نجح العدو “الإسرائيلي” في استرجاع ستة جثث لجنوده الأسرى لدى رجال المقاومة في قطاع عزة، وهذا ليس بالمفاجئ، ولا بالمستغرب في ظل حرب الإبادة التي يشنها الجيش “الإسرائيلي” على كل متحرك، وعلى كل جامدٍ في قطاع غزة، فإمكانية العثور على بعض الجثث هنا وهناك إمكانية واردة، وسبق وأن استرجع العدو الإسرائيلي قبل أيام ستة جثث أخرى، تعود لجنوده الأسرى في قطاع غزة، وقد يتمكن الجيش الإسرائيلي بعد أيام من استرجاع ست جثث أخرى، وخمسة جثث أخرى في مرحلة لاحقة.
وطالما استمر العدوان على أهالي قطاع غزة، فذلك يعني أن العدو “الإسرائيلي” سيتمكن من استرجاع المزيد من جثث جنوده الأسرى، وذلك إن حالفهم الحظ في مرات لاحقة، وتمكنوا من اكتشاف سر غزة الدفين، والوصول إلى الأماكن التي يحتجز فيها الأسرى، وهذا في تقديري من المستحيلات السبع، فرجال المقاومة يتعلمون من تجاربهم، ويطورون من أساليب عملهم.
لقد جرت العادة أن يتفاخر الجيش “الإسرائيلي” بأخلاقه العسكرية، وأنه جيش قيم ومبادئ، ولا يتخلى في المعارك عن جثث قتلاه ، وأنه لا يترك أسراه لدى أعداء إسرائيل مهما كلف ذلك من ثمن، ويزعم الإسرائيليون أن تحرير الجنود الأسرى عقد اجتماعي وأخلاقي تلتزم فيه الحكومة أمام أهالي الجنود، وأن الجيش الإسرائيلي لن يتركهم جثثاً أو أسرى، وقد تباهت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بالثقة المتبادلة بين المجندين الصهاينة، وبين قياداتهم؛ التي وفرت لهم الأمن والحماية والسلامة، ولم تتخلَ عنهم في أحلك الظروف، وهذا العقد الأخلاقي، هو الذي عزز روح الانتماء لدى الجند، وزرع الثقة المتبادلة بين الجنود والقيادة، وهذا الالتزام الأخلاقي من أهم مقومات الوحدة الداخلية للمجتمع الإسرائيلي، ولدى المؤسسة العسكرية والسياسية.
على أرض غزة يختلف المشهد، بعد أن تكسرت قواعد الجيش الإسرائيلي الأخلاقية تجاه جنده، فقد أجبر رجال المقاومة الفلسطينية جيش العدو على التخلي عن أسراه، وأجبرت المقاومة الفلسطينية عدوها على استرجاع جنوده الأسرى جثثاً على استحياء، فشروط العقد الأخلاقي أن يسترجعهم أحياء، ولا يتخلى عنهم لمصيرهم المجهول، لذلك ضج كل المجتمع الإسرائيلي غضباً وحنقاً على القيادة الإسرائيلية، حين سمعوا عن استرجاع ستة جثث لجنودهم الأسرى، وغضبوا أكثر حين تأكد لأهالي الأسرى أن بعض الجثث تعود لأسرى كان يمكن أن يتحرروا قبل فترة، فيما لو لم يضع نتانياهو العقدة أمام منشار التفاوض.
هذا الغضب الإسرائيلي الذي سيتفجر مظاهرات في الشوارع، أجبر رئيس الوزراء نتانياهو على الخروج عن صمته، ومواجهة وسائل الإعلام مبرراً خذلان الجنود، خرج نتانياهو عبر وسائل الإعلام ليكذب على الجمهور، ويدعي أنه يواصل الجهود لتحرير الأسرى، وأنه لم يقصر، وأن قدم لحركة حماس كل الإغراءات، من أجل استرجاع الأسرى، وفي هذا الخروج الإعلامي السريع ما يشير إلى حجم المأزق الذي تمر به الحكومة الإسرائيلية، التي انقسمت على نفسها، ففي الوقت الذي يقاتل وزير الحرب جالانت من أجل تحقيق صفقة تبادل أسرى، مقرونة بوقف إطلاق النار، وهو مدعوم بهذا الموقف من قيادات الجيش العسكرية والأمنية، يقف رئيس الوزراء نتانياهو ضد هذا الطرح، ويدعي أن أي صفقة لتبادل الأسرى، وأي وقف لإطلاق النار، دون تحقيق النصر التام على حركة حماس، يضر بالوجود الإسرائيلي نفسه، ويعتبر هزيمة مذلة “لإسرائيل”.
حرب غزة وضعت “إسرائيل” كلها في ورطة، فلا الحكومة “الإسرائيلية” جاهزة لتقبل الهزيمة، ولا الجيش الإسرائيلي قادر على الانتصار في غزة، والتفاخر بإنجازاته، ولا الحكومة الإسرائيلية قادرة على مواصلة الوحدة الداخلية بين الوزراء، والتماسك حول أهداف الحرب المجهولة، وبعيده المنال، ولا الحكومة الإسرائيلية قادرة على حل نفسها، والاعتراف بالفشل، وتسليم مقاليد الأمور لمن يخرج إسرائيل من ورطتها.
الورطة “الإسرائيلية” على أرض غزة تكلف أهل غزة المزيد من حرب الإبادة، بل انتقلت الورطة “الإسرائيلية” على أرض غزة إلى أرض الضفة الغربية، في محاولة يائسة من الحكومة الإسرائيلية لتحقيق أدنى انتصار، أدنى انتصار يعيد للجيش الإسرائيلي هيبته، ويعيد للمجتمع “الإسرائيلي” وحدته، ولكن أرض الضفة الغربية غضب وثورة، وقد لاقى فيها العدو الإسرائيلي مواجهات ومعارك لم تكن في الحسبان، وهذا الذي سيعمق المأزق “الإسرائيلي”، حتى الانفجار الداخلي، وهذا الذي سيكسر عنجهية العدو، ويجبره على التنازل، والموافقة غير المشروطة على وقف إطلاق النار، وتنفيذ صفقة تبادل اسرى، والخروج المذل من أرض غزة، ولاسيما بعد أن التحقت محافظة الخليل معركة طوفان الأقصى، وللخليل ثقلها الجماهيري، وإرثها المقاوم.
كاتب ومحلل سياسي فلسطيني
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
تفاصيل حصرية حول “جاسوس الإستخبارات” الذي تحول من مهاجر سري إلى “معارض منعدم الجنسية”
زنقة 20 | الرباط
حصل موقع Rue20 على معطيات دقيقة حول شخص سلمته إسبانيا مؤخرا إلى ألمانيا بتهمة التجسس لصالح المغرب بناء على مذكرة اعتقال أوربية.
مصدر مغربي رسمي نفى لوكالة فرانس برس، أن يكون ذات الشخص، تربطه أي علاقة بجهاز الإستخبارات المغربي مؤكدا أنه معروف بمعاداته لثوابت المملكة المغربية.
وأضاف المصدر ذاته أن “يوسف الأسروتي” معروف بنشاطه مع الأوساط الريفية المتطرفة في أوروبا موضحاً أنه منذ ترحيله من ألمانيا في مايو 2018، استقر في هولندا.
و بحسب مصادر الموقع ، فإن يوسف الأسروتي المنحدر من ميضار إقليم الدريوش وهو في الثلاثينيات من العمر، كان مهاجرا سريا لسنوات في أوربا ، قبل أن يتحول إلى “معارض” بين عشية و ضحاها بالرغم من أنه لم يكن ينتمي إلى أي توجه سياسي أو حقوقي بالمغرب.
وتم استقطاب الأسروتي الذي غادر مقاعد الدراسة بالمغرب في وقت مبكر، من طرف الفصيل المعروف باسم “الجمهوريون”، الذي يقوده في دوسلدورف الألمانية، جابر الغديوي الذي ينتمي بدوره لنفس المنطقة بالريف “إقليم الدريوش”، و المعروف بـ”يوبا”.
الأسروتي و بحسب مصادرنا حاصل على صفة لاجئ “منعدم الجنسية” من إحدى الدول الأوربية (يعتقد أنها هولندا) بعدما سبق و أن رفضت السلطات الألمانية سنة 2018 منحه اللجوء و قامت بطرده ليستقر لسنوات في هولندا.
مصادرنا ذكرت أن ذات الشخص اعتقل مؤخرا في مطار “باراخاس” بمدريد باستعمال تقنية التعرف على الوجه و ذلك في إطار مذكرة البحث الأوربية الصادرة في حقه ، وقضى اسابيع في الإحتجاز بإسبانيا قبل تسليمه إلى ألمانيا.
و اشارت ذات المصادر، إلى أن “الاسروتي” قام بالتخلص من جوازه المغربي ، فيما يتحرك في أوربا باستعمال بطاقة اللاجئ “منعدم الجنسية” و التي تمنحها مفوضية اللاجئين.
و حاولت ألمانيا في السابق (2018) ترحيله إلى المغرب إلا أن محاولتها باءت بالفشل بعدما ادعى أنه شخص معارض ومهدد في حياته و صعد من نشاطاته بشكل كبير، حيث تبنى موقفاً عدائياً تجاه ثوابت ورموز المغرب، و أعلن في اشرطة فيديو منشورة على الإنترنت ولائه للنظام الجزائري.
ونشر الأسروتي في يونيو 2018، رسالة أعلن فيها تنازله عن الجنسية المغربية، في محاولة جديدة للحصول على اللجوء السياسي.