انشغل اللبنانيون على مدى الساعات الأخيرة، وعلى رغم كثرة انشغالاتهم وهمومهم اليومية، بخبر توقيف الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة، فتناسوا، ولو مؤقتًا، الأخبار المقلقة الأخرى، وما أكثرها. لم يعد يعنيهم، ولو إلى حين، الكثير مما يجري على حدودهم الجنوبية. لم يأخذوا بالكلام الموحى به عن امكانية الحلحلة في مسألة الاستحقاق الرئاسي.
فهذا التوقيف بالنسبة إلى كثيرين من اللبنانيين ليس آخر المطاف، بل قد يكون أول الغيث، وأوله نقطة. ومن هذه النقطة يجب أن تكون البداية لتصحيح المسار المصرفي في لبنان، إذ لا يُعقل أن تقوم قيامة اقتصادية ومالية للبنان من دون قطاع مصرفي سليم ومعافىً وبعيدًا عن الشبهات. فهو يجب أن يعود إلى لعب دوره التوازني في أي خطة تعافٍ يمكن اللجوء إليها مستقبلًا. ومن دون استعادة القطاع المصرفي هذا الدور المحوري فإن أي خطة إنقاذية تبقى ناقصة ولن تفي بالغرض المطلوب منها، وهو انتشال لبنان من رماله المتحركة. فاللبنانيون الذين كوتهم نار التجارب المرّة ليسوا سذجًا ليعتقدوا أنه بمجرد توقيف سلامة سيحصلون على أموالهم المهدورة، أو المنهوبة، أو المخطوفة، أو المغيّبة. هم يعرفون جيدًا أن استعادة جنى العمر ليس بهذه السهولة، ولكن على الأقل باتوا يأملون بمعرفة ماذا حصل لأموالهم، ومن يتحمّل هذه الكارثة الوطنية، وكيف هُدرت أرزاقهم، وكيف هُرّبت.
يُعتقد أنه سيتمّ الكشف هذه المرّة عمّا يعرفه رياض سلامة من أسرار قد لا يعرفها أحد سواه، وهو الذي كانت "يده طايلة" على مدى سنوات متربعًا على "عرش" الحاكمية، وهو حتمًا يعرف "البير وغطاه"، و"البيضة مين باضها". ومتى ما فُرز الخيط الأبيض عن الخيط الأسود يمكن للمتفائلين ساعتئذٍ الذهاب بعيدًا في تفاؤلهم، الذي لا يزال حتى الساعة مشوبًا بالحذر. ومتى ما فُتحت الملفات، الواحد تلو الآخر، فإن مقولة الحجاج بن يوسف قد تصبح حقيقة في قصور العدل في لبنان، فيصبح بالإمكان القول عندها إن العدل أساس الملك.
وفي الاعتقاد أن الملفات التي سيُنفض الغبار عنها لا تستثني "انفجار العصر" بعد أربع سنوات ونيف من الانتظار المرّ والقاسي. فالعدالة يجب أن تأخذ مجراها في الملفات المالية وفي ملف انفجار مرفأ بيروت وفي غيرهما من الملفات العالقة، والتي تنتظر جلوس القضاة الشرفاء، وهم كثيرون، لكي يستقيم العدل، ولكي يعود القانون إلى مكانه العالي ليستظل به جميع من هم على الأراضي اللبنانية بعد أن يضمنوا أنهم جميعًا سواسية في نظر هذا القانون، الذي يُعلو ولا يُعلى عليه، وأن الجميع خاضعون لأحكامه وأعرافه. ومتى قال القضاء كلمة الفصل لا يعود أحد خارجًا عن القانون أو فوقه. ولكي يكتمل حكم القضاء لا بدّ من البدء، سواء مع ملف رياض سلامه أو ملف انفجار المرفأ، بوضع حدّ للتدخلات السياسية. بهذه الطريقة فقط تُكمّ أفواه المشككين، الذين اعتبروا توقيف الحاكم السابق مجرد تمثيلية ما تلبث أن تنتهي بـ "اللفلفة". هذا كلام من الماضي. ويجب أن تكون بداية البدايات من مكان ما، ويجب أن يضيء أحد ما شمعة لا تنطفئ في هذه الظلمة الكالحة.
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
الجيش السوداني يستعيد مدينة المحيريبا وسط ولاية الجزيرة
الثورة / متابعات
تمكن الجيش السوداني من استعادة مدينة المحيريبا وسط ولاية الجزيرة، بالتوازي مع تقارير تؤكد مقتل قائد كبير في قوات الدعم السريع بهجوم مسيّرة شمال الجزيرة.
وأكد مصدر عسكري في السودان – أن الجيش قوبل باستماتة من قبل مقاتلي قوات الدعم السريع في أثناء استعادة المدينة قبل أن يجبرهم الجيش على الفرار إلى مدينة الكاملين شمال الجزيرة.
وأوضح أن الجيش بدأ عمليات عسكرية جديدة لاستعادة مدينة أبو قوتة بالجزيرة والتقدم نحو مدينة جبل أولياء بالخرطوم.
من جهة أخرى، قال مصدر عسكري مطلع في الجيش السوداني إن مسيّرة للجيش السوداني قتلت صباح أمس قائدا كبيرا من قوات الدعم السريع بشمال ولاية الجزيرة عبر قصف سيارته.
وفي السياق ذاته، أعلن القيادي بقوات الدعم السريع عمر جبريل مقتل اللواء عبدالله حسين قائد قوات الدعم السريع بولاية الجزيرة.
وتعرضت قوات الدعم السريع مؤخرا لهزائم عسكرية في الخرطوم بحري وأم درمان وكذلك ولاية الجزيرة.
وفي سياق مواز، دانت الأمم المتحدة أمس الأول، الهجمات ضد المدنيين في أنحاء السودان، بما في ذلك قصف سوق في أم درمان أودى بـ60 شخصا على الأقل.
ووصفت منسقة الأمم المتحدة للسودان كليمنتين نكويتا سلامي -في بيان- هجوم السبت الماضي على سوق صابرين وأحياء سكنية في أم درمان بـ”المروع” و”العشوائي”.
وأفاد ناشطون بأن قوات الدعم السريع نفّذت قصفا بالمدفعية استهدف السوق في أم درمان الخاضعة لسيطرة الجيش.
وفي الخرطوم، أسفرت ضربة جوية على منطقة خاضعة لسيطرة قوات الدعم السريع عن مقتل مدنيين اثنين وإصابة عشرات بجروح، حسب عناصر إنقاذ.
وعبّرت نكويتا سلامي عن أسفها أيضا حيال تقارير تفيد بمقتل مدنيين بين يومي الخميس والسبت الماضيين في ولاية شمال كردفان جنوبا وفي إقليم دارفور غربا.
ومنذ منتصف أبريل/ 2023م، يشهد السودان صراعا بين الجيش والدعم السريع أسفر حتى الآن عن مقتل أكثر من 20 ألف شخص ونزوح نحو 14 مليونا، حسب بيانات الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما تشير تقديرات أخرى إلى أن عدد الضحايا أكبر بكثير مما أُعلن عنه