مصر وتركيا والاستقرار الإقليمي
تاريخ النشر: 5th, September 2024 GMT
زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى تركيا بعد عقد من القطيعة بين البلدين، حدث له ما بعده على أوضاع المنطقة وأزماتها وتحدياتها، ويؤكد أن مسار المصالحة بين القاهرة وأنقرة يسير في الاتجاه الصحيح، وقد أثمر تطبيعاً كاملاً للعلاقات وتطابقاً كبيراً إزاء القضايا المطروحة سواء بين البلدين أو على المستوى الإقليمي كله.
حفاوة الاستقبال الذي لقيه السيسي وسلسلة الاتفاقيات الموقعة في مجالات التعاون المصرية التركية المختلفة، تشير إلى أن هناك أشياء كثيرة تتغير، وتحمل مؤشرات إيجابية يمكن البناء عليها في المستقبل، فالزيارة كانت جواباً على زيارة الرئيس رجب طيب أردوغان إلى القاهرة منتصف فبراير/ شباط الماضي، حين اتفق البلدان على تكثيف المبادلات التجارية وتعميق التعاون الدبلوماسي في الشرق الأوسط وإفريقيا، فضلاً عن أن المصالحة بين مصر وتركيا وانسجام مواقفهما إزاء القضايا الإقليمية مهمة في اتجاه تثبيت دعائم الأمن والاستقرار ووقف دائرة العنف في الإقليم، ومواجهة الأزمات المتشابكة، وتحقيق اختراقات في هذا الاتجاه يتطلب تضافر جهود كل القوى الخيرة في المنطقة.
توحيد المواقف بين مصر وتركيا مهم للقضية الفلسطينية، التي تشهد عملية تصفية شاملة، ومثلما يشهد قطاع غزة حرب إبادة إسرائيلية تجاوزت كل الخطوط الحمر، تعرف الضفة الغربية المحتلة انفلاتاً إسرائيلياً تقوده حكومة متطرفة ومستوطنون إرهابيون يسعون إلى اجتثاث الفلسطينيين من مدنهم وقراهم، كما يعمدون إلى التعدي على المقدسات والحرمات دون أي اكتراث بمحاذير القانون الدولي والمعاهدات والمواثيق التي تنص على حق الشعب الفلسطيني بالعيش على أرضه، وإقامة دولته المستقلة، أسوة بكل الشعوب التي عانت الاضطهاد والاحتلال.
ولمواجهة هذا الوضع، يمكن لمصر وتركيا، بما تتمتعان به من ثقل وحضور على المسرحين الإقليمي والدولي، أن تفعلا الكثير مع كل القوى المحبة للسلام، فحل القضية الفلسطينية والتصدي الحازم للسياسة الإسرائيلية المتطرفة، لم يعد استحقاقاً من أجل الشعب الفلسطيني فحسب، بل هو هدف استراتيجي لوقف هذا التهديد الخطر وردعه ووأد مخططاته الخبيثة، بما يسمح بتجنيب المنطقة الانزلاق إلى أتون صراع مدمر قد لا يبقي ولا يذر.
دول المنطقة وشعوبها صاحبة هذه الأرض وهي صانعة ماضيها، ووحدها من تحدد مستقبلها وتبنيه وفق الرؤى والأسس التي تخدم مصالحها، ولن يتم ذلك إلا بتعزيز عوامل التقارب والشراكة ومد جسور الثقة والتعاون في ما بينها، والاعتبار مما جرى من الفتن والتناحر التي عصفت في السنوات القليلة الماضية.
لقد كانت تلك الفترة العصيبة صفحة سوداء سعت من خلالها أطراف معادية للمنطقة في نسج فصولها حتى تعم الفرقة وتسود الفوضى، وأسطع مثال على ذلك ما حدث في سوريا وليبيا والعراق وصولاً إلى السودان وما يعيشه اليوم من تناحر ومأساة إنسانية مؤلمة.
وفي كل هذه الأزمات دروس وعبر يجب على شعوب المنطقة أن تستخلصها لتنطلق في مسارات مختلفة تركز على البناء والتنمية والاستقرار والتصدي لكل التهديدات القائمة والمتوقعة حتى يكون الغد أفضل ويتحقق حلم الشرق الأوسط النامي والمزدهر، كما يطمح إليه الخيّرون.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: الهجوم الإيراني على إسرائيل رفح أحداث السودان غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية غزة وإسرائيل الهجوم الإيراني على إسرائيل أحداث السودان رفح
إقرأ أيضاً:
شراكات متعثرة بين العراق وتركيا وسوريا في ملفات السيادة والإرهاب
24 نوفمبر، 2024
بغداد/المسلة: في مؤتمر صحفي مثير للجدل، صرح وزير الخارجية التركي هاكان فيدان عن تعقيدات سياسية تعرقل التوصل إلى تفاهم مشترك بين تركيا وسوريا، مشيراً إلى مطالبات من الرئيس السوري بشار الأسد بإخراج القوات التركية من الأراضي السورية كشرط أساسي لاستئناف العلاقات. تصريحات فيدان، التي تضمنت إشارة واضحة إلى ضرورة تفعيل آلية ثلاثية بين تركيا وسوريا والعراق، تعكس واقعاً معقداً في منطقة تستعر فيها الملفات السياسية والأمنية.
تحليلات سياسية اعتبرت أن تصريحات فيدان تشير إلى تغير في اللهجة الدبلوماسية التركية، حيث تحدث عن أهمية التعاون الثلاثي في قضايا كبرى مثل مكافحة الإرهاب وأمن الحدود ومنع تهريب الأسلحة. بينما ذكرت تغريدة لأحد النشطاء السياسيين على منصة “إكس”: “التقارب التركي السوري أصبح أكثر تعقيداً، خاصة مع رفض أنقرة تقديم أي تنازل بشأن وجودها العسكري في سوريا”. وأضافت أخرى: “حديث عن التعاون، لكن الأفعال على الأرض تعكس مواجهة مستمرة”.
في السليمانية بالعراق، يتواصل الجدل بشأن العلاقات مع حزب العمال الكردستاني. فيدان أشار إلى أن السليمانية لم تقم بخطوات مرضية تجاه إنهاء علاقتها مع الحزب، مؤكداً أن تركيا لن تعود إلى طبيعة العلاقات معها إلا إذا تحقق ذلك. مواطن كردي من السليمانية علق قائلاً عبر فيسبوك: “نحن ضحايا السياسة، يدفع المدنيون الثمن بينما تتبادل القوى الكبرى الاتهامات”.
وفق معلومات من مصادر سياسية مطلعة، ترى الحكومة السورية أن التصعيد التركي في المناطق الشمالية يهدف إلى خلق ورقة ضغط دائمة على دمشق، في حين تعتقد تركيا أن استمرار وجود قواتها في سوريا ضروري لأمنها القومي.
تحدث باحث سياسي لـ المسلة، قائلاً إن العراق أيضاً يواجه تحديات كبيرة مع وجود القوات التركية، مشيراً إلى أن هذه المسألة تؤثر على الأمن والسيادة العراقية. “العراق محاصر بين محاولات دولية لإيجاد حلول وبين واقع محلي معقد مليء بالأزمات”، كما قال.
التحليلات ترى أن التوصل إلى تفاهم بين تركيا وسوريا يبدو بعيد المنال في الوقت الراهن، إلا إذا حدثت تنازلات كبيرة من كلا الجانبين، وترى تحليلات أن “الآلية الثلاثية التي يتحدث عنها فيدان قد تكون مفتاحاً لحل النزاع، لكنها تحتاج إلى إرادة سياسية تتجاوز العقبات الحالية”.
في سياق القصة، يروي أحد سكان بلدة حدودية بين العراق وسوريا عن مشاهد يومية لعمليات تهريب الأسلحة، مشيراً إلى أن الأوضاع الأمنية أصبحت أكثر سوءاً مع غياب التنسيق بين الحكومات. يقول: “التهريب هنا ليس فقط أسلحة، بل بشر يحاولون الهروب من الحرب، والجميع يغض الطرف”.
من الواضح أن المشهد الراهن يعكس تعقيداً متزايداً في العلاقات الثلاثية بين تركيا وسوريا والعراق، وسط تداخل المصالح الإقليمية والدولية.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author زينSee author's posts