تونس- اعتبر محامو المرشح للانتخابات الرئاسية التونسية العياشي زمال، قرار إيداعه السجن دليلا قاطعا على رفض الرئيس قيس سعيد المرشح لولاية ثانية "التنافس الشريف في سباق التداول السلمي على السلطة" وفق تعبيرهم، ووصفوا الاتهامات الموجهة لزمال بـ"تزوير تزكيات ناخبين" بأنها "مفتعلة".

ويأتي قرار سجن زمال وإحالته إلى المحاكمة في وقت لم تستجب فيه هيئة الانتخابات -التي يعتبرها المعارضون والحقوقيون منحازة للرئيس سعيد- لقرار ملزم من المحكمة الإدارية بإرجاع 3 مرشحين للسباق الانتخابي، وهم القيادي السابق بحركة النهضة عبد اللطيف المكي، والقيادي السابق بحزب المؤتمر من أجل الجمهورية عماد الدايمي، والوزير السابق قبل الثورة منذر الزنايدي.

وبناء على شروطها التي اعتبرها المرشحون تعجيزية وإقصائية، لم تقبل هيئة الانتخابات سوى ملف الرئيس قيس سعيد، وملف الأمين العام لـ"حركة الشعب" زهير المغزاوي، الذي يعتقد أن هناك بحثا تحقيقيا تم تحريكه ضده، ورئيس "حركة عازمون" العياشي زمال، الذي كان يتوقع اقتياده للسجن لكنه أظهر عزما قويا لمواصلة حملته.

قبلت هيئة الانتخابات ملفات كل من المرشحين العياشي زمال (يمين) وزهير المغزاوي وقيس سعيد (يسار) (وكالات) حرب شعواء

وقررت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية اليوم الأربعاء إيداع المرشح العياشي زمال بالسجن، وإحالته الخميس إلى المحكمة بتهم تتعلق بـ"افتعال تزكيات، واعتداء على المعطيات الشخصية، وتقديم عطايا للتأثير على الناخب"، وفق ما كشفه محاميه عبد الستار المسعودي الأربعاء.

ويقول المسعودي إن إيداع زمال للسجن "لم يكن مفاجئا" بعد توقيفه من منزله، فجر الاثنين الماضي، نظرا إلى "الحرب الشعواء" التي شنتها الأجهزة الأمنية، وافتعال القضايا والشكاوى ضده بقصد ترهيبه وتشويه سمعته وثنيه عن الترشح.

وكشف المحامي أن زمال ملاحق في جرائم مفتعلة كـ"تدليس وثائق، والتلاعب بمعطيات إلكترونية طبق الفصل 878 من قانون حماية المعطيات الشخصية"، وهو محال بموجب الفصل (161) من قانون الانتخابات الذي يخول المحكمة بإدانته جزائيا وإصدار عقوبة تكميلية بمنعه من الترشح للانتخابات مدى الحياة.

ويقول رمزي الجبابلي، عضو هيئة الدفاع عن المرشح العياشي زمال للجزيرة نت، إن خلفية توقيفه تندرج في إطار "شكاوى كيدية" أثيرت ضده بعد تقديم ترشحه، موضحا أنه "تم توقيفه الاثنين الماضي بدعوى أن مواطنين تقدموا بشكاوى ضده على أساس أنه استغل أسماءهم لتزكيته بالانتخابات".

وأكد للجزيرة نت أن زمال عانى بسبب الشكاوى الكيدية بالانتقال من مركز أمن إلى آخر، وذلك بعد فترة قصيرة من إعلان ترشحه للانتخابات وقبول ملفه في القائمة الأولية للمرشحين منذ أغسطس/آب الماضي، مضيفا أن تلك الممارسات تدخل في خانة "التضييق عليه وعرقلة ترشحه".

واعتبر الجبابلي محاولات قطع الطريق على ترشح زمال دليلا على حالة الخوف لدى "مرشح السلطة"، باعتبار أن زمال "يمتلك مشروعا جديا لطي صفحة الماضي" ويحظى بتفاعل إيجابي من الناخبين، بينما يرى مراقبون أن المسار الانتخابي يشهد يوميا مستجدات صادمة حول إزاحة مرشحين وملاحقتهم قضائيا.

أما بشأن مصير المرشح بعد سجنه، فيقول محاميه المسعودي للجزيرة نت، إن زمال بات من ناحية قانونية مرشحا رسميا للانتخابات، المفترض إجراؤها في السادس من أكتوبر/تشرين الأول المقبل، معتبرا أن ملاحقته بتفعيل أكثر من 25 شكاية ضده "دليل قاطع على سعي السلطة لترهيبه نفسيا لدفعه للتخلي عن ترشحه".

وذكّر المسعودي بتخلي بعض المرشحين للانتخابات الرئاسية عن ترشحهم، على غرار الإعلامي نزار الشعري، بسبب الملاحقات الأمنية والقضائية ضده والحكم عليه بالسجن 8 أشهر، ومنعه من الترشح مدى الحياة في الطور الابتدائي لعملية الترشح.

حملة من السجن

وأعلن المحامي المسعودي أنه "رغم هبوط السلطة بكل ثقلها لمنع زمال من مواصلة السباق الانتخابي، فإن فريقه القانوني سيلعب دورا هاما في هذا الظرف الصعب والدقيق، للدفاع عن حقه الدستوري في الترشح"، مبينا أنه لا يمكن حرمانه من هذا الحق إلا بعد إدانته بحكم قضائي يستوفي جميع مراحل التقاضي، ابتدائي واستئناف وتعقيب.

وقال "لا نزال في أولى مراحل المحاكمة، أي في الطور الابتدائي، وهي مرحلة تتطلب بعض الوقت، بما يجعلنا نقترب من الحملة الانتخابية، وحتى لو افترضنا أنه سيقع التصريح بالحكم في الطور الابتدائي سريعا ضده، فهذا الحكم ليس باتا، ويبقى قابلا للطعن في ظرف 10 أيام من صدور الحكم".

ووفق الجدول الزمني الذي أعلنته هيئة الانتخابات، فإن الحملة الانتخابية تنطلق يوم 14 سبتمبر/أيلول الحالي، ومن هذا المنطلق يقول المسعودي إن زمال سيخوض حملته الانتخابية من داخل السجن، كمرشح رسمي ونهائي في سباق الانتخابات المقبلة، "وهو تقريبا ما كان يتوقعه المرشح العياشي الزمال قبل أيام قليلة من توقيفه".

وأمس عقدت الهيئة السياسية لحركة "عازمون" وهيئة الدفاع عن المرشح العياشي زمال ندوة صحفية، أكدت فيها عدم انسحاب مرشحهم من مسار السباق الانتخابي "ولو حتى في السجن"، مؤكدين أن جميع الشكاوى الموجهة ضده "مفتعلة، ولها بعد سياسي، ولا تتضمن أي إدانة ملموسة".

من ناحية أخرى، أعرب مراقبون عن خشيتهم من إزاحة المرشح زمال من سباق الانتخابات، بسبب إجراءات جديدة أعلنتها هيئة الانتخابات، الأربعاء، فيما يختص بمراقبة شفافية الحملة الانتخابية، وتتمثل في وجوب أن يقوم المرشحون المقبولون بشكل نهائي للانتخابات بالتصريح بالحساب البنكي أو البريدي الخاص بالحملة الانتخابية والتصريح بهوية الوكيل المالي خلال 48 ساعة من تاريخ الإعلان عن القائمة النهائية للمرشحين، أي ابتداء من أمس الأول الثلاثاء.

وبحسب هؤلاء المراقبين، يحتاج استيفاء هذه الشروط إلى توقيع المرشح شخصيا وحضوريا على بعض الوثائق، وبما أن زمال موجود في السجن فقد يؤدي ذلك إلى سحب ترشحه من السباق، وفق رأيهم.

سياسي شاب

ويعتبر العياشي زمال من الوجوه الشابة الصاعدة إلى السياسة في تونس، حيث فاز بمقعد في البرلمان عن حزب "تحيا تونس" عام 2019 عن محافظة سليانة دون أن يتقلد منصبا في الحزب، وبعد أشهر قليلة أعلن استقالته من الحزب الذي أسسه رئيس الحكومة السابق يوسف الشاهد، لينضم بعد ذلك إلى مجموعة مستقلة من النواب في البرلمان.

كما كان يرأس لجنة الصحة بمجلس نواب الشعب قبل حله في إطار التدابير الاستثنائية التي اتخذها الرئيس قيس سعيد في 25 يوليو/تموز 2021، والتي ركز بموجبها جميع السلطات بين يديه، مما جعل المعارضة تعتبر ما حدث انقلابا وتفردا بالسلطة.

وفي سنة 2022 أسّس العياشي زمال حركة "عازمون" قبل أن يعلن تجميد عضويته فيها، على أمل أن يجمع حوله بقية الأطياف السياسية كمرشح جامع لهم في الانتخابات الرئاسية تحت شعار "لنطوي الصفحة".

ورغم خطابه الدبلوماسي المتزن، لم يفوت زمال الفرصة في خطاباته التي ينشرها على صفحته الرسمية، لتوجيه سهام نقده إلى نظام الرئيس قيس سعيد، في ظل تدهور الأوضاع المعيشية وتدهور الحريات من وجهة نظره.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات هیئة الانتخابات الرئیس قیس سعید المرشح العیاشی العیاشی زمال

إقرأ أيضاً:

خميس بن سعيد الشقصي

الشيخ خميس بن سعيد بن علي بن مسعود بن عبدالله بن زياد الشقصي من كبار علماء عمان، وصانع التغير ومؤسس الوحدة العمانية في القرن السابع عشر الميلادي، ولد هذا الشيخ الجليل في الرستاق في أواخر القرن العاشر الهجري، والشيخ خميس من بيت علم ورئاسة. تلقى تعليمه الأولي في الرستاق ثم انتقل إلى نزوى لنهل العلم من علمائها، حتى غدا من أبرز علماء زمانه والمتقدم عليهم.

الشيخ الشقصي صاحب فكرة توحيد عمان وجمع شمل جميع العمانيين تحت راية حاكم واحد بعد أن كانوا متفرقين راضخين لسيطرة البرتغاليين على المدن العمانية الساحلية، فقام الشقصي بجمع كلمة العلماء وشيوخ القبائل على ضرورة الوحدة، واختيار حاكم واحد يسود عمان ويدافع عن أرض الوطن، فاختار الشيخ خميس أن يكون هذا القائد هو الإمام ناصر بن مرشد اليعربي ودعا العلماء وشيوخ عمان وأعيانها إلى -رأيه- الوحدة الوطنية والوقوف صفا واحدا خلف حاكم واحد، فاستجاب له كل من يملك بصيرة ورجاحة عقل ويعرف أن الفرقة تهلكة ودمار للبلاد، وتم عقد البيعة للأمام ناصر بن مرشد اليعربي سنة 1034هـ/ 1624م في مسجد قصرى بالرستاق.

عمل الشيخ خميس الشقصي قاضيا وقائدا لجيش الإمام ناصر بن مرشد في تحرير المدن العمانية من السيطرة البرتغالية في كل من مسقط ومطرح وصور وقريات. وهو كبير هيئة الحل والعقد التي بايعت الإمام سلطان بن سيف اليعربي بعد وفاة الإمام ناصر بن مرشد عام 1649م.

من آثاره العلمية كتاب "منهج الطالبين وبلاغ الراغبين"، و كتاب "منهج المُريدين وبلاغ المحتاجين" وهو مختصر لكتاب منهج الطالبين، وله عدد من الرسائل منها رسائل للإمام ناصر بن مرشد يقدم له من خلالها النصح والإرشاد وله رسائل إلى أهل المغرب ينصحهم من خلالها بالوحدة واجتماع الكلمة. وله عدد من القصائد الشعرية منها قصيدة في رثاء الإمام ناصر بن مرشد وتقع في ثلاثة وسبعين بيتا، قال في مطلعها:

إِلى اللهِ مِنْ خَطْبٍ عَلى النَّاسِ قَدْ غَدا فَأَصْمى قُلوبًا غافِلاتٍ وَأَكْبَدا

وَرَوَّعَ أَهْلَ الأمْنِ في مُسْتَقَرِّهِمْ وَعَمَّ جَميعَ الْحاضِرينَ وَمَنْ بَـــــــدا

وَضَجَّتْ لَهُ السَّبْعُ الطِّباقُ وَأَرْجَفَتْ لَهُ الأرْضُ وَالأَلْبابُ طاشَتْ تَبَلُّدا

عَظيمٌ عَلَيْنا وَقْعُهُ وَحُلولـُــــهُ وَفـــــاةُ أَميرِ الْمُسْلِمينَ ابْنِ مُرْشِـــــدا

وكتب الشيخ خميس الشقصي مقدمة كتاب "خزانة الأخيار في بيوعات الخيار" لصاحبه عبدالله بن محمد النزوي. وله عدد من الجوابات الفقهية المجموعة في عدد من الكتب كتاب "التبيان" لدرويش بن جمعة المحروقي وكتاب "لباب الآثار" لسالم بن سعيد الصايغي.

كان للشقصي مكتبة كبيرة أوقفها بعد مماته لطلب العلم وأوقف لها أموالا لخدمتها والعناية بها ونسخ الكتب. وله مدرسة تخرج منها عدد من طلاب العلم منهم: ناصر بن مرشد اليعربي، وسلطان بن سيف اليعربي، وعبدالله بن محمد بن عامر الخراسيني، ومحمد بن عبدالله المسروري.

من أبرز مؤلفات الشيخ خميس كتابه "منهج الطالبين وبلاغ الراغبين" ويقع هذا الكتاب في أكثر من عشرين جزءا، وهو موسوعة علمية فقهية، وذكر الشقصي في مقدمة كتابه الهدف من كتابته حيث يقول: "فإني لما رأيت العلم قد قل طالبه وتقاصر أكثر الناس عن الرغبة فيه، وقلت الهمم عن الوصول إلى مقامات السلف الماضين، وعَجِزت عن درك مقاصد السابقين؛ استعملت خاطري في تصنيف مختصر أجمع فيه معالم الشريعة وأنظم فيه شتات الفقه وأُبين أصله وفروعه، وأجعل مسائله مشروحة مجموعة".

جعل الشقصي عناوين أبواب كتابه بالأقوال، حتى يميز كتابه عن غيره من الكتب التي سبقته وفي ذلك يقول: "وسميت هذا الكتاب بالأقوال مكان الأبواب لئلا يشتبه بغيره من الكتب لأني وجدت كثيرا من الكتب قد ذهب أولها وآخرها ولم تُعرف أنها أي كتاب ولا من أي تصنيف، فجعلت علامة لا يشبهها شيء من تصانيف أهل عمان".

استعان الشقصي في كتابة كتابه هذا بعدد من المؤلفات منها: كتاب "الضياء" لأبي المنذر سلمة بن مسلم بن إبراهيم العوتبي، وكتاب "بيان الشرع" لمحمد بن إبراهيم الكندي، و"المُصَنف" لأبي بكر أحمد بن عبدالله بن موسى الكندي، وسيرة عزان بن الصقر النزوي، وجامع محمد بن جعفر الأزكوي.

قسم الشقصي كتابه في حدود عشرين جزءا، فالجزء الأول من الكتاب في موضوع العلم وأنواعه وتعليمه وذكر العلماء ودرجاتهم والعقل والفُتيا ولُزوم الحُجة وتعليم القرآن ومعرفة الله وأسمائه. أما الجزء الثاني، فكان في الولاية والبراءة وفي صغائر الذنوب وكبائرها وفي التوبة وفي أعمال القلب، والجزء الثالث في المياه والطهارات، والجزء الرابع في الصلاة وهكذا خصص الشقصي في كل جزء من موسوعته الشاملة لموضوع واحد وناقشه واستعرضه على جميع الأوجه، واستدل في كلامه بالقرآن الكريم والسنة النبوية وبأقوال وأفعال الصحابة رضوان الله عليهم.

ولقد اعتنى العلماء المغاربة بكتاب "منهج الطالبين" ونقلوا منه الكثير في مؤلفاتهم، وتصدر عبد العزيز الثُميني للكتاب وقام بتلخيصه في سبعة أجزاء بعنوان: "التاج المنظوم من درر المنهاج المعلوم".

مات الشيخ خميس الشقصي في النصف الثاني من القرن الحادي عشر الميلادي وترك وصية تَنُم عن مدى ورعه، وحرصه على المساواة بين أبنائه، حيث ذكر في وصيته:" ولكل ابنة من بناتي تبقى بعدي ولم أدفع لها عوض ما أعطيت إخوتها بما تبقى بعدي، ولم أدفع لها عوض ما أعطيت بمائتي لارية فضة، ولكل حمل يولد بعدي حكمه لاحق بي فله ما لإخوته، للذكر منهم مثل ما للذكر من أولادي، وللأنثى منهم مثل ما للأنثى من أولادي". ليكون بذلك قدوة لجميع الآباء في ضرورة المحافظة على حق البنات في الميراث والعطايا.

مقالات مشابهة

  • الثلاثاء .. استئناف عامل على سجنه 3 سنوات في تهديد وابتزاز تاجر
  • شاهيناز : بحب صوت أصالة وسميرة سعيد .. فيديو
  • خميس بن سعيد الشقصي
  • وزارة الفلاحة التونسية تعلن "حالة يقظة" بعد وصول أعداد من الجراد الصحراوي إلى جنوب البلاد
  • «المفوضية» تُنظم حملة توعية للتسجيل في الانتخابات
  • مرشح للرئاسة في الغابون يطالب بمحاكمة عادلة لعائلة بونغو
  • وزيرة التضامن تتحادث مع نظيرتها التونسية
  • بين السجون والمحاكمات.. حركة النهضة التونسية تحت الحصار
  • الغامدي: سعيد بالفوز مع الاتحاد ومستقبلي بيد الإدارة
  • جماعة تحت السور التونسية.. أدباء ساخرون من المجتمع والاستعمار وكل شيء