يمن مونيتور:
2024-12-31@15:15:06 GMT

مقاصد الدين

تاريخ النشر: 5th, September 2024 GMT

العلاقة بين مقاصد الدين ومقاصد الشريعة هي علاقة عموم وخصوص، وبيان ذلك كالتالي:

الأولى: الشريعة جزء من الدين لا الدين كله، لأن الدين يشمل العقيدة والشعائر والشريعة، بينما الشريعة هي الجزء الخاص بالأحكام والتشريعات والضوابط التي تنظم حياة الناس في عالم الشهادة، وترشد الناس لما يصلح معاملاتهم وسلوكهم اليومي.

وبالتالي فإن مقاصد الدين أوسع من مقاصد الشريعة، كونها تشمل مقاصد العبادات والعقائد والقيم والتشريعات، وبها تتجلى الغايات التي جاء بها الرسل ونزلت بها الكتب، وبمعرفتها يكون المؤمن على بينة من تفاصيل الدين وجزئياته إن ظلت تلك الأهداف والغايات حاضرة في ذهنه على الدوام، وإذا غابت تناقض واضطرب، وفقد البوصلة التي ترشده نحو المسارات الصحيحة. أما مقاصد الشريعة فهي تعني أهداف التشريع وغاية القوانين المنظمة لحياة الناس.

الثانية: المدخل لدراسة مقاصد الدين يختلف عن مدخل دراسة مقاصد الشريعة، فمقاصد الدين مدخلها الآيات التي جاءت معللة مقصد وهدف إرسال الرسل وإنزال الكتب، والآيات التي جاءت معللة مقصد وهدف إرسال نبينا عليه السلام، وإنزال القرآن، أما مقاصد الشريعة فمدخلها استقراء الأحكام القطعية التفصيلية بهدف الوصول إلى كليات جامعة متسقة مع مقاصد الدين، ومع عالمية الرسالة.

أما مقاصد الدين فباستقراء الآيات القرآنية والنظر في الآيات المعللة التي تشير إلى المقاصد والغايات نجد أنها تذكر المقاصد الآتية:

الأول: القسط هو المقصد من إنزال الكتب وإرسال الرسل، يقول تعالى: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ [الحديد:٢٥]، هذه آية واضحة تقول ببساطة إن هدف إرسال الرسل وإنزال الكتب هو إقامة “القسط”، والقسط هو العدل، ومن فرق بينهما قال: إن العدل لفظ يحمل مفهوم المساواة، والقسط يعني النصيب العادل، والقسط ضده الجور، والعدل ضده الظلم.

الثاني: الرحمة هي المقصد من رسالة نبينا عليه السلام، يقول تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء:١٠٧]، وهذه الآية واضحة في أن “الرحمة” للعالمين هي هدف رسالة نبينا عليه السلام، وهي رحمة للعالمين لا للإنسان فقط.

الثالث: التزكية، يقول تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ﴾ [الجمعة:2]. فإنها توضح أن هدفه هو تزكية الناس وتعليمهم الكتاب والحكمة.

الرابع: طمأنينة الإنسان هي المقصد من نزول القرآن، قال تعالى: ﴿طه* مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى* إِلاَّ تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَى﴾ [طه: ١-3]، فالآية تؤكد أن الله لم ينزل القرآن لشقاء الإنسان؛ وإنما هو تذكرة وموعظة للإنسان كي تطمئن روحه في الدنيا والآخرة.

الخامس: التوحيد من أهم مقاصد إرسال الرسل، يقول تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾ [الأنبياء:25]. وقول تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ﴾ [النحل:٣٦]، فهدف بعثة كل نبي هو تحقيق التوحيد والعبودية لله سبحانه، والتوحيد في خلاصته هو تحرير الإنسان عن عبودية ما سوى الله.

السادس: العبادة هي مقصد خلق الجن والإنس، يقول تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات:٥٦]، فالعبودية لله مقصد من مقاصد الخلق.

السابع: الابتلاء هو مقصد الحياة والموت، يقول تعالى: ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ﴾ [الملك:٢]؛ فالاختبار بحسن العمل مقصد من مقاصد الخلق.

الثامن: الاستعمار للأرض من مقاصد خلق الإنسان في الأرض، يقول تعالى: ﴿هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾ [هود:٦١]، فاستعمار الأرض، أي عمارتها، مقصد من مقاصد الخلق، وعمارتها تكون بقيم الحق والخير والجمال.

التاسع: حرية الاختيار، وهو مقصد مرتبط بالابتلاء وعمارة الأرض، إذ لن يكون ابتلاء حقيقي للإنسان إلا إذا مُنح حرية الاختيار، لأن الإكراه يسقط عنه المسؤولية، فحريته هي التي تمنحه المسؤولية في الآخرة، وعبادة الله طوعاً لا كرهاً لا تتحقق إلا بالحرية، ولهذا كانت الحرية هي الأمانة التي تحملها الإنسان وأشفقت بقية المخلوقات من حملها، لما فيها من مسؤولية في الآخرة، يقول تعالى: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً﴾ [الأحزاب:٧٢].

ومنع الله سبحانه الإكراهَ على الإنسان من أي جهة كانت حتى لو كانت من الأنبياء والرسل، ولا يُكره إنسانٌ على أي فكرة كانت حتى لو كان الدين نفسه ﴿لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ البقرة:٢٥٦. ومن يمنع عن الإنسان حريته فهو يقف أمام الأمانة العظمى التي حملها الله سبحانه للإنسان، ويقطع طريق الاختبار للإنسان، ويقف بذلك ضد مقصد الدين من خلق الإنسان.

فهذه أهم مقاصد الدين العامة التي ذكرتها الآيات، ويمكن أن نوزعها على أصول الإسلام الثلاثة، العقيدة والشعائر والشريعة، فتكون كالتالي:

مقاصد العقائد: التوحيد والعبودية.

مقاصد الشعائر: التزكية والتقوى.

مقاصد الشريعة: القسط والرحمة.

ومن تحقق بتلك المقاصد فقد حقق مقصد عمارة الأرض، ونجح في مقصد الابتلاء بحسن العمل، وحقق مقصد الطمأنينة والانسجام مع الكون.

د.عبدالله القيسي4 سبتمبر، 2024 شاركها فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام "العليمي": ملايين الأطفال يلاقون حتفهم بسبب رفض الحوثيين حملات التحصين مقالات ذات صلة “العليمي”: ملايين الأطفال يلاقون حتفهم بسبب رفض الحوثيين حملات التحصين 4 سبتمبر، 2024 النَّكف: سلاح القبيلة العُرفي الذي تتنازعه أطراف الحرب باليمن 4 سبتمبر، 2024 بدء صرف مستحقات الموظفين المبعدين عن وظائفهم في محافظات جنوب اليمن 4 سبتمبر، 2024 الحوثيون يوجهون بمنع الاحتفالات بثورة 26 سبتمبر في مدارس إب وسط البلاد 4 سبتمبر، 2024 اترك تعليقاً إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التعليق *

الاسم *

البريد الإلكتروني *

الموقع الإلكتروني

احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.

Δ

شاهد أيضاً إغلاق الأخبار الرئيسية بدايات إبراهيم الحمدي (2) 31 أغسطس، 2024 الأخبار الرئيسية مقاصد الدين 4 سبتمبر، 2024 “العليمي”: ملايين الأطفال يلاقون حتفهم بسبب رفض الحوثيين حملات التحصين 4 سبتمبر، 2024 النَّكف: سلاح القبيلة العُرفي الذي تتنازعه أطراف الحرب باليمن 4 سبتمبر، 2024 بدء صرف مستحقات الموظفين المبعدين عن وظائفهم في محافظات جنوب اليمن 4 سبتمبر، 2024 الحوثيون يوجهون بمنع الاحتفالات بثورة 26 سبتمبر في مدارس إب وسط البلاد 4 سبتمبر، 2024 الأكثر مشاهدة واللاتي تخافون نشوزهن 14 مارس، 2018 التحالف يقول إن نهاية الحوثيين في اليمن باتت وشيكة 26 يوليو، 2019 الحكومة اليمنية تبدي استعدادها بتوفير المشتقات النفطية لمناطق سيطرة الحوثيين وبأسعار أقل 12 أكتوبر، 2019 (تحقيق حصري) كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ 29 أغسطس، 2021 مجموعة العشرين تتعهّد توفير “الغذاء الكافي” في مواجهة كورونا 22 أبريل، 2020 اخترنا لك بدايات إبراهيم الحمدي (2) 31 أغسطس، 2024 كي نستحق تضحياتهم 28 أغسطس، 2024 عن إعلان تعز والأمل والطبع “الخيبة” 28 أغسطس، 2024 المنظمات الأممية.. من مجاراة الصرخة حتى توطين التحويث 22 أغسطس، 2024 جدلية العلاقة بين السلطة والمعارضة 22 أغسطس، 2024 الطقس صنعاء غيوم متفرقة 23 ℃ 23º - 22º 27% 4.03 كيلومتر/ساعة 23℃ الأربعاء 27℃ الخميس 26℃ الجمعة 27℃ السبت 27℃ الأحد تصفح إيضاً مقاصد الدين 4 سبتمبر، 2024 “العليمي”: ملايين الأطفال يلاقون حتفهم بسبب رفض الحوثيين حملات التحصين 4 سبتمبر، 2024 الأقسام أخبار محلية 27٬750 غير مصنف 24٬179 الأخبار الرئيسية 14٬454 اخترنا لكم 6٬965 عربي ودولي 6٬773 غزة 6 رياضة 2٬287 كأس العالم 2022 72 اقتصاد 2٬216 كتابات خاصة 2٬055 منوعات 1٬971 مجتمع 1٬827 تراجم وتحليلات 1٬736 ترجمة خاصة 29 تحليل 7 تقارير 1٬581 آراء ومواقف 1٬499 صحافة 1٬474 ميديا 1٬376 حقوق وحريات 1٬298 فكر وثقافة 884 تفاعل 810 فنون 472 الأرصاد 290 بورتريه 63 صورة وخبر 35 كاريكاتير 32 حصري 21 الرئيسية أخبار تقارير تراجم وتحليلات حقوق وحريات آراء ومواقف مجتمع صحافة كتابات خاصة وسائط من نحن تواصل معنا فن منوعات تفاعل English © حقوق النشر 2024، جميع الحقوق محفوظة   |   يمن مونيتورفيسبوكتويترملخص الموقع RSS فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام زر الذهاب إلى الأعلى إغلاق فيسبوكتويترملخص الموقع RSS البحث عن: أكثر المقالات مشاهدة واللاتي تخافون نشوزهن 14 مارس، 2018 التحالف يقول إن نهاية الحوثيين في اليمن باتت وشيكة 26 يوليو، 2019 الحكومة اليمنية تبدي استعدادها بتوفير المشتقات النفطية لمناطق سيطرة الحوثيين وبأسعار أقل 12 أكتوبر، 2019 (تحقيق حصري) كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ 29 أغسطس، 2021 مجموعة العشرين تتعهّد توفير “الغذاء الكافي” في مواجهة كورونا 22 أبريل، 2020 أكثر المقالات تعليقاً 1 ديسمبر، 2022 “طيران اليمنية” تعلن أسعارها الجديدة بعد تخفيض قيمة التذاكر 30 ديسمبر، 2023 انفراد- مدمرة صواريخ هندية تظهر قبالة مناطق الحوثيين 21 فبراير، 2024 صور الأقمار الصناعية تكشف بقعة كبيرة من الزيت من سفينة استهدفها الحوثيون 4 سبتمبر، 2022 مؤسسة قطرية تطلق مشروعاً في اليمن لدعم أكثر من 41 ألف شاب وفتاه اقتصاديا 4 يوليو، 2024 دراسة حديثة تحلل خمس وثائق أصدرها الحوثيون تعيد إحياء الإمامة وتغيّر الهوية اليمنية 26 فبراير، 2024 معهد أمريكي يقدم “حلا مناسباً” لإنهاء هجمات البحر الأحمر مع فشل الولايات المتحدة في وقف الحوثيين أخر التعليقات محمد عبدالله هزاع

يا هلا و سهلا ب رئيسنا الشرعي ان شاء الله تعود هذه الزيارة ب...

.

نرحو ايصال هذا الخبر...... أمين عام اللجنة الوطنية للطاقة ال...

issam

عندما كانت الدول العربية تصارع الإستعمار كان هذا الأخير يمرر...

مروان عباس محمد فارع

المنتخب اليمني ............. لماذا لم يكن زي منتخب اليمن الف...

صالح البيضاني

سلام الله على حكم الامام رحم الله الامام يحيى ابن حميد الدين...

المصدر: يمن مونيتور

كلمات دلالية: الیمن 4 سبتمبر مقاصد الشریعة مقاصد الدین یقول تعالى من مقاصد مقصد من

إقرأ أيضاً:

"مكانة مصر في القرآن والسنة".. ضمن فعاليات الأسبوع الثقافي بالفيوم 

نظمت أوقاف الفيوم ندوة بعنوان "مكانة مصر في القرآن والسنة" ضمن فعاليات اليوم الأول من الأسبوع الثقافي، وذلك بمسجد الغفران التابع لإدارة أوقاف طامية أول.

يأتي هذا في إطار دور وزارة الأوقاف المصرية ومديرية أوقاف الفيوم العلمي لتحقيق مقاصد الشريعة وتقديم خطاب ديني وسطي رشيد. 

جاء ذلك بحضور الدكتور محمود الشيمي مدير المديرية، وفضيلة الشيخ محمود حسانين، رئيس المنطقة الأزهرية بالفيوم، وفضيلة الشيخ حسين عويس مدير إدارة أوقاف طامية، وفضيلة الشيخ محمد عبد الكريم عضو لجنة المتابعة بالمديرية، وجمع غفير من رواد المسجد.

وخلال هذه اللقاءات، أكد العلماء أن الله شرَّف مصر، وكرَّمها، وجعلها كنانته في أرضه، ووهبها مكانة سامقة إلى يوم الدين، فهي أم البلاد، وغوث العباد،وهي التي علَّمت الدنيا الحضارة وأضاءت مشاعل النور، ونشرت العلوم والآداب والفنون في كل مكان.

العلماء: مصر هي البلد الوحيد الذي ذكر في القرآن الكريم صراحة 

وأشار العلماء إلى أن مصر هي البلد الوحيد الذي ذُكر في القرآن الكريم أربع مرات صراحة؛ قال تعالى:"فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىٰ إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ" (يوسف: 99)، وذُكرت بالتلميح، في أكثر من ثلاثين مرة‏، وهو أمر لم يكن لأي دولة في القرآن الكريم‏، وآيات التلميح لها مواطن كثيرة متفرقة، ومن ذلك قوله تعالى:"وَالطُّورِ (1) وَكِتَابٍ مَّسْطُورٍ" الطور (2)،فأغلب الآيات الكريمة التى ورد فيها ذكر مصر- تصريحًا أو تلميحا- تشع بالخير والبركة لهذا البلد الأمين، ومن بركاتها نهر النيل الذي نشأت على ضفافه حضارة شامخة،لا يزال إلى الآن لها طلع نضيد يحير الألباب.

كما أوضح العلماء أن خليل الرحمن سيدنا إبراهيم -عليه السلام- عاش على أرضها وتزوج السيدة هاجر منها،ونشأ فيها نبي الله إدريس -عليه السلام-، وبعث ومات داعيًا إلى التوحيد،ودخلها نبي الله يعقوب -عليه السلام- وأولاده، وسبقهم إليها نبي الله يوسف -عليه السلام- الذي أمضى حياته كلها فيها، فكانت له مقامًا طيبًا، وأتى بقومه جميعا من أرض فلسطين للإقامة في مصر، قال تعالى:"ادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ" (يوسف: 99)، وجعلها الله سلة غذاء العالم وخزائن الأرض، وجاء إليها الناس من كل فج عميق؛ ليأخذوا نصيبهم من الغذاء، بفضل مشورة سيدنا يوسف الذي أنقذ مصر والعالم من المجاعة حينما ادخر القمح وخزَّنه في سنابله،قال تعالى:"قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تَأْكُلُونَ" (يوسف: 47)، وعلى أرضها وُلد كليم الله سيدنا موسى وهارون -عليهما السلام-، وقد تجلى الله سبحانه فيها على موسى -عليه السلام-، وجعل محبته في قلوب الناس، قال تعالى: "وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي" (طه:39)، وكلَّمه الله وهو في أرض مصر بطور سيناء، وشُرِّفت مصر بأن آوت سيدنا عيسى -عليه السلام- وأمه السيدة مريم ابنة عمران، وانتقلا منها معززين إلى القدس الشريف.

كما ذكر العلماء أن مصر ذُكرت على لسان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، في أحاديث متعددة، حيث أوصى بالإحسان إلى أهلها؛ فقال صلى الله عليه وسلم: (إنكم ستفتحون مصرَ، وهي أرضٌ يُسمى فيها القيراطُ، فإذا فتحتموها فأحسنوا إلى أهلِها فإن لهم ذمةً ورحمًا أو قال: ذمةً وصهرًا)، فالرحم هي أمنا هاجر أم أبينا إسماعيل عليه السلام، أما الصهر فهي السيدة (مارية القبطية) التي تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنجبت له ابنه إبراهيم،وأن جند مصر هم خير أجناد الأرض؛ فهم في رباط وحراسة للوطن والإسلام والعروبة إلى يوم القيامة،وأن مصر على الرغم من قوتها عبر التاريخ الإسلامي فإنها لم تكن معتدية أو غازية أبدا؛ بل كانت حامية للدين، وسندًا للعرب والمسلمين في كل مكان، يقول الإمام ابن كثير في تاريخه: في عام الرمادة - والجوع والفقر يحاصران الأمة الإسلامية- كتب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، لعمرو بن العاص حاكم مصر -رضي الله عنهما: "واغوثاه.. واغوثاه.. واغوثاه"، فقال عمرو بن العاص: ".. والله لأرسلن قافلة من الأرزاق أولها في المدينة، وآخرها عندي في مصر". كما شرَّفها الله بأن أرسلت كسوة الكعبة المشرفة على المحمل العظيم لألف عام،وقد حباها الله نهر النيل المبارك، الذي يعد مكرمة من الله لمصر، فعن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: (سيحان وجيحان والفرات والنّيل كلٌّ من أنهار الجنّة). 

مقالات مشابهة

  • الإفتاء: سيدنا آدم نبي بنص القرآن والله تعالى خص الأنبياء بالذكر
  • عام ٢٠٢٤ في سطور خجولة.
  • وزير إسرائيلي يهدد زعيم الحوثيين بمصير “نصر الله”
  • لبنانيًا.. هذه أبرز الأحداث التي شهدها عام 2024
  • "مكانة مصر في القرآن والسنة".. ضمن فعاليات الأسبوع الثقافي بالفيوم 
  • ماذا كان يقول الرسول بعد صلاة الفجر؟.. 5 أدعية تقيك كل مكروه
  • ما علامات حب الله للعبد؟.. تحري 30 إشارة واغتنمها بـ3 أدعية
  • احذر هذا الفعل فى آخر يوم من سنة 2024
  • تعرف علي مواقيت الصلاة اليوم الأحد 29-12-2024 في محافظة البحيرة
  • واشنطن تؤكد مواصلة عملياتها الجوية في اليمن.. والحرس الثوري يقول إن النصر سيكون حليف الحوثيين