لوحة الفارسة تكشف الجمال في التفاصيل
تاريخ النشر: 10th, August 2023 GMT
كارل بافلوفيتش بريولوف فنان روسي ( ولد في سانت بطرسبرغ، أشار إليه أصدقاؤه باسم «كارل العظيم»، يعتبر اسماً بارزاً من رموز الحركة الكلاسيكية الجديدة في الفن الروسي. ولد لعائلة فنية، فوالده هو أكاديمي عاش بين عامي 1760و 1833.
انجذب بريولوف في صغره إلى الفن الإيطالي، على الرغم من تعليمه في الأكاديمية الإمبراطورية للفنون بموسكو في الفترة ما بين 1809 و1821، ولم يعتنق تماماً الأسلوب الكلاسيكي الذي تلقاه على أيدي معلميه وروج له شقيقه ألكسندر بريولوف.
ميز بريولوف نفسه كطالب واعد ومبدع، وحين أنهى تعليمه غادر روسيا متوجهاً إلى روما حيث عمل حتى عام 1835 كرسام بورتريه، رغم أن بدايات شهرته كفنان جاءت من رسوماته التاريخية.
من أعماله الشهيرة «اليوم الأخير لبومبي» ) عبارة عن عمل تركيبي ضخم قريب الشبه من أعمال الفنانين روبنز وفان ديك. وأحدث بريولوف ضجة كبيرة في إيطاليا وصنف كواحد من أفضل الرسامين الأوروبيين في عصره.
عاد بعد شهرته الكبيرة إلى العاصمة الروسية حيث عرف في أوساط النخب الفنية والفكرية، وكذلك في أوساط الطبقة الأرستقراطية وحصل على منصب رفيع في الأكاديمية الإمبراطورية للفنون. من أصدقائه الكاتب العظيم ليو تولستوي، الذي ذكره في أكثر من مقال عن ماهية الفن.
أما أهم أعمال بريولوف على الإطلاق فهي لوحة «الفارسة» التي صنفته كأعظم فنان روسي يحظى بمعرفة عميقة في أصول الرسم، وأتقن خلال حياته المهنية الرسم المائي والزيتي، وقد صنف النقاد أعماله إلى قسمين: لوحات تاريخية ضخمة وكبيرة، تجمع بين الأداء الممتاز والسرعة، وأخرى بحجم أصغر تمتاز بالفخامة والإتقان ضمت العديد من البورتريهات بينها لوحة «الفارسة».
أثناء تدريسه في الأكاديمية بين عاميّ 1836و1848، طور أسلوباً للرسم يجمع بين البساطة الكلاسيكية الجديدة والميل الرومانسي، وكان ذا ولع واضح بالواقعية وأثرها الكبير في النفس البشرية.
كان بريولوف من الشخصيات التي تحظى بتقدير كبير بين نخب الفن والثقافة في روسيا، فعلى النصب التذكاري للنحات ميخائيل ميكيشين وهو بعنوان «الألفية الروسية» والذي أقيم في نوفغورود عام 1862، تم تصوير كارل بريولوف مع 16 شخصية من الكتاب والفنانين الروس من العصور القديمة إلى منتصف القرن التاسع عشر.
رسم لوحة «الفارسة كرامسكوي» عام 1832، وهي لوحة زيتية بأبعاد 291.5 × 206 سم، وأنجزها بتكليف من صديقته الكونتيسة يوليا سامويلوفا. وثبت اسم سامويلوفا على طوق الكلب، الظاهر بمحاذاة الحصان، في هذه اللوحة التي عرضت لأول مرة في عام 1832 في معرض «بريرا» في ميلانو.
قرر الفنان إحياء صورة الفارسة الجميلة في نهاية إقامته في إيطاليا، عندما طلبت الكونتيسة سامويلوفا من الرسام تصوير ابنتيها بالتبني. ودون تفكير اتخذ بريولوف قراراً جريئاً لتصوير الابنة الأكبر «جوفانينا» على ظهر الخيل، كما تقف الابنة الصغرى «أماليسيا» جانباً وتراقب لحظة نهاية ركوب الحصان. عرضت اللوحة في غاليري «تريتياكوف»،في موسكو سنة 1896، كما أقدم الغاليري على شرائها في العام نفسه.
في البداية، كان من المفترض أن تظهر الكونتيسة نفسها على ظهر الخيل، لكن مؤرخي الفن، لم يثبتوا هذه النظرية، وتصور اللوحة جوفانينا وأماليسيا باتشيني، وفي اللوحة يصور الرسام لحظة العودة إلى المنزل، حيث تظهر جوفانينا على ظهر الحصان الأسود، في لقطة مفعمة بالدينامية والحركة، لقد استطاع الرسام أن يلتقط لحظة دقيقة تضمنت مجموعة من الحركات التي استطاعت عين الفنان أن تجمعها في لحظة واحدة، فالحصان الأسود يظهر وهو يدق حافريه على الأرض استعداداً للانطلاق، وهناك الكلب بالياقة المكتوب عليها اسم الكونتيسة التي دعت الفنان لرسم اللوحة، والكلب يظهر في اللوحة وكأنه يهيئ نفسه للاندفاع إلى الأمام، ويتضح ذلك من حركة حافريه المنفرجين، كما تظهر اللوحة جوفانينا وهي في حالة من الابتهاج البارز في إشراق وجنتيها، ويشاهد المتفرج في اللوحة الأخت الصغرى «أماليسيا» تظهر بفستان وردي وحذاء أخضر اللون.
لكن الأهم من ذلك كله، هو حرص الفنان على رسمها أي «أماليسيا» في هيئة من الحماس والدهشة لدى مراقبة شقيقتها «جوفانينا» وهي تستعد للانطلاق.
نقد
استقبلت اللوحة بآراء متفاوتة من نقاد الفن بين متحمس جداً لهذا الرسم المبهر، وفريق آخر متحفظ، هذا الفريق كان يرى في وجه الفارسة «جوفانينا» قليلاً من الجمود الذي لا حياة فيه، ناهيك عن هيئتها الفضفاضة التي لا تنسجم مع دينامية اللقطة، التي تظهر الحصان وهو يستعد للانطلاق وعلق أحدهم: «السرعة الهائلة للركوب التي تصورها لحظة التقاط اللوحة، لا تنسجم مع هيئة الفارسة، التي ظهرت واثقة من نفسها، فبدا سحبها للجام الحصان باهتاً، ولا يليق بالفارس الماهر والمتمرس».
ورغم هذه الانتقادات، فقد تقبل جمهور كبير هذه اللوحة الآسرة، وتعاطوا معها بشكل إيجابي، وبعد إنجاز اللوحة اكتسب بريولوف سمعة مضاعفة زادت من رصيده بين أساطير الفن في عهده وقد افتتن الجمهور بحجم اللوحة ومهارة فرشاة الفنان في التقاط التفاصيل.
خلفية
الفتاتان الظاهرتان في اللوحة، هما ابنتا جيوفاني باتشيني (1769 - 1867) وهو الملحن الإيطالي الشهير بأعماله الأوبرالية، ولد جيوفاني باتشيني في كاتانيا، صقلية، وهو ابن لويجي باتشيني، الذي اعتاد الظهور في العروض الأولى للعديد من أوبرا جيوفاني. كانت عائلته من أصل توسكاني، وعاشت في كاتانيا عندما ولد الملحن جيوفاني.. أما ابنته جوفانينا باتشيني فولدت في 1825، وولدت شقيقتها أماليسيا في 1827، وتم تبنيهما من قبل الكونتيسة يوليا سامويلوفا.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: العاصمة الروسية فی اللوحة
إقرأ أيضاً:
صورة فضائية تكشف تطورا جديدا في تشغيل سد النهضة.. خبير يوضح التفاصيل
كشفت صورة فضائية حديثة التقطت لـ سد النهضة عن ثبات مخزون المياه في البحيرة عند 60 مليار متر مكعب، كما أوضحت تدفق مياه سد النهضة إلى مصر مع توقف التوربينات وثبات المخزون.
كما أظهرت صورة سد النهضة تدفق مياه النيل الأزرق من خلال بوابتين من بوابات المفيض العلوى بتصريف يومي حوالى 100 مليون م3/يوم منخفضا قليلا عن الأسبوع الماضى، مع استمرار توقف التوربينات الأربعة.
مخزون سد النهضة ثابت عند منسوب 638 موأكد الدكتور عباس شراقي أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية في جامعة القاهرة، عبر صفحته الشخصية على موقع فيسبوك: أن التدفق سوف ينخفض تدريجيا خلال الأيام القادمة وحينئذ يكتفى بفتح بوابة واحدة، أو إغلاقها فى حالة تشغيل التوربينات مرة أخرى، ومخزون سد النهضة ثابت عند منسوب 638 م، وإجمالى 60 مليار م3.
وأشار الدكتور عباس شراقي إلى أن تشغيل التوربينات أو توقفها ليس له أهمية بالنسبة لمصر لأن كمية المياه الحالية سوف تمر إلى السودان ومصر سواء مرت على التوربينات أو من خلال بوابات المفيض.
وعلَّق الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، على حديث رئيس الوزراء الإثيوبي بشأن الانتهاء من سد النهضة بنسبة 100%، وأكد أن مصر ليست ضد التنمية في دول حوض النيل؛ بل على العكس نرحب بأي مشروعات تنموية تحدث في دول حوض النيل من أشقائنا، ولسنا ضد هذه التنمية بما لا يؤثر بالسلب على الدولة المصرية وحقوقها في نهر النيل، فهو بالنسبة لنا المصدر الوحيد للمياه في دولة معرفة في العالم من أكثر دول العالم جفافًا من حيث سقوط الأمطار.
وأضاف رئيس مجلس الوزراء، خلال مؤتمر صحفي بمقر مجلس الوزراء بالعاصمة الإدارية الجديدة، الأربعاء الماضي، أننا لم نكن معترضين على أي مشروعات، لكن كنا نطالب بأن تكون المشروعات في دول حوض النيل بالتعاون مع بعضنا البعض، وحاولنا خلال السنوات الماضية مع أشقائنا في إثيوبيا والسودان الوصول إلى اتفاق يقنن ويضمن لدولتَي المصب "مصر والسودان" ألا تتأثرا بالسلب من مشروع سد النهضة، وللأسف لم يتجاوب الجانب الإثيوبي، وبالتالي أعلنت مصر في مرحلة ما توقف التفاوض، وتقدمنا لمجلس الأمن.
وأكمل: أعلنّا بكل الوضوح وسنظل نعلن ذلك؛ أن مصر ستظل حريصةً على حماية حقوقها المائية بكل الوسائل الممكنة، وطوال المدة التي كان يتم خلالها بناء سد النهضة، كنا نسير بالمسار الدبلوماسي، وفي نفس الوقت اشتغلنا على عدد كبير من المشروعات في مجال الري والصرف الصحي ومعالجة المياه؛ لتقليل التأثير الضار من ملء السد.
وأكد رئيس مجلس الوزراء أن هناك تأثيرًا بالفعل حدث؛ ولكن الحمد لله اليوم مع كل الإجراءات التي قامت بها الدولة نقدر نقول إن مخزون ومستوى المياه في بحيرة السد العالي لم يتأثر. وتابع مدبولي: ما زال هناك تحدٍ مع مرحلة تشغيل السد، وهذا هو ما نتحدث فيه، المبدأ، ما ينفعش دولة تنفذ مشروعًا لوحدها دون وجود توافق، وننظر إلى التصريحات التي قيلت على لسان رئيس الوزراء الإثيوبي، قائلًا: "نحتاج إلى أن يوضع الكلام الجيد في صورة اتفاق تلتزم به الدول مع بعضها البعض".