمساعدة إدارة ترامب الجديدة. لكنه قال إنه من السابق لأوانه الحديث عن تعييناتها.
ماكونل الذين كان يجيب على أسئلة الصحفيين في مقر مجلس الشيوخ، الأربعاء، أكد أن "مستوى المترشحين لعب دوراً هاماً في انتصار الجمهوريين"، وأضاف أنه "كان لدينا أفضل المرشحين يوم أمس".
إحدى أهم نتائج عودة الجمهوريين للسيطرة على الأغلبية في مجلس الشيوخ، حسب ماكونل، ستكون الإبقاء على القواعد التقليدية مثل "فيلي باستر"، التي كان الديمقراطيون يسعون لإلغائها.
زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ، قال إنه سيركز على مسائل الدفاع والسياسة الخارجية، معتبراً أن الولايات المتحدة تعيش أخطر الفترات منذ الحرب العالمية الثانية.
وأوضح ماكونل قائلاً "خصومنا مثل كوريا الشمالية والصين وروسيا وإيران وعملاؤها، يتحدثون لبعضهم البعض، ويجمعهم شيء واحد وهو كره أميركا. يسعون إلى تقليل دور الولايات المتحدة في العالم".
وأضاف قائلاً، "قد يبدو أنني من الطراز القديم، ولكنني لا أزال جمهورياً من مدرسة الرئيس رونالد ريغن، وأعتقد أن دور أميركا في العالم لا بديل عنه. موضحاً أنه خلال الحرب العالمية الثانية، أنفقت الولايات المتحدة 37 في المئة من الناتج القومي الخام على مصاريف الحرب، كما خسرت آلاف الأفراد.
خلال برنامج إعادة البناء لإدارة الرئيس السابق ريغن، كان المجهود الدفاعي يمثل 6 في المئة من الناتج الداخلي الخام. إلا أن تلك النسبة انخفضت إلى 2.7 في المئة فقط حالياً، حسب ماكونل، الذي يرى أن على الولايات المتحدة رفع إنفاقها الدفاعي، لأن "كلفة تجنب الحرب أرخص بكثير من الحرب نفسها"، كما يأمل في التركيز على العمل الحكومي، بما في ذلك الميزانية الفدرالية، خلال الفترة القادمة.