ذمار تتزيَّن بحلتها الخضراء استعداداً لاستقبال المولد النبوي الشريف
تاريخ النشر: 5th, September 2024 GMT
ترتيبات مرورية وأعمال نظافة وتهيئة للشوارع الرئيسية
تجري حاليا الاستعدادات والتجهيزات في محافظة ذمار لإحياء ذكرى مولد النبي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم حيث تشهد المحافظة حراكا رسميا وتفاعلا مجتمعيا للاحتفاء بذكرى المولد النبوي الشريف على صاحبه أفضل الصلاة وأزكى التسليم في مشهد تسوده المبادرة والمشاركة للحضور الكبير لمختلف فئات ومكونات المجتمع.
.
“الثورة” أجرت اللقاءات التالية حول الاستعدادات والتجهيزات مع المسؤولين والمختصين في المحافظة :
الثورة / رشاد الجمالي ـ ذمار
بداية يقول الأخ محمد ناصر البخيتي- محافظ محافظة ذمار: بدأنا العمل بوتيرة عالية في الإعداد والتحضير والتجهيز للاحتفاء بذكرى مولد النبي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم – في حين بدأت السلطة المحلية بالمحافظة والمديريات جهودها بالتنسيق مع المجلس الإشرافي لأنصار الله لاستكمال الترتيبات الخاصة بالفعالية المركزية التي ستقام بالمناسبة في عاصمة المحافظة احتفاء بمولد الرسول الأعظم عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأزكى التسليم.
حيث شكلت لجان إشرافية وفرعية على مستوى المحافظة والمديريات والمكاتب للإعداد والتحضير للفعالية في مختلف الجوانب وكيفية استقبال الضيوف من خارج المحافظة.
كما تم تشكيل فرق تنظيمية لساحة الاحتفال وتجهيز اللوحات والشعارات وغيرها من الجوانب التنظيمية وبرنامج الاحتفال.
ويضيف الأخ المحافظ: وفي الوقت ذاته تجرى ترتيبات مرورية وأعمال نظافة وتهيئة للشوارع الرئيسة وترتيبات لإنارة الشوارع وتزيينها ابتهاجا بمناسبة المولد النبوي الشريف بما يليق بمكانتها.
ويحمل الاحتفاء بمولد رسول الإنسانية دلالات ومعاني عظيمة خاصة في ظل التحديات التي تواجهها الأمة وفي مقدمتها العدوان على اليمن، باعتباره رسالة تأكيد للعداء بتمسك الشعب اليمني بنهج المصطفى عليه الصلاة والسلام في الثبات على الحق.
مؤكدا أن ذكرى المولد النبوي الشريف تكتسب أهمية كبيرة في تعزيز وحدة الأمة واستلهام الدروس من سيرة سيد البشرية وغرس القيم والمبادئ -التي تحلى بها- في نفوس الأجيال وتكريس مكارم الأخلاق التي أمر بها الله تعالى للنهوض بواقع الأمة وتعزيز وحدتها وتحقيق رفعتها وعزتها.
الأخ أحمد علي الضوراني – وكيل محافظه ذمار – تحدث قائلا: يجري حاليا الإعداد والتحضير والاستعداد للاحتفاء بذكرى مولد النبي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم من خلال تجهيز الساحة المركزية وتزيين الشوارع وتبدو محافظه ذمار في أبهى حللها وقد اكتست بالزخارف الضوئية المعبرة عن عظمة المناسبة التي تعلي من شأن الرسول عليه وآله أفضل الصلاة وأتم السلام استعداداً لاستقبال ذكرى مولد النبي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وفي هذه الأثناء تتواصل في المحافظة التجهيزات لإقامة الفعاليات الاحتفائية بالمناسبة العظيمة في مديريات المحافظة .
داعيا للتفاعل والمشاركة الواسعة في الفعالية المركزية التي ستقام في المحافظة، واستلهام الدروس والعبر من سيرته العطرة في تعزيز قيم الإخاء والتلاحم والاصطفاف في مواجهة التحديات.
معانٍ عظيمة
الأخ الدكتور محمد محمد الحيفي – رئيس جامعه ذمار: عملنا في وقت مبكر وبجهد في التحضير والإعداد والتجهيز بقيادة الأخ محمد ناصر البخيتي محافظ محافظة ذمار مع اللجان المشاركة للتجهيزات المركزية لإقامة الحفل المركزي الذي ستشارك فيه جميع المديريات للاحتفاء بذكرى المولد النبوي الشريف محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم بما يليق بمكانته وعظمته، ويعتبر مولد النبي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم أبرز حدث في التاريخ كونه حمل آخر الرسالات السماوية، وبعثه الله سبحانه وتعالى رحمة للعالمين، ليخرج الناس من الظلمات إلى النور ويرشدهم إلى طريق الحق المبين.. كما يحمل الاحتفاء بمولد رسول الإنسانية دلالات ومعاني عظيمة خاصة في ظل التحديات التي تواجه الأمة العربية والإسلامية.
أما المهندس / محمد عبدالكريم المداني – مدير عام فرع المؤسسة العامة للطرق والجسور بالمحافظة فقال : عملنا في وقت مبكر لتجهيز الساحة المركزية التي سيقام فيها الحفل للاحتفاء بذكرى مولد النبي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم حيث يتم تجهيز الساحة وفق المخطط، بمعنى توفير وتجهيز مدرج وفق المخطط، حيث يجري العمل بوتيرة عالية، وتعمل المعدات على ورديتين الصباحية والمسائية ويتم تجهيز ساحة الاحتفال البالغة 122الف متر مربع لإقامة الحفل فيها حيث نقوم بتسوية الساحة من أعمال قطعيات وردميات وتسوية لإعداد الساحة المركزية والتي ستكون ساحة نموذجية من حيث الميول، حيث ستصبح الساحات مدرجاً أو منصة، والتي تنفذها المؤسسة العامة للطرق والجسور بالمحافظة وبمساعدة بعض المكاتب التنفيذية وكذلك تقوم المؤسسة العامة للطرق والجسور بتنفيذ وتجهيز الساحة وكذا تجهيز مبنى مكون من ثلاثة أدوار والعمل فيه مستمر على قدم وساق تعتبر المنصة الرئيسية، وذلك بناء على توجيهات الأستاذ/ محمد ناصر البخيتي – محافظ محافظة ذمار والأستاذ أحمد الضوراني مسؤول التعبئة العامة بالمحافظة واللذين يتابعان الأعمال أولاً بأول وبدءا في المساهمة ولتوفير كافة الإمكانيات وتذليل كافه الصعوبات لما تمثله هذه المناسبة العظيمة، وللظهور بالمظهر اللائق للاحتفاء بمولد رسول الإنسانية لما لهذا الاحتفال من دلالات ومعانٍ عظيمة وخاصة في ظل التحديات التي تواجهها أمتنا الإسلامية.
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: المولد النبوی الشریف للاحتفاء بذکرى محافظة ذمار
إقرأ أيضاً:
معركة بدر.. مدرسة محمد في صناعة التاريخ المكمل للكون
معركة بدر
مدرسة محمد في صناعة التاريخ المكمل للكون
الدكتور فضل الله أحمد عبدالله
1
التاريخ لا يصنع الرجال ، وإنما الرجال من يصنعون التاريخ .
وليس في الكون من رجل صنع التاريخ الإنساني بحذق واقتدار مثل سيدنا محمد صل الله عليه وسلم .
فأول ما صنع ، صنع الرجال الذين يصنعون التاريخ للكون قاطبة .
ومن كان في ريب من قولنا هذا ، فالينهض واقفا أمام سيدنا عمر بن الخطاب ، مثالا من أمثلة الرجال الذين صنعهم الرسول بنفسه ليصنعوا معه التاريخ .
جاء في الأثر ، أن راعيين في شعاب الجبال فوق مكة ، قال أحدهما لصاحبه :
” أما علمت أن ذلك الأعسر الأيسر ، قد صار خليفة للمسلمين ؟ ”
” الذي كان يصارع الناس في سوق عكاظ ؟ ”
” نعم ، هو ذاك ”
فقال الراعي :
” أما والله ليوسعنهم خيرا أو ليوسعنهم شرا ”
قال الروائي الطيب صالح في تعليقه على ذلك الحوار :
( وقد أوسعهم خيرا ، حتى أصبح يضرب به المثل في تاريخ الإنسانية ، لأنه منذ أيامه تلك في سوق عكاظ ، حدثت له ثورة روحية زلزلت كيانه ، وثاب إلى المعلم الرباني الذي أدبه فأحسن تأديبه )
وأضاف قائلا :
صار كما وصف أبو عثمان النهدي ( والذي لو شاء أن تنطق قناني هذه نطقت ، لو كان عمر بن الخطاب ميزانا ، ما كان فيه ميط شعرة )
2
رووا أن ابنته حفصة أم المؤمنين قالت له :
” يا أمير المؤمنين . إنه قد أوسع الله في الرزق وفتح عليك الأرض وأكثر من الخير . فلو طعمت طعاما ألين من طعامك ، ولبست لباسا ألين من لباسك ”
فقال لها ” سأخاصمك إلى نفسك . أما تذكرين ما كان رسول الله صل الله عليه وسلم يلقى من شدة العيش ؟ ”
فما زال يذكرها حتى أبكاها ، ثم قال :
” إني والله لئن أستطعت لأشاركنهما عيشهما الشديد ، لعلي ألقى معهما العيش الرخي ” .. عنى بذلك الرسول وأبا بكر .
كان جل همه أن يلحق بصاحبيه ، ويخرج من الدنيا ، كفافا لا له لا عليه وقد اختط لنفسه خطة ، لم يستطعها إلا القليلون ، حتى في ذلك الزمان ، والناس قريبو عهد بمنبع الضوء ، فكيف بنا في هذا الزمان .
وهيهات لنا أن نقترب من تلك الأعالي ! وفقا لتعبير الطيب صالح .
تعجب لذلك الإنسان ، وكل أحواله عجب ، ألا يستقر أبدا ؟
ألا يريح جسده ؟
ألا تغمض عينه ؟
يقفز من بين السطور في كتب التاريخ ، يركض على الصفحات ركضا .
بينما تراه واقفا يعظ في مسجد رسول الله ، إذ هو في بيت المال باركا على ركبتيه ، حاسرا عن رأسه ، مشمرا ساعديه ، يعد ويقسم . ثم إذا هو يجيش الجيوش الجرارة ، ويتابع سير المعارك على بعد آلاف الأميال ، لا تخفى عنه صغيرة ولا كبيرة ، والرسل يغدون ويروحون ، بينه وبين ساحات القتال ، وكأنه وحده ” غرفة عمليات ” .
يتجول في الأسواق يحمل درته ، ويطوف في البوادي ، يعطي بنفسه كل ذي حق حقه في يده .
ثم تجده يسعى في طرقات المدينة في جوف الليل ، مثل طيف رحيم يتصنت على بكاء الأطفال ، وآهات الأيامى ، وشكوى النساء اللائي غاب أزواجهن عنهن في ميادين القتال .
سيدنا عمر بن الخطاب مثال من أمثلة الرجال الذين درسوا في مدرسة باب الفاتح ، المعلم الرباني محمد صل الله عليه وسلم .
فإضاءوا الكون بأنوار التاريخ بإشراقة مظاهر الرقي البشري الجديدة في الكون .
فشرف الوجود لأول مرة بإنسان جديد متوهج بدين الإسلام ، قادر على التضحية النبيلة والجليلة من أجل إعلاء رايته في كل مكان .
3
في السابع عشر من رمضان ، العام الثاني من هجرة الرسول صل اللهعليهوسلم . اليوم الموافق 13 من مارس عام 624 م .
يضع كتاب التاريخ البشري في صفحته أول قاعدة من قواعد الحرب بين فئتين وذلك في موقعة بدر التي وقعت بين المسلمين بقيادة الرسول محمد صل الله عليه وسلم وقبيلة قريش ومن حالفها من العرب بقيادة عمرو بن هشام المخزومي القرشي .
وتعد بدر أولَ معركةٍ من معارك الإسلام الفاصلة ، وقد سُميت بهذا الاسم نسبةً إلى منطقة بدر التي وقعت المعركة فيها ، وبدر بئر مشهورة تقع بين مكة والمدينة المنورة .
وتستمد غزوة بدر أهميتها من أن عدد المسلمين في هذه المعركة قليلا جدا مقارنة بأعداد المشركين ، حيث كان عدد المسلمين 313 رجلا ، وعدد المشركين 950 رجلا ، وقيل أن عدد جيش قريش كان ألفاً ، وكان معهم مئتا فرس يقودونها إلى جانب جمالهم ، ومعهم القيان يضربون بالدفوف ، ويغنين بهجاء المسلمين كما ذكر ابن كثير في كتابه البداية والنهاية .
وانتهت غزوة بدر بانتصار المسلمين على قريش وقتل قائدهم عمرو بن هشام ، وكان عدد من قُتل من قريش في غزوة بدر سبعين رجلاً وأُسر منهم سبعون آخرون ، أما المسلمون فلم يُقتل منهم سوى أربعة عشر رجلاً ، ستة منهم من المهاجرين وثمانية من الأنصار ، وكان من نتائج غزوة بدر أن قويت شوكة المسلمين .
4
التمعت في معركة بدر معجزة من ألمع معجزات التأييد والنصر للمسلمين ، فقد أمدهم الله فيها بملائكة يقاتلون معهم ، وقاموا بكل ما يمكن أن يكون سببا لنصر المسلمين ، من بشارتهم بالنصر ، ومن تثبيتهم بما ألقوه في قلوبهم من بواعث الأمل والاطمئنان والثبات ، وبما أظهروه للمسلمين من أنهم معانون من الله تعالى ، بل وبما قام بعض الملائكة من الاشتراك الفعلي في القتال ..
وفي ذلك قال الله تعالى : ( إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ )
– الأنفال : 12 –
وقال تعالى : ( وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ * بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةُ مُسَوِّمِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ )
– آل عمران 126 : 123-
وعن سماك الحنفي ( أبو زميل ) ـ رضي الله عنه ـ قال سمعت ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ يقول : حدثني عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ قال: ( لما كان يوم بدر نظر رسول الله – صل الله عليه وسلم – إلى المشركين وهم ألف وأصحابه ثلاثمائة وتسعة عشر رجلا ، فاستقبل نبي الله – صل الله عليه وسلم – القبلة ثم مد يديه فجعل يهتف بربه : اللهم أنجز لي ما وعدتني ، اللهم آت ما وعدتني ، اللهم إن تهلك هذه العصابة ( الجماعة من الناس ) من أهل الإسلام لا تُعْبد في الأرض ، فمازال يهتف بربه مادا يديه مستقبل القبلة حتى سقط رداؤه عن منكبيه ، فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه ثم التزمه من ورائه ، وقال :
يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك فإنه سينجز لك ما وعدك ، فأنزل الله عز وجل :
( إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ ) – الأنفال : 9 – فأمده الله بالملائكة .
وقد أسر رجل قصير من الأنصار العباس بن عبد المطلب ، فقال العباس : ( يا رسول الله إن هذا والله ما أسرني ، لقد أسرني رجل أجلح (انحسر الشعر عن جانبي رأسه ) من أحسن الناس وجها ، على فرس أبلق – به سواد وبياض – ما أراه في القوم ، فقال الأنصاري :
أنا أسرته يا رسول الله ، فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ اسكت فقد أيدك الله تعالى بملك كريم ) رواه البخاري .
وعن أبي داود المازني ـ رضي الله عنه ـ وكان شهد بدرا قال : ( إني لأتبع رجلا من المشركين لأضربه ، إذ وقع رأسه قبل أن يصل إليه سيفي ، فعرفت أنه قد قتله غيري )
رواه أحمد .
وعن معاذ بن رفاعة عن أبيه ، وكان أبوه من أهل بدر ، قال :
( جاء جبريل إلى النبي ـ صل الله عليه وسلم ـ فقال : ما تعدون أهل بدر فيكم ؟ ، قال : من أفضل المسلمين ـ أو كلمة نحوها ـ قال: وكذلك من شهد بدرا من الملائكة )
رواه البخاري .
5
يرى المفسرون أن الآيات والأحاديث الواردة والمؤكدة لنزول الملائكة يوم بدر كثيرة ، ومن ثم فإن تحاشي وحرج بعض المسلمين ـ من كُتاب وغيرهم ـ من الإشارة أن الملائكة شاركت المسلمين في بدر في قتال المشركين ، ما هو إلا صورة من مظاهر الهزيمة أمام الفكر المادي الذي لا يؤمن إلا بالمحسوسات .
فالإيمان بالملائكة ركن من أركان إيماننا بالله ، والله ـ عز وجل ـ أعلم بكيفية قتال الملائكة وأدوات حربهم وأفراسهم ، وليس علينا إلا الإيمان والتسليم بما أتانا به الخبر الصادق من كتاب أو سنة .
فإن قيل : ما الحكمة في نزول الملائكة مع أن جبريل وحده قادر على إهلاك المشركين جميعا بأمر الله عز وجل ؟!
أجاب السبكي بقوله :
” وقع ذلك لإرادة أن يكون الفعل للنبي ـ صل الله عليه وسلم ـ وأصحابه ، وتكون الملائكة مددا على عادة مدد الجيوش ، رعاية لصور الأسباب وسننها التي أجراها الله تعالى في عباده ، والله تعالى هو فاعل الجميع ” ..
فالإسلام يحفز المسلمين إلى أن يباشروا بأنفسهم إزهاق الباطل والجهاد في سبيل الله ، وأن يهيئوا الأسباب المادية والإيمانية لتحقيق النصر : ( قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ )
– التوبة : 14 –
إن نزول الملائكة من السموات العُلَى إلى الأرض لنصر المؤمنين حدث عظيم ، وثبات راسخ للمؤمنين حينما يوقنون بأنهم ليسوا وحدهم في الميدان ، وأنهم إذا حققوا أسباب النصر واجتنبوا موانعه فإنهم أهل لمدد السماء ، وهذا الشعور يعطيهم جرأة في مقابلة الأعداء ، لبُعد التكافؤ المادي بين جيش الكفار الكبير عدداً القوي إعداداً ، وجيش المؤمنين القليل عدداً الضعيف إعداداً .
وتلك مدرسة سيدنا محمد صل الله عليه وسلم المعلم الرباني الذي أوضح لنا أول شرط من شروط الإنتصار على العدو هو الإنتصار لله في نفسك .