منال الشرقاوي تكتب: شواطئ الماضي وأمواج المستقبل
تاريخ النشر: 10th, August 2023 GMT
عندما نرسم خطوط الذكريات على شاطئ الوجدان، نجد أن للماضي نكهته الخاصة، والتي تختلف عن نكهة المستقبل، ولكن يبقى لكل منهما جماله الفريد ، فالماضي هو القوة الدافعة التي توجه خطانا نحو الغد، والحقيقة المؤكدة أن كلا منا يحمل في قلبه شاطئًا من الماضي، حيث تلعب الذكريات على أطرافه كأمواج البحر، بعضها هادئ وبعضها الآخر عاتي، فتتساقط ذكرياتنا كحبات الرمال التي تتداخل معًا لتشكيل شاطئ الحياة.
فشاطئ الماضي هو ذلك الشاطئ الذي نستريح عليه بعد غروب الشمس، لنستعيد فيه ذكريات الأيام الجميلة واللحظات الرائعة، هو مكان اللقاءات الأولى، والوعود التي تُعقد وربما تُنسى.
ومع كل نسمة هواء، تأتينا روائح الماضي، تلك التي لا تُنسى، رائحة الكتب القديمة التي قرأناها في شبابنا، ورائحة الطعام التي كانت تُعده جدتنا في منزل العائلة القديم، كل شيء في الماضي يحمل في ثناياه عبقًا خاصًا.
ولكن، ما الذي يجعلنا نتمسك بتلك الذكريات؟
ربما هو الشوق إلى أوقات كانت أبسط، أو رغبة في استعادة لحظات لن تتكرر، أو ربما هو الخوف من المستقبل وما يحمله من مجهول، ولكن في الحقيقة، الماضي مهما كان جميلًا فهو لن يعود، والمستقبل مهما كان مجهولًا فهو يستحق الاستقبال.
والآن، ألا يحق للمستقبل أن يحمل في جعبته وعودًا جديدة؟
إن أمواج المستقبل ليست مثل أي أمواج، فهي تتحدى الشواطئ بقوة وشجاعة، تحمل في طياتها أحلام الغد وآماله الجديدة، "المستقبل هو بحر واسع وغامض، لا نعرف ماذا يخفي لنا، ولكننا نحلم بأن يكون جميلًا ومشرقًا".
ففي المستقبل، نرى أنفسنا نحقق أحلامنا ونطمح لأكثر، نرغب في أن نكون أفضل، في أن نعيش حياة مليئة بالسعادة والنجاح، ولكن الأمواج ليست دائمًا هادئة، فهي تتحدى الشواطئ بقوتها وشجاعتها، وتختبر قوتنا وتصميمنا.
فيبدو لنا المستقبل كبحر لا نهاية له، حيث الأمواج الجديدة ، والتي تأتي دون توقف، ورغم أننا قد نشعر بالخوف والقلق من مواجهة هذا البحر المجهول، ندرك أيضاً أن الخبرات التي اكتسبناها في الماضي ستكون دليلنا وقوتنا لمواجهة كل تلك التحديات، ومع كل تحدٍ يأتينا، يُظهر لنا البحر جانبًا جديدًا من الحياة، يعلمنا الصبر والاستمرارية والأمل في مستقبل أفضل.
وبين شواطئ الماضي وأمواج المستقبل، نجد أنفسنا نعيش في الحاضر، فالحاضر هو ذلك الزمان الذي يجمع بين ما مضى وما هو آت، الحاضر هو الوقت المثالي للتأمل والتفكير والاستعداد لما سيأتي.
وهنا تأتي أهمية فهم وتقدير اللحظة الحالية، تلك اللحظة التي نعيشها الآن، والتي هي بمثابة جسر بين الماضي والمستقبل، فبدلاً من الانغماس في بحر الذكريات والحنين إلى الماضي، أو القلق من المستقبل، علينا أن نحيا اللحظة ونستمتع بها.
ونذكر أنفسنا بأنه، لا يمكننا تغيير الماضي ولكننا نستطيع تشكيل المستقبل.
وبينما نتأمل في بحار الذكريات، دعونا نتذكر دائمًا أن الحياة، رحلة مستمرة من الاكتشاف والتعلم، ومع كل شروق شمس ، نحصل على فرصة لكتابة فصل جديد في قصتنا، فصل يجمع بين حكمة الماضي وأمل المستقبل.
وبينما نسير في هذه الرحلة، علينا أن نتذكر دائمًا أن الحياة هي هبة، وأن الأمواج، سواء كانت أمواج الذكريات أو أمواج المستقبل، هي جزء من هذه الهبة الرائعة التي نحملها في قلوبنا.
فبحار الذكريات ليست فقط للتأمل في الماضي، بل هي دعوة لنعيش الحاضر بكل حب وشغف، ولنحلم بمستقبل مشرق وواعد.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: التی ت
إقرأ أيضاً:
مسقط تكتب سطرها الـ29 وتفتح صفحاتها الثقافية
افتُتحت صباح اليوم فعاليات معرض مسقط الدولي للكتاب في نسخته التاسعة والعشرين، برعاية صاحب السمو السيد الدكتور فهد بن الجلندى آل سعيد، رئيس جامعة السلطان قابوس، وبحضور سموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى لدى دولة الإمارات العربية المتحدة حاكم إمارة الشارقة، ومعالي الدكتور عبدالله بن ناصر الحراصي وزير الإعلام.
وتضمّن الافتتاح جولة راعي الحفل والحضور في مختلف الأجنحة والأركان، والتعرّف على ما تُقدمه دور النشر المشاركة من إصدارات مقدمة لمختلف شرائح المجتمع، كما قام حاكم الشارقة بالتوقيع على إصداره "البرتغاليون في بحر عُمان - حوليات في التاريخ"، وهو منجز تاريخي جديد ويقع في واحد وعشرين مجلدًا.
وتُشارك في المعرض 674 دار نشر، منها 640 بشكل مباشر، و34 عبر التوكيلات، من 35 دولة، ويقدم 681041 عنوانًا لكتب عمانية وعربية وأجنبية، بواقع 52 ألف إصدار حديث، ويقيم المعرض عددًا من الفعاليات الثقافية يبلغ عددها 211 فعالية ثقافية تحمل ثيمة «التنوع الثقافي ثراء للحضارات»، وتغطي مجالات متعددة كالأدب والفكر والمجتمع والفنون، وبرنامجًا مخصصًا للأسرة والطفل يبلغ عدد أنشطته 155 فعالية متوزعة على عدد من الأركان والأنشطة المعنية بالأسرة والطفل، إضافة إلى مجموعة من حفلات توقيع الكُتب التي تُقيمها دور النشر لكتّابها، احتفاء بكل الكتّاب والمثقفين.
احتفاء ثقافي وعرس للإبداع
وقال أحمد بن سعود الرواحي، مدير معرض مسقط الدولي للكتاب، في تصريح لـ"عٌمان": "نشكر صاحب السمو الشيخ الدكتور حاكم الشارقة الذي زارنا وشرّفنا في هذه النسخة، ووقّع على إصداره المهم في جناح هيئة الشارقة للكتاب، وأيضًا نحتفي في هذا العام بالعديد من المثقفين والمبدعين العمانيين وغير العمانيين، ونرحب بكل الضيوف الذين زاروا سلطنة عُمان للمشاركة في البرنامج الثقافي، والاطلاع على كل هذه الفعاليات والمفردات الثقافية، والتعرّف بعمق على سلطنة عُمان، وعلى الجمهور العماني، وعلى الهوية والثقافة العُمانية، ونحتفي في هذا العام أيضًا بمحافظة شمال الشرقية، ضيف شرف المعرض، التي أعدّت برنامجًا ثقافيًا شاملًا ومتنوّعًا، يُعرّف من خلاله على المفردات الثقافية والحضارية والتنموية للمحافظة".
وأضاف: "نحتفي بأيام ثقافية سعودية خلال هذه الدورة، وهناك شخصيات ثقافية سعودية ستحيي العديد من البرامج والفعاليات التي تعكس التقدم الثقافي في المملكة العربية السعودية، بمشاركة العديد من المثقفين العمانيين أيضًا، وتنطلق هذه الدورة بعنوان التنوع الثقافي ثراء للحضارات، وركزنا في هذا العنوان وأبرزنا من خلال البرامج الثقافية والشخصيات التي استضفناها هذا العام".
محافظة شمال الشرقية.. ضوء على الثقافة والتاريخ
وتحلّ محافظة شمال الشرقية ضيف شرف في هذه الدورة، بما يتيح تسليط الضوء على إرثها الثقافي، وتاريخها، وموروثها الاجتماعي، ومواقعها السياحية، وشخصياتها العلمية والفنية، وذلك من خلال جناحها الخاص الذي يحوي ويُقدّم ملامح عن الثقافة المحلية للمحافظة وتاريخها، وستُقيم عددًا من الفعاليات ضمن البرنامج الثقافي للمعرض، تُشارك فيه أسماء بارزة من المثقفين والكتّاب والباحثين من أبناء المحافظة.
وقال سعادة محمود بن يحيى الذهلي، محافظ شمال الشرقية، عن مشاركة المحافظة: "تأتي مشاركة محافظة شمال الشرقية كضيف شرف لمعرض مسقط الدولي للكتاب في نسخته التاسعة والعشرين، لتكون محطة تُضاف إلى إنجازات إبراز كنوز المحافظة الثقافية والأدبية، وأيضًا المقومات الاقتصادية والسياحية والتراثية؛ فهي نافذة سيطلع من خلالها الزوّار إلى كثير من معالم شمال الشرقية فيما يخص الثقافة والأدب والعلماء وما تركوه من بصمات ثقافية وأدبية واجتماعية، وستكون هنا منصة متعددة للتسويق للمحافظة، من حيث إضافة الذكاء الاصطناعي في التقديم، وركن للأطفال، وحقيبة توزّع للطلبة، بها العديد من المواد التي تعبّر عن الهوية العُمانية والسمت العُماني، تُسهم في تثقيف النشء بهذا الجانب المهم، وستكون هناك 15 ندوة ومحاضرة في مجالات مختلفة كالأدب والعلوم والرياضة والتعليم ومجالات متعددة خلال فترة المعرض، وندعو الجميع للمرور بالركن المخصص لضيف الشرف، والتعرّف على ما يُقدّمه الركن وما تزخر به المحافظة".
وأضاف: "المعرض فرصة لتعريف السائح بما تحوي المحافظة، وسيتمكن الزائر من التعرّف على معالم السياحة في المحافظة، الجاذبة بمختلف بيئاتها الجميلة".
وأعلنت وزارة الإعلام عن إطلاق منصة "عين للطفل"، في خطوة تهدف إلى تعزيز المحتوى الإعلامي المخصص للأطفال في سلطنة عُمان، وتأتي هذه المبادرة ضمن استراتيجية الوزارة لتوفير مصادر معرفية تُسهم في تنمية وعي الطفل، وبناء شخصيته، وتعزيز انتمائه الوطني، من خلال محتوى هادف يُراعي احتياجات هذه الفئة العمرية ويواكب تطلعاتها.
وتُشارك وزارة الإعلام في الدورة 29 من معرض مسقط الدولي للكتاب من خلال أربعة أجنحة، تمثّل مختلف قطاعاتها، وهي: وكالة الأنباء العُمانية، والمديرية العامة للإعلام الإلكتروني التي تضم منصة "عين" والبوابة الإعلامية، والمديرية العامة للمطبوعات والمصنفات الفنية، إلى جانب المديرية العامة للإعلام الخارجي ممثلة في المركز الإعلامي الذي يستضيف 74 إعلاميًا من 50 مؤسسة إعلامية دولية.
الأيام الثقافية السعودية.. شراكة مستمرة
وتستضيف الدورة الـ29 من معرض مسقط الدولي للكتاب "الأيام الثقافية السعودية"، بحضور نخبة من الأدباء والمفكرين، إلى جانب جلسات حوارية حول الذكاء الاصطناعي وواقع النشر، وأمسيات شعرية وموسيقية تُضيء ليالي المعرض.
وقال سعادة السفير إبراهيم بن سعد بن بيشان، سفير المملكة العربية السعودية في سلطنة عُمان، عن مشاركة المملكة: "في الحقيقة، مشاركة المملكة في هذا العام هي امتداد لمشاركة المملكة السابقة في معرض مسقط الدولي للكتاب، وهذه المشاركة كانت بإشراف ورعاية هيئة الأدب والنشر والترجمة في المملكة العربية السعودية، وعدد من الجهات الأخرى ممثلة في دارة الملك عبدالعزيز، ومجمع الملك سلمان للغة العربية، وغيرها من الجهات، إلى جانب مشاركة حوالي ثمانية وثلاثين دار نشر".
وأضاف: "الأبرز في هذه المشاركة هو الاتفاق ما بين الأخوة في سلطنة عُمان والمملكة العربية السعودية على إقامة أيام ثقافية سعودية بهذا المسمى، وهناك ما يقارب ثلاث أو أربع فعاليات ثقافية تتعلق بالمملكة وسلطنة عُمان، وبلا شك هو امتداد لما توليه قيادة البلدين من اهتمام بالثقافة في المملكة وفي سلطنة عُمان، التي تنعكس في الجانب الدولي ويطّلع عليها الجميع".
وتابع قائلًا: "نستطيع أن نقول إنها إحدى مبادرات مجلس التنسيق السعودي العُماني فيما يتعلق بتعزيز التعاون الثقافي بين البلدين، والذي يكون معرض الكتاب الدولي، سواء في الرياض أو مسقط، أحد مظاهره وجوانبه".
خدمات مساندة
ويُقدّم المعرض مجموعة من الخدمات المساندة مثل المركز الإعلامي، والتطبيق الإلكتروني الذكي الذي يتيح تصفّح أحدث الإصدارات ونتاجات دور النشر المشاركة، إضافة إلى تخصيص ردهة للفنون للاحتفاء بالإبداع العُماني من خلال أركان فنية وحلقات عمل، إلى جانب ركن خاص لتكريم رموز المشهد الثقافي الذين رحلوا، عبر استحضار سيرهم ومنجزاتهم في الذاكرة الثقافية الوطنية.