الكيزان، صناعة الفتن وامتهان الكذب!
تاريخ النشر: 10th, August 2023 GMT
لم يبرع الكيزان في شيء مثل براعتهم في صناعة الفتن، التنظيم الاجرامي يعيش في هاجس الخوف من الجميع، الخوف من العزلة، مجرد وجود اتفاق أو تنسيق بين عدد من التنظيمات السياسية، هو مؤامرة في نظره تستهدف تنظيمهم. لذلك صرف التنظيم جل أموال الدولة خلال ثلاثة عقود في شق الأحزاب السياسية فأصبحت تتناسل بمتوالية هندسية، واثارة الفتن داخل المكونات القبلية وبينها وبين وبين المكونات الأخرى، حتى حركات الكفاح المسلح التي نشأت أساسا لتحارب النظام، اصبح التلاعب بها ودفع مجموعات داخلها للانشقاق وتكوين حركات جديدة، اصبح ذلك تجارة رابحة لنظام الانقاذ، كان جهاز أمنه ومخابراته يشرف بنفسه على انشاء حركات جديدة تخرج منها حركات أخرى وهكذا، وكانت تلك وسيلته ليس فقط لإفساد هذه الحركات واضعافها واضعاف قضيتها وشغلها عن قضايا أهلها بمشاكلها الداخلية، بل اصبح ذلك مصدر رزق لمنسوبي التنظيم من الأجهزة الأمنية التي تتولى التفاوض مع هذه الحركات وتقدم الرشاوي لبعض منسوبيها، وبالطبع يكون للأجهزة ومنسوبيها النصيب الأكبر عند تقسيم كعكة (الرشاوي)
الان عاد التنظيم الاسلاموي للواجهة بعد ان ظل يحكم طوال سنوات ما بعد سقوط رأس نظامهم، من خلف ظهر اللجنة الأمنية، عادت سياسة تجييش القبائل، رشوة الزعماء المحليين بالمال والوعود، ومن ثم ارسال آلاف الشباب الى محرقة حرب اشعلها التنظيم ليحاول بها التخلص من كل اعدائه وإعادة عقارب الساعة للوراء، ودفن ثورة ديسمبر في غبار وفواجع الحرب العبثية، ومسح ذاكرة الوطن من جرائمه التي كانت هي السبب المباشر لهذه الحرب مع صنيعته قوات الدعم السريع.
بجانب صناعة الفتن، يعتمد الكيزان على الخداع والكذب في محاولة ايهام الناس بحرصهم على الوطن والدفاع عن مصالح المواطنين، ومنذ الاكذوبة الأولى: اذهب الى القصر رئيسا، واذهب الى السجن حبيسا، تطور أسلوب (الخم) والتلفيق والخداع حتى اصبح نظامهم يتنفس الكذب ليلا ونهارا.
بعد سقوط رأس النظام، احنوا رؤوسهم للعاصفة، وحاولوا محاربة الثورة بابتذال بعض أساليبها النضالية، فرغم انهم هم من خطط وشارك في جريمة فض الاعتصام، الا انهم خططوا تمهيدا للانقلاب على الحكومة الانتقالية لاعتصام القصر، مع عدد من الحركات المسلحة التي فتحت لها ثورة ديسمبر الطريق للعودة للوطن، فردت الجميل بانخراطها في جانب اللجنة الأمنية. وكمحاكاة لأساليب الثوار في تتريس بعض الشوارع بغرض حماية المتظاهرين السلميين من عدوان الأجهزة الإجرامية الأمنية، أوعزوا لترك بتتريس شارع الخرطوم بورتسودان وغلق الميناء، في محاولة لتصوير العمل الذي يستهدف اسقاط الحكومة الانتقالية باعتباره عملا ثوريا، وتصوير قاطع الطريق الكوز ترك كأنه ثائر من أجل حقوق أهله! وهو الذي شارك الكيزان في نهب صندوق اعمار الشرق، وكانت أول مطالبه من أجل فتح الطريق والميناء هو إلغاء لجنة تفكيك التمكين!.
ولأنّ لجان المقاومة وقفت سدا منيعا أمام محاولاتهم لاختراقها أو تحييدها، فقد حاولوا صنع لجان وهمية موازية تتبنى نفس مواقفهم، لخداع الناس ومحاولة شق صفوف لجان المقاومة.
التنظيم العصابي لا تربط أفراده فكرة ما، بخلاف المصالح والنهب، هو في الواقع تجمع للصوص المال العام، يجمع بينهم الحرص على الهروب من المحاسبة حتى لو كان الثمن انفراط وحدة الوطن، فالوطن نفسه لا يعني شيئا لهذه المجموعات الفاسدة، سوى غنيمة ومنجم للثروات يمكنهم حتى التفريط في حدوده ، ان اقتضت مصالحهم تقديم تنازلات لبعض دول الجوار.
الحرب التي تدور في بلادنا الان، ويدفع أثمانها الباهظة أهلنا الأبرياء من أرواحهم وممتلكاتهم وضياع ارزاقهم ومستقبل أطفالهم، هي حرب الكيزان مع ميليشياتهم التي أنشأوها أصلا لقهر هذا الشعب، هي حرب من قاموا بفض الاعتصام وقتل الثوار، هي حرب الكيزان لاستعادة سلطة النهب والاستبداد والهروب من الحساب، لا يهمهم موت الناس أو تدمير البلاد ونسيجها الاجتماعي.
قادتهم في مناطق آمنة يتفرغون للتآمر، يريدون استغلال نفس ضحايا عقود حكمهم ليحاربوا نيابة عنهم، ويزعمون في بلاغاتهم الرسمية حرصهم على مصالح المواطنين وارواحهم وممتلكاتهم، بينما العالم كله يعلم انهم يشتركون مع المليشيا في الانتهاكات ضد المواطنين، وان طائراتهم تقصف كل شيء دون اعتبار لأرواح الأبرياء وممتلكاتهم.
وبعد معارك امدرمان مطلع هذا الأسبوع نعت صفحاتهم المجرم الذي اغتال الشهيد حسن محمد عمر، ما يوضح ان هذا المجرم قد تم تهريبه بواسطتهم من السجن اسوة بالمجرمين الاخرين من قادة التنظيم، وكل ذلك يؤكد استهتارهم بالقانون وبهذا الشعب، وان تحقيق العدالة يجب ان يتم في نظرهم وفق مصالحهم دون أدنى اعتبار لحقوق المواطنين وإنصاف ضحايا الاجرام الحكومي.
لابد لكل أهل بلادنا من الوقوف صفا واحدا لإفشال خطط هذا التنظيم الاجرامي في اشعال هذه البلاد وتدمير نسيجها الاجتماعي.
ما لم يتم اقتلاع هذا التنظيم المجرم من هذه البلاد ومحاسبة كل منسوبيه واستعادة ما نهبوه من مال عام فإن الحروب والموت والتخريب والدمار لن يتوقف حتى تنفرط وحدة هذه البلاد.
#لا_للحرب
ortoot@gmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
استباحة العقائديون “الكيزان” لمتحف السودان القومي
د. أحمد التيجاني سيد أحمد
لعل مأساة المتحف القومي، الذي استباحه العقائديون “الكيزان”، تُشكّل ناقوس خطر يدفع النوبيين إلى التحرك، كما تحرّك اليهود بعد المحرقة فأسّسوا “الوكالة اليهودية”. لقد كانت الوكالة اليهودية صرحاً استراتيجياً مكّنهم من استعادة ما سُرق منهم: من قطع نقدية وذهب ومخطوطات وعلماء وغير ذلك. كما أسّسوا من خلالها مؤسسات علمية ومالية واقتصادية وتنموية، بل ودفاعية وهجومية، مكّنتهم لاحقاً من السيطرة على مفاصل عديدة في العالم.
وفي المقابل، ظللنا نحن النوبيين، وبكل أسف، نُبدع فقط في قذف اليهود وشتمهم. والأسوأ أن كثيراً من أبنائنا وبناتنا من النخبة النوبية، ممن ينطبق عليهم المثل “السواي ما حداث”، لا يساهمون إلا في ملء الأفق نميمةً وشتماً واستعلاءً أجوف. ظل صراخهم عجيجاً بلا طحن، وسيولهم غُثاءً.
وبمناسبة الحديث عن “الوكالة النوبية”، أذكر أن بعض الكرام من أهلنا قد طرحوا فكرة تأسيسها في عام ٢٠١٧، بتوافق من سعادة السفير الوزير المناضل إبراهيم أيوب، وبتزكية ومباركة من الراحل الفذ، صاحب “نوبيا نت” وصاحب المبادرات العديدة، أبوبكر سيد أحمد. وقد أنشأنا نواة فكرة “الوكالة النوبية” عبر وسيلة تواصل إسفيرية، في يوم ٢٤ يونيو ٢٠١٧.
لا يزال الموقع/المجموعة يحمل الحلم الذي نرجو أن يتحقق: أن يتوحد النوبيون على كلمة سواء، وأن يحملوا على أكتافهم انتصارات ترهاقا، الذي شغل العالم وهو دون الثلاثين من عمره، وجهود نجمي شريف، وإصرار أحمد خيري على البقاء، ونبوغ خليل فرح ومحمد وردي، وحرص الدكتور عبد الحليم صبار على اللغة النوبية.
لعلنا، ولعل الأجيال القادمة، نحقق هذا الحلم النوبي العريض.
نواصل
د. أحمد التيجاني سيد أحمد
٨ أبريل ٢٠٢٥ – روما، إيطاليا
ahmedsidahmed.contacts@gmail.com