بدا واضحاً منذ بداية مهرجان العلمين الجديدة أن الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية جعلت «تعزيز الانتماء» هدفاً وضعته على قمة مستهدفاتها فى هذا المهرجان الذى ولد عملاقاً، واختارت أن تقود عملاً جماعياً ضخماً شاركت فيه أكثر من وزارة وأكثر من مؤسسة، ورأينا هذا التعاون الرائع مع هذه الوزارات وتلك المؤسسات حتى دبّت الفعاليات الحية بمستوياتها المتعددة والمتنوعة فى كل أرجاء مدينة العلمين الجديدة بشواطئها وشوارعها ومسارحها وملاعبها ومعالمها، وطبعت عليها تلك الروح «الكرنفالية» الشابة بكل ما فيها من جمال ومن سحر استحق أن تتضافر من أجله الجهود كى تتحقق للجميع المتعة والبهجة والترفيه والتثقيف والترويج للعلمين الجديدة وما بها من جمال المبنى والمعنى.

فإلى جانب ما قدمته «المتحدة» من فعاليات فنية ورياضية ضخمة لكبار النجوم على مدى خمسين يوماً، بهرتنى تلك الفعاليات التى قدمتها وزارة الثقافة، وفى القلب منها الهيئة العامة لقصور الثقافة، والتى زادت على ٧٨ فعالية قدمتها ٢٢ فرقة فنية، كان من شأنها تحقيق التوازن بين الشرائح والمستويات الاجتماعية المختلفة التى وجدت فى العلمين الجديدة طوال فترة المهرجان، ووفرت ما يسمى بمبدأ العدالة الثقافية والترفيهية لكل الشرائح من ناحية، وتسليط الضوء على المواهب المميزة فى محافظات مصر (وما أكثرهم) من ناحية أخرى.

علاوة على تأكيد وتعزيز الهوية المصرية من خلال الفنون التراثية والشعبية، ومشاركات فرق الفنون الشعبية والاستعراضية التى أظهرت ثراء الفلكلور المصرى ولاقت إعجاب جمهور المهرجان العريض من المصريين والأجانب، وتألقت الفرق من (الشرقية وملوى وأسيوط والمنيا وسوهاج والأقصر وأسوان والإسماعيلية والغردقة وبورسعيد والعريش والوادى الجديد ومطروح والحرية والأنفوشى)، بجانب فرق النيل الموسيقى والغناء الشعبى، التنورة التراثية، الأنفوشى للإيقاعات الشرقية، أوبرا عربى، طلائع الأنفوشى أطفال، أطفال الشاطبى، وقد انتشرت هذه الفعاليات ما بين المنطقة الترفيهية والممشى السياحى والمسرح الرومانى طوال ٤٥ يوماً.

وبالتنسيق مع الشركة المتحدة قامت الهيئة العامة لقصور الثقافة بإنتاج أوبريت «العلمين الجديدة»، الذى عرض على المسرح الرومانى بحضور وزير الثقافة د. أحمد فؤاد هنو، والمستشار محمود فوزى، وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسى، والأستاذ عمرو الفقى، الرئيس التنفيذى والعضو المنتدب للشركة المتحدة، والكاتب محمد ناصف، نائب رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، وسط حضور غفير من جمهور المهرجان.

وبإبداعات أبناء الأقاليم استطاع الأوبريت أن يسلط الضوء على التحول الكبير الذى شهدته مدينة العلمين، من منطقة ألغام إلى وجهة سياحية عالمية جاذبة وساحرة المعالم تستقبل كل الفئات وكل الشعوب، ودون مباشرة روج الأوبريت لمدينة العلمين الجديدة ومهرجان العلمين كمساهمة من وزارة الثقافة ضمن مساهمات ومشاركات رائعة من الوزارة ووزارات أخرى مثل وزارة الشباب والرياضة ووزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالى، وغيرها.

وقد أدهشتنى مبادرة رحلة اليوم الواحد التى أطلقتها وزارة الشباب، بالتنسيق مع الشركة المتحدة، ونظمتها طوال فترة المهرجان، فكسرت المسافة بين شباب الأقاليم ومدينة العلمين الجديدة ومنحتهم حظهم من الاستمتاع بمدينة الأحلام، هذه الوجهة السياحية المصرية الفاخرة، وأعطتهم حقهم فى الانتماء لها والإحساس بأن العلمين «علمينهم» ولهم فيها ما لأهلها وسكانها.

كما منحتهم الفرصة فى المشاركة فى بعض الأنشطة فى المنطقة الترفيهية والممشى السياحى، وجاءت الأفواج من طلبة الجامعات ومن مراكز الشباب المنتشرة فى محافظات مصر والتى قاربت الـ٤٥ ألف مركز شباب، بمعدل ٥٠ شاباً يومياً، ليكونوا جزءاً من هذا النجاح وهذه الأجواء الترفيهية والتثقيفية والكرنفالية بأقل تكلفة وربما بدون فى بعض المناطق خالية الرسوم تأكيداً لمبدأ العدالة الاجتماعية التى استهدفتها الوزارات بالتعاون مع الشركة المتحدة لتصبح واحدة من النجاحات التى تحسب للجميع.

وشمل البرنامج زيارة مسرح العلمين ومنطقة الألعاب الترفيهية وممارسة نشاط بحر داخل شاطئ مهرجان العالم علمين وزيارة للمولات التجارية الكبرى فى المدينة هذا إلى جانب المشاركات الأساسية لأنشطة وزارة الشباب والرياضة وفعالياتها فى المهرجان مثل المسابقات التنافسية لكرة السلة والكرة الطائرة ورياضة الملاكمة والجودو ومنافسات الفنون القتالية التى بدأت يوم ٢٢ أغسطس.

والمباراة الودية لأساطير كرة القدم لفريقى الأهلى والزمالك كمبادرة لنبذ التعصب، وحفل استقبال أبطال مصر فى أولمبياد باريس ٢٠٢٤ الذى حضره وزير الشباب والرياضة أشرف صبحى والعضو المنتدب للشركة المتحدة عمرو الفقى وقيادات أخرى، وكذلك الأنشطة الفنية التى شاركت بها الوزارة من خلال المبدعين الشباب من فرق شباب الجامعات والمراكز والتى تمت بالتنسيق مع الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، ووزارة التعليم العالى التى شاركت بأفواج من طلاب الأنشطة الفنية والرياضية أيضاً، واهتمت بأن تكون أغلب الجامعات الحكومية والخاصة ممثلة فى هذه الأفواج.

وتلك الأنشطة المتعددة ومنها الفنون التشكيلية وكرة الطائرة الشاطئية وكرة القدم الخماسى، حيث التقارب ونقل الخبرات بين شباب مصر والتعاون فى أعمال جماعية تعزز روح الانتماء، وكذلك تعاونت وزارة التربية والتعليم مع «المتحدة» من خلال مسابقة الحريف للأطفال تحت ١٥ سنة والتى اختتمت فى اليوم قبل الأخير للمهرجان وقبل حفل الختام الحاشد الذى أحياه مطرب الراب ويجز، واستطاعت كل هذه الفعاليات الشابة أن تضفى على المهرجان روح ووهج الشباب ليصبح مهرجاناً شاباً شكلاً وموضوعاً.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: العلمين مهرجان العلمين مع الشرکة المتحدة العلمین الجدیدة

إقرأ أيضاً:

منير أديب يكتب: 2025 عام الإرهاب بامتياز.. داعش يكشف اللثام عن نفسه فى أول أيام العام الجديد

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق داعش استفاد من التحولات الجيوسياسية فى المنطقة العربية وظهر عبر عدد من العمليات النوعية.. المجتمع الدولى يتحمل جزءا من مسئولية انتشار الإرهاب فى ظل الحروب والصراعات شرقًا وغربًا

إذا كان تنظيم داعش قد نجح فعليًا فى تنفيذ عدد من العمليات النوعية فى أغلب قارات العالم فى اليوم الأول من العام الجديد 2025، فماذا ينتظر هذا العالم من هذا التنظيم فى بقية العام؟ الإجابة عن هذا السؤال يستلزم فهم تحولات داعش الأخيرة وربطها بالتحولات الجيوسياسية التى استفاد منها بالفعل، مع دراسة الأسباب التى أثرت على جهود مكافحة الإرهاب والتى انعكست على وضعيته الآنية.

داعش يكشف اللثام عن نفسه بعد مرور أكثر من 10 سنوات على سقوطه، وهو ما يُعنى أنّ ثمة خللًا فى مواجهته؛ فالتنظيم الذى أعلن دونالد ترامب سقوطه عندما كان رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية، يعود الرئيس مرة ثانية خلال أيام قليلة للبيب الأبيض والتنظيم مازال ملء السمع والبصر.

يتحمل المجتمع الدولى جزءا من مسئولية انتشار الإرهاب فى العموم، وبخاصة تنظيم داعش، فأغلب الحروب والصراعات التى ضربت العالم خلال الثلاث سنوات الأخيرة مثلت حاضنة للتنظيمات الإسلاموية الراديكالية، وبالتالى استفاد منها التنظيم الأخطر.

وهنا لابد للمجتمع الدولى أنّ يعيد قراءته للتنظيمات المتطرفة والتحولات التى مر بها، وإمكانية مواجهة هذه التنظيمات مع التحولات الجيو سياسية التى مرت بها المنطقة فى ظل تحول التنظيمات المتطرفة والتى استفادت كثيرًا من الحروب والصراعات التى ضربت العالم.

دلالات العمليات النوعية لـ«داعش»

هناك عدد من دلالات يمكن أنّ نفهمها من العمليات النوعية التى نجح تنظيم داعش فى تنفيذها سواء فى قلب الولايات المتحدة الأمريكية أو فى عدد من الدول الأوروبية والآسيوية والأفريقية، وكأنه يُريد أنّ يقول: إنه يشهد إعادة بعث جديدة بعد سقوط دولته فى ٢٢ مارس من العام ٢٠١٩.

الدلالة الأولى، أنّ هذه العمليات تم تنفيذها فى اليوم الأول من العام الجديد ٢٠٢٥، فهذه العملية تم التخطيط لها بفترة طويلة، ولكن اختيار الزمان كان عاملًا مهمًا، وهو اليوم الأول من العام، متزامنًا ذلك مع احتفالات أعياد الميلاد، وازدحام المحتفلين.

وهنا كان عين التنظيم على دلالة الوقت، فالزخم الذى حققه التنظيم من تنفيذ هذه العملية فى هذا التوقيت يفوق ما قد تحققه عملية أخرى أكبر فى وقت بخلاف احتفالات رأس السنة الميلادية.

الدلالة الثانية، اختار التنظيم الولايات المتحدة الأمريكية لتنفيذ عملية كالتى نجح الذئب المنفرد فى تنفيذها، ومعروف أنه الدولة الأكبر عسكريًا واقتصاديًا، وهنا يُريد التنظيم أنّ يُوصل رسالة مفادها أنه بات أقوى من الدولة التى حاربته سنوات طويلة وأعلنت الانتصار عليه، فضلًا على أنّ التنظيم يُريد أن ينتقم منها نظرًا لمواجهته على مدار أكثر من ١٠ سنوات من خلال التحالف الدولى الذى قام بأولى عملياته فى العام ٢٠١٤.

وكما أنّ التنظيم نجح فى تنفيذ عملية نوعية فى أمريكا، وفى الحقيقة ليست عملية واحدة، نجح التنظيم فى تنفيذ عملية نوعية فى الصومال من خلال ١٢ أنغماسيًا، وعمليات أخرى فى سوريا وأوروبا، بعضها إطلاق نار والبعض الآخر تفجير ودهس.

الدلالة الثالثة، أنّ داعش أراد أنّ يُعلن عن نفسه من جديد من خلال عملية نوعيّة فى أمريكا، وكأنه يُريد أنّ يقول: جئتم إلينا فى الشرق الأوسط ولكننا نأتى إليكم فى عقر داركم، وهى دلالة ذات مغزى عسكرى بأنّ التنظيم مازال موجودًا وقادرًا على تنفيذ عمليات نوعية.

الدلالة الرابعة، أنّ التنظيم يستقبل الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الذى أعلن عن سقوطه وقتل أول خليفة له أبو بكر البغدادى فى أكتوبر من العام ٢٠١٩، والرسالة هنا بقيت فى البيت الأبيض على ما قدر ما بقيت ثم ذهبت ولكن التنظيم مازال باقيًا.

مواجهة داعش بين الماضى والحاضر

المجتمع الدولى فشل ثلاث مرات فى التعامل مع داعش، الفشل الأول عندما وفرت الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبا البيئة الحاضنة للتنظيم، من خلال الغزو الأمريكى للعراق فى العام ٢٠٠٣، وهو ما سمح بإنشاء مقاومة "إسلامية" للدولة المحتلة، كان اسمها فى البداية الدولة الإسلامية فى العراق، ثم تطورت التسمية بعد الحرب الأهلية فى سوريا حتى أطلق عليها الدولة الإسلامية فى العراق والشام، وهنا تتحمل الولايات المتحدة الأمريكية هذه المسئولية.

الهجوم الذى نفذه التنظيم فى العاصمة الروسية موسكو فى العام ٢٠٢٤ يؤكد أنّ التنظيم لم يحتضر بعد بخلاف ما أعلنه الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى ٢٠١٩، ولعل هذا الهجوم هو الأكثر شهرة للتنظيم فى العام السابق، ولكن التنظيم نجح فى تنفيذ مئات العمليات النوعية منذ إعلان سقوطه!

هجوم داعش فى العام الماضى على مركز تسوق فى موسكو، والذى خلف ما لا يقل عن ١٥٠ قتيلًا وأكثر من ٥٠٠ جريح كان يؤشر لخطورة وضع التنظيم ولما وصل إليه، أمس ضرب روسيا واليوم يضرب الولايات المتحدة الأمريكية، وهنا تبدو دلالة ضرب كل من موسكو وواشنطن والاستعداد لضرب أوروبا ودول فى الشرق الأوسط.

ما فعلته واشنطن فى الماضى تفعله حاليًا من خلال انحيازها الكامل والسافر لإسرائيل فى حربها قبل أكثر من عام على قطاع غزة، وهو ما يخلق خطاب كراهية وبيئة تبدو حاضنة لكل الجماعات المتطرفة، وهو ما استفادت منه داعش على وجه الخصوص سواء من خلال تجنيد عدد كبير، أو من خلال ترتيب صفوفها ومن ثم تنفيذ عدد من العمليات النوعية.

المرة الثانية التى فشل فيها المجتمع الدولي، عندما تأخرت واشنطن فى مواجهة التنظيم، فما بين إنشاء التحالف الدولى فى ٢٠١٤ وما بين سقوط داعش فى ٢٠١٩ جرى فى النهار مياه كثيرة وسقطت دماء كثيرة أيضًا، وهنا يمكن أنّ نقول، إنّ أمريكا وتحالفها فشل كثيرًا فى مواجهة داعش، خمس سنوات من المواجهة بينما التحالف كان مشكلًا من قرابة ثمانين دولة.

المرة الثالثة التى فشل فيها المجتمع الدولي، تتمثل فى عودة تنظيم داعش للعمل مرة ثانية، وهو ما يُعنى أنّ القضاء عليه لم يكن مبنيًا على أصول صحيحة بدليل عودة التنظيم، أو أنّ التنظيم لم ينته حتى نتحدث عن عودته، وفى كلا الحالتين هناك أزمة حقيقية تتعلق بأنّ داعش مازال يمثل تهديدًا كبيرًا للأمن والسلم الدوليين.

وهنا يمكن القول، إنّ تنظيم داعش عاد بقوة، ولكن عودة تبدو مختلفة عن تلك التى أقام فيها دولته فى ٢٠١٤ بمنطقة الشرق الأوسط، ولعل هذه العودة أكثر شراسة، ولذلك من المهم الانتباه لحواضن التنظيم، والعمل على مواجهتها بصورة تبدو مؤثرة وناضجة فى نفس الوقت.

المواجهة الجديدة لتنظيم داعش لابد أنّ تكون مبنية على فكرة فهم التنظيم وتحولاته الأخيرة مع فهم طبيعة المنطقة العربية والتحولات الجيو سياسية التى استفاد منها؛ كلما بذلنا جهودًا تتعلق بفهم التنظيم وتحولاته، كلما أثر ذلك فى مواجهته أو ترك أثرًا حثيثًا فى المواجهة القادمة.

لابد أنّ تتحرك فرص المواجهة من أرضية الفهم الغنى والثرى للتنظيمات الراديكالية، فهم هذه التنظيمات من الداخل واستشراف تجربتها ودورها؛ بمعنى توقع ما تقوم به فى المستقبل، بحيث تكون المواجهة قائمة على الاستشراف، لا تكون مقتصرة على قراءة التنظيم فى الوقت الحالي، ولكن من خلال قراءة مستقبلية، وهذا دور منوط للباحثين القيام به.

لابد أنّ تكون المواجهة القادمة لداعش هى المواجهة الأخيرة والنهائية لبقاء التنظيم على مستوى المواجهة الأمنية والعسكرية وعلى مستوى مواجهة أفكار التنظيم التى مازالت حيّة وتبدو جاذبة لقطاعات كبيرة من المسلمين فى كل دول العالم سواء العربية أو الغربية، تفكيك أفكار التنظيم ومقولاته أمر لم يتحقق على مدار الــ ١٠ سنوات الماضية، وبالتالى لابد من العمل عليه خلال السنوات القليلة القادمة.

ملاحظات على هامش المواجهة الدولية للإرهاب

داعش مازال نشطًا فى أكثر من ١٢ دولة، وقد ألهمت ودعمت أفرادًا وخلايا فى أوروبا وروسيا فى السنوات الأخيرة وهو ما يدعو للقلق، ويؤكد أنّ مقولة سقوط التنظيم وهزيمته لم تكن دقيقة، بل تحتاج إلى مراجعة دقيقة فالتنظيم مازال نشطًا على مستوى تحركات العسكرية والفكرية.

من المهم أنّ تكون هناك مواجهة لكل التنظيمات المتطرفة، سواء الإخوان المسلمين أو القاعدة أو داعش، ولكن الأهم هو مواجهة الظروف التى ساعدت هذه التنظيمات على الظهور أو العمل من جديد، مع العمل على قراءة التحولات الجيوسياسية التى ساعدت هذه التنظيمات على الظهور مجددًا.

صحيح أنّ التغيرات الجيوسياسية تركت أثرًا إيجابيًا على ظهور هذه التنظيمات وعملها، وهنا بدت الولايات المتحدة الأمريكية ما بين فكرة مواجهة هذه التنظيمات وما بين مراعاة الظروف السياسية أو مصلحتها الخاصة التى تقتضى دعم هذه التنظيمات أو على الأقل غض الطرف عن استمرار وجودها على قوائم الإرهاب، وبدا هذا واضحًا بصورة كبيرة فى الحالة السورية.

وهنا لابد من إنشاء تحالف دولى لمواجهة التنظيمات المتطرفة، هدف التحالف هو المواجهة بصورها المختلفة، وأنّ يكون هناك تقييم كل ٦ أشهر، هذا التقيم ليس فقط لأداء هذا التحالف ولكن للتنظيمات المتطرفة التى تمر بعدد من التحولات على المستوى البنيوي، وهو ما يتطلب الإطلاع عليها وأخذها فى الحسبان، حتى تكون المواجهة ذات قيمة وأثر فى نفس الوقت.

ملامح هذا التحالف، لابد أنّ يكون دولي، هدفه مواجهة كل التنظيمات المتطرفة؛ ليس بديلًا عن التحالف الأمريكي، ولكنه يختلف عنه، فى أنّ التحالف الجديد قائم على مواجهة كل التنظيمات الإسلاموية الراديكالية بلا استثناء، مع مراعاة أشكال المواجهة المختلفة الأمنية والعسكرية والفكرية.

لابد ألا يكون هذا التحالف موجهًا ضد دولة أو كيان سياسى بخلاف مواجهة التنظيمات الإسلاموية، دورها إضعاف هذه الكيانات وتفكيكها على كافة الأصعدة المذكورة، مع مواجهة البيئات الحاضنة لهذه التنظيمات أو الدول التى تدعمها، كما لابد أنّ تكون هناك آليات مواجهة مختلفة.

هناك عدد من الدول العربية المعنية بفكرة المواجهة، عليها أنّ تأخذ زمام المبادرة فى طريق التبشير بهذا التحالف والعمل على تدشينه أو الترويج للفكرة حتى ولو تبناها غيرها، ولابد من إتاحة مساحات أكبر للنقاش حول التحالف ودوره، بحيث يُعالج وجوده ما فشل التحالف الدولى فى معالجته.

أخيرًا، لابد أنّ تكون مواجهة الإرهاب سريعة وبناءً على قراءات متعددة لخطر التنظيمات الراديكالية التى باتت تُهدد أمن المنطقة العربية والعالم؛ فأى تأخير فى المواجهة سوف تكون عواقبه وخيمة على الأمن والسلم الدوليين، كما أنه سوف يؤثر سلبًا على أمن المنطقة العربية.

خلاصة القول: فوضى اللا دولة فى سوريا على خلفية سقوط النظام السياسى قد يُحرك خلايا التنظيم من معاقله الصحراوية سواء فى البادية السورية أو حتى فى صحراء الأنبار بالعراق؛ خلايا التنظيم موجودة ولكنها تنتظر الوقت المناسب للعودة، وغياب الدولة فى سوريا وتأخر احتمالات عودتها قد يُرجح عودة التنظيم نفسه.

فضلًا على أنّ البيئة فى سوريا باتت حاضنة للتنظيمات الإسلاموية بمختلف تشكيلاتها، حتى ولو واجهت السلطة الحالية فى سوريا تنظيم داعش أمنيًا، فإنها لن تستطيع أنّ تقف أمام عوامل وجوده القوى أو عودته الشرسة، خاصة وأنّ حواضن التنظيم باتت أكثر حضورًا فى المشهد السوري.

وسوف تزاد هجمات داعش خلال عام ٢٠٢٥؛ سوف تتم عمليات داعش بأدوات منخفضة التقنية والتكلفة، سوف يكون أشهرها عمليات الدهس بمركبات وسط تجمع المواطن أو الاحتفالات العامة، وكذلك عمليات الطعن وإطلاق النّار، وهذا لن يمنع التنظيم من تنفيذ عمليات نوعيّة من تفجير وخلافة، وإنّ كان النوع الثانى من هذه العمليات يحتاج وقتًا للتخطيط واحتمالات اكتشافه كبيرة، مقارنة بالخطط التى يصعب اكتشافها.

هذا ما يجب أنّ يفهمه المجتمع الدولى ومجتمع الباحثين الذين يشتغلون على ظاهرة التطرف والإرهاب، بحيث يكونوا مستعدين لطرح تصورات واضحة للمواجهة وذات أثر؛ تتلافى أخطاء الماضى وتكون على قدر تحولات التنظيم المتسارعة وسط التحولات الجيوسياسية.

مقالات مشابهة

  • "آليات تنمية الوعى المجتمعي فى مواجهة الشائعات" ندوه لمجمع إعلام بنها
  • وزير الإسكان يتفقد الموقف التنفيذى لمشروع أبراج "الداون تاون" وبحيرات العلمين "كريستال لاجون" بمدينة العلمين الجديدة
  • وزير الإسكان يتفقد الموقف التنفيذي بحيرات العلمين «كريستال لاجون» بمدينة العلمين الجديدة
  • وزير الإسكان يتفقد سير العمل بمشروعات المدينة التراثية والمرافق الرئيسية لمنطقة الداون تاون بمدينة العلمين الجديدة
  • وزير الإسكان يتفقد مشروعات المدينة التراثية والمرافق الرئيسية بمدينة العلمين الجديدة
  • البابا تواضروس الثاني يكتب: رسائل لـ "أصحاب القلوب الدافئة"
  • منير أديب يكتب: 2025 عام الإرهاب بامتياز.. داعش يكشف اللثام عن نفسه فى أول أيام العام الجديد
  • رئيس "الشيوخ" يؤكد أهمية التنسيق والتفاعل بين الوزارات المعنية بقضية الوعي ونشر الثقافة
  • د. محمد حسن معاذ يكتب: استقرار الأسرة أساس لبناء المجتمع في فكر الإمام محمد زكي إبراهيم
  • د.حماد عبدالله يكتب: "عادات" مصرية أصيلة!!