شدد تقرير نشرته "فايننشال تايمز" على أن حكومة العمال البريطانية بقيادة كير ستارمر وجدت نفسها وسط اتهامات بأن تعليق تصدير أسلحة إلى "إسرائيل" ليس كاف في حد  ذاته أو أنه ذهب بعيدا، مشيرة إلى نهج جديد يتبعه رئيس الوزراء البريطاني تجاه دولة الاحتلال يختلف عن حكومة المحافظين السابقة.

وأضاف التقرير الذي ترجمته "عربي21"، أن ستارمر أعاد تشكيل علاقة بريطانيا مع إسرائيل بشكل كبير منذ توليه منصبه.

لكن كبار الشخصيات في حزب العمال يصرون على أن السياسة لم تكن الدافع وراء القرارات المهمة التي اتخذها رئيس الوزراء.

وكمحام سابق في حقوق الإنسان، استأنف ستارمر تمويل بريطانيا لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) وأوقف الاعتراض البريطاني على طلب المدعي العام للجنائية الدولية مذكرات لاعتقال رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير حربه يوآف غالانت وأوقف الآن بعض تراخيص تصدير الأسلحة إلى "إسرائيل".


ورأت الصحيفة، أن التحركات التي قامت بها حكومة العمال تميز ستارمر عن حكومة المحافظين التي هزمها قبل شهرين وعن الولايات المتحدة. وفي الوقت الذي يواجه فيه رئيس الوزراء انتقادات شديدة من إسرائيل بشأن قراره الذي كان في النهاية قانونيا وليس مدفوعا بالاعتبارات السياسية والدبلوماسية الأكثر ضبابية.

وقال مسؤول عمالي بارز، إن ستارمر يتعامل مع أسئلة السياسة المهمة والمتعلقة بإسرائيل كخبير في القانون الإنساني الدولي. وقال كاتب سيرة رئيس الوزراء توم بالدوين، وهو مسؤول عمالي سابق إن نهج ستارمر من إسرائيل هو مثال آخر عن "تمسكه بسيادة القانون".

وفي الماضي، عمل ستارمر كمحامي مدافعا عن قضايا حقوق الإنسان وتولى قضايا إبادة جماعية أمام محكمة العدل الدولية. وهذه قضايا حقوقية يصعب تبريرها بناء على الحكم السياسي كما يقول بالدوين. وأضاف أن "تحويلها إلى قرار قانوني هي طريقة جيدة للتغلب على سياسات كهذه".

وأشارت الصحيفة، إلى أن تعليق مجموعة من الرخص، يأتي مع كون بريطانيا ليست مزودا مهما للسلاح إلى إسرائيل. ورغم اعتماد الحكومة على المبرر القانوني إلا أن ستارمر واجه اتهامات بكونه أفرط في قراره أو أنه لم يذهب بعيدا.

ولفتت إلى ردة فعل نتنياهو وأركان حكومته والحاخام الأكبر في بريطانيا إلى جانب مواقف "أمنستي" ومنظمة "هيومان رايتس ووتش"، اللتان اشتكيتا من أن القرار جاء متأخرا وكان يجب أن يشمل على منع المزيد من الأسلحة، كما وشجبتا عدم شمل التعليق على قطع مهمة لمقاتلات أف-35.

وأكد وزير الدفاع البريطاني هيلي، أن بريطانيا ملتزمة بحكم القانون ولم يكن القرار ليرضي الطرفين في النزاع. وكان للقرار أثره على السياسة المحلية، فقد عبرت مجموعة أصدقاء فلسطين في حزب العمال عن رغبة في رؤية تعليق المزيد من الأسلحة، بما فيها المعدات المستخدمة في الضفة الغربية. وقالت مجموعة أصدقاء إسرائيل في حزب العمال إنها قلقة بشكل كبير وحذرت من تشجيع أعداء إسرائيل، وتحديدا إيران.

وكان وزير الخارجية السابق ديفيد كاميرون، عبر عن قلق من تزايد أعداد القتلى وعدم وصول المواد الإنسانية، وقال إن بريطانيا قد تفكر بالاعتراف بدولة فلسطين كجزء من جهود دبلوماسية تؤدي لدولتين وتنهي الصراع المستمر. لكن رغم التقييمات  القانونية التي فحصت إن كانت إسرائيل تخرق القانون الإنساني الدولي في غزة، ظلت حكومة المحافظين مترددة في تعليق الأسلحة وواصلت دعمها للخطوات الأمريكية. وبدأت حكومة العمال بمراجعة السياسة حالة وصولها إلى السلطة وألغت بداية الحظر على تمويل أونروا الذي علق بعد اتهامات إسرائيل للمنظمة بأن موظفين فيها شاركوا في هجمات العام الماضي، وفقا للتقرير.

وجاء القرار البريطاني بعد قرار الاتحاد الأوروبي وعدد من الدول استئناف الدعم. وبعد أسبوع قرر ستارمر التخلي عن التحدي القانوني لطلب مدعى عام المحكمة الجنائية الدولية. وجاءت هذه التحركات بعد ضغوط شديدة من المناصرين  لفلسطين أثناء الحملات الانتخابية، حسب التقرير.

وذكرت الصحيفة، أن ستارمر أثار رعب العديد من اليساريين في صفوف حزبه عندما قال في الأيام التي أعقبت هجوم حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر إن إسرائيل لها الحق في حجب الكهرباء والمياه عن غزة. ولكنه أصر لاحقا على أنه أخطأ  في الكلام، مع أنه كان بطيئا في تصحيح كلامه.

وفي يوم الانتخابات خسر الحزب خمس دوائر انتخابية لمرشحين مستقلين مؤيدين لفلسطين، في وقت رأى عدد آخر من النواب تراجعا في شعبيتهم بسبب مواقفهم من الحرب. وأشار ستارمر قبل الانتخابات بأن حكومته ستقوم بمراجعة صادرات السلاح لإسرائيل حالة توليها الحكم.

ورغم القرار الأخير، نفى حزب العمال أن يكون هناك تحولا في العلاقات مع "إسرائيل".

وفي الماضي، اتخذ زعماء بريطانيون آخرون إجراءات مماثلة. وفرضت رئيسة الوزراء البريطانية مارغريت تاتشر حظرا على الأسلحة إلى إسرائيل في أعقاب غزوها للبنان في عام 1982. وقال أحد المسؤولين: "إن هذه الحكومة تواصل دعم حق إسرائيل في الدفاع عن النفس وفقا للقانون الدولي. وتظل بريطانيا ملتزمة تماما بأمن إسرائيل ضد التهديدات من جانب إيران وغيرها من الجهات الفاعلة الإقليمية".

ويعتبر الموقف الجديد لحكومة العمال تحولا يميزها عن حكومة المحافظين، فقد كشفت صحيفة "الغارديان" يوم الثلاثاء أن كاميرون تجاهل نصيحة بشأن خطر تواطؤ بريطانيا في جرائم الاحتلال الإسرائيلي ضد قطاع غزة بسبب صادرات الأسلحة إلى إسرائيل.

ونقلت الصحيفة عن مستشار سابق في الخارجية البريطانية، قوله إن "وزير الخارجية السابق ديفيد كاميرون تجاهل نصيحة من مسؤولين في وزارة الخارجية في إسرائيل ولندن تفيد بوجود أدلة واضحة على انتهاكات للقانون الإنساني الدولي في غزة، وهو ما قد يجعل المملكة المتحدة معرضة لخطر التواطؤ".

وقال المسؤول للصحيفة، إن ما ظهر في المذكرة "يشبه ما تم إرساله إلى الحكومة من مسودات مختلفة من قبل مستشاري وزارة الخارجية منذ شهر شباط/ فبراير، وكان الكثير منه مرتبطا بالوضع الإنساني المتدهور في غزة. ولكن ما تم نشره في النهاية كان بلغة أقل حدة".

وأضاف: "يجب أن نأخذ بعين الاعتبار المأساة، كم عدد الأرواح التي كان من الممكن إنقاذها لو تم إيقاف تراخيص تصدير الأسلحة في ذلك الوقت وليس في أيلول/ سبتمبر، وما هو التأثير المحتمل الذي قد يكون على كيفية رد فعل الدول الأخرى بوقف التجارة".

وتابع المسؤول في حديثه، "كانت النصيحة المرسلة إلى وزارة الخارجية واضحة بأن انتهاكات إسرائيل للقانون الدولي الإنساني كقوة احتلال.. كانت واضحة للغاية لدرجة أن هناك خطر تواطؤ المملكة المتحدة إذا لم يتم سحب التراخيص".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية ستارمر الاحتلال بريطانيا بريطانيا الاحتلال ستارمر صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حکومة المحافظین حکومة العمال رئیس الوزراء حزب العمال

إقرأ أيضاً:

المسؤولية القانونية للولايات المتحدة في تسليح إسرائيل


بقلم: د. أيمن سلامة
أستاذ القانون الدولي العام 


شهدت الساحة الدولية تطورًا خطيرًا في الصراع القائم بين إسرائيل وقطاع غزة، مع استمرار تصدير الأسلحة الأمريكية لإسرائيل رغم الانتقادات الحقوقية والدعاوى القضائية أمام المحاكم الدولية. وجاء تسليم شحنة القنابل التي أخرها الرئيس الأمريكي جو بايدن لتعيد تسليط الضوء على مسؤولية الولايات المتحدة وفقًا للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، خاصة في ظل مذكرتي الاعتقال الصادرتين عن المحكمة الجنائية الدولية ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، فضلًا عن قرار محكمة العدل الدولية في 26 يناير 2024 الذي أشار إلى وجود أدلة على ارتكاب إسرائيل انتهاكات قد ترقى إلى جرائم إبادة جماعية في غزة.

أولًا: المسؤولية الأمريكية في ضوء القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني

تتحمل الولايات المتحدة مسؤولية قانونية مباشرة وغير مباشرة في النزاع المسلح في غزة، خاصة فيما يتعلق بتقديم الأسلحة إلى إسرائيل. فبموجب المادة 1 المشتركة من اتفاقيات جنيف لعام 1949، تلتزم جميع الدول الأطراف بضمان احترام أحكام القانون الدولي الإنساني في جميع الظروف، وهو ما يضع على عاتق الولايات المتحدة واجبًا قانونيًا بعدم تزويد طرف في النزاع بأسلحة تستخدم في ارتكاب انتهاكات جسيمة.

إضافة إلى ذلك، فإن تصدير الأسلحة إلى طرف متورط في انتهاكات جسيمة للقانون الدولي يمكن أن يشكل انتهاكًا لاتفاقية تجارة الأسلحة لعام 2013، التي تحظر نقل الأسلحة إذا كان هناك خطر واضح بأنها ستستخدم في ارتكاب جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية.
وفي هذا السياق، فإن استمرار الولايات المتحدة في تزويد إسرائيل بالقنابل والأسلحة رغم التقارير الدولية التي تشير إلى استخدام تلك الأسلحة في استهداف المدنيين والبنية التحتية المدنية في غزة، قد يعرضها للمساءلة القانونية الدولية.

ثانيًا: المادة الثامنة من نظام روما الأساسي وجرائم الحرب

يحدد نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في المادة 8 الجرائم التي تصنف كجرائم حرب، ومن بينها تعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين أو استخدام أسلحة غير متناسبة تؤدي إلى خسائر بشرية جسيمة دون تحقيق ميزة عسكرية ملموسة.
وإذا ثبت أن القنابل الأمريكية التي سُلمت لإسرائيل قد استُخدمت في مثل هذه الهجمات، فقد يُنظر إلى واشنطن كشريك في هذه الجرائم بسبب توفيرها الأدوات المستخدمة في ارتكابها.

علاوة على ذلك، فإن المادة 25 من نظام روما تجرم المساعدة أو التحريض أو التسهيل المباشر لارتكاب جرائم حرب. وهو ما قد يجعل المسؤولين الأمريكيين عرضة للملاحقة القانونية إذا ثبت أن تسليم الأسلحة جاء رغم تحذيرات بارتكاب انتهاكات جسيمة.

ثالثًا: المادة الخامسة من نظام روما ودور المحكمة الجنائية الدولية

تحدد المادة الخامسة من نظام روما الأساسي الجرائم التي تختص بها المحكمة الجنائية الدولية، بما في ذلك جرائم الحرب، الجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الإبادة الجماعية.
وفي ضوء الدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، والتي أكدت فيها المحكمة في قرارها الأولي أن هناك أساسًا قانونيًا للنظر في وقوع جرائم إبادة جماعية في غزة، فإن استمرار الولايات المتحدة في تزويد إسرائيل بالأسلحة يمكن أن يُفسَّر على أنه دعم مباشر أو غير مباشر لأعمال قد تُصنَّف ضمن هذه الجرائم.

وقد ازدادت الضغوط على الولايات المتحدة في أعقاب مذكرتي الاعتقال اللتين أصدرهما المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بحق نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، حيث تضمنت التهم الموجهة إليهما تعمد استهداف المدنيين وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية، وهي اتهامات قد تمتد قانونيًا إلى الدول التي سهلت أو دعمت هذه الأعمال من خلال تسليح إسرائيل.

رابعًا: قرار محكمة العدل الدولية ومخاطر التواطؤ في الإبادة الجماعية

وفي 26 يناير 2024، أصدرت محكمة العدل الدولية قرارًا أوليًا في الدعوى المرفوعة من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل، مشيرةً إلى أن هناك أدلة تشير إلى إمكانية ارتكاب إسرائيل *جرائم إبادة جماعية*في غزة، وأمرت باتخاذ تدابير فورية لحماية السكان المدنيين. هذا القرار، رغم كونه أوليًا، يحمل دلالات خطيرة بالنسبة للدول التي تدعم إسرائيل عسكريًا.

فالولايات المتحدة، بصفتها دولة طرفًا في اتفاقية منع الإبادة الجماعية لعام 1948، تلتزم بعدم السماح بارتكاب أعمال إبادة أو تسهيلها. وإذا ثبت أن القنابل الأمريكية التي تسلمتها إسرائيل قد استُخدمت في هجمات تشكل إبادة جماعية أو جرائم ضد الإنسانية، فقد تواجه واشنطن اتهامات بالمساعدة والتحريض على هذه الجرائم.

ختامًا: التداعيات القانونية والسياسية لتسليح إسرائيل

إن استمرار الولايات المتحدة في تسليح إسرائيل رغم التحذيرات القانونية والدولية، يثير أسئلة جدية حول مسؤوليتها القانونية والأخلاقية. ومع تصاعد المطالبات بمحاسبة المسؤولين عن انتهاكات القانون الدولي الإنساني، فإن واشنطن قد تجد نفسها أمام معضلة قانونية وسياسية خطيرة، خاصة مع تزايد الضغوط من منظمات حقوق الإنسان والمحاكم الدولية لإجراء تحقيقات موسعة حول دورها في النزاع.

وفي ظل القرارات القضائية الصادرة مؤخرًا، قد يكون من الضروري للولايات المتحدة إعادة تقييم سياساتها التسليحية، وإلا فقد تجد نفسها متورطة في ملاحقات قانونية دولية غير مسبوقة.

Tags: الدعوى المرفوعة من جنوب إفريقيا ضد إسرائيلالمادة 25 من نظام روماالمحكمة الجنائية الدوليةتزويد إسرائيل بالقنابل والأسلحة\تسليح إسرائيلتصدير الأسلحةتقديم الأسلحة إلى إسرائيلغزةملاحقات قانونية دوليةنظام روما

مقالات مشابهة

  • المسؤولية القانونية للولايات المتحدة في تسليح إسرائيل
  • بريطانيا تريد التأكد من بقاء أمريكا وأوروبا معاً
  • رئيس الوزراء البريطاني يطالب بدور أوروبي أكبر داخل «الناتو»
  • تفاصيل لقاء الرئيس عباس مع رئيس وزراء مصر ووزير الخارجية
  • رئيس الوزراء البريطاني يؤكد دعم بلاده الثابت لأوكرانيا
  • بريطانيا تفرض عقوبات جديدة على حلفاء لبوتين
  • حكومة الإمارات توقع مع حكومتي قرغيزستان وبربادوس شراكة استراتيجية جديدة
  • رئيس الوزراء البريطاني: أوكرانيا بحاجة إلى مزيد من المساعدات العسكرية
  • أحد وزراء حكومة المرتزقة ينهب 2 مليون دولار من ميناء نشطون
  • سموتريتش: لن يكون هناك خطر من غزة تجاه إسرائيل والمستوطنات المحيطة بها