روسيا والباليستي الإيراني.. تطور مقلق لحلفاء أوكرانيا
تاريخ النشر: 4th, September 2024 GMT
ذكرت مصادر أوروبية، أن إيران "على وشك تسليم روسيا صواريخ باليستية"، مما أثار مخاوف بشأن حدوث تطورات مقلقة في الحرب التي تشنها موسكو على جارتها أوكرانيا منذ أواخر فبراير من العام 2022.
ولم يوضح المسؤولون الأوروبيون الذين تحدثوا إلى وكالة بلومبرغ الأميركية. عن أي تقديرات بخصوص نوع الصواريخ أو حجم الشحنات أو الجدول الزمني لتسليمها، رغم أن أحد المسؤولين قال إنها "قد تتم خلال أيام".
وزودت إيران روسيا بالفعل بمئات المسيّرات خلال الحرب التي تشنها موسكو ضد أوكرانيا منذ عامين ونصف، لكن مصادر مطلعة أكدت لـ"بلومبرغ" أن تزويد طهران لموسكو بالصواريخ الباليستية "سيشكل تطورا مقلقًا" في الصراع.
وطالما حذرت الولايات المتحدة وحلفاء آخرون في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، طهران، من اتخاذ مثل هذه الخطوة.
ولم يرد مجلس الأمن القومي الأميركي أو وزارة الخارجية الإيرانية وبعثتها لدى الأمم المتحدة على طلبات للتعليق على الأمر من بلومبيرغ.
ولكن نائب مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، السفير روبرت وود، قد حذر في مداخلة له قبل بضعة أيام من دعم إيران وكوريا الشمالية والصين لروسيا في الحرب التي اختارت أن تخوضها ضد أوكرانيا، على حد قوله.
وأعرب وود عن قلق الولايات المتحدة بشأن العواقب المترتبة على نقل إيران المحتمل للصواريخ الباليستية والتكنولوجيا ذات الصلة إلى روسيا، مشيراً أن هذا من شأنه أن يمثل تصعيداً دراماتيكياً و خطيراً على السلام والأمن الدوليين.
وحذر من أن دعم إيران للعدوان الروسي على أوكرانيا يهدد الأمن الأوروبي ويُظهر كيف يمتد نفوذ إيران المزعزع للاستقرار إلى ما هو أبعد من الشرق الأوسط، لا بل إلى العالم أجمع.
"تصعيد مقلق"وفي هذا الصدد، اعتبر الباحث والأكاديمي المتخصص في الشؤون الأوروبية، خليل عزيمة في حديثه لموقع "الحرة" أن تزايد التعاون بين موسكو وطهران متواصل منذ بداية الحرب الروسية ضدّ أوكرانيا، حيث أرسلت إيران عددًا كبيرًا من الطائرات المسيَّرة وغيرها من المعدّات العسكرية إلى روسيا".
وتابع: "لكن احتمال نقل الصواريخ الباليستية يعتبر تطورًا مثيرًا للقلق في هذه الحرب، فإيران منخرطة تماماً في الحرب الروسية على أوكرانيا وقد نقلت سابقاً منذ أكتوبر 2022 صواريخ إلى روسيا، مثل صواريخ فاتح 110 وذو الفقار".
ونوه إلى أنه "في فبراير من هذا العام، سلمت إيران روسيا أكثر من 400 صاروخ فاتح-110، لكن حتى الآن لم يكن هناك تأكيد على أن روسيا تستخدم الصواريخ الإيرانية".
وحسب رأي عزيمة، فإن ذلك "يعد هذا التطور دليلاً على الفشل الكبير في ترسانة الصواريخ الباليستية لدى موسكو سواء كانت صواريخ روسية أو كورية شمالية، والتي تعد أقل دقة".
"مزاعم قديمة"وفي المقابل، شككك الإعلامي والمحلل الروسي، أندريه أنتيكوف، بصحة التقارير التي "تزعم بأن موسكو سوف تحصل على صواريخ من إيران"، مردفا: "قبل بضعة أشهر سمعنا نفس التصريحات والادعاءات بشأن هذا الأمر دون أن تتوفر أي أدلة واضحة".
وأضاف: "روسيا دولة عظمى وقادرة على تصنيع كافة أنواع الأسلحة التي تحتاج إليها خاصة مع استمرار (العملية العسكرية الخاصة) "، في إشارة إلى التسمية الرسمية التي تطلقها موسكو على حربها في أوكرانيا.
وضرب مثلا، فقال: "في بداية الأزمة كان لدى موسكو عدد ضئيل جدا من الطائرات المسيرة، ولكنها استطاعت في وقت وجيز نسيبا أن تنتج أعدادا كبيرة منها، ولا أظن أن أي حرب قد شهدت استعمال هذ الكم من تلك المسيرات بمختلف أنواعها القتالية واللوجستية".
وزاد: "وبالنسبة للصواريخ البعيدة فإن روسيا لا تنقصها القدرة على إنتاجها، وليست بحاجة إلى أن تحصل عليها من إيران أو غيرها".
عقوبات متوقعةووفقا لتقرير بلومبرغ، فإن من المرجح أن يقود نقل صواريخ باليستية إيرانية إلى روسيا، لمزيد من العقوبات على طهران.
وقالت المصادر للوكالة الأميركية، إنه من المتوقع أن تصدر إدانة من مجموعة السبع، لأي تزويد إيراني لموسكو بالصواريخ الباليستية. وكانت المجموعة بالفعل قد فرضت عقوبات على إيران وكوريا الشمالية لتزويدهما روسيا بالأسلحة.
وهنا يرى عزيمة أن "نقل الصواريخ الباليستية الإيرانية إلى روسيا سوف يواجه على الأغلب بتوسيع العقوبات وفرض عقوبات إضافية ضد طهران، وذلك على الرغم من أن فعاليتها ستكون غير مؤكدة بالنظر إلى عدد من الإجراءات التي تستهدف طهران بالفعل"، لافتا إلى أنه من الممكن أيضا يتم فرض قيود جديدة على الخطوط الجوية الإيرانية.
وشدد عزيمة على "إن النقل المحتمل للصواريخ الباليستية يعني التصعيد، وقد يؤدي تسليم الصواريخ الباليستية الإيرانية إلى روسيا، إلى رد فعل سريع من حلفاء أوكرانيا، واتخاذ إجراءات دولية واسعة النطاق ستؤثر على الوضع الإقليمي والدولي بشكل عام".
وفيما إذا كان التعاون الروسي- الإيراني قد يجعل المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأميركية، دونالد ترامب، يتخذ مواقف أكثر تشددا تجاه موسكو في حال وصوله إلى البيت الأبيض، أجاب عزيمة: "سيكون أمام الرئيس الأميركي القادم تحديات كبيرة، سيواجه تحالف الدول المنبوذة، روسيا وكوريا الشمالية وإيران، وفي حال فوز الرئيس السابق ترامب في الانتخابات الرئاسية سيتغير خطابه".
وشدد على أن الخطابات والتصريحات في ظل الحملة الانتخابية لا تعني بالضرورة أن تكون نفسها بعد الانتخابات"، مردفا: "لطالما كانت العلاقة مع إيران وروسيا أحد محاور حملة ترامب، والتحالف الثلاثي الذي قد يجمع بين روسيا وكوريا الشمالية وإيران، سوف يجعل ترامب مضطراً لأخذ مواقف أكثر حزماً سواء في الملف النووي الإيراني أو الحرب الروسية على أوكرانيا".
أما أنتيكوف فاعتبر أن "الحديث عن حصول روسيا على صواريخ باليسيتة، خاصة من بعض المصادر الأوروبية، يهدف إلى الضغط على الولايات المتحدة لإعطاء أوكرانيا الضوء الأخضر لاستخدام الأسلحة الغربية بعيدة المدى لضرب العمق الروسي"، على حد قوله.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الصواریخ البالیستیة الولایات المتحدة وکوریا الشمالیة إلى روسیا
إقرأ أيضاً:
روسيا والملف الإيراني بين الوساطة الدبلوماسية وإعادة التموقع الإستراتيجي
طهران- بعد انطلاق المفاوضات العلنية بين إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وروسيا في الرياض بشأن الحرب في أوكرانيا، تصاعدت التوقعات حول إمكانية توسيع نطاق المحادثات ليشمل الملف الإيراني. ولم يطل الأمر حتى أكدت موسكو رسميا أن البرنامج النووي الإيراني كان أحد القضايا المطروحة خلال الاتصال الهاتفي بين قادة البلدين، وفقًا لبيان صادر عن الكرملين.
ووفقًا لما نقلته مصادر دبلوماسية، أبدت موسكو استعدادها للعب دور في تقريب وجهات النظر بين طهران وواشنطن، وهو ما أكده وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال زيارته الأخيرة إلى طهران.
وأوضح لافروف أن "التدابير الدبلوماسية لا تزال مطروحة على الطاولة"، في إشارة إلى إمكانية إيجاد حلول عبر الحوار، بدلًا من التصعيد المتبادل بين إيران والولايات المتحدة.
من جهة أخرى، قد تسعى روسيا إلى استثمار علاقتها الوثيقة مع إيران، مستندة إلى شراكتهما الإستراتيجية، لتعزيز دورها في أي ترتيبات مستقبلية تتعلق بالملف النووي الإيراني. وتأتي هذه التحركات في ظل تصاعد الضغوط الغربية على طهران، مما يجعل أي وساطة دولية تحظى باهتمام إيراني متزايد.
ورغم التصريحات الروسية التي تؤكد التزام موسكو بالدبلوماسية كخيار لحل الخلافات، فإن هناك من يرى أن التحركات الروسية في هذا الملف ليست مجرد وساطة بقدر ما تعكس إعادة تموضع إستراتيجي. فموسكو، التي تخوض مواجهة طويلة مع الغرب على خلفية الحرب في أوكرانيا، قد تسعى لاستخدام نفوذها في الملف الإيراني كورقة تفاوضية في تعاملها مع واشنطن وحلفائها.
وفي الداخل الإيراني، تباينت ردود الفعل بشأن الدور الروسي المحتمل. ففي حين يرى البعض أن أي مبادرة دبلوماسية قد تسهم في تخفيف الضغوط الدولية المفروضة على إيران، يتوجس آخرون من أن يكون التدخل الروسي مدفوعًا بمصالح موسكو الخاصة، وليس بسعي حقيقي لإيجاد حل متوازن يراعي أولويات طهران.
إعلان
مناورة وتوجس
اعتقد المحلل السياسي مصطفى نجفي أن الوساطة الروسية بين إيران والولايات المتحدة تحمل في طياتها فرصًا وتحديات معقدة، إذ يمكن أن تحقق بعض المكاسب لطهران، لكنها في الوقت نفسه تنطوي على مخاطر قد تؤثر على موقعها في الساحة الدولية.
ورأى في حديثه للجزيرة نت أن أحد أبرز المخاطر هو احتمال أن تصبح إيران جزءًا من "صفقة" أوسع بين موسكو وواشنطن، مما قد يجعلها ورقة تفاوض تستخدمها روسيا في مساوماتها مع الولايات المتحدة بشأن قضايا إستراتيجية أخرى.
وفي هذا السياق، قد يتوقع ترامب من بوتين ممارسة ضغوط على إيران لتغيير سياساتها، وهو ما قد يؤدي إلى نتائج غير مرغوبة لطهران، وفق تحليل نجفي.
كما أشار إلى أن إدراج إيران ضمن التفاهم الروسي الأميركي قد يدفعها إلى مزيد من الارتباط بالمحور الروسي، وهو ما يتعارض مع سياسة طهران الخارجية التي طالما سعت إلى تحقيق نوع من التوازن والاستقلالية في علاقاتها الدولية.
وحذر نجفي من أنه إذا فشلت الوساطة الروسية في تحقيق اتفاق بين طهران وواشنطن، أو لم تستطع إيران تلبية توقعات موسكو وواشنطن، فقد يتسبب ذلك في تراجع الدعم الروسي لها، خاصة في الملف النووي، تحت ضغط أميركي متزايد.
ورأى المحلل السياسي ذاته أن هذه الوساطة قد تؤدي إلى تقليص دور الوسطاء الإقليميين مثل قطر وعمان، الذين قد يعتبرون أي تقارب محتمل بين إيران والولايات المتحدة تهديدًا لمصالحهم.
بالإضافة إلى ذلك، قد لا تنظر الدول الأوروبية بعين الرضا إلى تدخل روسيا في هذا الملف، مما قد يزيد من التوترات بين طهران وعواصم غربية، وفق رأي الخبير.
ورغم هذه التحديات، اعتقد نجفي أن وساطة بوتين قد تكون أكثر تأثيرًا من وساطات الدول الإقليمية الأخرى، خصوصًا في ظل النهج القائم على "القوة" الذي يتبناه ترامب.
إعلانوأضاف أنه إذا لم تُستخدم إيران كورقة مساومة، فقد يتمكن بوتين من انتزاع ضمانات أميركية تضمن التزام واشنطن بأي اتفاق مستقبلي مع طهران، وهو ما فشلت في تحقيقه وساطات إقليمية سابقة، كما ظهر في عدم تمكن قطر من تأمين الإفراج عن 6 مليارات دولار من الأموال الإيرانية المجمدة في الصفقة الأخيرة بين طهران وواشنطن.
وفي الختام، أكد نجفي أن نجاح أي وسيط يعتمد على عوامل عدة، من بينها أن يكون محايدًا، وألا يكون طرفًا منافسًا، وأن يكون قادرًا على الوفاء بالتزاماته وإلزام الأطراف الأخرى بتعهداتهم، وأن يحظى بثقة جميع الأطراف، وأن ينقل الرسائل بين الأطراف بوضوح ودقة وفي الوقت المناسب من دون تحريف.
شكوك متبادلة
ومن جانبها، قالت المحللة السياسية عفيفة عابدي للجزيرة نت إن هناك أسبابا متعددة تدفع إيران إلى عدم الثقة بعرض التفاوض الذي قدّمه الرئيس الأميركي دونالد ترامب:
أولا أن ترامب نفسه هو من مزّق الاتفاق النووي وانسحب منه. وثانيًا، رغم أن الرئيس الأميركي السابق جو بايدن وعد بالعودة إلى الاتفاق النووي وخاض مفاوضات استمرت سنوات، فإنه في النهاية امتنع عن العودة إليه.وأشارت إلى أن ترامب، في الوقت الذي يطرح فيه خيار التفاوض، يوقّع في الوقت ذاته على قرارات تشديد العقوبات ضد إيران، بل يهددها عسكريا.
ومن ناحية أخرى، اعتبرت أنه من الواضح أن السياسة الأميركية في الشرق الأوسط تصبّ بالكامل في مصلحة إسرائيل التي تُعدّ تهديدًا للأمن القومي الإيراني، فقد استهدفت إسرائيل البرنامج النووي الإيراني مرارًا، واغتالت علماء نوويين إيرانيين، وشنّت هجمات سيبرانية، وهددت بقصف المنشآت النووية الإيرانية.
وأكدت عابدي أن انعدام الثقة بإدارة واشنطن، إلى جانب العداء الإسرائيلي الواضح تجاه إيران، يجعل من الصعب الوثوق بعرض التفاوض الذي يقدّمه ترامب، مضيفة أنه في ظل هذه الظروف تظل روسيا خيارًا مطروحًا، لكنها ليست الوسيط الوحيد المحتمل بين إيران والولايات المتحدة.
إعلانوأشارت إلى أن العلاقات بين موسكو وواشنطن نفسها لا تزال يكتنفها الغموض، إذ تواجه الدولتان العديد من القضايا الخلافية ذات الأولوية في علاقاتهما الثنائية، وهو ما قد يجعل موسكو غير مهيأة تمامًا للقيام بدور الوساطة بين طهران وواشنطن.
واستطردت عابدي "مع ذلك، تظل روسيا قوة صديقة لإيران، كما أنها أحد الأطراف الرئيسية في المفاوضات النووية الإيرانية، مما يجعل تجاهل دورها أمرًا غير وارد".
ورأت أن إيران لا تتجاهل دور موسكو، لكنها في الوقت ذاته تدرس خيارات ومسارات أخرى أيضًا.