كتب- محمد شاكر:

صدر حديثًا عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، بإشراف الكاتب محمد ناصف، نائب رئيس الهيئة، رواية "شارميست" للكاتب وليد النحاس الهواري، إحدى أعمال الفائزين في المسابقة الأدبية المركزية للهيئة في دورتها الأخيرة.

تأتي الرواية في 150 صفحة من القطع المتوسط، وقسمت عناوينها إلى مقدمة لما حدث وتسع وصايا.

وعنها يقول الكاتب: "كنت أتمنى أن أسرد بها شهادات حقيقية من أصحابها؛ لأنك قد تصف الأحداث وموقعها وملابساتها، فقد تفترض حوارا لم تسمعه لكنك أبدا لن تنقل مشاعرهم ومخاوفهم وهواجسهم ولا حتى نزواتهم.

فأنت فقط نافذة تشاهد منها العالم والناس والأحداث، لكنك لا تستطيع أن تقرأ أفكارهم، ولا تطلع أبدا على نواياهم، ولا تستطيع الغوص في أسباب إصرارهم أو ترددهم.

فكان لابد من رسم لوحة فنية فيها جزء من الحقيقة، لكنها ليست كل الحقيقة، ففيها جزء من أرواحهم لكن فيها كل روحك.

أنت كاميرا فوتوغرافية تختلس المشاهد غير المفتعلة، وتتوقف حول اللحظات الفارقة؛ لتثبتها دون أن تفتش ما خلف الضحكات وما وراء النظرات".

ويضيف: "إنك إن تكتب فهذا يعنى أن تكون طفلا صاخبا جدا في أفكارك وهادئا في رسم الشخصيات، وأن تهب كلا منهم جزءا من روحك، يفرح لأفراحهم ويحزن لأحزانهم، وتسيل دموعه معهم، وتعلو الضحكات أيضا لما يضحكهم.

وقد كتبت عنهم لكنني وددت لو أكتبهم حتى تراهم أحياء هنا على الورق، فيمكنك أن تعيش تجربتهم كاملة".

من الوصية الأولى نقرأ: "صمت الحارس قليلا ثم عقد كفيه خلف ظهره وبدأ يتسلق تلك الصخرة الخضراء حتى استوى قاعدا عليها ثم أكمل وهو يلوح بيده قائلا:

أهلا بكم في المدينة المسحورة، والخارجة من أساطير ألف ليلة وليلة؛ هي الجزيرة التي رسا عليها السندباد، ثم لم يعد أبدا إلى مغامراته، وهي الجسر الوردي بين المختلفين، وهي الغابة الزرقاء، ومتحف البشر الأحياء.

هي الساحرة الكبرى، والغانية الشهيرة، والمعشوقة الفريدة، وهي صفحة من كتاب الفن على الأرض.

نهض الحارس وهو يمسك كشافا ذا ضوء مبهر، ثم قال: "قبل أن تطرق أحد أبوابها، استمع، وتعلم، وتربص، فهناك دائما أحدهم يتربص بك، واخلع دهشتك عند الأعتاب".

وأعلنت الهيئة العامة لقصور الثقافة، في نوفمبر الماضي نتيجة المسابقة الأدبية المركزية التي تقدم إليها عدد كبير من الموهوبين والمبدعين من مختلف المحافظات، في مجالات شعر العامية والفصحي، القصة القصيرة، الرواية، الدراسات النقدية، أدب الطفل، وجاءت المسابقة إطار حرص هيئة قصور الثقافة على دعم الحراك الأدبي، حيث ينتج عنها تقديم أعمال رفيعة المستوى للقراء، الأمر الذي يسهم في تحقيق رسالة الهيئة.

وأصدرت الهيئة مؤخرا عددا من الإصدارات ضمن سلاسل الإدارة العامة للنشر الثقافي، برئاسة الكاتب الحسيني عمران، التابعة للإدارة المركزية للشئون الثقافية، برئاسة الشاعر مسعود شومان، ومنها "خرافات أيسوب المصري" لعبد الفتاح الجمل، دراسة وتقديم عائشة المراغي، "حكايات أفلامنا" لناجي فوزي، "بنات الملح" لمنال السيد، "الفرق الغنائية" لمحمد أبو شادي، و"الصناعات المعدنية في مصر خلال سبعة آلاف عام" للدكتور سعد الراجحي، وغيرها.

المصدر: مصراوي

كلمات دلالية: حادث طابا هيكلة الثانوية العامة سعر الدولار إيران وإسرائيل الطقس أسعار الذهب زيادة البنزين والسولار التصالح في مخالفات البناء معبر رفح تنسيق الثانوية العامة 2024 سعر الفائدة فانتازي الحرب في السودان الهيئة العامة لقصور الثقافة رواية شارميست المسابقة الأدبية المركزية الموهوبين والمبدعين هيئة قصور الثقافة

إقرأ أيضاً:

الانتصار: هل يُعيد تشكيل الوعي لمستقبل واعد، أم مجرد فصل جديد في رواية لم يتغير سياقها؟

د. الهادي عبدالله أبوضفائر

فرحة الانتصار، التي وقف فيها الجيش والقوات المساندة له صامدين كالجبال، مُقدمين الغالي والنفيس، ليس مجرد واجب، بل كعهدٍ خالدٍ لا ينكسر. لم يكن هذا الفداء إلا انعكاساً لروحٍ، لا تعرف الانحناء، وعزيمةٍ تتحدى المستحيل، حيث امتزجت الدماء بالحلم، والتضحية بالمجد. إنها فرحة لم تكن مجرد نشوةٍ لحظية أوفرحة خاطفة، بل كانت ذروة ملحمة إنسانية، تماهت فيها دموع الشعب مع دماء الأبطال، لينسجوا معاً رايةً لا يطويها النسيان. ففي كل قطرة دمٍ سُكبت، وفي كل صرخة ألمٍ علت، كان هناك وعدٌ يولد، بأن هذا الوطن لن يكون إلا حراً، عزيزاً. أنها ملحمة إنسانية خُطّت بمداد التضحية، حيث التقى الألم بالأمل، والفقد بالمجد.

وسط قرع طبول الفرح، وفي غمرة الزهو بالنصر المستحق، يلوح في الأفق سؤال أشد عمقاً، يتجاوز لحظة النشوة ويخترق حجاب المستقبل: ماذا بعد؟ هل الانتصار خاتمة المسير، أم أنه أول الخُطى على درب لا يقل وعورةً عن دروب القتال؟ وهل النصر مجرد احتفاء بلحظة الفوز، أم يمكن تحويله إلى بذرة تُغرس في تربة المجد، فتنمو وتزدهر، لا لتذبل مع مرور الزمن، ولا لتبهت تحت وطأة الاندثار؟ إن الانتصار ليس راية تُرفع في يوم الفوز ثم تُطوى مع تعاقب الأيام، إن أعظم الانتصارات لا تُقاس فقط بما يُكتسب من أرض أو يُحقق من غايات، بل بما يُترجم إلى وعي حضاري قادر على اجتثاث أسباب الفرقة والشتات. فالشعوب التي لا تعي أن قوتها الحقيقية تكمن في وحدتها، تظل أسيرة دوائر الصراع، تتكرر أخطاؤها بأسماء مختلفة، وتتعثر خطواتها على الطرق ذاتها. أكتوبر، تفتحت فيها أزهار الحرية حينما أعلن الشعب عن رغبته في حياةٍ كريمة، لا يطالها الاستبداد ولا تُغشيها ظلال الفقر. وفي أبريل، ارتسمت ملامح التجدد بجرأة الأمل والإصرار على التغيير، حيث صار الحلم واقعاً يستحق النضال. وفي ديسمبر، ترددت أصداء الثورة لتحكي قصة شجاعة لا تعرف الاستسلام، قصة شعب أضاء درب الحرية بكفاحٍ لا يلين. ولكن، يبقى السؤال: هل لدينا الاستعداد أن نحافظ على النصر؟ هل نحن مستعدون للوقوف أمام اختبار الزمن، وحماية النصر حتى لا يصبح سراباً يذبل مع مرور الأيام؟ هل سنكتفي بظل وهج لحظي، أم سنغرس بذور هذا النصر في تربة الاستمرارية، ليرتقي من مجرد لحظة انتصار إلى مسيرة حضارية تُخلّد في صفحات التاريخ.

حينما يصمت أزير البنادق، هل ذلك إعلاناً للانتصار المطلق، وضماناً لسلام دائم وتعايش بين المكونات، أم أنه بزوغ فجر أشد تعقيداً، معركة إعادة البناء واستعادة التوازن؟. الهزيمة العسكرية، مهما بدت ساحقة، ليست سوى سطر في فصل طويل من التاريخ، فالتحدي كيف نعيد ترميم مجتمع أرهقته الحروب ومزقه خطاب الكراهيه، وأُنهكته دوامة الصراعات؟ إن سقوط الميليشيات لا يعني بالضرورة سقوط الأفكار التي أنجبتها، ولا يمحو الخراب الذي خلّفته في بنية الدولة والمجتمع. فالنسيج الاجتماعي الذي أصابه التمزق لا يلتئم تلقائياً، بل يحتاج إلى وعي عميق وإرادة سياسية صلبة لترميم الهوية الوطنية، وردم الفجوات التي تسللت منها، وبناء أسس لدولة لا تقوم على أنقاض الأزمات، بل تتجذر في العدل والاستقرار. فالانتصار ليس إسقاط كيان مسلح، بل في تأسيس نظام يحول دون ظهور كيان مماثل، وفي بناء وطن محصّن ضد التميز، عصيّ على التصدع، لا تتغذى مؤسساته على الصراعات، بل ترتكز على سيادة القانون، وتُعلي قيم المواطنة، حتى لا تتكرر المأساة في دورة أخرى.

إن سقوط الميليشيا، وإن كان منعطفاً مصيرياً، لا يعني بالضرورة محو الخوف المتجذر في الذاكرة الجمعية، ولا يضمن زوال الكراهية التي تغلغلت في النفوس. فالحرب، بطبيعتها، لا تنتهي بمجرد إسكات البنادق، بل تواصل حضورها في الوعي، تفرز أسئلتها القلقة، وتفرض تحدياتها الأشد تعقيداً: العدالة والمصالحة. وهنا، تُختبر الدولة لا كسلطة قهر، بل كحكومة قادرة على إدارة مرحلة ما بعد الحرب، حتى لا تتحول الهزيمة العسكرية للميليشيا إلى مجرد محطة في دورة أزلية من الفوضى. فالتاريخ يُعلِّمنا أن الفراغ، إن لم يُملأ ببناء راسخ، صار تربة خصبة لولادة أشكال جديدة من العنف، يعيد إنتاج الخراب بأقنعة مغايرة. أخطر ما قد تواجهه أمة خارجة من نفق الاحتراب هو أن تترك جراحها مفتوحة، نهباً لرياح الضعف والانقسام التي تنتظر فرصة جديدة لتقتات عليها. لذلك، فالهدم وحده ليس انتصاراً، ما لم يتبعه بناءٌ راسخٌ يعيد التوازن، ويمنح لكل ذي حقٍ حقه. وكما أن السلاح قد يسكت صوت الفتنة مؤقتاً، فإنه لا يستطيع اقتلاع جذورها إن لم تُجتث معها أسباب الظلم، وإن لم يُسدَّ فراغ العدالة الذي تتسلل منه الفوضى.

المسألة أعمق من مجرد استرداد المدن ورسم الحدود، إنها استعادة الإنسان، وانتشاله من الأنقاض التي شوهت وعيه وأربكت انتماءه. إنها لحظة إعادة تعريف الهوية الوطنية بعيداً عن تشظيات الأيديولوجيا وضجيج الانقسامات، لحظة يُكرَّس فيها سلطة القانون ليعلو فوق همجية السلاح، الانتصار لن يكتمل إلا حين ينعكس في نفوس الأفراد قبل أن يُسجَّل على خرائط الأرض. ومهما بلغت عظمتها، تظل لحظية ما لم تتبعها انتصارات أكثر عمقاً على جبهات الفكر، والاقتصاد، والسياسة. فالحروب قد تهزم الجيوش، لكنها لا تهزم الأفكار، ولا تمحو جذور الصراعات إن لم تُجتث بأدوات أكثر حكمة ورسوخاً. تكتمل الفرحة حين حين يتحول النصر من مجرّد تفوّق عسكري إلى نهضة شاملة، تعيد صياغة الوعي الوطني، وتمنح الشعوب أسباباً حقيقية للسلام والاستقرار. وتنتقل المعركة من ميادين السلاح إلى ساحات الأفكار التي تنبذ الكراهية، وتقتلع جذورها من العقول، وتكسر الدوائر المغلقة التي تعيد إنتاج العنف بأشكال جديدة. إنها لحظة فارقة، يُختبر فيها وعي الأمة وقدرتها على تجاوز الانقسامات، وردم الفجوات، وترميم النسيج الوطني بعيداً عن ثارات الماضي. فإعادة بناء الأوطان لا تُنجز عبر ركام الحروب، بل على أسس العدل والتنمية، لا يكون السلام حقيقياً إلا إذا كان مستداماً، ولا تكون الدولة منيعة إلا إذا كانت عادلة. فالقوة وحدها قد تفرض الاستقرار، لكنها تظل هشّةً إن لم تسندها عدالة حقيقية تحفظ الحقوق وتصون الكرامة. حتى لا تجد الحرب ما تقتات عليه وتعيد انتاج نفسها. فالحروب لا تندلع من فراغ، بل تولد من رحم الظلم، وتتغذّى على الإقصاء والتهميش، وتنمو في بيئة يغيب فيها العدل ويسود فيها الفساد.

abudafair@hotmail.com  

مقالات مشابهة

  • موقع صدى البلد ينعى الكاتب الصحفي مصطفى الجمل
  • تكريم الفائزين بالمسابقة الرمضانية بجعلان بني بوعلي
  • شارك فيها 500 متسابق .. تكريم الفائزين فى مسابقة حفظ القرآن الكريم بقرية مشتهر بطوخ
  • بتمويل مؤسسة الكاتب البريطانية: انصر” تنظم إفطارًا جماعيًا لـ 400 عائلة نازحة في مأرب
  • تعليم قنا تعلن أسماء المعلمين الفائزين بمسابقة الرائد المثالى
  • تعليم قنا تعلن أسماء الفائزين في مسابقة الرائد المثالي على مستوي المديرية
  • الثقافة تعلن أسماء الفائزين في مسابقة دار الكتب والوثائق الرمضانية
  • تكريم الفائزين بمسابقة مسجد عزبة صادق بقرية نزلة الأشطر لحفظ القرآن
  • وزارة الثقافة تعلن أسماء الفائزين في مسابقة دار الكتب والوثائق الرمضانية
  • الانتصار: هل يُعيد تشكيل الوعي لمستقبل واعد، أم مجرد فصل جديد في رواية لم يتغير سياقها؟