بعد أقل من شهر تقريبا تحل الذكرى السنوية لمعركة طوفان الأقصى وبدء العدوان الصهيوني على قطاع غزة، تأتي هذه الذكرى لمعركة جديدة في إطار الصراع المستمر مع الكيان الصهيوني منذ أكثر من 76 سنة، وحوالي 130 عاما في مواجهة المشروع الصهيوني والصهيونية العالمية ومن يدعمها في دول الغرب.

معركة طوفان الأقصى وتداعياتها الفلسطينية والعربية والإقليمية والدولية لا تزال محور الاهتمام العالمي، ورغم الحجم الكبير للتضحيات من الشهداء والجرحى والدمار الكبير في قطاع غزة وامتداد المعركة إلى الضفة الغربية ودول المنطقة، فإن المواكبة الفكرية لهذه المعركة لا تزال قاصرة عن الإحاطة بأهميتها الفكرية والاجتماعية وتأثيراتها المستقبلية.



وفي حين يسعى المعادون للمقاومة لتسخيف الإنجازات التي تحققت والتركيز على الجوانب السلبية في هذه المعركة الكبرى، والسعي المستمر لإضعاف جبهة المقاومة والتهويل من الدور الصهيوني المدعوم غربيا، فإن مسؤولية المفكرين والباحثين الذين يدعمون المقاومة أو يعتبرون أنفسهم جزءا من مشروعها السياسي والفكري تصبح أكبر وأخطر، من أجل مواجهة هذه الحملة الإعلامية والفكرية والسياسية التي تحاول التقليل من نتائج ما حصل حتى الآن على صعيد القضية الفلسطينية وتداعيات معركة طوفان الأقصى، وما يجري على الصعيد الفلسطيني والإسرائيلي والأوضاع الإقليمية والدولية.

في حين يسعى المعادون للمقاومة لتسخيف الإنجازات التي تحققت والتركيز على الجوانب السلبية في هذه المعركة الكبرى، والسعي المستمر لإضعاف جبهة المقاومة والتهويل من الدور الصهيوني المدعوم غربيا، فإن مسؤولية المفكرين والباحثين الذين يدعمون المقاومة أو يعتبرون أنفسهم جزءا من مشروعها السياسي والفكري تصبح أكبر وأخطر، من أجل مواجهة هذه الحملة الإعلامية والفكرية والسياسية التي تحاول التقليل من نتائج ما حصل
ومن أجل تصويب المعركة الفكرية والإعلامية تدور نقاشات عديدة في الأوساط الفكرية العربية والإسلامية بين عدد من الباحثين والمفكرين العرب والمسلمين ومن الداعمين للمقاومة؛ من أجل بلورة رؤية نظرية قادرة على مواكبة هذه المعركة الكبرى في المرحلة المقبلة.

وقد أعد أحد الباحثين ورقة عمل حول الرؤية النظرية للمقاومة والأسئلة التي يمكن البحث حولها في المرحلة المقبلة، وتمت مناقشة هذه الرؤية في لقاءات فكرية في بيروت وفي عواصم عربية وإسلامية. وحسب وجهة النظر التي تضمنتها هذه الورقة فإن المقاومة في الآونة الأخیرة قد أبرزت طاقاتها وتجلّت میزاتها ما لم تُظهره سابقا، وما لم نتوقع ظهورها ولم یخطر ببالنا أصلا في مراحل سابقة.

ومن الجدید هنا أن هذه الظاهرة الرهيبة والمعقدة للمقاومة ما برزت فقط علی کثیر من شرائح الامةّ العربية والإسلامیة فحسب، بل توسع نطاقها علی کل المجتمعات الإنسانیة وخاصة المجموعات الکبیرة من النخب والشباب في العالم الغربي والأمریکي.

كما تعددت ساحات المقاومة وتوسّعت جبهاتها علی أکثر من بلد أو دولة بل انجرّت أسبابها وآلیاتها داخل الشعوب بشکل هائل، وبات واضحا أن هذه المعرکة لیست خاصة بکتلة دون أخری ولا بشعب دون آخر ولا بقضیة دون سائر القضایا.

وتضيف هذه الورقة العلمية المطروحة للنقاش: من أهم ما انطلق وانبثق من هذه المعركة الجدیدة أن موضوع المقاومة له دلالات كثيرة خفية أو جلیة في کثیر من جوانب الحیاة الإنسانية، ولها جذور شتی في عمق وجود الناس، ولذلك تثیر العقل الإنساني الکامن في وجود الإنسان وتستعید الوجدان الفطري للبشر بلا وعي. وحینما نعرف أن هذه الإثارة العقلیة والإنارة الروحیة هي الأساس في التحول الجوهري للإنسان والمجتمع وتأسس حضارة جدیدة علی أسس بدیعة إنسانیة وأصیلة، نری أن المقاومة لیست قضیة أمنیة وعسکریة فحسب، ولا تختص بمنطقة دون أخری، بل المقاومة جزء من أرکان الحرکة التکاملیة للإنسان المعاصر؛ تجاه القوة الشیطانیة العالمیة التي هيمنت علی العالم والمؤسسات والقیم والعلوم والصناعة طيلة العقود الماضية.

وعلى ضوء هذه المقدمة تطرح هذه الورقة أسئلة عديدة ومنها:

1- لماذا لم يستطع خطاب المقاومة مواكبة هذه المعركة؟ وما هو دور هذا الخطاب اليوم وما هو اختصاصه أو خصوصیته في هذه الفترة التاریخیة دون أخری، في ظل ما تواجهه الأمة والعالم اليوم من تحديات متعددة؟

2- هل تختصر المقاومة وأسسها اليوم على الجانب العسكري والأمني، أو أن لها مقومات أخرى وأسبابا تشکلها في وجوه أخری من الحیاة المعاصرة بعیدا عن المعركة العسکریة؟

المقاومة اليوم أبرز وجوهها وأقوى جبهاتها الآن هي الجبهات العسکریة، فالسؤال التالي یطرح علینا: هل نكتفي بما تقوم به المقاومة في هذا الصعید، أم نحتاج إلی الولوج في ساحات أخری کي نفهم أهمیة وموقعیة المقاومة
3- حینما نفترض أن المقاومة اليوم أبرز وجوهها وأقوى جبهاتها الآن هي الجبهات العسکریة، فالسؤال التالي یطرح علینا: هل نكتفي بما تقوم به المقاومة في هذا الصعید، أم نحتاج إلی الولوج في ساحات أخری کي نفهم أهمیة وموقعیة المقاومة والتعامل معها بالمستوى المطلوب؟

4- حتی لو افترضنا أن فهم المقاومة والتعاطي معها لا یحتاج إلی معرفة أخری وسلوك مختلف خارج المعرکة السیاسیة والأمنیة والعسکریة، فالمسؤولية اليوم بالحد الأدنی تعریف المقاومة وتأصیلها وتبریرها للآخرین، ولذا یجب علینا أن نقدم جوانب أخری للمقاومة ونستلهم أسبابها ومقوماتها، ونستعرض کل المکونات جنبا إلى جنب.

وتختم هذه الورقة بالخلاصة التالية: إن على المثقفين والمفكرين والمؤسسات البحثیة والفکریة مسؤولیة تاریخیة وحضاریة تجاه هذه المعركة، من أجل بلورة رؤية نظرية وفكرية قادرة على مواكبة المعركة العسكرية وهذا الصمود البطولي للشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية وعلى بقية جبهات المقاومة، وأن إنجازات المقاومين وتضحيات الشهداء تتطلب جهودا فكرية وبحثية قادرة على مواكبة هذه التضحيات.

فهل سنشهد في المرحلة المقبلة، وفي أجواء الأنشطة لإحياء الذكرى السنوية لمعركة طوفان الأقصى، جهودا فكرية وبحثية تواكب هذه المعركة الكبرى؟ أم تضيع هذه التضحيات الكبرى في السجالات المذهبية والسياسية والصراعات التي لا طائل منها؟

x.com/kassirkassem

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفكرية المقاومة الإنسانية المقاومة الفكر الإنسانية طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات سياسة رياضة رياضة سياسة سياسة صحافة مقالات سياسة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة طوفان الأقصى هذه الورقة من أجل

إقرأ أيضاً:

هيئة البث الإسرائيلية: إصابة 78 ألفا من الجيش والشرطة منذ طوفان الأقصى

أُصيب أكثر من 78 ألف عنصر من الجيش وقوات الأمن الإسرائيلية بجروح منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وفق ما نشرت هيئة البث الإسرائيلية مساء اليوم الأحد.

ونقلت هيئة البث عن قسم إعادة التأهيل في وزارة الدفاع الإسرائيلية أنه يوجد أكثر من 78 ألف جريح في صفوف الجيش وقوات الأمن، 50% منهم يعانون من صدمات نفسية.

وقالت الوزارة إن 16 ألفا من الجرحى أدخلوا المستشفى منذ 7 أكتوبر لتلقي العلاج.

وتوجد فجوة كبيرة بين الأرقام التي أعلنتها وزارة الدفاع وتلك المنشورة على الموقع الإلكتروني للجيش الإسرائيلي.

ويدعي الجيش الإسرائيلي عبر موقعه إصابة 5741 عسكريا فقط منذ أحداث 7 أكتوبر 2023.

وخلال الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 أقر الاحتلال بمقتل 835 ضابطا وعسكريا، إضافة إلى آلاف الجرحى والمعاقين جسديا ونفسيا جراء الحرب.

وفي 7 أكتوبر، هاجمت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) -في عملية طوفان الأقصى– 22 مستوطنة و11 قاعدة عسكرية بمحاذاة غزة، فقتلت وأسرت مئات الإسرائيليين، ردا على جرائم الاحتلال الإسرائيلي اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، لا سيما المسجد الأقصى، وفق الحركة.

ويواجه الجيش الإسرائيلي اتهامات محلية بإخفاء حصيلة حقيقية كبيرة لخسائره في الأرواح، حفاظا على الروح المعنوية.

إعلان

وبدعم أميركي ترتكب إسرائيل، منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، جرائم إبادة جماعية في غزة، خلّفت أكثر من 163 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.

مقالات مشابهة

  • تعز.. المقاومة الشعبية في 4 مديريات تعلن الجاهزية لاستكمال التحرير
  • إصابة 16 ألف جندي إسرائيلي منذ معركة “طوفان الأقصى”
  • إصابة 16 ألف جندي إسرائيلي منذ معركة طوفان الأقصى
  • 3 مقترحات مسمومة قُدّمت للمقاومة.. ما هي؟
  • شاهد| الإعلام الحربي للمقاومة الإسلامية في لبنان ينشر: سلسلة أوصيكم.. فاصل رقم 9 – “هذه المقاومة لا يُمكِن أن تُهزَم”
  • مديرية الشاهل بحجة تشهد عرضاً رمزياً لخريجي دورات “طوفان الأقصى”
  • مسير لخريجي دورات طوفان الأقصى بمدينة المحويت
  • مسير لخريجي دورات طوفان الأقصى في المحويت
  • هيئة البث الإسرائيلية: إصابة 78 ألفا من الجيش والشرطة منذ طوفان الأقصى
  • إصابة 16 ألف جندي إسرائيلي منذ "طوفان الأقصى".. و50% يعانون من أعراض نفسية